الجمعة، نوفمبر 14، 2008

الندم قادم


السيد بوش نادم..
والندم أتى متأخراً بعض الشيء، وربما يشرح أسبابه بشكل أفضل في كتابه الذي ينوي إصداره بعد خروجه من البيت الأبيض وذهابه إلى تكساس التي يعشقها، والتي يرغب في الالتقاء بأصدقائه القدامى فيها.
إلا أن انتظار الكتاب الذي قال إنه سيضمّنه تفصيل لحظات اتخاذ العديد من القرارات الحاسمة في فترة ولايته، لا يمنع التوقف عند مسألتين أساسيتين أبدى سيد البيت الأبيض (حتى هذه اللحظة) ندمه عليهما.
المسألة الأولى يمكن اعتبارها ركناً من أركان حكمه خلال السنوات الماضية، وندمه عليها يعني أنه نادم على كل لحظة قضاها منذ عام 2003 حتى اليوم في الحكم.
إنها الجملة الشهيرة التي غطت خلفية خطابه الذي ألقاه على متن بارجة حربية بعد أشهر قليلة من بدء العدوان الأميركي على العراق، وهو الخطاب الذي كرر فيه الجملة ذاتها، ومفادها: المهمة انتهت.
هو لم يقل فعلاً إن النصر قد تحقق، وإن الحرب قد انتهت، ولكن كل الأجواء الاحتفالية التي رافقت تلك اللحظة التاريخية كانت توحي بهذا المعنى، وتشي بالإيحاءات الهوليودية التي تعودناها في الأفلام السينمائية الأميركية.
وبعد خمس سنوات من تلك اللحظة، ظهر أن الفيلم لم ينتهِ بعد، وأن البطل لم يُتح له أن يطلق صيحة النصر، وأن المهمة لم تنتهِ، ولذلك فإن بوش نادم.
أما المسألة الثانية التي ندم عليها بوش فهي قوله (عن "الإرهابيين"): عليكم بهم.
هو لم يندم لأن هذا القول يصدر من نفسية تكساسية قائمة على تجاوز كل القوانين والأعراف في تصيّد الأعداء، وإنما ندم لأنه تفوّه بهذه الكلمات في العلن، فقد نبهته السيدة الأولى (زوجته) إلى أنه رئيس الولايات المتحدة، وأنه لا ينبغي له التحدث بهذه الطريقة.
هل يكون هذا الندم هو مقدمة للندم الأكبر الذي عبرت عنه مجموعة من المتطوعين طبعت نسخة مقلّدة من صحيفة "نيويورك تايمز"، وكان الخبر الرئيس في العدد منقسماً إلى ثلاثة أقسام: حرب العراق انتهت، بوش يحاكم بتهمة الخيانة العظمى، ورايس تعتذر بسبب الكذب في شأن أسلحة الدمار الشامل العراقية.
ربما على السيد بوش أن يندم فعلاً عندما يرى أن كل ما كان يحلم به قد انهار، من دون أن يأتيه وحي ما يعلّمه كيف يتعامل مع هذا الندم.

محمود ريّا