الجمعة، سبتمبر 30، 2005

ننتظر أصحاب الثياب البيض


أشاوس الأف بي آي عند التحقيق باغتيال الصحافي سمير قصير

.. وعند التحقيق بمحاولة اغتيال الإعلامية مي الشدياق
______________________________________________
تخلى "أشاوس الـ"أف بي آي" عن جزء من ثوبهم الأبيض الناصع الذي ميّزهم يوم نزولهم الأول على الأرض إثر اغتيال الصحافي سمير قصير قبل أشهر، واكتفوا هذه المرة بثياب غير مستفزّة ولا مميزة يوم نزلوا على الأرض لالتقاط الأدلة في جريمة محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق.‏
لم نعرف إذا ما كان تغيير شكل اللباس إشارة إلى تغير الجهة التي يتبعها هؤلاء "المهنيون" في العمل الأمني، أم أنه مجرد محاولة لعدم إثارة مشاعر الاستياء التي غمرت معظم اللبنانيين يوم شاهدوا تلك الصورة التي تظهر "أصحاب الثياب البيض" وهم يحاولون الإيحاء بأنهم يمدون اليد البيضاء إلى اللبنانيين من أجل مساعدتهم على تجاوز محنتهم.‏
اليوم ينزلون مرة أخرى دون أن يعرف أحد ماذا فعلوا في المرة السابقة، ودون أن تظهر نتائج "مساعدتهم القيّمة" في تحديد كيفية حصول التفجير و"التفاصيل التقنية" للعملية الإجرامية التي استهدفت الجسم الصحافي.‏
فهل سيكون حظهم أفضل هذه المرة؟‏
وهل سيكون الإنجاز الذي سيحققونه أثمن من الثمن الذي سندفعه نتيجة انتهاك "السيادة والحرية والاستقلال"، هذا الانتهاك الذي يتمثل في قيام فريق أجنبي بالتحقيق في جريمة استهدفت إعلامية لبنانية بارزة لم يتمكن الأمن اللبناني من حمايتها، كما لم يستطع الوصول ولو إلى رأس خيط رفيع يقود إلى مستهدفيها؟‏
لننتظر أصحاب الثياب البيض، والنيات التي ليست كذلك حتماً.‏
محمود ريا

الخميس، سبتمبر 29، 2005

هل دخلنا في مرحلة انهيار الهيكل على بوش؟
أم أن اتهام حليف رئيسي له بجمع تبرعات غير مشروعة هو مجرد تعبير عن الحيوية السياسية في المجتمع الأميركي، حيث لا يمكن للفساد أن يتسرب؟
أنا أرى في هذه الخطوة إهانة شديدة لبوش فيما هو يعاني أصلاً من الكثير من الإهانات التي تعرض لها مؤخراً ابتداء من الوضع في العراق وصولاً إلى "الآنستين كاترينا وريتا" اللتين رميتا بثقلهما من اجل إذلاله.
"نعيش ونشوف"
محمود

الكتائب: لماذا مبادرة التوحيد الآن؟



أثارت العملية التوحيدية التي شهدها حزب الكتائب في الفترة الأخيرة أسئلة كثيرة حول الهدف من هذه الخطوة وحول السرعة التي تمت فيها.
وتبدو الإجابة على هذه الأسئلة محصورة بمعادلة قائمة على أساس حاجة كل من الطرفين المتصالحين، رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني والرئيس أمين الجميل إلى الآخر في ظل المعركة التي يواجهها كل منهما على مسارح مختلفة، والتي من المتوقع أن تتصاعد في المرحلة المقبلة.
فبقرادوني يبدو في موقع المحاصر كتائبياً بعدما أصبح محاصراً مسيحياً نتيجة خياراته السياسية التي سار بها خلال الفترة السياسية الماضية والتي تقوم على مبدأ الوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ظالماً أو مظلوماً.
وقد أصبح هذا الخيار مكلفاً جداً في المرحلة الأخيرة مع الضغوط التي يتعرض لها الرئيس لحود والحديث المتصاعد عن عدم إكماله ولايته.
وإزاء هذا الوضع وجد بقرادوني نفسه بحاجة إلى مظلة أمان تقيه السقوط السياسي مع النظام الذي ربط نفسه به خلال السنوات الماضية والذي ناضل بشكل صادق من أجل نشر المواقف السياسية التي يتبناها بالرغم من عدم شعبيتها على الصعيد المسيحي، وبعدما وصل هذا النظام ـ حسب ما هو متصور ـ إلى نهايته، كان لا بد لبقرادوني أن يقوم بواحدة من حركاته البهلوانية التي اعتاد عليها والتي تضعه دائماً في صف الرابح على الساحة المسيحية بغض النظر عن هوية هذا الرابح، وهذا ما جعل منه أول رئيس غير ماروني يتربع في مقر حزب الكتائب في الصيفي بالرغم من كل المعارضة التي واجهها.
بالمقابل فإن الرئيس أمين الجميل يبحث عن أي ورقة يمكن أن يضيفها إلى الأوراق التي يملكها ـ وهي أوراق غير قوية بما يكفي ـ من أجل تعزيز موقعه في السباق إلى قصر بعبدا، والذي يبدو محموماً في هذه الفترة. وهو بذلك بحاجة إلى شرعية سياسية يستقيها من مؤسسة حزب الكتائب التاريخية التي سطع نجمه بداية من خلال كونها حزب العائلة الذي غادر البيت التاريخي الذي احتضنه بسببب ظروف سياسية كان لموارنة معادين تأثير فيها أكبر من تأثير المعارضين من طوائف أخرى، ولا أحد ينسى هنا دور قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في ترحيل الرئيس الجميل وتحطيم إقليم المتن الكتائبي التابع له بعد سقوط العماد ميشال عون في بعبدا عام 1990.
وإضافة إلى أهمية حزب الكتائب كقلعة في الصراع المسيحي الداخلي ومن ثم في الصراع السياسي اللبناني، فإن الرئيس الجميل بدا أنه يتطلع إلى أبعد من ذلك في تأييده للمبادرة التي أطلقها كريم بقرادوني من أجل إعادة توحيد الحزب، فهو يريد من بقرادوني أن يكون جسره إلى الضفة الأخرى من الوطن، أي إلى القوى التي يحتفظ بقرادوني بعلاقا ممتازة معها والتي يحتاج أي مرشح لرئاسة الجمهورية لرضاها من أجل تعزيز حظوظه في رئاسة الجمهورية، وبالتحديد حزب الله.
ومن أجل ذلك أرسل الجميل من خلال بقرادوني رسالة بليغة جداً إلى حزب الله قبيل سفره الأخير إلى الولايات المتحدة من خلال سؤاله عن أي خدمة يمكن أن يقدمها للحزب خلال وجوده في واشنطن أو أي موضوع يرغب حزب الله طرحه من خلاله مع المسؤولين الأميركيين، وقد جاءت هذه الرسالة في لقاء عاجل عقده بقرادوني مع مسؤولين في حزب الله قبيل ساعات من سفر الجميل إلى الولايات المتحدة.
إزاء هذا الواقع يبدو أن المصالحة الكتائبية هي قدر كل من الفريقين المتصالحين أكثر من كونها خياراً سياسياً لأي منهما، لأن بقاء كل من الطرفين على الساحة السياسية مع التغييرات التي تشهدها البلاد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاتكاء على الطرف الآخر.

الاثنين، سبتمبر 26، 2005

محاولة اغتيال الشدياق: استمرار اللعب بالنار

لماذا الآن، ولماذا هي، وأي قوة جهنمية تنتقي أهدافها بشكل يجعل أنظار القوم تتجه في اتجاه، فيما المؤامرة التي تحاك ضدهم تسير في اتجاه آخر.
لا أحد يشك في أن اختيار الصحافية مي الشدياق كي تكون الهدف الجديد لمسلسل تخريب الأمن في لبنان هو اختيار ذكي جداً، لأن الشدياق معروفة بتعبيرها بصراحة عن مواقف سياسية فاقعة، بالرغم مما هو مفترض منها من حيادية ناتجة عن دورها الإعلامي، وهي من الطاقم الأكثر تجذراً في محطة الـ "أل بي سي" اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من تمتعها بعراقة في الانتماء إلى القوات اللبنانية في الفكر وفي التوجه السياسي، وهذا يعني أن الذي استهدفها يعلم بالضبط من يستهدف وإلى أين يوجه الرسالة.
إن اختيار الشدياق لكي تكون الضحية الجديدة يأتي في سياق استهداف المناطق المسيحية في لبنان بهدف خلق رأي عام مسيحي يطالب بالأمن الذاتي، ويفك العلاقة مع الدولة اللبنانية التي لم تستطع حماية المناطق المسيحية التي تعرضت لحوالي اثني عشر تفجيراً في الأشهر الماضية كما لم تستطع الكشف عن الجناة بالرغم من تغير "النظام الأمني" وتحول مسار الدولة في الفترة الأخيرة.
باختصار.. كنت في المستشفى اليوم أعود مريضاً عزيزاً، وإلى جانب مريضي كان هناك رجل راقد في فراشه، يضع نظارتيه على عينيه وذقنه الطويلة حوّلها الشيب إلى شعلة بيضاء، وعلمت في ما بعد ان عمره تجاوز المئة وخمس سنوات.
في تلك اللحظة بدأت المحطات التلفزيونية تتناقل خبر محاولة اغتيال الشدياق، وكان التعليق الأول لذلك الرجل الطاعن في السن: الذين كانت تغني لهم.. روّحوها.
كلمة خرجت من فم شيخ كبير لا أحد يدعي أنه من محللي السياسة اللبنانية، ولكن أغلب الظن أن هذه الكلمة هي رمية صائبة.. من غير رامٍ

الجمعة، سبتمبر 23، 2005

يا حيف عليكم

لبنان يعيش أحلام الحرية، أخيراً.
لبنان ينتفض مثل طائر الفينيق (بجناحيه)، وينطلق إلى موقعه في العلا.
لبنان يتلمس طريقه ويتخلص من الوصاية والقمع.
لبنان..
لبنان..
لبنان...
لبنان يساق في مشروع غربي كامل، شبابه يصبحون وجبة الفطور على مائدة جورج بوش وجاك شيراك، وأطفاله بشرى الفرح لدى أرييل شارون وسيلفان شالوم وكل هذه الطغمة.
لبنان يقاد من قبل البعض إلى المجهول، ويعمل البعض على إحراقه من أجل إشعال سجائر المتعة، ويكذب البعض عندما يتحدث عن وحدة وطنية تتحقق، يكذب عن سابق إصرار وترصد، عن سابق مصلحة شخصية ذاتية منكرة.
لبنان يكاد يعود ذلك الرجل المريض الذي تتكالب عليه الوحوش للنهش من جثته التي لما تنسل الروح منها بعد.
أي لبنان هو لبنان الحقيقي.
بالتأكيد ليس لبنان الأول، لأن الحرية والانتفاض والتخلص من الوصاية والقمع لا تتحقق بالتهييص وبالتعامل مع الأمور بسطحية ومن خلال الانخراط في مشروع الشر القادم على المنطقة.
لبنان..
لبنان..
لبنان..
يا حيف عليكم
ليس هكذا يكون الوفاء للبنان.
محمود ريا

