السبت، يوليو 21، 2012

إسرائيل "تقتنع".. خوفاً من الثمن

 

أي بركان ستفجره "إسرائيل" في وجهها، وأي زلزال ستعرّض كيانها له إن فعلت ما تقول إنها ستفعله؟

محمود ريا
الولايات المتحدة "أقنعت" إسرائيل بعدم مهاجمة ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية.
هذا الخبر الذي ورد في رسالة قصيرة من أحد مزودي الأخبار المحليين فتح الأفق على أسئلة كثيرة، تزيد عن عدد الكلمات القليلة التي تحملها الرسالة.
ولعل السؤال الأكبر هو كيف يمكن لطرف ما أن يقصف مخازن الأسلحة الكيماوية في بلد آخر، دون أن يحسب حساب الأضرار التي ستلحق بالمدنيين الموجودين في مناطق قريبة من أماكن هذه المخازن؟ ألا يمكن اعتبار هذا القصف جريمة إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية؟
إن استهداف "مخازن الأسلحة الكيماوية" يؤدي إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا في مساحات شاسعة من الأراضي، أفلا يحسب القاصف حساب ذلك؟
والجواب عن هذا السؤال يبدو بسيطاً بالرغم من فجاجته: من يأمن العقاب لا يحسب أي حساب.
وإذا كان هذا السؤال المركزي والمهم يحمل جوابه في طيّاته فإن هذا لا ينفي أنه يولّد أسئلة أخرى لا بد من الوقوف عندها:
أيّ عقاب مثلاً تأمن منه "إسرائيل" عند ارتكابها لهذه الجريمة المحتملة؟
هي طبعاً تأمن عقاب الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتأمن عقاب الولايات المتحدة والغرب، وتأمن عقاب جامعة الدول العربية والأنظمة العربية، وربما تأمن عقاب الشعوب العربية التي بات الضياع يأكل الكثير من قدرتها على ملاقاة العدوان الصهيوني بالغضبة الكبرى.
مقابل هذه الضربة الإسرائيلية المفترضة ليس هناك حرب عربية على المعتدي، وليس هناك عقوبات دولية عليه، ولا هناك إدانة ولا تنديد، وربما لا تظاهرة غاضبة أو تصريح منتقد.
الجو كله مطبّع، الأمور كلها مرتّبة، وسائل الإعلام لعبت دورها.. وليس هناك أي خشية من هذا الأمر.
إلا أن ذلك لا يُعفي من عقاب آخر، هو ماثل وممكن، لا بل مرجح ومؤكد.
أي بركان ستفجره "إسرائيل" في وجهها، وأي زلزال ستعرّض كيانها له إن فعلت ما تقول إنها ستفعله؟
إذا ذهب آلاف الضحايا في سوريا نتيجة عدوان صهيوني من هذا النوع، فكم سيكون الثمن الذي سيدفعه المستوطنون الصهاينة جرّاء ذلك؟
أي كابوس ـ فوق مستوى التخيّل ـ سيُطبق على من اتخذ قرار الضربة، وعلى من نصّبه عليه، ومن ثم على كل من وافق على هذه الخطوة الخرقاء المجنونة؟
بعيداً عن "الثمن الأخلاقي" الذي قد لا يدفعه الصهاينة (في عصر لا أخلاق فيه)، فإن هناك ثمناً آخر، حقيقياً ودموياً وداهماً، سيكون على الصهاينة تأديته منذ اللحظة الأولى لانطلاقهم في مسيرهم نحو المجهول.
يصبح مضحكاً حديث الأميركيين عن "إقناعهم" قادة العدو بأن لا يضربوا مخازن الأسلحة الكيماوية السورية"
إزاء هذا الواقع، يصبح مضحكاً حديث الأميركيين عن "إقناعهم" قادة العدو بأن لا يضربوا مخازن الأسلحة الكيماوية السورية".
ومع أن وجود أسلحة من هذا النوع في سوريا يبقى في إطار الافتراض، ولا دليل عليه، وهو في موقع النفي من القيادة السورية، فإن "العقاب" لن يتوقف عند كون الضربة موجهة إلى مخازن الكيمياويات، بل هو سيكون الرد على أي ضربة من أي نوع ومن أي حجم داخل سوريا أو في المحيط.
مضحك تبجّح الأميركيين بقدرتهم على إقناع الصهاينة، بينما الواقع يدعوهم إلى تذكيرهم بالثمن فقط، كي يتحوّلوا من سباع ضارية، إلى ثعالب، تضع أذيالها بين أرجلها، وتولّي الأدبار.

الجمعة، يوليو 13، 2012

استثمار في مستقبل الصين

 
يعمل العدو الصهيوني على التغلغل بهدوء وبشكل متصاعد في المجتمع الصيني، عبر الكثير من الوسائل، ومنها مراكز الدراسات


محمود ريا

خلال متابعة مراكز الدراسات العاملة في الصين، كانت المفاجأة.

