الأحد، سبتمبر 07، 2008

الشمس طالعة والناس (قاشعة)

ظن البعض أنهم من فصيلة الفيلة، وأنهم بإمكانهم أن يحجبوا نور الشمس بحجمهم، وأنهم يقبضون على القدر، فيسيّرونه كما يشاء، فانتفخوا.. وانتفخوا.. وانتفخوا.. حتى انفجروا، وعادوا كما هم بحجمهم الحقيقي، غير مرئيين، أو غير محسوبين.

قد تكون هذه مصيبة، ولكنها تبقى مصيبة سهلة ومحمولة أمام المصيبة الأكبر، وهي أن هؤلاء لم يروا حجمهم الطبيعي.. وما زالوا يعتقدون أنهم قادرون على إخفاء الشمس برؤوس أنوفهم.
يطلقون كلمات هي كالنكات، و"يقبضونها جد"، ويا ويل من لا يتعامل مع كلامهم على أنه جزء من المقدسات، بل يا ويل من يجرؤ على القول لهم: يا جماعة، أنظروا إلى الشمس فهي مشرقة، وانظروا إلى الناس فإنها ترى كل شيء (رحمك الله يا جدتي، فقد كنت ترددين دائماً: الشمس طالعة والناس قاشعة).

تلقوا الصفعة تلو الصفعة، و"شربوا المقلب" وراء المقلب، ولكنهم لم يرعووا بعد، ولم يعرفوا حقيقة أنهم بكل ما يقومون به لا يمكن أن يغيروا حرفاً من المكتوب، فـ(المكتوب ما منه مهروب).

أجمل نكاتهم تلك التي تعتبر أن لا شيء يتحرك في الكرة الأرضية إلا بإذنهم، أو بعد رضاهم، وبعد أن حصلت العواصف حولهم أحسوا ببعض ريحها، فصاروا يعتقدون ان لا شيء يتحرك في الكون.. إلا بعد أخذ رأيهم.

تلقوا الصفعة تلو الصفعة، وما زالوا غافلين، كأنهم مخدرون، أو كأنهم ينتظرون.

ماذا ينتظرون؟

لو أن لديهم القليل من الإدراك لاستقرأوا الماضي البعيد والماضي القريب.. السنوات الماضية والأسابيع الماضية، ولعرفوا أن ما ينتظرونه ليس أكثر من وهم، من سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.

لو أن لديهم قليلاً من الواقعية لعرفوا أن وزيراً فرنسياً لن يأتي إلى لبنان ليسألهم رأيهم في ما سيفعله رئيسه في دولة أخرى، لأن رئيسه ذهب إلى هناك بحثاً عن مصلحة بلاده، وليس من أجل مصلحة أحد، أياً كان، وبالتحديد هؤلاء الواهمين.

لو كانوا يعلمون أن جدتي قالت منذ زمن (من جرّب المجرب كان عقله مخرّب).
محمود ريا