الرئيس الإيراني يحرج الغرب من على منبر الأمم المتحدة



الحسم الذي حكم لهجة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في خطابه الذي ألقاه السبت الماضي من على منبر الأمم المتحدة ترجم نفسه ثباتاً في الموقف الإيراني خلال المفاوضات التي رافقت انعقاد اجتماعات الجمعية العام للمنظمة الدولية ما دفه الدول الغربية ـ أوروبية وأميركية ـ إلى التوقف هنيهة لالتقاط الأنفاس قبل اتخاذ قرار في كيفية مواجهة الموقف الإيراني ـ إذا كان هناك من سبيل للمواجهة.
تعددت الصفات التي أعطاها الغربيون لخطاب نجاد، فنعته البعض (الأميركي) بالعدواني والمتجاوز للخطوط الحمراء، فيما رآه البعض الآخر (الأوروبي) محبطاً وغير مبشر، وتناسى هؤلاء الإيجابيات الكبيرة التي حملها الخطاب والتي يمكن وضعها في خانة التقدم الكبير في الموقف الإيراني في التعامل مع هذا الملف.
لقد أراد الأميركيون والأوروبيون من إيران أن تأتي مستسلمة وموافقة على كل ما يريدون، ولما وقف الرئيس الإيراني يتحدث بقوة وشجاعة، لم يعودوا يسمعون إلا رفض الخضوع للموقف الأميركي.
الرئيس نجاد قدم في خطابه الكثير من الإشارات التي لو تم التجاوب معها من الغربيين لما كان هناك أزمة على صعيد الملف الإيراني النووي.
ولكن قبل تقديم هذه الإشارات لم يتردد نجاد في وضع القضية النووية في إطارها التاريخي ورسم صورة حقيقية لواقع التعاطي الدولي مع الموضوع النووي.
ويمكن تلخيص ما قاله نجاد في هذا المجال في الدعوة إلى تأسيس لجنة خاصة من قبل الجمعية العامة لإعداد تقرير شامل حول تدوين طرق عملية نزع السلاح بصورة كاملة على أن تدرس هذه اللجنة كيفية نقل المواد والتقنية ومعدات إنتاج الأسلحة النووية إلى الكيان الصهيوني خلافاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وان تقدّم الآلية العملية لجعل منطقة الشرق الأوسط مجردة من الأسلحة النووية.

وقال الدكتور أحمدي نجاد: "ان بعض الدول المقتدرة بتعاطيها التمييزي حيال حصول الدول الأعضاء في معاهدة حظر الأسلحة النووية، على المواد والتجهيزات والتقنية السلمية النووية تعمل على إرساء نظام عنصري نووي، لهذا فإننا نشعر بالقلق من أن نشاهد في المستقبل شرخاً عميقاً بين الدول المقتدرة والدول الأخرى، وتحولها إلى دول باللونين الأسود والأبيض فقط، وذلك نتيجة الهيمنة الكاملة لبعض الدول المقتدرة على المصادر والتقنية النووية ومنع الدول الأخرى من الحصول عليها".
وقال: من المؤسف إنه لم يتم اتخاذ إجراء مؤثر خلال الثلاثين عاماً حسب المادة الرابعة للمعاهدة بشأن تطبيق الحقوق المعترف بها للدول الأعضاء في المعاهدة في حصولها على الطاقة النووية واستخدامها للأغراض السلمية، وعليه من الضروري أن تطلب الجمعية العامة من الوكالة الدولية أن تقدم حسب المادة الثانية من نظامها الأساسي تقريراً عن الانتهاكات التي حصلت من قبل دول محددة في منع تطبيق هذه المادة وكذلك تقدم الآليات العملية والتنفيذية لتحقيق ذلك.
وقال الدكتور أحمدي نجاد: الأمر المناسب الذي نهتم به هو أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية دون امتلاك دورة الوقود النووي إنما هي مفردة لا مغزى لها، ان المحطة النووية في بلد ما إذا جعل ذلك البلد في حاجة دائمة إلى دول متغطرسة لا تمتنع عن القيام باي إجراء لتمرير أغراضها، لن يكون سوى تبعية ذلك البلد وشعبها أكثر فأكثر، وان أية حكومة شعبية لا تعتبر ذلك خدمة لبلادها. وان مصير النفط في الدول النفطية التي خضعت للهيمنة إنما هي تجربة يرفض أي بلد مستقل وحر أن تتكرر.
وإزاء هذه الوقائع، وانطلاقاً من تأكيده على تحريم الإسلام للأسلحة النووية تقدم أحمدي نجاد باقتراح مهم جداً ضيّعه الغربيون في غمرة تصريحاتهم العُصابية حين قال: "ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية على استعداد لتخصيب اليورانيوم في إيران، ومن أجل الشفافية وبناء الثقة بشكل جاد ستشارك مع القطاعين الخاص والحكومي في البلدان الأخرى، الأمر الذي يعتبر أشمل من كل المقررات المنصوص عليها في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والتي تقترحها الجمهورية الإسلامية لبناء الثقة وتوضيح فعالياتها النووية".
ولخص أحمدي نجاد الموقف في المجال النووي بالقول "إن محور السياسة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو التأكيد على الحق الطبيعي لإيران في الحصول على دورة إنتاج الوقود النووي والاستمرار في التعاطي والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في القضايا التقنية والقانونية بالإضافة إلى مواصلة المفاوضات مع البلدان الأخرى في إطار علاقة إيران مع الوكالة الدولية".
هذا الثبات في الموقف الذي عبر عنه الرئيس الإيراني ووجد ترجمته في المفاوضات التي تدور في فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة النووية استحق عليه تهنئة قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي الذي قال "ان الشعب الإيراني وخلافاً لمطاليب العالم الاستكباري يواجه اليوم جميع التهديدات وان رئيس الجمهورية أعلن وأمام أنظار قادة دول العالم ونيابة عن الشعب الإيراني مواقف ووجهات نظر الشعب الإيراني بقوة ومتانة وهذا يمثل إرادة وقوة الشعب الإيراني الرصينة".
وبين ثبات الموقف الإيراني ووقوف قوى دولية كبرى إلأى جانب حق إيران في الحصول على التكنولوجيا النووية ـ وعلى رأسها روسيا والصين والهند ودول عدم الانحياز ـ يبدو أن الموقف الغربي في شقّيه الأميركي والأوروبي يعاني اليوم من حالة حصار سياسي ومعنوي كبير، ما يطرح أسئلة عديدة حول الطريقة التي ستعتمدها القوى الغربية للخروج من هذا المأزق.

القوة...تحقق


ليس كل ما يعلم يقال، وليس ما يقال هو كل ما يحصل، إذ أن تصريحات معينة تكشف معلومات عن أحداث يظن الناس العاديون أنها تسير من تلقاء نفسها دون أن يكون هناك من يحركها.
مثال على هذا الواقع ما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول موضوع المواطنَين اللبنانيين اللذين اعتقلتهما قوات الاحتلال الصهيوني في المناطق اللبنانية المحررة الأسبوع الماضي واقتادتهما إلى المناطق اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا.
مرّ حدث الإفراج عن المواطنين بهدوء ولم يحسّ أحد بمرجل الأحداث الذي كان يغلي، وأدى بخاره المتصاعد إلى تحريك عجلة الإفراج عنهما قبل موعد حدده حزب الله وكاد أن يتحول إلى محطة في المواجهة مع العدو لو لم يرضخ العدو الصهيوني ويحدّد موعداً ـ التزم به بكل دقة ـ للإفراج عنهما.
لمن ظنّ أن العدو يبادر للقيام بخطوات إنسانية، هذا درس آخر، درس ينبغي الوقوف عنده جيداً، ملخّصه أن عدونا لا يفهم إلا لغة القوة، وأن محاولات استرضاء المتغطرسين والأخذ بتعهداتهم لا يؤدي إلا إلى المزيد من "الفرعنة" من قبلهم، وأن "التعامل معهم" لا يكون إلا بالحزم، وهو حزم لا بد أن يكون مسنوداً بقوة، قوة حقيقية.
فهل من يتعظ؟

الخميس، سبتمبر 22، 2005

مؤتمر نيويورك يهز الساحة السياسية اللبنانية


تثير تطورات الأوضاع في لبنان الكثير من الأسئلة حول الاتجاه الذي تسلكه الأحداث ولا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة وصايتها شبه الرسمية على لبنان خلال مؤتمر الدول الداعمة للبنان الذي أصرت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس على عقده في اللحظة نفسها التي كان فيها رئيس الجمهورية اللبناني العماد إميل لحود يلقي كلمته من على منبر الأمم المتحدة!
والظاهر أن ارتدادات هذا المؤتمر على الواقع السياسي اللبناني ستكون في قمة الخطورة نظراً لإعلان أكثر من طرف عن تشكيكه بالمؤتمر ونتايجه والأهداف الكامنة وراءه.
وإذا كان النائب وليد جنبلاط قد تساءل عن الخلفيات السياسية لهذا المؤتمر فإن التشكيك الأكبر جاء من حزب الله الذي كان قد عبر خلال اليومين الماضينن عن تبرمه من الأجواء التي سادت المؤتمر ورافقت انعقاده، في حين شهد موقف الحزب ذروة جديدة ـ قد لا تكون الأعلى ـ في الخطاب الذي ألقاه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يعد ظهر اليوم الأربعاء في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت والذي حمل أكثر من إشارة سلبية تجاه المؤتمر .
السيد نصر الله قال في خطابه ان "ما قيل في نيويورك يثير القلق"، وفضل عدم استعجال الأمور في انتظار عودة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وتقديم توضيحات في مجلس الوزراء حول ما جرى.
وبشكل أكثر تفصيلاً قال السيد نصر الله:
"اليوم بكل صراحة اللبنانيون يجب ان يواجهوا تحدياً حقيقياً اسمه الوصاية الأمريكية على لبنان، والكل مدعوون لمواجهة هذه الوصاية، ومن يريد ان يقدم المساعدة للبنان اهلا وسهلا به، لكن من يريد ان يدس السم في عسل المساعدة ليفتن بين اللبنانيين ويخرب لبنان فلا اهلا به ولا سهلا".
واضاف: "نحن أيضا نضم صوتنا إلى صوت الحكومة اللبنانية ونطالب العالم بمساعدة لبنان، وكنا طرحنا في السابق وقلنا، نحن حتى في اطار مساعدة لبنان لو تفضل هذا العالم وساعد لبنان في الحصول على تعويضات الاعتداءات الاسرائيلية منذ 1948 حتى اليوم لكفانا في لبنان،لا نريد صدقة من احد، نريد تعويضات على بلدنا نتيجة هذا العدوان المستمر على بلدنا. لكن يجب ان نكون حذرين، ولا يجوز ان نقبل ان يعطينا لقمة في فمنا ليسترق رقابنا، لا يجوز ان نبيع بلدنا وقراره وسيادته واستقلاله وامنه وبقائه ووجوده وكرامته ببعض الصدقات المسمومة من هنا وهناك.هذه الحقيقة نحن محتاجون ان نواجهها".
وعلق السيد نصر الله على طريقة التعامل الأميركية الاستعلائية مع لبنان بالقول: "ينهون دول العالم عن التدخل بالشأن الداخلي اللبناني، ولكن يسمحون لانفسهم من رئيس امريكا الى وزيرة خارجيتها الى سفيرها في لبنان ان يتدخلوا في كل تفاصيل وضعنا اللبناني، نحن نرفض ذلك ونحن اللبنانيين بلغنا سن الرشد من زمن طويل، لسنا بحاجة الى من يمارس وصاية علينا، ونريد ان نكون سادة انفسنا، ونحن قادرون على ان نبني بلدنا وعلى ان نخرج بلدنا وشعبنا من كل المآزق.واللبنانيون الذين استطاعوا ان يلحقوا الهزيمة التاريخية باعتى هامان ومتسلط في هذه المنطقة، وهو اسرائيل، هم يملكون من العزم والارادة والعلم والمعرفة والقدرة، على ما يمكنهم من تجاوز أي محنة يواجهونها ويرفضون الوصاية".
وفي تصعيد لموقفه من المؤتمر وما قيل فيه قال السيد نصر الله: "ما قيل في الايام القليلة الماضية يثير القلق، نحن لا نريد ان نستعجل اتخاذ المواقف، نحن بانتظار ان يعود دولة رئيس مجلس الوزراء ليطلع الحكومة اللبنانية على مجريات المؤتمر في امريكا وما جرى فيه وما هي النقاط المطروحة، وما هي الشروط الموضوعة على لبنان، وبعد ان نتبين الامر اذا كانت الامور مطمئنة، فنحن نرحب باي مساعدة اقتصادية للبنان، واذا كانت الامور مثيرة للريبة او للقلق، اللبنانيون الحريصون على سيادتهم وعلى استقلالهم وعلى كرامتهم، معنيون ان يواجهوا الموقف بالطريقة التي يرونها مناسبة".
إزاء هذه المواقف الحاسمة والتي تحمل انتقاداً واضحاً لعدم تصدي الياسيين اللبنانيين لما قالته رايس في المؤتمر يبدو أن الساحة السياسية في لبنان ستشهد خلال الأيام المقبلة خضات عديدة ولا سيما بين أطراف التحالف الرباعي الذي يضم حزب الله وحركة أمل من جهة وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي من جهة أخرى، وهذا قد يترجم حدة في التصريحات والمواقف، وإن كانت الأمور لن تصل إلى حد تفجير الواقع السياسي اللبناني بمجمله.
محمود ريا