في هذا البلد الكبير أكثر من عشرة مراكز دراسات تعنى بالشأن اليهودي، وبعلاقات الصين مع "إسرائيل"، وباليهود في الصين، وبكل ما له علاقة بما هو عبري، ثقافةً وسياسةً واقتصاداً وتاريخاً ومستقبلاً.

وتتمدد مراكز الدراسات هذه على بقعة جغرافية كبيرة جداً، متخذةً من الجامعات الكبرى في الصين مهداً لها.


فهذا معهد الدراسات اليهودية في جامعة مدينة نانكين، يقول التعريف عنه إنه درّب الكثير من الأشخاص الذين يحملون رتبة بروفسور، وهم يعلّمون الآن في مختلف أنحاء الصين. والمهم أن المعهد يملك حق منح شهادات الدكتوراه لطلابه.


أما مركز الدرسات اليهودية في شانغهاي فهو واحد من أهم المراكز الفاعلة في اختصاص "الثقافة اليهودية، التاريخ، و"إسرائيل المعاصرة".

وهناك مدرسة الدراسات اليهودية في جامعة هينان التي تمنح شهادات الماستر، ومركز الديانة اليهودية والعلاقات بين الأديان في جامعة شاندونغ الذي نشر أكثر من سبعين كتاباً وأربعمئة وأربعين ورقة بحثية وترجم حوالي ثلاثين كتاباً في اختصاصه المتركز على "الدراسات اليهودية"، خلال حوالي عشر سنوات.

وفي السياق نفسه يأتي مركز الدراسات اليهودية والصينية في جامعة سيتشوان للدراسات الدولية، والذي يعمل على "تقديم فهم أفضل للشعب اليهودي والثقافة اليهودية في الصين" كما يقول تعريفه.

يضاف إلى هذه المراكز مركز الدراسات حول العلاقات الدولية في جامعة يوننان، ومركز اللغة العبرية والدراسات الثقافية في مدرسة اللغات الشرقية في جامعة بكين، ومركز الدراسات اليهودية في أكاديمية هيلونغجيانغ للعلوم الاجتماعية، وغيرها الكثير من مراكز الدراسات.

هل من جديد في هذه المعلومات المفاجئة؟

لا يبدو أن هناك أمراً جديداً بشكل فعلي، فالصهاينة يجدون موطئ قدم في كل مكان، فلماذا لا يكون لهم ذلك في الصين؟


يعمل العدو الصهيوني على التغلغل بهدوء وبشكل متصاعد في المجتمع الصيني، عبر الكثير من الوسائل، ومنها مراكز الدراسات، وهذا ما عبّرت عنه الصفحة المخصصة بعرض عناوين مراكز الدراسات المتخصصة بإسرائيل واليهود في الصين. وتقول هذه الصفحة "إن قطاع الدراسات اليهودية في الصين ما يزال صغيراً، ولكنه مجال يتوسع بشكل دائم".

وليس أمراً مثيراً للدهشة القول إن الكيان الصهيوني يبذل جهوداً جبارة من أجل تنمية هذه المراكز ودعمها وتقديم كل التسهيلات لطلابها من الصينيين كي يتابعوا دراساتهم، أو كي يقوموا بدراسات تطبيقية في فلسطين المحتلة، في سياق دراساتهم في هذه المعاهد.

إنه بناء يقوم على مهل، دون ضجة، وبلا توقف، لجيل من الأكاديميين الصينيين الذين يتحوّلون إلى جزء من آلة دعائية كبرى للصهاينة في بلد المليار والنصف مليار نسمة، فضلاً عن إمكانية تحوّل هؤلاء الأكاديميين إلى موظفين ومن ثم مسؤولين في إدارات الدولة الصينية.

وهذا شيء طبيعي جداً.

الأمر غير الطبيعي موجود في مكان آخر، على الضفة الأخرى من الشرق الأوسط، عند العرب تحديداً.






 أي مراكز دراسات عربية موجودة في الصين، أو تنسّق مع الصينيين، وأي جيل صيني جديد متفهّم للقضايا العربية تبنيه هذه المراكز؟

أي مراكز دراسات عربية موجودة في الصين، أو تنسّق مع الصينيين، وأي جيل صيني جديد متفهّم للقضايا العربية تبنيه هذه المراكز؟

أي فرصة نضيّعها نحن العرب، بأموالنا وطاقاتنا، من أيدينا، من خلال استمرار تجاهلنا للعملاق الصيني الذي بدأ بالاستيقاظ؟

ألا يدري المتحكمون بالعالم العربي أن من يستثمر في مراكز الدراسات والأبحاث في الجامعات الصينية، هو يستثمر في مستقبل الصين، وبالتالي في مستقبل العالم ككل؟

