السبت، أكتوبر 07، 2006

الساحة البيروتية: حركة لتعديل "المزاج" والانحياز إلى الثوابت



تعيش الساحة البيروتية حراكاً سياسياً مثيراً للاهتمام في ظل حالة من الاستقطاب الحاد الذي عاشته على مدى الأشهر الماضية. وإذا كان التشنج السياسي ـ مستتبعاً بتشنج ذي وجه طائفي ـ قد فعل فعله في صفوف الجماهير البيروتية في الفترة الأخيرة، ولا سيما في ظل محاولات تصعيد هذا التشنج، فإن مبادرات عديدة شهدتها الساحة البيروتية في الفترة الأخيرة دفعت إلى الحديث عن إمكانيات تنفيس للاحتقان، المفتعل حيناً، والعفوي المتناغم مع تطورات الأحداث أحياناً أخرى.‏
ولعل في ما جرى من تطورات ميدانية خلال الأيام الماضية يشير إلى أن حالة الاحتقان وصلت في هذه المرحلة إلى إحدى ذراها، فالحوادث الصغيرة التي يشهدها هذا الشارع أو ذاك، والهتافات التي تتصاعد من مدرجات ملاعب كرة القدم، تعبر عن وجود نوع من النفَس التحزبي الذي قد يتطور إلى شعور انقسامي وعنصري طائفياً ومناطقياً بما يؤدي إلى عواقب وخيمة.‏
إلا أن هذا الاتجاه ليس هو الغالب، لأن هناك مبادرات عديدة شهدتها الأيام الماضية أيضاً هدفها إزالة هذه التشنجات، أو التخفيف منها على الأقل، بما يعيد الصراع إلى إطاره السياسي البحت، بعيداً عن انقسامات الشوارع واحتكاكاتها التي قد تؤدي إلى الانفجار.‏
فمن المبادرة التي أطلقتها الجماعة الإسلامية على المستوى الوطني من خلال الكلمة التي ألقاها الأمين العام للجماعة في إفطار الأربعاء الماضي، إلى المبادرة الأخرى التي أطلقها الاجتماع الدوري لرؤساء الوزراء السابقين، إلى ما تشهده منطقة الشمال من حركة لجبهة العمل الإسلامي، والتي تنعكس بشكل أو بآخر على الشارع البيروتي، يبدو أن هناك اتجاهاً لأخذ الأمور إلى طريق غير الذي يحاول البعض الإيحاء أنها سائرة فيه، يضاف إلى ذلك طبعاً ما يلاحظ من تردد في لهجة التصعيد السياسي لدى الفريق العامل بقوة في الشارع البيروتي، بحيث أن التصعيد الذي يشهده خطاب يوم، يوازيه تهدئة بحدود معينة في اليوم التالي، مترافقاً مع تحركات سياسية تهدف إلى لملمة الأجواء، بما يشير إلى حالة من التجاذب تفرض نفسها على قيادة هذا الفريق وتجعله حائراً بين اعتماد خيار التصعيد "المفروض" عليه، وبين الركون إلى الحقائق السياسية التي تفرض عليه التعاطي مع الطرف الاخر إذا كان يرغب بالحفاظ على الهدوء في البلاد.‏
وترى مصادر مطلعة في الشارع البيروتي أن هذا الشارع لا يمكن أن ينجرف في خيارات نارية، لأنه غير متعود أصلاً على هذه الخيارات، كما لا يمكنه أن يبقى محشوراً في خيارات معينة إذا كانت هذه الخيارات تعمل على قيادته في اتجاه مخالف لعقائده السياسية التاريخية سواء على المستوى الديني أو على المستوى القومي والوطني، وأن لديه القدرة على وقف الانحدار في الكيانية والانغلاق، حتى ولو كان هذا الانحدار هو الخيار السائد أو الأكثر نجاعة لتحقيق أهداف سياسية آنية بعيداً عن المصلحة العليا.‏
وتضيف هذه المصادر أن حالة الممانعة التي تشهدها الساحة البيروتية هي في العمق أكثر تأثيراً من التفاصيل التي ظهرت في الفترة الماضية ـ سواء في مبادرة الجماعة أو في مبادرة الرؤساء السابقين ـ وأن النقاشات الدائرة في أكثر من موقع تركز على كيفية الخروج من خيارات معينة تحاول قوى خارجية قيادة الفريق العامل بقوة على الساحة البيروتية إليها، بالرغم من تناقض هذه الخيارات مع مبادئ أهل بيروت ومع مصلحتهم العليا في الآن نفسه.‏
وترى هذه المصادر في مبادرة الجماعة الإسلامية حول المقاومة محاولة لإخراج هذه القضية من زواريب النقاش الضيقة، ووضعها في موقعها السامي الذي لا يستطيع أهل بيروت إلا أن يضعوها فيه، وهم الذين كانوا على مدى الأيام يحملون رايتها ـ بغض النظر عن لونها ـ وقدموا تضحيات كبرى من أجلها. وهذا الوضع نفسه يتمثل في مبادرة رؤساء الوزراء السابقين، ولا سيما فيما يتعلق بموضوع المقاومة وموضوع حكومة الوحدة الوطنية، بما يعني بروز تلاوين مهمة في الموقف البيروتي تختلف عن الموقف الجامد الذي يعبر عنه الفريق السائد من هذين الموضوعين.‏
وتقول هذه المصادر إنه بالإضافة إلى موقف الجماعة ورؤساء الحكومة السابقين المشترك في رفضه أي توتير على الساحة البروتية، وفي سعيه إلى قنوات تنفيس للضغوط النفسية المتبادلة، فإن التيار السائد على الساحة البيروتية ليس بعيداً عن العمل على عدم الوصول بالأمور إلى أي انفجار، لأن هذا الانفجار ليس في مصلحة أحد، ولا يمكن لأي قوة عاقلة في أي منطقة من لبنان أن تسعى إليه، وإذا كان هناك بعض الموتورين الذين لا يمكن أن يعيشوا إلا على الفتنة وعلى التفريق بين الناس، فإن أصحاب المشاريع الحقيقية هم المتضررون الحقيقيون من أي توتير ينزل إلى الشارع، وهم المعنيون بمنع أصحاب الأغراض من تحقيق أغراضهم.‏
وإزاء هذه الحقائق التي بدأت تعكس نفسها على الوضع البيروتي نوعاً من التهدئة والـ"ترييح"، يبدو أن الأيام القادمة ستشهد تحركات أخرى تعبر عن مزاج عام بدأ يعلو صوته في الشارع البيروتي، وفي شوارع أخرى ملحقة به وقريبة منه، يقوم على أساس البحث عن نقاط الالتقاء مع الآخرين، ولا سيما في الخيارات السياسية الكبرى، بغض النظر عن مدى قدرة التيار السائد على التفلّت من الضغوط والارتهانات التي تكبّله، وعن الطموحات التي تحكم بعض القائمين عليه، والتي قد لا تعبر عن الهدف النهائي لهذا التيار وللجمهور البيروتي بشكل عام.‏
محمود ريا‏