الأربعاء، سبتمبر 21، 2005

حزب الله يدعم لحود: إعلان موقف حاسم


جاء البيان الصادر عن حزب الله أمس متضمناً إشادة كبيرة بكلمة رئيس الجمهوري اللبنانية العماد إميل لحود ليشكل إشارة لا لبس فيها إلى المكانة التي يحتلها لحود لدى حزب الله وقيادته، ودليلا على الدعم الذي لا يزال يمحضه إياه بالرغم من كل الضغوطات التي تمكارس على رئيس الجمهورية لدفعه إلى الاستقالة، والتي تمارس أيضاً على حزب الله لدفعه إلى التخلي عن رئيس وقف مواقف لا يمكن التنكر لها بأي حال من الأحوال.
ويأتي بيان حزب الله مميزاً بالشكل وبالمضمون. فمن ناحية الشكل يمكن القول إن صدور البيان في هذا الوقت بالذات تأكد من حزب الله على أنه لن يتخلى عن الرئيس لحود في هذه المرحلة الحرجة وأنه يملك معطيات كبرى تسمح له بالحكم ببراءته من التهم الموجهة إليه وإلا فإنه لن يورط نفسه بدعم رئيس يمكن أن يدان بجريمة كبرى كجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع ما في هذا الدعم من تسعير لأزمة خطيرة مع تيار المستقبل.

وعلى صعيد المضمون فإن البيان حوى الكثير من النقاط التي تذكر بحرارة العلاقة بين الطرفين (حزب الله ورئيس الجمهورية) والتي تعيدها إلى أيام ذروتها يوم كان الخطاب يكون واحداً تجاه المقاومة والعلاقة مع سوريا.


فيما يلي نص بيان حزب الله
بيان صادر عن حزب الله

إن كلمة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود التي أطلقها من على منبر الأمم المتحدة، والتي تضمّنت مواقف وطنيّة تنتصر للقضايا العربية ولحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، ودعوته إلى ضرورة تمييزها عن الإرهاب المدان، وكشفه للرأي العام الدولي عن حقيقة الممارسات العدوانية للعدو الإسرائيلي، تستحق منا الإشادة والتقدير، إذ أنها تكتسب أهميتها اليوم في كونها تأتي في الوقت الذي يتعرض فيه حق المقاومة ومفهومها إلى عملية تزوير تاريخية تمارسها الولايات المتحدة من خلال الخلط بينها وبين الإرهاب ، وجراء الضغوط الكبيرة التي تمارسها على كل من تشبث بهذا الحق، كلبنان وفلسطين المحتلة لحملهما على التخلي عن مقاومتهما وعن حقهما في المقاومة.

اتهاكات صهيونية مستمرة


المتابع للنشرة اليومية للوكالة الوطنية للإعلام (وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية) يقع على "أخبار ـ ثوابت"، يتغير محتواها، فيما يبقى ما تؤشر إليه بلا تغيير.
فهناك مثلاً "مفكرة اليوم"، وهناك حال الطقس، وأسعار العملات الأجنبية، وكل هذه الأخبار تتغير فيها المواعيد ودرجات الحرارة وسعر الصرف، فيما لا يتغير موقعها في نشرة الوكالة التي يمكن متابعتها بشكل دائم على شبكة الإنترنت.
نعم هناك خبر آخر بات من الثوابت، ولا يلقي له الكثير من اللبنانيون بالاً، لأنه بات يتكرر، ولا يتغير فيه إلا اسم المنطقة وساعة الحدوث.
إنه خبر الانتهاك الصهيوني للأجواء اللبنانية، الذي قد يمر مرة أو مرتين أو حتى عدة مرات في اليوم، ولكن يندر أن يمر يوم دون أن ينشر بيان رسمي يتحدث عن خرق في مكان ما من "سماء لبنان الواسعة".
إذا كان الصهاينة يظنون أن هذه الخروقات تمر دون أن "يرصدها" أحد، فعليهم أن يجربوا خروقات من نوع آخر، مع العلم أن الرسائل التي تحاول هذه الخروقات الجوية إيصالها جوابها حاضر، وقد عبرت عنه نصف مليون نعم للمقاومة في كل أنحاء لبنان.
محمود ريا

الثلاثاء، سبتمبر 20، 2005

Wake Up


By Cindy Sheehan

09/19/05 "t r u t h o u t " -- -- So we have come to cash this check - a check that will give us upon demand the riches of freedom and the security of justice. We have also come to this hallowed spot to remind America of the fierce urgency of now. This is no time to engage in the luxury of cooling off or to take the tranquilizing drug of gradualism. -- Martin Luther King Jr., August 28, 1963, "I Have a Dream" speech

What Bush's Katrina shows once again is that my son died for nothing. If you listen to Bush - and fewer and fewer are, thank goodness - we are in Iraq in part due to 9/11. All our president has been talking about has been protecting this country since 9/11. That's why people voted for him in the last election. Katrina shows it's all as sham, a fraud, a disaster as large as Katrina itself.

Hundreds of billions and tens of thousands of innocent lives wasted later, what have we achieved? Nothing. Casey died for nothing and Bush says others have to die for those that have died already.

Enough, George! What is disgusting is not, as the first lady says, criticism of you, but rather the crimes you've committed against this country and our sons and daughters. Stop hiding behind your twisted idea of God and stop destroying this country.

This week I arrive in Washington DC to begin my Vigil at the White House just like I did in Texas. But this time I'll be joined by Katrina victims as well. In your America we are all victims. The failed bookends of your Presidency are Iraq and Katrina.

It is time for all of us to stand up and be counted: to show the media, Congress, and this inept, corrupt, and criminal administration that we mean business. It is time to get off of our collective behinds to show the people who are running our country into oblivion that we will stand for it no longer. That we want our country back and we want our nation's young people back home, safe and sound, on our shores to help protect America. That it is time for a change in our country's "leadership." That we will never go away until our dreams are reality.

We have so-called leaders in our country who are waiting for the correct "politically expedient" time to speak up and out against the occupation of Iraq. It is no sweat for our politicos to wait for the right time, because not one of them has a child in harm's way. I don't care if the politician is a Democrat or a Republican, this is not about politics. Being a strong leader to guide our country out of the quagmire and mistake of Iraq will require people of courage and determination to stand up and say: "I don't care if I win the next election, people are dying in Iraq every day and families are being decimated." We, as the 62% of Americans who want our troops to begin coming home, will follow such a leader down the difficult but oh-so-rewarding path of peace with justice.

It is no longer time for the tranquilizing drug of gradualism. It never has been the time for that. Our "now" is so fiercely urgent. Like my daughter, Carly, wrote in the last verse of her "A Nation Rocked to Sleep" poem:

Have you ever heard the sound of a Nation Being Rocked to Sleep? Our leaders want to keep us numb so the pain won't be too deep, But if we the people allow them to continue, another mother will weep, Have you heard the sound of a Nation Being Rocked to Sleep? Wake up: See you in DC on the 24th.

For more information on September 24th go to: http://www.unitedforpeace.org

ضرب إيران والحرب العالمية الثالثة


"عندما تضرب القنابل المنشآت الإيرانية ستكون الحرب العالمية الثالثة قد اندلعت".
هذه هي خلاصة مقال مسهب يحمل عنواناً قريباً من هذه الخلاصة (لماذا ستقود إيران العالم إلى الحرب العالمية الثالثة) نشره موقع (أنفورمايشون كليرنغ هاوس www.informationclearinghouse.info ) الأميركي على شبكة الإنترنت (8/8/2005)، ويحوي قراءة دقيقة (قد لا تتفق مع ما يفهم من العنوان للوهلة الأولى) لمسار الملف النووي الإيراني الذي يشهد تطورات دراماتيكية في الفترة الأخيرة.
يقول كاتب المقال مايك ويتني باختصار إن الولايات المتحدة الأميركية تفتري على إيران وتمنعها من حقوقها التي أقرتها القوانين الدولية، فيما هي تصمت عن انتهاك دول عديدة، بينها "إسرائيل" لهذه القوانين، من خلال امتلاكها لأسلحة نووية، وليس فقط تكنولوجيا نووية مدنية.
وعلى هذا المنوال يستمر المقال المؤلف من أكثر من ألف وخمسمئة كلمة ( نشره موقع الانتقاد الإخباري في نسخته الإنكليزية) فيكشف عن مشروعية المطالبة الإيرانية بالحصول على الطاقة النووية وهشاشة الموقف الأميركي الأوروبي المطالب بمنعها من ذلك، من خلال قراءة نقدية موضوعية معززة بالمعلومات والأدلة.
هل هذه بداية صحوة في الإعلام الأميركي والغربي تجاه القضية النووية الإيرانية؟
للأسف لا يمكن التعويل على ذلك، والسبب واضح في الشعار الذي يتخذه الموقع الأميركي لنفسه، حيث يضع على رأس صفحته الأولى: News you won,t find on CNN or FOX news.
باختصار، إنه موقع يسير عكس التيار الإعلامي السائد في الغرب.
محمود ريا

الاثنين، سبتمبر 19، 2005

Hezbollah official warns against "excessive US interference" in Lebanon



Beirut's Al Manar TV reported on September 16 that: "Sheikh Na'im Qasim, Hezbollah deputy secretary general, has said that to be emboldened by foreign powers will backfire and lead us to an internal crisis, [saying]: 'Hence, we emphasize that we reject the US trusteeship, disguised by the calls for reform and the show of concern [about the situation in Lebanon]. We also reject the support that leads to the domination.
'I point out that if this US interference goes further it will change from trusteeship to occupation. You know how the Lebanese view the occupation and how they deal with it. I warn against being emboldened by the foreigner by any party to realize its interest at the expense of other parties. To take heart from [foreign powers] will lead to similar actions and make our country a theatre for others and lead us to new crises.'"

