الاثنين، يونيو 02، 2008

المستوزرون ودولاب الحظ






تتغير التشكيلات بين لحظة وأخرى، ويدور "دولاب الحظ" صاعداً وهابطاً، آخذاً بطريقه فرص من ينامون ووجوههم سوداء، ليستيقظوا على أمل الحصول على بعض حقيبة، أو حتى على رجاء الحصول على لقب وزير، دون نظر إلى الوزارة والموزّر والوزر الذي سيحملونه نتيجة توزيرهم

الحكومة تأخذ بلبّ الطامحين، تسحق لحظاتهم، تسرق بسمات شفاههم وتسلب النوم من عيونهم، يتسقّطون الأخبار، يراجعون كل التشكيلات التي تنشر في الصحف وعلى المواقع الالكترونية وفي المحطات التلفزيونية، ولا يكفيهم ذلك، فيلجأون إلى قراءة ما يكتبه ودع التبصير، وحوافي فناجين القهوة، ويبحثون عن منجّم في أقاصي الأرض، عسى أن يستطيع دفع أسمائهم إلى تشكيلة هنا، أو تركيبة هناك، وإذا "ما كان صحيح بيكون فال منيح".

بلد ينام المسؤولون فيه على وسادة المالية ويستيقظون على غطاء العدل، يبحثون عن نعيم الاتصالات، ويسعون وراء فوائد الطاقة، الصحة حلم بعضهم، والزراعة (حقيبة بلا فعل) تبقى همهم، والصناعة (بلا صناعيين) ترضيهم، والشؤون الاجتماعية (في ظل وضع اجتماعي في أسوأ حالاته) لا تغيب عن بالهم.. بلد كل همّ الطامحين فيه أن يكونوا في جنّة الحكم، يبدّلون من أجله كل ولاءاتهم، ويبيعون كل مبادئهم وينقلون انتماءاتهم.. بلد لا ينظر فيه الطامع إلى ما يقدّمه بل إلى ما يحصل عليه، هذا البلد ما يزال يحتاج إلى الكثير كي يصبح دولة فيها أصحاب دولة، وأصحاب معالي، ووزراء يؤازرون، لا باحثين عن أي موقع يبقيهم في دائرة الضوء، حتى يحجزوا مقاعد نيابية لهم في انتخابات كل العيون ترنو إليها وكل القلوب تهفو إلى نتائجها.

عجيب أمر الطبقة السياسية التي تحكم هذا البلد، عجيب كيف يتقاتل المنتمون إليها على البروز أكثر فأكثر، فيما يرمون هموم الناس الذين يتحدثون باسمهم في الظل والعتمة والإهمال، يلعبون بالقضايا الكبرى كي يؤمنوا لهم حضوراً، ولا يجدون حرجاً في أن يحرقوا بلداً كي يستعيروا جمرة للهوهم.

من لا يعرف لبنان، قد يجد أن الصورة المعروضة سوداوية جداً، والذي يعيش فيه يوقن أن هذا بعض حقيقة أولئك الذين يستمرئون البحث عن الألقاب والمواقع والمنافع، والذين يعرّضون صدورهم عندما يكون الحديث عن مكاسب، فيما هم يختفون بين ركام الأحداث عندما يكون الوقت وقت تقديم التضحيات.


ما زلنا نبحث عن لبنان الذي نصبو إليه، وما يزال هؤلاء يريدون لبنان الذي عرفوه على مدى عقود، وهذا هو الصراع الحقيقي بين جيلين وبين منطقين، بين مستقبل واعد بالعدالة والمساواة والمشاركة وماض مغلّف بشعارات برّاقة وممارسات مغرقة في التخلف والاستئثار والتبعية.

ولا بد أن ينتصر المنطق على اللامنطق..

محمود ريا