يئست.. انهزمت



خطّطَت، سمعَت فرحت، جاءت، قُبّلت، ائتمرت، ذهبت، ما عادت، غادرت، فشلت، فوجئت، صدمت، حزنت، انكفأت..
شُحذت، مُدحت، خططت، صرحت، عزمت.. عادت، اجتمعت،
تآمرت، تعشّت، (أفطرت)، التقت، جمعت، فرّقت، وزّعت، أمرت، عبست، ضحكت، رسمت وَعَدت ووُعِدت.‏
أيام مرّت، الخطط انهارت، الأحلام تبخرت، الشعوب أفشلت، المقاومات تصدّت، المشاريع تدحرجت، صاحبتها أحبطت، أيامها عدّت، وإلى بلدها رجعت.‏
ربما عادت، ربما من جديد حاولت، ربما.. ربما.‏
ولكنها يئست وأحبطت، وتهاوت، وبحقد أسود صرخت.‏
رايس جاءت، رايس راحت، رايس سافرت، رايس طارت، رايس غطّت، في العواصم حطّت، تلمّظت وتمطّت، ولكنها فشلت.‏
"الشرق الأوسط الجديد" أسقط، و"الفوضى الخلاّقة" خلقت عكس ما يريد مثيروها، و"الغموض البنّاء" لعب به الأعداء، وأكثر ما نجح في تطبيقه "العملاء"، والمشاريع سفّهت.‏
واأسفاه..‏
رايس بحملها ناءت، وبأحلامها غرقت، وبوساوسها انحشرت..‏
واأسفاه..‏
رايس فشلت..‏
رايس يئست..‏
رايس.. انهزمت.‏
محمود ريّا‏