المستهتر


"اذا كان بوش جاداً في رغبته أن يمد يده لبقية العالم فلماذا اختار رجلاً يستهتر الي هذا الحد بالعمل بالتعاون مع حلفائنا؟"
هذا "التقييم" المختصر الذي قدمه المرشح الديموقراطي إلى انتخابات الرئاسة الأميركية جون كيري قد يكفي للتعبير عن الصورة التي يقدمها جون بولتون، مرشح الرئيس الأميركي جورج بوش لترؤس بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة.
ولد جون بولتون في مدينة بالتمور في 20 نونبر 1948 وانخرط مبكرا في صفوف اليمين المتطرف العنصري الأمريكي خلال دراسته الجامعية، وبعد أن حصل على ديبلوم في القانون انضم إلى مكتب محاماة. وفي بداية عهد الرئيس رونالد ريغان، وبالضبط سنة 1981 دخل إلى دهاليز السياسة الأمريكية. في البداية عمل مستشارا في الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي (USAID) وفي سنة 1989 عمل مساعدا لوزير العدل آنداك إدوين ميز، في هذه الفترة سيشتهر بمحاولاته عرقلة مسيرة التحقيقات التي كانت تقوم بها لجنة من الكونغرس يقودها جون كيري، الذي انهزم قبل أشهر أمام بوش في النزال الرئاسي، حول تجارة المخدرات.
عندما تسلم الديمقراطيون البيت الأبيض تحت قيادة كلنتون، غادر وزارة العدل وأسس مع آخرين مكتبا للمحاماة وراح يشارك بفعالية في منتديات البحث التي يشرف عليها المحافظون الجدد ومن خلالها أخذ يطلق النار على كل القوانين والمعاهدات الدولية إلى أن دخل بوش البيت الأبيض فعين في منصب مساعد وزير الخارجية المكلف بمراقبة التسلح،وكان من أشد أنصار غزو العراق.كما وقف الجمهور الواسع على انعدام حس الفكاهة لدى الرجل وإن بدا مبتسما في بعض الصور، كما اشتهر خلال هذه الفترة بفـظاظته خاصة اتجاه كوريا الشمالية.
يعتبر بولتون مثل بقية أعضاء الادارة الأمريكية من المؤيدين لـ "اسرائيل" وهو احد مؤسسي ومديري المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي الذي ينتسب اليه ايضاً كل من ديك تشيني ومساعد وزير الحرب دوجلاس فيث وغيرهما من صقور البيت الأبيض.
أظهر بولتون عداء شديداً لتشكيل المحكمة الجنائية الدولية وكان من أشد المعارضين لانضمام الولايات المتحدة لتلك المحكمة ووصف بولتون توقيعه علي رفض الانضمام للمحكمة رسمياً الي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بأنها كانت أسعد لحظة في حياته المهنية كدبلوماسي!!
وتحدث دبلوماسيون سابقون عملوا في ظل رؤساء أمريكيين سابقين من ريتشارد نيكسون إلى بيل كلينتون عن موقف بولتون الذي لا يرى في الأمم المتحدة قيمة إلا إذا خدمت وبشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة.
"ليس هناك شيء اسمه الأمم المتحدة، وإذا فقد بناء الأمانة العامة في نيويورك عشرة طوابق فلن يغير ذلك من الأمر شيئا".
هذا الكلام قاله بولتون عام 1994، وربما من أجل هذا الكلام أجّل الكونغرس تعيينه إلى أجل غير مسمى، وربما لن يعيّنه أبداً، كي لا يتحقق ما قاله وزير الخارجية السابق كولن باول: "إن تعيينه.. يشبه تعيين مولع بالحرائق للإشراف على معمل للمفرقعات".
هذه الحقيقة التي عرفها الكونغرس فلم يوافق على تعيين بولتون عرفها أيضاً جورج بوش فأصر على تعيينه، واستخدم سلطاته الدستورية لتعيينه رغماً عن أنف الكونغرس.. في بلد الديموقراطية!!
محمود ريا

الأحد، سبتمبر 18، 2005

صحافة الكويت وتطورات الوضع في لبنان



يلاحظ المراقب للتغطية الصحافية العربية لأحداث لبنان والتطورات التي حصلت فيه منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وربما قبل ذلك، حماوة خاصة في تغطية الصحف الكويتية لهذه الأحداث، إلى الحد الذي جعل البعض يتساءل عن السبب في هذه الحماوة، وعن مغزى كون الصحافة الكويتية "تحمل السلّم بالعرض" كما يقال عندنا في لبنان، فتصبح الباب الأكثر طرقاً لتسريب "المعلومات" والشائعات والأخبار ـ التي يتبين بعد ذلك أن معظمها غير صحيح ـ حول عملية الاغتيال أولاً، ومن ثم حول التحقيقات المحلية ومن بعدها التحقيقات الدولية والتي يصول نجمها ديتليف ميليس ويجول، تاركاً الصحافة تلحق بها، إلا بعض الصحف المختارة التي تحصل على معلومات فتنشرها ثم يصدر نفي لها.
وبعد متابعة شبه يومية للصحافة الكويتية يمكن للمراقب أن يستنتج وجود شيء ما في طريقة تعاطي هذه الصحف مع حدث التفجير، ما يدفع للتساؤل ما إذا كانت بعض هذه الصحف تملك الحقيقة الكاملة فعلاً عما حدث، أو أنها تستخدم كمنبر لتمرير رؤية معينة تهدف إلى توجيه أصابع الاتهام في اتجاه معين، أو كجسر يتم من خلاله تسريب معلومة معينة ـ بغض النظر عن صحتها ـ ومن ثم يتم استعمالها على أساس النقل عن صحيفة عربية، وليس على أساس التبني لهذه المعلومة.
وإذا كانت كل الصحف الكويتية "غير مقصرة" في هذا المجال ـ ومن بينها صحف يفترض أن تكون متمعة بنوع من المصداقية والموضوعية ـ فإن صحيفة واحدة تبرز من بين الصحف الكويتية لتعلن عداءها المطلق لكل الجو السياسي الحاضن للمقاومة، والمروج للمنطق الأميركي الغربي في التعاطي مع الجريمة ومع التداعيات المفترضة لها على المستوى اللبناني، وهذه الصحيفة ـ ولا أظن أن القارئ المتابع سيفاجأ ـ هي صحيفة السياسة الكويتية .
ولمن لا يعرف هذه الصحيفة ورئيس تحريرها أحمد الجار الله يمكن القول إنها تمثل الحامل لفكر الرضوخ عند أعتاب أميركا والمروج لفكرة التطبيع مع إسرائئيل والساعي إلى إجهاض فكر المقاومة والجهاد والمطلق الاتهامات والإهانات لكل محاولة رفض للعصر الأميركي الإسرائيلي الذي يحاول فرض نفسه على المنطقة كلها.
إن حمل هذه الصحيفة للواء بث الإشاعات وتسريب المعلومات حول عملية التحقيق بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري يطرح ألف سؤال عن الرابط بين الترويج للا منطق الانبطاح أمام العدو الصهيوني والسعي إلى توجيه الأنظار نحو المقاومين لهذا العدو وداعميهم على الساحة العربية في عملية الاغتيال، ويفتح المجال للشك في وجود خطة مبرمجة تستخدم فيها هذه الصحف الصفراء من أجل تشويه الأحداث ولوي عنق الحقيقةوتحويل مسار التحقيقات، ومن ثم رمي الاتهامات والشبهات على المقاومين والمجاهدين.
والقارئ لافتتاحية أحمد الجار الله أمس السبت بالذات
يشعر بمدى الانحراف الفكري والسياسي الذي يعشش في رأس هذا الرجل وهو يمتدح الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على وضعه كل البيض في السلة الأميركية وشده على يد وزير خارجية قطر الذي دعا للإنحناء للعدو الصهيوني ولملاقاة "إسرائيل" في منتصف الطريق
ولإقامة علاقات معها حتى قبل التوصل إلى "سلام" معها.
إذاً، هذه هي المنظومة الفكرية التي تقود الهجمة على لبنان وعلى مواقفه وعلى مقاومته، وهؤلاء هم الأشخاص الذين يدّعون الحرص على الرئيس رفيق الحريري، فيما هم يهدفون إلى القضاء على كل نقاط القوة التي ما زالت تزخر بها أمتنا وعلى رأسها "التنظيمات الأصولية المسلحة كحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وحزب الله" على حد قول صحيفة السياسة الكويتية نفسها.
محمود ريا


ملاحظة: أعدت نشر افتتاحية أحمد الجار الله في صحيفة السياسة الكويتية لإظهار الفكر المنحرف والدعوات الاستسلامية التي يملكها والتي يروج لها في عالمنا، ما يظهر استغلاله لأزمة لبنان من أجل تمرير أفكاره الداعية إلى الانهزام والتطبيع.


نرجوكم أن تفهموا
القمة العالمية أطلقت جملة من الزلازل في كل اتجاه, سنتجاوز زلزال فتح الأسواق, سنتجاوز الموقف من سورية, سنتجاوز البرنامج النووي الإيراني واعتماد الديبلوماسية لإحالة الملف الى مجلس الأمن.. لنتجاوز كل هذا الى الشرق الأوسط بما هو قضية دولة عبرية موجودة بقوة الأمر الواقع وقوة وسلاح وقضية دول عربية معها لا تعترف بالأمر الواقع وليس لديها القوة لتغييره.
في القمة العالمية بذلت محاولتان من طرفي القضية, محاولة شارون الذي مد يد المصالحة وقيل أنه رجل سلام, ومحاولة وزير خارجيته سلفان شالوم الذي دعا الى رفع الهمس العربي الاسرائيلي المكتوم الى مستوى العدم, ومحاولة وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر الذي لاقى شالوم في منتصف الطريق وطالب بإقامة علاقات مع اسرائيل, وبجعل الاتصالات السرية معها ترقى الى مستوى العلن.
ما أوصل الأمور الى هذا الحد تناقض الخطاب العربي بين الحرب والسلام, وتناقض المفهوم الاسرائيلي بين السلام المعروض وفق قرارات الشرعية الدولية والسلام كما تراه إسرائيل, وتحديداً سلام المنتصرين كون اسرائيل انتصرت على العرب في كل حروبها.
وفي كل الأحوال فإن التباس المواقف وتناقضها لا يمكن أن يحل بعيداً عن طاولة المفاوضات, حتى لو سبقت العلاقات التوصل الى اتفاقات سلام معها.
هل هي الظروف الحاكمة? نحن نقول نعم, وهي ذاتها الظروف التي خلفتها تغيرات الزمن الذي تجمد عند العرب بذريعة المحافظة على المبادئ, حيث أصبحت هذه الذريعة بلا مفعول كونها مستعملة في زمان غير زمانها. ووحده الرئيس المصري الراحل أنور السادات أدرك لعبة تغير الظروف وربطها بتغير الزمن, فرأيناه يكتشف أن 99 في المئة من أوراق الحل بيد الولايات المتحدة وان القضية كلها موجودة في أميركا. طور سياساته, وأخرجها من الارتهان الى الزمن المتجمد, وقد كان زمناً سوفياتياً, وبدأ يتعامل بمقتضى الأشياء, ومقتنعاً ان السلام مع اسرائيل هو من أكبر المخاطر عليها, إلى جانب ان هذا السلام سيعيد اليه سيناء وقناة السويس وكل شبر احتلته اسرائيل من أرضه.
وبدلاً من فهم السادات قام العرب باتباع الحرمانية القومية عليه, وظلوا أمناء للزمن الجامد, الذي انسحب جموداً على سياساتهم وأحالهم الى وجود أصم في عالم متحرك يرى ويسمع ويتكلم. وبالتالي فشل العرب في إقامة جسر من التفاهم مع الغرب عموماً, ومع أميركا خصوصاً, وظلوا, في الاعتبار الأخلاقي, يرون أن هذا التعامل ينال من طهرانيتهم الوطنية, ومن سمعتهم القومية, ومن نضالهم الأرشيفي المنطوق.
بدوران الزمن وتغير الظروف, وبوجود حقائق دولية جديدة أصبحت قائمة على الأرض تفرغ العرب للقتال بين بعضهم البعض, وإشعال الحروب الأهلية بين بعضهم البعض, والطرف المهزوم دائماً كان الطرف الذي يدعي الحفاظ على المبادئ, وانكشف القناع عن وجهه ليبدو واحداً من أكبر أسباب التخلف, وواحداً من أقسى مظاهر البطش والتنكيل الموجه الى الشعب المحكوم الذي أصبح هو الآخر شعباً غير مسيس لا يفهم إلا لغة الغرائز, ولا عمل له سوى الجري وراء رغيف الخبز.
علينا أن نعترف الآن أن تحديات التنمية والسلام أصبحت مستحقة علينا, والأخطر مع ذلك ان من يتخلف عن التلبية والتناغم لن يبقى سعيداً في مكانه يعزف على أوتار المبادئ, لأن الزمن لا يستمع اليه ولا ينتظره.
أعجبنا الشيخ حمد بن جاسم حين دعا إلى الخروج من سراديب الريبة والكذب, الى نور اليقين والصدق, فلا بأس لو تلاءمنا مع الظروف الدولية, ولا بأس لو تخلينا عن المفاهيم الموروثة, ذلك ان شعرة واحدة لن تسقط من رؤوسنا, وأن سمعتنا الوطنية والقومية لن تمس, اضافة الى ان محصلات جديدة من حقائق السياسة قد تتكون بين أيدينا, وفي أولها الفهم بأن المتغير الزمني لا يلعب علينا وحدنا, بل على اسرائيل أيضاً. إذ ربما جاءت ظروف الزمن الآتي وجعل منها دولة ذائبة في محيط عربي لا تستطيع العيش بدونه أو مغادرته.
نرجوكم أن تفهموا ودعوا عنكم ضرب الدفوف ونفخ المزامير, واستجداء شعبوية ما عادت كما كانت قابلة للخداع والكذب.

