الجمعة، مايو 12، 2006

لقاء مع الجنرال



لم يمنع ضيق المكتب الذي يشكل "غرفة العمليات الخاصة" بالجنرال ميشال عون من إظهار مساحة الترحيب الكبيرة التي بدأت بقراءة تهكمية لمنشور يستهدف تياره البرتقالي، وانتهت بحديث "على الواقف" عن "الأورانج تي في" محطة التيار التي يفترض أن تشهد ولادتها حركة عملية مع نهاية هذا العام.
ربما توحي الخرائط الكثيرة على جدران المكتب بأن "غرفة العمليات" انتقلت من اليرزة إلى الرابية، ولكن كتب القانون باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنكليزية، التي أخذت مكانها البارز في صدر المكتب تدل على أن ما يقرأه الجنرال اليوم ليس كتب الحرب والتكتيك العسكري، وإنما كتب السياسة والدستور والقانون الناظمة للحياة العامة في لبنان.
اللقاء الذي لم تفارقه العفوية على مدى ساعة ونصف، كان غزيراً حيوياً، دون انفعال أو استفزاز، ربما لأن الجنرال مرتاح، وهو يعرف ماذا يريد، وإذا كانت العوائق كبيرة أمام تحقيق أهدافه، فهذا لا يضيره كثيراً، لأن ما يهدف إليه لا يريده لنفسه، وإنما من أجل القيام بنهضة يرى أنه حان وقتها في هذا البلد الذي لم يعد يحتمل المتاجرة به في سوق الوصايات الدولية.
من أجل ذلك يرى الفرق بينه وبين "غيره" ملخصاً باختلاف بين من يريد في هذا البلد أن تسود قيم الوطن والمواطن، فيما يرى أن هذا "الغير" يريد أن تبقى العلاقة علاقة شركة وزبائن، وشتّان بين هذين النوعين من العلاقات.
البسمة الأكبر عند الجنرال تتلمسها عندما يتحدث عن التفاهم الذي وقعه مع "السيد حسن" كما سمّاه أكثر من مرة في اللقاء، إذ أن هذا التفاهم ألغى أي إمكانية لعودة لبنان إلى الوراء، وألغى بشكل نهائي إمكانية حصول أي فتنة في لبنان، وخلق استقراراً يقوم على مبدأ قبول الجميع بالجميع وأرسى قواعد لم يستطع مؤتمر الحوار أن يخرج عنها، فتبناها ولو معدّلة في أكثر من مكان وحول أكثر من قضية.
ولماذا لا يبتسم، طالما "أننا نمثل ثمانين بالمئة من الشعب اللبناني بامتداد على ثمانين بالمئة من الأرض اللبنانية؟"، وطالما "أننا اخترقنا الحاجز الطائفي؟".
لدى الجنرال حديث كثير عن الأكثرية والأقلية، وعن المجلس الدستوري والطعون، وعن العلاقات مع سوريا التي ثبت في موقفه منها على مدى السنوات فيما "الآخرون هم الذين غيّروا مواقفهم"،
ماذا لو وصل "الجنرال الثالث" إلى بعبدا، وماذا سيتغير؟
الإصلاح، سيتحقق الإصلاح الذي يريده اللبنانيون، قد تكون هناك مرحلة صعبة، ولكنها مرحلة محدودة بوقت، وبعدها يكون.. الفرج.
محمود ريا