الجمعة، ديسمبر 19، 2008

غزة: اليوم ترعد الحناجر


كتبت عن غزة والحصار المفروض عليها حتى ظننت أنني لن أكتب بعد، ونعيت الأحرف التي تهدر على أبوابها وأنا أرى كل ما يُكتب تذروه الريح كالهشيم، وعشت حالة من اليأس التي تودي إلى التسليم بالعجز عن فعل أي شيء.

واليوم يبدو الوضع مختلفاً..

قد لا تكون الكلمات التي كُتبت هي وحدها التي رسمت خطاً أبيض على صفحة أمتنا السوداء، وقد لا تكون التصريحات وحدها هي التي تحولت بتوحدها صرخة تهز جدار الحصار، وقد لا تكون التظاهرات، اليوم وبالأمس وفي الغد، هي التي ستكسر القضبان التي تحيط بأبناء شعبنا الفلسطيني، ولكن كل هذه النقاط الصغيرة ستتحول إلى طوفان سيفجر الحصار والمحاصَرين، ليعيد بسمة لطفل جفت شفاهه من العطش، والنور لعجوز ترغب ببعض النور في آخر أيام الحياة.

اليوم يلتقي الجميع ليقوموا بفعل، ليعلنوا بجلاء، الرفض المطلق لما يرتكبه الأعداء، ولما يفعله العملاء، ولما يصمت عليه "الأشقاء".

اليوم ترعد الحناجر، وتجتمع القلوب على كلمة واحدة: لا صمت بعد اليوم على الحصار، لأن الصمت على الحصار حصار.

اليوم تعلن الأمة أن فيها قوة فاعلة، وأنها قادرة على تغيير وجه التاريخ، وعلى أن ترسم بالقبضات وبالنبضات وبالصرخات وبالدموع وبالدماء طريقاً جديداً مختلفاً، غير ذلك الطريق الذي يرسمه المجرمون لغزة ولأهل غزة ولفلسطين ولكل فلسطين وللعرب والمسلمين.

إنه يوم فصل، يوم يحمل الحلم بهزيمة "إسرائيل"، ولو عبر دلو ماء يلقيه كل مسلم على هذا الكيان ليجرفه إلى مكانه الذي يستحقه في التاريخ.

إنه يوم الصرخة الكبرى، يوم النداء الذي لن تستكين الصرخات بعده، ولن تسكت الأصوات.

كلنا لكِ يا غزة..

كلنا لفلسطين..

محمود ريّا