الجمعة، سبتمبر 16، 2005

قوة اسرائيلية خطفت اثنين من الرعاة قرب بركة النقارـ شبعا



تستمر الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وتتنزوع بين انتهاكات جوية وممارسات عدوانية على الأرض.
وفي آخر هذه الاعتداءات إقدام قوة اسرائيلية ظهراليوم على اختطاف المواطنين رياض مصطفى هاشم (40 عاما) وحسين قاسم زهرة (15 عاما) في منطقة نقار شبعا.
وفي التفاصيل كما ذكرتها مصادر امنية في مرجعيون، ان قوة اسرائيلية تجاوزت الخط الازرق باتجاه الجانب اللبناني متقدمة من موقع رويسات العلم وقام عناصرها بخطف هاشم وزهرة اثناء قيامهما برعي قطيع من الغنم والماعز في محيط بركة النقار، ونقلتهما الى جهة مجهولة داخل مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها قوات الاحتلال باجتياز الخط الفاصل بين المنطقتين المحررة والمحتلة من مزارع ضبعا من أجل القيام باعتداءاتها.
وقد استنكرت "هيئة ابناء العرقوب ومزارع شبعا" قيام قوات العدو الإسرائيلية باختطاف المواطنين اللبنانيين من بلدة شبعا.
واصدرت "الهيئة" بيانا اشارت فيه الى "ان الإعتداءات الإسرائيلية ليست جديدة، ولكنها تأكيد جديد على خطورة استمراراحتلال مزارع شبعا من قبل اسرئيل, وهذا ما يؤكد على الطبيعة العدوانية لإسرائيل، التي لا تخدم القرارات الدولية ولا الخطوط الزرقاء أو الحمراء، بسبب تواطؤ الولايات المتحدة معها وتغطيتها في أعمالها العدوانية".
اضاف البيان: "ان هذا العدوان الذي أدى إلى خطف المواطنين رياض مصطفى هاشم وحسن قاسم زهرة, يؤكد على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بدورها بالضغط على إسرائيل لاستكمال تنفيذ القرار 425 الذي نعتبره غير منفذ بشكل كامل، طالما هناك اراض لبنانية محتلة وفي طليعتها مزارع شبعا".
وزير الخارجية

قضية لااعين المخطوفين انتقلت إلى نيويورك حيث وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ الذي تبلغ من الامين العام لوزارة الخارجية السفير بطرس عساكر نبأ خطف قوات الاحتلال الاسرائيلي المواطنين اللبنانيين
كما أبلغه ان قوة "اليونيفيل" الموجودة في المنطقة بدأت بالاتصالات مع السلطات الاسرائيلية المحتلة للافراج عنهما.
وقد زوده الوزير صلوخ بتوجيهاته وضرورة ابقاء الاتصالات مع اجهزة الامم المتحدة المعنية في الجنوب للوصول الى تحريرهما وعودتهما الى الاراضي اللبنانية.
وقال انه سيثير "هذا العدوان الاسرائيلي الجديد خلال لقاءاته مع المسؤولين في الامم المتحدة ومع المسؤولين المشاركين في اجتماعات الجمعية العمومية، للضغط على "اسرائيل" من أجل وقف اعتداءاتها على لبنان، لأن مثل هذه الاعتداءات يؤكد رغبة "اسرائيل" في عدم الوصول الى السلام".
ويبدو هذا الاعتداء كرسالة من الإسرائيليين توحي بوجودهم على خريطة الساحة اللبنانية التي انتقل أبرز سادتها إلى الخارج في زيارات مختلفة الأهداف والمشارب فتوزعوا بين باريس ونيويورك واسبانيا وغيرها من مناطفق العالم.
محمود ريا

الخميس، سبتمبر 15، 2005

حركة علمائية لبنانية لمواجهة محاولات تفجير الفتنة الطائفية في العراق والمنطقة

تركت التصريحات الطائفية الخطيرة التي صدرت من المسلحين الذين يرتكبون الجرائم بحق الأبرياء في العراق انعكاسات على مجمل المنطقة، حيث تحركت فعاليات دينية وسياسية في أكثر من عاصمة من أجل تدارك الآثار الخطيرة لهذه التصريحات.‏

وفي بيروت رصد أكثر من تحرك هادف إلى منع هذه المواقف المتشنجة من فعل فعلها في الداخل العراقي، ومن ترك أي آثار في الداخل اللبناني نفسه من جهة ثانية.‏

وفي هذا الإطار سجل اتصال أجراه نائب رئيس المجلس لإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني وبشيخ الأزهر في مصر الشيخ محمد سيد طنطاوي جرى فيهما "تشاور في الأوضاع الخطيرة في العراق"، وطالب الشيخ قبلان الشيخين قباني وطنطاوي بـ "التدخل سريعا لوضع حد لما يجري في العراق باسم الإسلام وتدارك تداعيات هذه العمليات الإرهابية والبيانات التحريضية قبل فوات الأوان"‏

الشيخ قباني حذّر بدوره من "وقوع العراق في فخ الفتنة الطائفية ومن التصريحات الطائفية غير المسؤولة".‏

وقال خلال لقائه ممثل هيئة علماء المسلمين العراقيين في الخارج الدكتور محمد عياش كبيسي: "ان التصريحات الطائفية التي سمعناها بالامس في العراق لاقت استنكارا من هيئة علماء المسلمين ومن كل المراجع السنية والشيعية في العراق، كما استنكرت، في الوقت نفسه، عمليات الابادة التي قامت بها القوات الاميركية في تلعفر".‏

واضاف: "ان الولايات المتحدة الاميركية المحتلة للعراق هي المسؤولة عن كل ما يجري اليوم فيه من صراعات وقتل وتدمير وفتن طائفية, واننا ننبه الى ان مشروع الدستور العراقي الذي يخرج العراق من عروبته سيكون هو الباب الكبير للفتن التي ستغرق العراق في مزيد من الصراعات في المستقبل".‏

ودعا "أبناءنا واخواننا العراقيين ومرجعياتهم, سنة وشيعة, الى اظهار المزيد من الوحدة الاسلامية في وجه المحتل الاجنبي الذي يعمل لبقائه في العراق باغراق البلاد في دوامة الصراعات الطائفية".‏

الكبيسي‏

وقال الدكتور الكبيسي بعد اللقاء: "نقلنا الى سماحته صورة ما يجري في العراق وللاسترشاد بارأئه. وقد لمسنا من سماحته متابعته الدقيقة للاحداث التي تجري في العراق".‏

سئل: هناك تخوف من فتنة طائفية في العراق خصوصا بعد بيان ابو مصعب الزرقاوي فما رأيكم بذلك؟‏

اجاب: "على رغم ما حدث في تلعفر وكان من المتوقع ان تكون هناك ردات فعل غير مدروسة وغير متوازنة، لكن الذي يطمئن ان ردة فعل هذه لم تأت من اي طرف عراقي وانما جاءت على لسان شخص ليس عراقيا لا يعرف طبيعة المجتمع العراقي. المؤسسات السنية العراقية كلها رفضت ردة الفعل هذه على رغم انها ردة فعل على جريمة نكراء حصلت في تلعفر. لكن الجميع اجمع على ادانة استهداف المدنيين تحت اي مسمى ومبرر, والذي نحن نطمئن اليه انها لم تحصل ردة الفعل من اي ممثل للسنة او غير السنة في العراق".‏

نداء إلى علماء المسلمين في العالم‏

بالعودة إلى تحرك الشيخ قبلان باتجاه المرجعيتين السنيتين في بيروت والقاهرة فإن هذا التحرك استكمل ببيان أصدره الشيخ قبلان ووجهه إلى علماء المسلمين في العالم، جاء فيه:‏

"إلى أصحاب السماحة أئمة المسلمين وعلمائهم في العالم أصحاب العلم والحلم، نخاطبكم ونناشدكم ونستصرخكم للوقوف ضد المجازر التي ترتكب في العراق ممن يدعي الإسلام والإسلام بريء منه. إن موقفكم اليوم هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لأن الفتن التي تخرج من كلام هؤلاء وتصريحاتهم وبياناتهم هي اخطر من سهام العدو الإسرائيلي وقذائفه المسممة. فعليكم جميعا محاربتها والتنديد بمطلقيها والوقوف ضد معلني الحرب على طائفة إسلامية لا تزال، من حين وجودوها إلى يومنا هذا، تدافع عن الدين والتراث والمبادىء السمحاء".‏

واضاف: "نخاطبكم، أيها العلماء، أن تقولوا قولكم وتبذلوا جهدكم وكل ما في وسعكم لوضع حد لهذا التطرف ولهذه الأعمال الاجرامية البشعة ولهذه البيانات الفتنة بين المسلمين. نعم، إن أعمال القتل التي تجري في العراق أعمال وحشية وإجرامية لا تمت إلى الدين بصلة ولا إلى الأخلاق بمعرفة، بل هي أعمال همجية نابعة من نفوس حاقدة وقلوب خبيثة. أقول لكم قبل نفاد الصبر: أدركوا الأمور وكونوا في يقظة مستمرة لأن هؤلاء سيجرون البلاد العربية والإسلامية إلى الهاوية، وأطالبكم بالتحرك سريعا لوأد الفتن ووضع حد للمتطرفين الخارجين عن الإسلام الذين يعملون لمصلحة الاحتلال والعدو الإسرائيلي. أناشدكم أن تكونوا مع الوحدة الإسلامية، وإياكم والانجرار الى مهاوي الفتنة والمشاكل التي لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي".‏