هلاّ تعلّمنا من عدوّنا؟

تمنيات الغرب الروسية: مجرد دعابة


الدليل على هزء سيرغي لافروف بنظرائه الغربيين هو الجملة المفيدة الأخرى التي أتبع بها حديثه عن الدعابة والمازحين

محمود ريا
6-7-2012

 

يتطلب المزاج الرائق "فضاوة البال" والخلو من المشاكل والفراغ من الاستحقاقات الطارئة والبعد عن المحطات التي تقرر المصير.
فإذا كان الواحد منا مبتلى بكل هذه العقبات دفعة واحدة، فكيف له أن يكون قادراً على المزاح، وإلقاء الدعابات؟
في أميركا اليوم كل هذه المشاكل دفعة واحدة:
انتخابات رئاسية مصيرية بعد أشهر، تراجعات هنا وهناك في أنحاء العالم، تنّين صيني ودب روسي يتهجّمان على "أطراف المملكة الأميركية العظمى" ومشاكل إقليمة ومحلية لا تُعدّ ولا تُحصى؟
وفوق ذلك هناك اقتصاد يتداعى، يخرج من أزمة ليدخل في أزمة أكبر، والمديونية تتصاعد، وطبع الدولارات بلا حساب لم يعد ورقة رابحة في أيدي الرأسماليين الأميركيين.
في أوروبا الوضع صعب أيضاً:
الأزمات الاقتصادية تكاد تودي بالكثير من البلدان إلى الإفلاس. وليس المقصود "بلدان الأطراف" فقط، وإنما حتى البلدان المركزية، وصولاً إلى بريطانيا وفرنسا، ولا تبقى إلا ألمانيا ـ إلى حد ما ـ فوق الغربال.
هذه الوقائع تكشف حقيقة واحدة: ليس عند أحد من هذه الدول "مزاج المزح والتنكيت وإلقاء الدعابات".
ما بال وزير الخارجية الروسي إذاً يرمي بعض الدول الغربية بتهمة إلقاء الدعابات في هذا الوقت العصيب؟
ما باله يقول إن طرح هذه الدول بأن تستقبل روسيا الرئيس السوري بشار الأسد كلاجئ سياسي هو مجرد دعابة.
إن ما يقوله المسؤول الروسي (المغضوب عليه غربياً) لا يمتّ إلى المزاح بأي صلة.
إنه كلام يهزأ من دول الغرب أكثر مما يعبّر عن انسجامه مع "المزاح" الذي يطلقونه بين حين وآخر.
الدليل على هزء سيرغي لافروف بنظرائه الغربيين هو الجملة المفيدة الأخرى التي أتبع بها حديثه عن الدعابة والمازحين.
لقد قال بصراحة إن الذين يغذّون الأزمة السورية يقودون الأمور إلى حرب كبيرة جداً.
وعندما تنطلق من شفاه الروس كلمة حرب، يجب على كل الوجوه أن تشدّ قسماتها، وأن تمتنع حتى عن وضع شبح ابتسامة على الشفاه.
 

 في الوضع الذي نحن فيه، تأخذ كلمة حرب معاني أكبر من أي تصوّر مسبق عند الجميع، فكيف إذا أتبعها المسؤول الروسي بوصف هذه الحرب بأنها "كبيرة جداً"

في الوضع الذي نحن فيه، تأخذ كلمة حرب معاني أكبر من أي تصوّر مسبق عند الجميع، فكيف إذا أتبعها المسؤول الروسي بوصف هذه الحرب بأنها "كبيرة جداً".
الروس الذي يسمعون "الدعابات الغربية" لا يضحكون لها، بل يواجهونها بعبارات صارمة جداً في الظاهر، تتوازى مع ضحك في الباطن.. على مطلقيها.
روسيا ليست في وارد التخلي عن الموقف المبدئي الذي اتخذته من الوضع في سوريا، وليست في مجال الاستغناء عن الموقع الاستراتيجي لسوريا على الخريطة العالمية.
إنهم لا يفهمون هذه الحقائق الثابتة، إنهم ـ ربما ـ لا يريدون أن يفهموها.
في كل يوم يخرج علينا مسؤول غربي، أميركي أو أوروبي، أو مسؤول إقليمي، عربي أو تركي، ليتحدث عن تغيير في الموقف الروسي.
وفي كل يوم يخرج لافروف، أو غيره من المسؤولين الروس، ليقولوا لهم: لا تغيير في الموقف الروسي.
ملّ الروس من تكهّنات وتمنيّات الغرب وأتباعه في المنطقة، فلم يجدوا حلاً إلا في اعتبار أن ما يقوله هؤلاء لا يتجاوز كونه.. مجرد دعابة.