الجمعة، يوليو 18، 2008

بعد أن عادوا


فرحنا، وعشنا لحظات ما كنا نحلم بها، وذرفت عيوننا من دموع الفرح ما أنسانا كل دموع القهر والألم التي خسرناها على مدى السنوات.

الفرح غير محتمل، طبعا، يفوق كل وصف، أكيد، خارج أي تخيّل مفهوم، لأنه نصر واقعي، حقيقي، ملموس نعيشه ونتنفسه ونسبح في بحره ونطير في سمائه.

الأسرى، كل الأسرى اللبنانيين عادوا.. وعقبى لأسرى فلسطينيين سيحررون قريباً، وأسرى ما يزالون على قائمة الانتظار.

والجثامين عادت، لترتاح الأرواح في العلى، فلا أسر لسجان ولا عزلة لجثمان، وكل قبر عليه اسم، لا رقم أو كلمة مجهول.
لقد عشنا هذه اللحظات، وهي كذلك، برغم أنها في عمر الزمن الحقيقي ساعات وأياماً، ولكن ما نشهده فيها يجعلنا ننام على فرحة لنستيقظ على أخرى، في "عرض متواصل" يذكرنا بالكلمة المفتاحية الحاسمة: انتهى عصر الهزائم وبدأ عهد الانتصارات.

واليوم ما زلنا في غمرة أجواء الفرح والفخر بهذا الانتصار الكبير، ولكن هذا لا يمنعنا من سؤال يحمل أهمية حقيقية، بالرغم من استهلاك البعض له بطريقة كاريكاتورية هزلية: إلى أين؟

طبعاً، ليس المقصود هو إلى أين تسير الأمور في البلاد والمنطقة، فهذا أمره محسوم، إلى مزيد من الانتصارات والإنجازات.
المقصود هو إلى أين سيتجه ملف الأسرى الذين عادوا بالأمس، والأسرى الذين عادوا قبلهم والذين مرت عليهم سنوات حتى الآن، دون أن يحصلوا على بعض تعويض ولو رمزياً على المعاناة التي مروا فيها في سبيل تحرير الأرض؟

إذا لم تكن دولتنا دولة الوفاء لمن قدّموا من أجل تحرير أرضها وحماية حدودها واسترجاع سيادتها، فما معنى الاحتفالات والاستقبالات والخطب والكلمات؟

حدث بحجم استرجاع كل الأسرى يستدعي فتح ملف الأسرى المحررين بشكل جدي ولمرة واحدة وأخيرة، كي نكون دولة حقيقية، دولة تعرف فضل من يعمل من أجلها.
محمود ريا