الأربعاء، سبتمبر 17، 2008

الحوار.. و"طاقة الفرج"


يلتئم شمل اللبنانيين الى طاولة جديدة، تحمل لهم الأمل بحل خلافات مستعصية، ومشاكل صعبة، وبمواجهة تحديات مزمنة وأخرى مستجدة، وبالبدء في مقاربة قضايا هامة لا يمكن التهرب منها بعد الآن.
يلتئم الشمل الى طاولة حوارية حقيقية، قابلة للتوسع بالحضور، كي تضم أوسع مجموعة من الأطياف اللبنانية، كما هي قابلة للتوسع في مواضيع النقاش لتكون مطبخاً حقيقياً للبنان الجديد، لبنان الذي يتعالى على كل الجراح، ويقوم على قاعدة ثابتة واضحة لا تتزعزع ولا تتزلزل.
إنها حقيقة واقعة، هي حقيقة الاجتماع وحقيقة التباحث والتحاور، وحقيقة تلاقح الأفكار وتبادل وجهات النظر، وحقيقة السعي للحلول والبحث عن مخارج.
وليس من المقبول أن يتم التشكيك بهذه الحقيقة، لأن مجرد إلقاء الظلال عليها هو نوع من الاستهزاء بمشاعر اللبنانيين، ومحاولة للقضاء على آمالهم التي يضعونها مرة بعد مرة، ودون يأس ولا تردد، في هذا النوع من اللقاءات التي تجمع القادة الذين يفترض فيهم وضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار.
ولا يمكن في يوم مثل هذا اليوم استعادة التجارب الماضية والتنقيب في "الدفاتر العتيقة" واسترجاع المواقف السابقة والتصريحات المحبطة والمثبّطة، والحديث عن نيات مبيّتة والتعوّذ من شر جن الداخل وجن الخارج، ومن وسوسات الشياطين الذين لا همّ لهم إلا إحباط أي محاولة للتوصل إلى نتائج ترضي اللبنانيين، لأن الحديث عن كل هذه الأمور سيخلق غيمة من التشكيك وغلالة من التوجس وغمامة من اليأس فوق رؤوس اللبنانيين الذين باتوا ـ من ناحية ـ ينظرون إلى كل كوّة في جدار الأزمة على أنها "طاقة الفرج"، ومن ناحية أخرى يرون في كل حبل مرمي في الأرض أفعى تستعد للدغهم، من كثرة ما تعرضوا للّدغ من القريب والبعيد والحليف والصديق قبل الغريم والعدو.
جلسة الحوار الثلاثائية ليست مربط الفرس، فهي مجرد بداية، ولكن على ما سينتج عنها يتوقف نجاح الخطوات التالية واللقاءات القادمة والحوارات المنتظرة، فهل يمكن الحلم بنتائج حقيقية من هذا الحوار؟
محمود ريا