وطالب الجامعة العربية ومنظمة مؤتمر العالم الإسلامي والملوك والرؤساء العرب والمسلمين في العالم ومجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وهي تجتمع اليوم في المؤتمر العالمي، بال"تحرك لوقف مسلسل الإجرام والإرهاب في العراق"، متسائلا: "أين هي حقوق الإنسان التي يعملون لحفظها؟ وهل أصبحت حياة الإنسان رخيصة إلى هذا الحد!".‏

محمود ريا

الصمت مشاركة في الجريمة

ليس مفاجئاً خروج مجموعة من الطفيليين الذين يعيشون على هامش الحياة السياسية في لبنان من أجل التبشير بمواقف سياسية أقل ما يقال فيها إنها عنصرية وإجرامية وبعيدة عن أي منطق.
وغياب المفاجأة لا ينجم عن "طبيعية" ما يفكر به هؤلاء، وما يعملون من أجل تحقيقه، وإنما من التردي الذي يعيشه لبنان في هذه المرحلة، بحيث لم يعد الدفاع عن العملاء عيباً، كما أن يخرج العملاء أنفسهم، ، ومن "قلب لبنان" للتنظير للعمالة، والمطالبة بإعطاء العملاء أوسمة الشرف والوطنية.
لا بد من التأكيد أن هؤلاء معزولون ومطرودون من "رحمة التوافق" اللبناني، وأن ما يحملونه من أفكار متطرف لدرجة أن أحداً لا يمكنه أن يدافع عنها.. وعنهم.
ولكن هل يكفي هذا؟
هل يعبّر الصمت عمّا يجب أن يكون عليه موقف اللبنانيين من هذه الطروحات الإجرامية؟
إن الصمت هنا هو موافقة على طروحات هؤلاء العملاء المتسترين بألقاب مهنية كبيرة، والسكوت عن مثل هذه الخزعبلات قد يمهّد الطريق لاختيار ضباط أو مسؤولين صهاينة كبار في المستقبل لـ"قلب لبنان" من أجل عقد مؤتمرات صحافية يشرحون من خلالها وجهات نظرهم من الأحداث في المنطقة.
ما قاله هؤلاء إجرام، والصمت عن جريمتهم خيانة.
ومن دون أن يكون المقصود توزيع شهادات في الوطنية، يمكن القول إن الحد الذي يميّز بين إيمان اللبناني بوطنه وكفره به، هو التصدي لهؤلاء المجرمين وإدانة معتقداتهم البائدة.
وإلا.. فالويل للبنان.
محمود ريا

الأربعاء، سبتمبر 14، 2005

القوات: أزمة هوية وتصارع على الأدوار


تعيش القوات اللبنانية حالة من الصراع الداخلي الذي لم تعد عمليات التجميل المتتالية التي تجري في لبنان والخارج قادرة على إخفائه.
وتنبع حالة الصراع هذه من العديد من العوامل التي تضافرت وتعقدت في علاقاتها فيما بينها إلى الحد الذي جعل عملية الحد منها ـ فضلاً عن محوها ـ عصية على التحقق.
فمن الانقسامات التاريخية التي كانت القوات تعيشها منذ ما قبل حلها عام 1994 (والمعروف أن القوات هي في أصلها تجمع لتيارات متعددة وليست حزباً واحداً له عقيدة محددة يتم على أساسها الانتساب إليها) إلى الخلاف بين تيار العسكر وتيار الأمن خلال سنوات اعتقال سمير جعجع، إلى الرفض الكبير الذي عبر عنه الكثير من كوادر القوات لتحوّل ستريدا زوجة سمير جعجع إلى قائدة بديلة عن زوجها، إلى الخلاف القائم بين قوات الداخل وقوات الخارج، وبين الكوادر العسكرية والتيار السياسي... كاها مشاكل تواجه قيادة القوات في المرحلة الحالية.
وقد جاءت مواقف القيادة الحالية للقوات في مرحلة ما بعد 14 آذار والتحالف الاستلحاقي مع تيار المستقبل والتيار الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط لتزيد طين الخلافات بلّة ولتصعّد الخلافات بين الشخصيات السياسية المختلفة داخل القوات، فطرد توفيق الهندي وجان عزيز (اللذان أبعدا بشكل رسمي وعلني عن تمثيل القوات في لقاء قرنة شهوان قبل انحلاله) ووقف النائب جورج عدوان بقوة في وجه ستريدا جعجع معلناً مواقف مخالفة تماماً للمواقف التي أعلنتها (ولا سيما فيما يتعلق بقداس "شهداء القوات" بين حريصا وسيدة إيليج حيث أعلنت جعجع أن لاعلاقة للقوات من قريب ولا من بعيد بقداس سيدة إيليج فيما قال عدوان إن هذا الكلام غير صحيح)، وحضرت ستريدا جعجع على عجل إلى بيروت بحجة تنظيم قداس حريصا ومن ثم غادرت على عجل دون أن تحضر القداس بحجة التهديدات الأمنية، وخرج سمير جعجع بخطابه الموجه إلى القواتيين والذي ميّز فيه إلى حد ما بين العلاقة مع الأطراف المسيحية والعلاقة مع تيار المستقبل وجنبلاط، وذلك في تراجع لافت عن وضع هذه التيارات كلها في صف واحد عند خروجه من السجن إلى المطار الشهر الماضي.
ويبدو أن الخلاف بين القواتيين مركب وهو لا يقتصر على سبب واحد أو على موضوع واحد.
فهناك أولاً الخلاف على الأدوار في المرحلة المقبلة، ومن يكسب ود قائد القوات سمير جعجع بشكل أكثر ليكون صاحب الكلمة المسموعة والرأي المطاع.
وهناك الخلاف على الممتلكات المادية للقوات، وهي تبلغ ملايين الدولارات إن لم يكن عشرات الملايين، وهي تتراوح بين ممتلكات عينية تتمثل في مؤسسات إعلامية ( أل بي سي، إذاعة لبنان الحر ومجلة المسيرة) وتجارية وغيرها في لبنان والخارج، وبين مبالغ مالية طائلة أخرجت قبيل مرحلة حل حزب القوات من لبنان واستثمرت في بنوك غربية وباتت تبلغ أضعافاً مضاعفة عن المبالغ الأصلية.
وهناك أيضاً الخلاف على كيفية تنظيم القوات في المستقبل، وهل تتحول إلى حزب سياسي مغلق أم إلى تيار سياسي مفتوح يفسح في المجال أمام تعدد الآراء والتباين في المواقف تحت مظلة خطوط عريضة يقبل بها الجميع.
ويبقى الخلاف الأكبر حول التوجه السياسي في المستقبل، وكيفية التعاطي مع الأحداث السياسية التي يمر بها لبنان وما تحمله من تطورات على مختلف الصعد، وخصوصاً أن لبنان يمر بمرحلة مصيرية ستحدد مستقبله على مدى عقود.
ويقوم الخلاف حول الجهة التي ستقيم معها القوات اللبنانية العلاقة الاستراتيجية، فهل تقف إلى جانب البطريركية المارونية وبالتالي إلى جانب العماد ميشال عون الذي نصّبه البطريرك زعيماً سياسياً للموارنة، أم تقف إلى جانب تحالف الحريري ـ جنبلاط، مع ما يعنيه ذلك من انفصال عن القاعدة الشعبية التي تعاني أصلاً من انقسامات حادة واستقطابات على مختلف الصعد بين التيارات السياسية المختلفة على الساحة المسيحية.
ويبدو كلا الخيارين مرّاً، فالوقوف إلى جانب البطريرك والعماد عون يعني التحاقاً بتيار سياسي سيفرض رأيه على القوات بأي شكل من الأشكال وسينزلها من مستوى الشريك في اتخاذ القرار إلى مستوى التابع الذي عليه تنفيذ الأوامر ممن كانوا حتى الأمس الأعداء الأكثر شراسة ومن اللاعبين الطبيعيين على الساحة التي تستقي منها القوات شعبيتها، بما يعني "محاشرة سياسية" تخلف "المحاشرة العسكرية" التي عاشتها الساحة المسيحية بين القوات والعونيين خلال الحرب الدموية التي دارت بينهم عام 1990.
ومعروف أن نواب القوات قاطعوا البطريرك الماروني لفترة طويلة بعد انتخابهم، واعتبروا أن البطريرك انحاز إلىعون في المعركة الانتخابية ولا سيما في الجبل والشمال، ما خلق حالة من التشنج في العلاقة بين الطرفين عبرت عن نفسها في انتقادات وجهت للبطريرك وفي مقاطعة بكركي وفي إطلاق مواقف حادة من العماد عون وصلت إلى حد تجاهله في مسيرة شعلة شهداء القوات الشهر الماضي، وقد كان هذا التجاهل لافتاً جداً ومثيراً للكثير من التساؤلات.
وبالمقابل فإن البقاء على خط الحريري جنبلاط مكلف جداً: مكلف على مستوى السياسة وعلى مستوى الشعبية وعلى مستوى المستقبل.
فالقوات لم تخفِ خلال الفترة الماضية انزعاجها من استثنائها من الكثير من المشاورات الدائرة بين تيارات المعارضة والتيار الشيعي في لبنان حول العديد من القضايا المتعلقة بمستقبل البلاد، كما عبرت عن رفض كبير للمس برئاسة الجمهورية التي تعتبر رمزاً مارونياً بامتياز ويعتبر المس بها اعتداء على حقوق الطائفة. وبينما كان بعض نواب القوات يعبرون عن هذا الرأي كان رئيس الجمهورية يتعرض لحملة شرسة من قبل القيادات المتحالفة مع القوات.
وكذلك انزعجت القوات من تمثيلها في حكومة السنيورة بوزير واحد، في حين سمّى حلفاؤها في تحالف الحريري ـ جنبلاط العديد من الوزراء الموارنة، ما اعتبر تعدياً على حقوق الطائفة وإضعافاً لموقف ممثلها في التحالف، أي القوات اللبنانية.
ويحس قادة القوات أن التقرب من تحالف الحريري ـ جنبلاط غير مقبول من قبل القاعدة الشعبية المارونية المستعدة لتناسي الخلافات مع ميشال عون في حين هي غير مستعدة لمسح تاريخ الصراع مع الجنبلاطيين ومع المسلمين بشكل عام على مستقبل البلاد.
وبقدر ما يعكس فتح هذه الملفات مع بعضها البعض من إرباك داخل القيادة القواتية، فإنه يثير خلافات بين المسؤولين القواتيين الذين يتبنى كل واحد منهم وجهة نظر معينة ويعمل على فرضها على الفرقاء الآخرين، إلى الحد الذي باتت فيه القوات فيدرالية قيادات لا يربط بينها في الوقت الحاضر سوى الوجود الضعيف لسمير جعجع على مسرح اللعبة.
وعلى أهمية هذه المواقف المطروحة وما تثيره من أزمات فإن الملف الأكبر الذي لم يجد معالجة له هو ذلك المتعلق بالمشروع الإيديولوجي الحقيقي للقوات والمتمثل في تحويل لبنان إلى فيدرالية، وهو المشروع الذي يبدو أن أحداً من المسؤولين القواتيين لم يتخلّ عنه، إلا أن الخلاف هو حول كيفية تظهير هذا المشروع ومدى ملائمة طرحه حالياً على الملأ، والانعكاسات التي يتركها هذا الطرح على مجمل علاقات القوات مع القوى السياسية الأخرى، وخصوصاً مع وجود نقاط تباين ـ في العلن على الأقل ـ مع هذه القوى الحليفة، ولا سيما حول تنفيذ القرار الدولي 1559 وما تلاه من قرارات، وحول سحب سلاح المقاومة وغيها من القضايا المصيرية المستقبلية.
وبناء على هذه المعطيات تبدو القوات اللبنانية مفتقدة بشكل حقيقي إلى رأسها وضامن وحدتها حتى الآن سمير جعجع الذي قرر ترك الأوضاع على تفاقمها والسفر لـ "النقاهة" والعلاج في الخارج.
وإن كان جعجع يقوم بتحركات ويدلي بمواقف تحاول الإيحاء بأن القوات كتلة متماسكة فإن الوقائع على الأرض تظهر عكس ذلك وتؤكد أن القوات تعاني كماً متراكماً من الأزمات، تبدأ مع أزمة الهوية والدور، ولا تنتهي عند أزمة فرض القيادات السياسية لنفسها على مسرح اللعبة، بما يجعل هذا الصراع الدائر حتى الآن ينفجر بصمت ويودي بالقوات وربما بقائدها وعناصرها ومستقبلها.

