الاثنين، مايو 16، 2011

مجلس التعاون... أي تعاون؟



محمود ريا

تنتاب المراقبين الحيرة وهم يقلّبون وجوه القضية، فلا يصلون إلى جواب شافٍ.

المسألة معقدة فعلاً، وتستحق كل هذا الوقت من التفكير.

فأيّ اسم يمكننا أن نطلق على هذا التجمّع الجديد؟

بالأمس عندما التقت المصلحة على تجميع مصر والعراق واليمن والأردن، اهتدى الدبلوماسيون إلى اسم: مجلس التعاون العربي.

وعندما اجتمع الخليجيون لسبب، وهم ما كانوا ليجتمعوا من أجل مصلحتهم ومصلحة أمّتهم، سمّوا أنفسهم باسم مجلس التعاون الخليجي.

ولكن اليوم ماذا نسمي التجمع الجديد؟

كيف يمكن أن نجمع الدول الخليجية مع الأردن مثلاً، تحت اي مظلة؟ وأي تسمية نطلقها لجمع هذه الدول كلها مع المغرب؟

هل سيبقى المجلس يحمل اسم "مجلس التعاون لدول الخليج العربية"؟ وبأي حق؟

هل سيجد جهابذة الدبلوماسيين العرب صيغة تجمع كل هذه المتناقضات الجغرافية تحت مسمى جديد؟

أم سيتركون المهمة للذين أوعزوا إليهم بتشكيل هذا الكيان الغريب، كي يقوموا هم أيضاً بتسمية المولود الجديد؟

بعد كل هذه التساؤلات، حول الاسم والشكل، يأتي السؤال الحقيقي حول المضمون وحول الهدف وحول التوقيت.

ما الذي استدعى هذه الحماسة لـ "توحيد الطاقات العربية" بعد عقود من العمل السري والعلني لإحباط أي مسعى توحيدي عربي، وبعد دفع مليارات الدولارات لتقسيم المقسّم وتفتيت المفتّت، وتدبير المؤامرات التي تستهدف الدول ذات التفكير الوحدوي والمشروع القومي؟

أي "وحي" هبط فجأة على أمراء القبائل والعشائر وشيوخ الأجباب والأفخاذ والعوائل كي يبدأوا بطرح المشاريع العابرة للأقاليم والمتجاوزة حتى للقارات؟

هل فكّر هؤلاء الملوك والأمراء مثلاً أن ملياراتهم تسمح لهم بحفر فروع للخليج تصل بمياهه الدافئة إلى شرق الأردن، أو شق قنوات بين هذا الخليج والبحر المتوسط، بما يسمح لمياههما بالاختلاط والامتزاج، فيغسل ملك المغرب رجليه بالمياه الخليجية، ويصبح أهلاً للانضمام إلى هذه التجربة التعاونية؟

أيّا كان السبب، فإنه بلا شك سبب وجيه هو ذاك الذي يدفع مشايخ الخليج إلى إضافة المزيد من عناصر التأزيم والاضطراب والاختلاف إلى سلّة المشاكل والمخاطر التي تعيشها دول الخليج، وهي سلّة مترعة أصلاً بالقضايا الكبرى التي لم ينجح المجلس الخليجي في حلّ أيّ منها في يوم من الأيام.

وحتى عندما أراد المجلس أن يتدخل بقضية ما، فإنه تدخل بغباء وبقصر نظر وبعنف في مسألة البحرين، ليحوّل مشكلة داخلية إلى أزمة إقليمية، وليخلّف آثاراً سلبية وعوامل اضطراب كامنة في المنطقة كلها.

كل هذه الوقائع تشي بأن "فكرة" توسيع مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليست فكرة محلية، وليست من بنات أفكار الملك الفلاني أو الأمير العلاّني، وإنما هي "من فوق"، أي من دوائر السياسة الغربية ـ والأميركية تحديداً ـ ومن اقتراحات الذين يريدون تجميع طاقات الملوك في خدمة المشروع الأميركي في المنطقة.

إذا كان من تعاون يريد الأميركيون لدول مجلس التعاون أن تتعاون فيه على شيء ما، فهو بالتأكيد ليس تعاوناً على البر والتقوى، وإنما هو تعاون على الإثم والعدوان.