الجمعة، مارس 30، 2007

بدء تلقي التعازي

قالوا إن في الولايات المتحدة مجانين يحكمون، وعاقلين ليس بيدهم شيء أمام ما يحصل.
وإذا كان جورج بوش وفريقه هم ـ بلا منازع ـ يمثلون الفريق الأول، فإنه عند ذكر الفريق الثاني ترد إلى الأذهان أسماء شخصيات أميركية لامعة عملت في الشأن السياسي وتعمل الآن في مجال الدراسات والأبحاث.‏
فشخصيات مثل زبيغنيو بريجنسكي وهنري كيسنجر تعتبر اليوم في الولايات المتحدة من الشخصيات اللامعة التي يسأل الجميع عن رأيها في مختلف القضايا، ولا سيما بعد أن عبرت هذه الشخصيات عن مواقف أقرب إلى العقلانية فيما يتعلق بالغزو الأميركي للعراق، ولو بعد خراب البصرة.‏
إلا أن الذين "يخلعون" صفة العقلانية على هذه الشخصيات يجب أن يصيبهم اليأس من وجود هذه العقلانية في "المؤسسة الأميركية" وفي محيطها، بعد قراءة هذا الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الروسية نوفوستي عن صحيفة "روسيسكييه فيستي"، عدد 10، عام 2007.‏
يقول الخبر: اقترح فريق من أساتذة الجامعات والمفكرين والسياسيين الأميركيين بمن فيهم هنري كيسنجر وزبيغنيو برجينسكي وفرانسيس فوكوياما وستوب تلبوت، على حكومة الولايات المتحدة الأميركية أن تعتمد إستراتيجية جديدة تجيز استخدام القوة ضد دول "مارقة" ودول "فاشلة"، أي ضد أي دولة لا تروق سياستها للولايات المتحدة.‏
ودعا واضعو ما يسمى "مشروع بناء عالم الحرية والشرعية" إلى نبذ القانون الدولي العام الذي تعتمد عليه منظمة الأمم المتحدة، وتشكيل "حكومة عالمية" تقودها الولايات المتحدة الأميركية، من حقها تأديب أي دولة لم تحصل على العضوية في "نادي الديمقراطيات".‏
انتهى الخبر، يجب بدء تلقي التعازي بـ"العقلانية" في السياسة الأميركية.‏
محمود ريا‏

بيلوسي إلى دمشق: هل تفتح أذنيها جيداً؟؟


بيلوسي استبقت جولتها بتوجيه تحذير واضح إلى الرئيس الأميركي تقول له فيه: "انتبه هناك كونغرس جديد عليك رؤيته"

هل تشكل زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى العاصمة السورية دمشق يوم الثالث من نيسان/ أبريل المقبل "انهياراً للقطيعة بين دمشق وواشنطن" كما وصفها وزير الإعلام السوري محسن بلال في حديث إلى شبكة الـ "بي بي سي" مذكراً بـ "موقف بيلوسي الرافض للحرب الاميركية على العراق"، أم أنها رحلة لتشديد الضغوط على سوريا في اللحظات الخيرة قبل حصول تطورات واسعة النطاق في المنطقة كما يرى بعض المراقبين المتشائمين الذين يتحدثون عن اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش قرار الحرب على إيران ويذكرون بـ "المساعدة" التي قدمتها بيلوسي له والتي تتمثل في رفض ربط تمويل الحرب على العراق بالامتناع عن شن أي عملية عسكرية على إيران؟‏
تبدو الإجابة على هذه التساؤلات مرتكزة على الكلمات التي ستصدر عن المسؤولة الأميركية ـ الأعلى مستوى التي تزور دمشق منذ سنوات ـ وإن كان يمكن استشفاف أجوائها من خلال الزيارة التي بدأها اليوم ثلاثة من كبار الأعضاء في مجلس النواب إلى العاصمة السورية والتي اعتبرت كتمهيد لزيارة المسؤولة الأميركية.‏
مصادر أميركية تحدثت عن "تحدٍ" قامت به بيلوسي من خلال هذه الزيارة التي لم يوافق عليها البيت البيض الأميركي في البداية، ولكن مسؤولي الإدارة عادوا للرضوخ والقبول بها مطالبين بيلوسي بـ "توجيه رسالة قوية إلى دمشق" فيما يتعلق بالوضع في لبنان وسوريا والمنطقة بشكل عام.‏
وكانت بيلوسي قد استبقت الزيارة التي تأتي في إطار جولة في المنطقة تشمل إضافة إلى سوريا كلاً من لبنان والأردن والسعودية وفلسطين المحتلة بتوجيه تحذير واضح إلى الرئيس الأميركي تقول له فيه: "انتبه هناك كونغرس جديد عليك رؤيته" وذلك رداً على التهديد الذي وجهه بوش باستخدام الفيتو ضد التشريع الذي سنّه الكونغرس والذي يربط تقديم أموال إضافية للحرب الأميركية على العراق بتحديد موعد إلزامي للانسحاب في آذار/ مارس من العام المقبل.‏
ولعل حجم الأذى الذي يحس به بوش من "الرسائل" التي توجهها له رئيسة مجلس النواب يمكن قياسه من خلال الكلمات الساخرة التي أطلقها رداً على سؤال حول كيف سيتمكن من التعامل مع خصمته الديمقراطية، حيث قال بوش إنه "استطاع قبلاً التعامل مع والدته"، وذلك خلال حفل العشاء السنوي لمراسلي وصحافيي الإذاعة والتلفزيون الذي أقيم الليلة قبل الماضية.‏
وتأتي زيارة بيلوسي إلى دمشق بعد أقل من شهر على زيارة إيلين سوربري مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة إلى دمشق لمناقشة قضية اللاجئين العراقيين فيها.‏
وكالة آكي الإيطالية نقلت عن بعض المراقبين عدم استبعادهم أن تكون الزيارة للمسؤولة الأمريكية علامة على احتمال ذوبان الجليد بين واشنطن ودمشق، مذكرة أن الولايات المتحدة تقيم علاقات دبلوماسية مع سورية، لكن الإدارة الأمريكية استدعت سفيرها مطلع 2005 ولم تعيّن بديلاً عنه.‏
وفي ظل كل هذه المعطيات يصبح القول إن الولايات المتحدة تعيش حالة من الحيرة الحقيقية في تعاملها مع دمشق أكثر احتمالاً للمصداقية، ولاسيما في ظل المعلومات التي تحدثت عن كون ما حصل في قمة الرياض العربية خلال الأيام الماضية من لقاءات واتصالات مع الرئيس السوري ينصب في إطار محاولة "القوى العربية المعتدلة" لتغيير الموقف السوري من التطورات في المنطقة وجعله أكثر بعداً عن الموقف الإيراني، وبالتالي أكثر قرباً من الموقف العربي ـ الأميركي.‏
زيارة المسؤولة الأميركية تؤكد أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وأن سوريا متشبثة بمواقفها، ما دفع الآخرين الذين كانوا يحاصرونها إلى السعي إليها من أجل "الاطلاع على مواقفها" مثلما صرح مقربون من رئيسة مجلس النواب الأميركية في تبريرهم لرفضها التراجع عن قرار زيارتها للعاصمة السورية.‏
فهل تفتح المسؤولة الأميركية أذنيها جيدا لما ستقوله سوريا؟‏

محمود ريا‏