محمود ريا

الجمعة، سبتمبر 09، 2005

كاترينا.. وسفن العبيد


تذكر الأميركيون من أصل أفريقي.. السود .. "النيغرو" إنهم في النهاية ليسوا أكثر من عبيد، أو أحفاد للعبيد، وإن ما كان يسري عليهم قبل مئة أو مئتي سنة.. ما يزال هو الساري الآن.
تذكروا أسلافهم وهم يُنقلون بسفن العبيد ويُلقَون ككمّ مهمل، كبضاعة مثل أي بضاعة أخرى، حيث ينتقى من بينهم القوي والصالح لخدمة اقتصاد البيض، فيما يترك المرضى والعجّز والذين أنهكتهم الرحلة من "الأصل الأفريقي" إلى مكان الاستعباد في "البلاد الجديدة" كي يلقوا مصيرهم المحتوم، موتاً وغرقاً وسحقاً تحت عجلات آلة التفرقة العنصرية.
كل الجهود التي بذلت، والتي قيل إنها أنهت التفرقة العنصرية بان أنها مجرّد غطاء لإخفاء حقيقة مرّة: الناس يموتون أو لا يموتون بناء على لون بشرتهم.. وعلى ما يملكونه من نقود.
ليس ما حصل على شواطئ خليج المكسيك كارثة طبيعية، فدور الطبيعة جزء بسيط من مسبّبات ما حصل.
كما إن غضب الطبيعة هو مجرد نتيجة لمجموعة من الجرائم البشرية، التي ترتكب بحق البيئة والمناخ، فتزيد من عتوّ الظواهر الطبيعية وتضاعف الخسائر التي يمكن أن تنتج عنها.
مهلاً، ولكن هذا ليس صنع الطبيعة فقط.
هناك دور للبشر فيما حصل، لا بل هو الدور الأكبر والأخطر.
دور يتراوح بين اختيار موقع المدينة في الماضي، وعدم الاهتمام بسبل منع الأخطار الناجمة عن هذه الأخطار في الحاضر، ما جعل "الكارثة العادية" تصبح "سوبر ـ كارثة"، ويتحول إعصار قوي بأضرار كبيرة إلى ما يشبه ضرب مدينة نيو أورليانز بقنبلة نووية.
ولا تقتصر جرائم البشر على حدود الإهمال والتقصير، ولكن هناك الجريمة الناجمة عن سابق إصرار وترصد، جريمة دفع المقتدرين إلى الخروج من المدينة قبل حصول الإعصار، وترك الفقراء والمعدمين يلاقون مصيرهم بلا أي مقوّمات للصمود.
وبعد حصول الكارثة كان التحرك الأسرع لإنقاذ مئات من الأغنياء البيض في مجمعات سياحية، فيما ترك المرضى والعجّز في المستشفيات ودور العجزة يلاقون مصيرهم الأسود نتيجة البرد والجوع والأوبئة والسموم.
السموم لوحدها جريمة لا توصف، إنها ناجمة عن اختلاط صناعة البترول بالصناعات الكيميائية بالصناعات السرية الموجودة في المنطقة والتي لا يريد أحد الحديث عنها.
إنها جريمة مركّبة لا بل إنها مجموعة من الجرائم التسلسلية التي تختلف ظروف تنفيذها دون أن يتغير المخطِّط لها والمنفّذ.. والمستفيد.
لا مشكلة، طالما أن الضحايا هم الفقراء والسود، وتحديداً السود، فهم خلقوا منذ البداية ليكونوا أدوات بيد أسيادهم البيض، يفعلون بهم ما يشاؤون يستخدمونهم كما يريدون ويتخلصون منهم ساعة يرغبون.
أي عنصرية عبّر عنها الدعاة إلى الديموقراطية، وإذا كانوا يتعاملون بهذا الشكل مع من يحملون الجنسية الأميركية، ويتشاركون معهم في المواطنية، فهل من يسأل بعد لماذا يتعاملون مع البشر في الدول الأخرى بهذا الشكل المستفز.. المتعالي والمسيء؟
محمود ريا

شيراك: هل نقلق؟


يبدو وضع الرئيس الفرنسي جاك شيراك مثيراً للقلق، بعد الصعوبات الصحية التي يعاني منها، والتي ضربته في الدماغ.
القلق هو الشعور الذي ينتاب المحيطين بشيراك والذين يعملون معه، والذين يحبونه، بالرغم من أن المعلومات تتحدث عن تحسن صحته وعن خروجه من المستشفى مع نهاية الأسبوع.
إلا أن الخروج من المستشفى ليس كالدخول إليه، والمارد القوي الذي كان شيراك يمثله على مدى سنوات انكسر أو يكاد، وبدأت الصراعات على خلافته، حتى وهو ما يزال "في ريعان الشباب".
فمن ساركوزي إلى دوفيلبان في الحزب الديغولي، إلى المسؤولين المنافسين في الحزب الاشتراكي، تحتدم المعارك، وإن كانت حظوظ ساركوزي تبدو أكبر نظراً لتقمصه دور الشخصية الحديدية التي لا تقهر.
وبانتظار ما سترسو عليه الأمور، يبدو شيراك كمرحلة في السياسة الفرنسية على وشك الانقضاء، وكورقة من كتاب التاريخ الأوروبي والدولي على وشك الانقضاء.
وفي هذا ما يثير القلق لدى محبيه ومؤيديه.
ولكن هل نقلق نحن؟
آخر استطلاعات الرأي تفيد أن خمسة وثمانين بالمئة من الفرنسيين ما زالوا يعارضون سياسات جورج بوش العالمية، وكذلك الوضع بالنسبة لاثنين وسبعين من الأوروبيين، هذه السياسات التي اختار شيراك في الأيام الأخيرة من مرحلة "مجده السياسي" أن يتآلف معها ولا سيما في منطقتنا.
كنا قلقنا فعلاً لو كان شيراك.. ما زال شيراك.
محمود ريا

الخميس، سبتمبر 08، 2005

أطراف دولية على المائدة اللبنانية

محادثات في العواصم وهجرات ومداخلات

تحوّل لبنان إلى بند أول في المفكرة الدولية، وبات مجلس الأمن أكثر "لبنانية" من مواقع السلطة في بيروت وبعبدا، فيما أصبحت باريس "مربط الخيل"، إليها المقصد، ومنها تصدر مواقف تؤثر على تفاصيل الوضع اللبناني.‏

محادثات ومشاورات تحدث عنها مسؤولون في الخارجية الأميركية، وتضم ممثلين للعديد من الدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهي جرت في لندن "لمناقشة سبل السير قدماً في حل بعض القضايا الخاصة بلبنان وسوريا".‏

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد وولش كشف عن "اتصالات على مستوى أعلى.. لدرجة تشمل رؤساء وقادة دول لأننا نعتقد أن هناك قضايا مهمة تتعلق بسوريا ولبنان".‏

تتزامن هذه اللقاءات "العالية المستوى" مع تصريحات أطلقها الرئيس الفرنسي جاك شيراك حول ضرورة تطبيق القرارات الدولية 1559 و1595 و1614 حرفياً، مع ما يحمله ذلك من اتجاه إلى تصليب المواقف الدولية حول الوضع اللبناني.‏

في هذا السياق نفسه يأتي تأجيل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والمبعوث الدولي تيري رود لارسن زيارتيهما إلى بيروت، اللتين كانتا مقررتين أول هذا الشهر.‏

وبالرغم من أن سولانا سرّب عبر اتصال هاتفي صحافي نفياً لارتباط إلغاء زيارته للبنان بما يدور على ساحته السياسية من تطورات، فإن توازي هذا الإلغاء مع إلغاء زيارة لارسن لزيارته إلى بيروت، وترافقه مع التحركات الدولية المحمومة التي تدور في المدار اللبناني، يوحي أن هناك الكثير مما يجري وراء الأكمة، والذي ينتظر اللحظة المناسبة ليتحول إلى وقائع متحركة على الأرض.‏

ويبدو من متابعة الخيوط المتشابكة أن ما يحضر هو "خارطة طريق" للمسار السياسي الذي ينبغي أن تتخذه الأمور في لبنان في المرحلة المقبلة، والذي تتداخل عوامل عديدة في رسم تفاصيله.‏

فهناك بدايةً الأوضاع الإقليمية المتحركة بشدة، ابتداءً من التطورات الفلسطينية وصولاً إلى الجديد على الساحة العراقية، دون أن يكون الموضوع النووي الإيراني بعيداً عن الصورة، بما يعطي فكرة عن البيئة التي تتحرك فيها المعطيات اللبنانية.‏

وهناك تداعيات جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما طرأ على التحقيق فيها من تطورات دراماتيكية مثّلتها عملية الاشتباه بأربعة من القادة الأمنيين السابقين والحاليين البارزين، وما تعكسه هذه التحقيقات من أبعاد سياسية تطال "النظام الأمني" الذي لعب هؤلاء القادة دوراً أساسياً فيه.‏

وهناك على ضفاف هذا الموضوع استمرار التوتر الأمني المتمثل بعودة نغمة التفجيرات من خلال انفجار الذوق، والحديث المتكرر من قبل معارضين سابقين عن لائحة اغتيالات موضوعة من قبل جهة ما تطال أسماء بارزة على الساحة المحلية، ما أفرز نزوحاً سياسياً لافتاً إلى العاصمة الفرنسية، حيث سجل وجود عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين، وزراء ونواباً وشخصيات سياسية، في باريس "بانتظار جلاء الأوضاع".‏

إلا أن هذه الهجرة السياسية لم تكن نتيجتها إخلاء الساحة اللبنانية من السياسة، بل نقل السياسة اللبنانية إلى هناك حيث تتكثف المشاورات على أكثر من خط وفي أكثر من اتجاه، ما يجعل باريس العاصمة السياسية لـ"لبنان الجديد"، في حين ينتظر لبنان المقيم عودة الحياة السياسية إليه بعد انتفاء "الأخطار الأمنية" عن المنفيين اختيارياً والذين تتغير بورصة أسمائهم بشكل دائم مع تغير شكل ولون اللوائح التي تضمّهم، وهذا الأمر الذي يبدو بعيداً عن التحقق في وقت قريب، وربما ما يعبر عن هذا التوقع هو تأجيل جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي كان مقرراً عقدها بالأمس بسبب "وعكة صحية ألمّت بالرئيس فؤاد السنيورة" حسب ما أعلنته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.‏

كل هذه "الطبخة" يفترض أن تظهر "رائحتها" إلى الملأ خلال الأسابيع القادمة، وربما يكون شهر تشرين الأول/ أكتوبر أو تشرين الثاني/ نوفمبر القادمين المسرح الزمني الأمثل لتظهير كل الصورة السياسية، ولإعطاء المشروع الذي يبدو أن هناك جهوداً حثيثة لتحضيره الفرصة الملائمة للتطبيق.‏

