السبت، يوليو 26، 2008

حرائق في كبدي


تحترق قلوبنا ونحن نرى شجرة تحترق، فاحتراقها يعني نهاية حياة ونهاية عطاء وضياع كمية كبرى من الهواء النقي الذي نحتاج إليه، نحن الذين بتنا نعيش بلا هواء.
تحترق قلوبنا أكثر ونحن نرى المساحات الخضراء تتقلص في بلادنا، تتقلص حتى تكاد تصبح أثراً بعد عين، ويتحول تغنينا بلبنان الأخضر إلى مهزلة مضحكة مبكية، حيث لا خضرة ولا ما يُتغنى به، بل ربما لا لبنان بات موجوداً من الأساس.
ويتحول حريق القلوب إلى التهاب في المرارة عندما نعلم أن بعض ما يحصل من حرائق، ولا نقول كلها كي نترك للقدر بعض دور، هو من فعل فاعل، أي من يد شخص عاقل راشد بالغ يقوم عن سابق إصرار وترصد بإحراق غابة كاملة كي يشعل سيجارة، أو كي يحقق أي هدف آخر لن يكون بأهميته ـ مهما كان ـ أكثر من أهمية إشعال سيجارة قياساً بالأضرار التي يسببها للبيئة وللمجتمع وللإنسان.
ويتفاقم الوضع إلى التهاب بالكبد عندما نرى العجز الفاضح لأجهزة الدفاع المدني في التعاطي مع هذه الحالات النارية نتيجة ضعف التجهيزات والإمكانيات على المستويين البشري والمادي، ونتيجة عدم وجود طرق داخل الغابات للسماح لما هو موجود من إمكانيات بأن يقوم بدوره في تقليص حدة الحرائق، إذا لم يتمكن من إنهائها بشكل كامل.
إلإ أن كل هذه الأوجاع والحالات الأليمة تصبح سهلة ومحتملة عند ما يسببه من ألم خبر يقول إن طوافة واحدة قبرصية تمكنت من إخماد معظم الحرائق اللبنانية بسرعة وبسهولة، ومن دون أي تكاليف أو مخاطر يتعرض لها رجال الإطفاء وقد تودي بحياة بعضهم.
كيف يمكن القبول بأن يطلق على لبنان لقب دولة وبلد، وهو غير قادر على شراء طوافة، طوافة واحدة لا غير، يمكنها أن تنهي هذه المعاناة من أساسها؟
ليست هذه أول سنة يطالب فيها اللبنانيون بطوافة تحمي خضرتهم من أن تذروها الرياح هشيماً، ولا يبدو ـ للأسف ـ أنها ستكون السنة الأخيرة.
محمود ريا