فهل ينجح الطباخون في إخراج طبخة تؤكل أم أن تعدد الطباخين سيؤدي إلى تعدد آرائهم، وبالتالي إلى اختلافهم على نوع الطبخة وعلى كيفية تقديمها، بما يؤدي إلى البحث عن مزيد من الوقت من أجل الوصول إلى المشروع الأمثل للمصالح الدولية المتقاطعة مع مصالح لبنانية متشعبة ومختلفة المناحي والمرامي، وهل يكون موضوع الاتفاق على طرح استحقاق رئاسة الجمهورية اللبنانية "البروفة" التي سيؤدي نجاحها إلى استكمال العمل على المشروع النهائي؟‏

على كل حال، حتى ولو كان موضوع رئاسة الجمهورية مطروحاً بقوة في هذه الفترة على السكّتين الدولية والمحلية، ولو اتفقت الأطراف المتعددة والمتنوعة على التغيير ـ بناءً على المعطيات التي ستفرزها عملية التحقيق باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ـ فإن الخلاف على الاسم البديل للرئيس إميل لحود، وتعدد الراغبين كما تعدد المؤثرين محلياً وإقليمياً ودولياً في عملية الاختيار، يجعل المسألة كطبخة بحص لا أحد يدري متى تؤتي أُكُلها.‏

ولننتظر.‏

محمود ريا‏

الحقد الاعمى

ليس هناك ضرورة لانتظار بيان يصدر عبر الانترنت أو يذاع عبر فضائية ما لتوجيه إصبع الاتهام نحو "فكر" معين بالمسؤولية عن الجريمة الفظيعة التي شهدها العراق يوم الأربعاء الماضي.‏

إن متابعة بسيطة لما ينشره حاملو هذا "الفكر" على منتدياتهم ومواقعهم الإلكترونية المتكاثرة كالفطر، تعطي صورة واضحة عن مدى استعدادهم لارتكاب هذه الجريمة وما هو أفظع منها، من دون أي رادع أو وازع.‏

لماذا كل هذا الحقد؟ وعلى أي أسس دينية وأخلاقية يُبنى؟‏

إن مراجعة سريعة لـ"المبنى" الذي يقوم عليه ما يمكن تسميته اصطلاحاً فكرهم، هو الكره للجميع، والحقد على الجميع، وتمني الموت للجميع.. ولغة المخاطبة الوحيدة التي يفهمون مفرداتها ويخاطبون العالم بها، هي لغة التكفير والتنفير والرفض والتحقير.‏

وهذا لا يستهدف طائفة بعينها، وإنما قليل من الاحتكاك مع هؤلاء يحوّل شراراتهم إلى جميع الطوائف، وحتى إلى الطائفة التي يزعمون الانتماء إليها. لا بل إن الكراهية تمتد إلى التيار نفسه الذي يقاتلون الآخرين باسمه، فترى هذا يدّعي الصفاء وينفيه عن ذاك "الملوّث"، ويرد عليه ذاك شاهراً سلاح الولاء والبراء بشكل أعمى، من دون أي تأصيل فقهي لمضمونه.‏

هؤلاء آفة العالم الإسلامي وبلاء المسلمين، وخطرهم يمتد على كل الساحة، والتهوين من مدى شرّهم يؤدي إلى استفحال خطرهم.‏

فهل من يلتفت قبل فوات الأوان؟‏

محمود ريّا‏

الاثنين، سبتمبر 05، 2005

المعطى الطائفي في المعادلة الإقليمية

انخراط في مشروع التفتيت المرسوم للمنطقة

دخول المعطى الطائفي على خريطة التكوينات التي تحكم صورة المنطقة بعد التغييرات التي شهدتها في المرحلة الماضية بات على ما يبدو مطلباً ملحاً لدى الذين يرسمون السياسات، بعدما كان هذا المعطى احتياطاً استراتيجياً يستخدم عند الملمّات، ويبدو فعلاً أنه حان وقته.

ليس في ما قيل عن "الهلال الشيعي" الذي "يستهدف" المنطقة مفاجأة تثير الذهول، وإنما هو خطوة أخرى في سياقٍ بدأت ملامحه تظهر منذ فترة، ولا سيما منذ الاحتلال الأميركي للعراق، بعدما خبا الحديث بهذه اللغة الطائفية خلال السنوات الماضية.

وإذا كان نظام صدام حسين قد أظهر على مدى عقود تجليات الآثار السلبية للخلاف الفقهي و"الفكري" بين المسلمين من خلال ممارساته الطائفية البشعة داخلياً (الجرائم بحق العلماء والمذابح الجماعية) وخارجياً (حربه على الجمهورية الإسلامية ولعبه على الوتر الطائفي لكسب تأييد عربي)، فإن الواقع يقتضي الاعتراف بوجود الكثير من المعطيات التي تؤسس لبروز هذا الخلاف، ولا سيما في ظل وجود تيارات معينة تعمل على تغذية الاختلافات بين السنة والشيعة ـ التي يمكن ملاحظة وجود مثلها بنسبة أقل أو أكثر بين أي مذهبين إسلاميين ـ وتحويلها إلى افتراق تاريخي لا يمكن جبره أو تجاوزه بأي حال من الأحوال.

إلا أن تحول هذا الخلاف المذهبي والعقائدي (تجاوزاً) إلى معطى سياسي يدخل في طبيعة المعادلات المرسومة للمنطقة، ومن ثم الحديث عن "هلال شيعي" يهدد التوازنات القائمة، ليس في حقيقته أكثر من إعلان تبنّ لما يفكر به الكثيرون من زعماء المنطقة من جهة، ولما يمارسه أشخاص يرتكبون الموبقات الكبار على أرض العراق تحت غطاء أعمال المقاومة في العراق، بما يشوّه حقيقة المقاومة ويجعل الكثيرين يبتعدون عنها بدل التعبير عن التأييد لها والاعتراف بشرعيتها.

والخطير في الحديث عن "الهلال الشيعي" هو طرحه من قبل شخص يعتبر دائماً من الداخلين في صلب المعادلة الأميركية في المنطقة، إلا أن الأخطر فعلاً هو تقديم ما قاله هذا الشخص (الملك الأردني عبد الله الثاني) على أنه نصيحة للولايات المتحدة من مخاطر هذا الهلال على مصالحها في المنطقة، وتأثيره على التوازنات التي تحمي حلفاءها، لأن في هذه النصيحة محاولة ساذجة لتبرئة الإدارة الأميركية من تهمة إثارة النوازع الطائفية في المنطقة خدمة لمخططاتها، وتحويلاً للنزاع (المرغوب به) إلى صراع داخلي بحت، ينبغي على الأميركيين المسارعة إلى منع حدوثه!

وإذا كان في ما قاله الملك الأردني تعبير عما يدور في خواطر الكثيرين من حكام المنطقة الذين يتحفظون عن لعب دور "الناصح" للإدارة الأميركية، فإن تحويل صورة ما يجري في العراق من أحداث إلى صراع (سياسي أو عسكري) بين الشيعة والسنة، يأتي ليتكامل مع دعوة أكثر من مسؤول عربي الأميركيين إلى إبقاء احتلالهم للعراق حفظاً لأهله من "الفتنة" ـ القادمة ـ وهذا ما قد يكشف جانباً من "اللعبة" التي تتنقل مفرداتها من مذابح همجية تجري على الأرض إلى محاولة محمومة لمنع العراقيين من التعبير عن آرائهم ـ ولو بشكل مبتسر تحت وطأة الاحتلال الأميركي ـ لأنه قد يكون في الانتخابات القادمة فرصة لنزع أي شرعية يمكن أن تبقى ـ ولو على المستوى النفسي ـ لبقاء القوات المحتلة على الأراضي العراقية.

لقد تحولت الساحة العراقية في هذه المرحلة إلى مطبخ الأحداث في المنطقة (بعد الإقفال الجزئي للمطبخ اللبناني في الفترة الماضية) وما يجري من تطورات على الأرض العراقية، وحولها في أنحاء المنطقة، يشير إلى مسار خطير تبدو الأمور سائرة فيه، في المرحلة القادمة، يتجاوز استعداء أبناء العراق ضد بعضهم البعض، إلى الانخراط في لعبة تفتيت المنطقة عبر إدخال العامل الطائفي ضمن عوامل التقسيم السياسية والأمنية الأخرى، تمهيداً لتسييد الحلف الجديد الذي يعمل لتشكيله في المنطقة تحت قيادة رئيس الحكومة الصهيونية آرييل شارون.

ويبدو هذا التوجه واضحاً في الاتهامات التي بدأت تكال من هنا وهناك، مستهدفة الدول التي وضعها الملك الأردني في إطار "الهلال الشيعي" بدءاً بإيران واتهامها بالتجسس على مصر، وسعيها لإيقاع الخلاف بين القاهرة والرياض، وصولاً إلى سوريا ولبنان والضغوط الكبرى التي تمارس عليهما من الداخل والخارج بسبب موقفهما من المقاومة ومن المشروع الأميركي بشكل عام، دون أن تتجاوز العراق الذي يعاني من إجرام المتطرفين المتحجرين مذهبياً، ومن إرهاب مسؤولين في الحكومة العراقية (المنصّبة أميركياً) يطلقون تصريحات تمسّ مكوّنات أساسية في تركيبة الشعب العراقي.

وإزاء هذه الخلطة العجيبة ـ المتشابكة المصادر والمتزامنة في التوقيت ـ يبدو أن الجهود المبذولة من قبل القوى الحية على الساحة من أجل تجاوز القطوعات التي تعترض المنطقة بحاجة إلى المزيد من التجذر، حرصاً على مستقبل المنطقة الذي تهدده قوى خارجية تستعين بأدوات داخلية تصل في "رقيها" إلى مستوى الملوك!.

محمود ريا

تراجيـ ـ كوميديا

يكاد المسرح اللبناني يصبح متخصصاً بذلك الفن الذي يمكن تجاوزاً أن نطلق عليه فن "التراجيـ ـ كوميديا"، حيث تتواتر الأحداث وبتقلب غريب بين المضحك والمبكي، وبين المفرح الذي يحمل في طياته أقسى وأقصى لحظات الحزن.
نشوة "الحرية" تتزامن مع الحرقة الناجمة عن عدم القدرة على التحرك إلا وفق "الاستشارات الملزمة" القادمة من الخارج، وقِمة "السيادة" تترافق مع قُمة الوصاية التي تكاد تقطع الهواء عن السياديين الجدد قبل أن تقطعه عن المعادين الذين يفترض أن يكونوا غير مرتاحين نتيجة الأجواء الجديدة.
أما "الحقيقة" فتكاد تضيع مع تشتت الاهتمامات ونشوء العديد من القضايا التي تتطلب كل واحدة منها حقيقتها الخاصة بها، فتختلط الحقائق بالشائعات، ويذهب "الصالح بعزا الطالح"، ولا أحد يعود يعرف "مين الضارب ومين المضروب".
أما أقصى الحركات التعبيرية في هذا المسرح اللبناني العجيب فقد أداه عنصر الـ"أف بي آي" الذي كان راكعاً على ركبتيه وهو يبحث عن جزء من دليل أمام سيارة الراحل جورج حاوي.
طبعاً لم يسأل أحد من هو هذا "الممثل" وماذا يفعل هنا، ومن أعطاه الدور، وما هو "الكاراكتير" المرسوم له، لأن اللبناني لم يعد له علاقة بالإخراج، ولا بصنع الأحداث على مسرحه، بل إن شأنه هو فقط متابعة الأحداث التي يرسمها المخرج الهوليودي، وينتقي لها من يريد من الممثلين، فـ"يضحّي ببعضهم" ويبقي آخرين على لائحة الانتظار.

محمود ريا