الاثنين، يناير 30، 2006

زلزال حماس: ترتيب جديد للبيت الفلسطيني

زلزال سياسي، انقلاب، صدمة، مفاجأة.. كلها تعابير استخدمت خلال الساعات الماضية لوصف الحدث الكبير الذي تمثل بالفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية الأربعاء وأعلنت نتائجها شبه النهائية أمس الخميس.
وإذا كانت ردود الفعل الفلسطينية على حصول حماس على حوالي ثمانين مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي المئة واثنين وثلاثين توزعت بين تحرك رسمي لمواكبة تداعيات النتائج وتعبير شعبي عن الفرح بنجاح هذه التجربة الديموقراطية فإن ما صدر من مواقف عن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعكس حجم الصدمة التي تعرض لها القياديون في تل أبيب وواشنطن والعواصم الأوروبية المختلفة بعد الإعلان عن هذه النتائج.
ولعل أكثر ما يعبر عن هذا الشعور بالصدمة هو ظهور الفشل الذريع الذي لحق بتوقعات قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية في توقعاتهم لنتائج هذه الانتخابات، حيث كانت المصادر الأمنية المعادية لا تعطي حماس أكثر من ثلاثين بالمئة من الأصوات وهو الأمر الذي ثبت خطؤه الكبير.
وإزاء هذا الفشل تداعت القيادات الأمنية الصهيونية إلى اجتماعات عقدت ابتداء من ظهر الخميس من أجل تقييم ما حصل وتوقع نتائجه، وتزامنت مع اجتماعات طارئة مكثفة عقدتها الحكومة الصهيونية والقيادات السياسية المعادية للسبب نفسه، في حين توقعت مصادر مطلعة حصول خلافات واسعة في الداخل الصهيوني على خلفية الفشل الاستخباراتي في توقع النتائج.
الرد الأولي للمسؤولين الصهاينة صدر من رئيس الوزراء إيهود اولمرت وعدد من الوزراء وأعضاء حزب كاديما (شمعون بيريز) والأحزاب الأخرى، وقد أجمعت مواقف هؤلاء على التعبير عن الاستياء من النتيجة، وعلى رفض "التفاوض" مع حماس، وإن كانت المواقف الحقيقية والنهائية لن تصدر قبل انتهاء الاجتماعات التي عقدت مساء أمس واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل.
وكما كانت الصدمة في الأوساط الصهيونية فإنها عكست نفسها على الإدارة الأميركية التي سارعت للتعبير عن غضبها من النتائج وقال الرئيس الأميركي جورج بوش "ان الحزب السياسي الذي يريد البقاء هو الحزب الذي يسعى إلى الحفاظ على السلام".
أما على الجانب الفلسطيني فالسعي الآن هو لترتيب الأوضاع بعد النتائج، وكان ملفتاً "الاتصال الدافئ" الذي أجراه رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي عبر له فيه عن "حرص حماس وتمسكها بالشراكة مع كافة القوى الفلسطينية ولاسيما الإخوة في حركة فتح".
هذه الأجواء "التصالحية" عبر عنها القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية بشكل أكثر تفصيلاً حين قال إن إجراء محادثات مع حركة فتح حول احتمال قيام شراكة سياسية بينها وبين حماس سيتصدر سلم أولويات حماس في القريب العاجل. وأضاف هنيّة أن حركة حماس ستبدأ بإجراء مشاورات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة فتح وأحزاب فلسطينية أخرى حول تشكيل الحكومة.

عون: الطريق الثالث.. المستحيل

بين العداء المتأصل للموالاة والتناغم المستجد مع معارضيها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"لا حرب ما دام القادرون على إقامة الحرب لا يريدونها.."
هذه القاعدة التي يرددها العماد ميشال عون في الأيام الأخيرة من أكثر من منبر سياسي وإعلامي أتبعها مؤخراً بجملة اعتراضية لافتة عبّر عنها بقوله: "... ولكن الوضع خطير جداً، وهناك أطراف داخل الحكومة تدفش باتجاه الانفجار وتحرض على الحرب، ومن هم خارج الحكومة هم الذين يمنعون هذه الحرب".

يحاول التيار الوطني الحر شق "الطريق الثالث" على الساحة المحلية، ويعلن أنه بمواقفه التي يتخذها وتحركاته التي يقوم بها ولقاءاته التي يعقدها إنما يسعى جاهداً لمد خيوط الحوار مع الجميع بحيث لا يجنح أحد لتصنيفه أنه مع هذا التيار أو ذاك، أو يقف في صف وجهة النظر هذه دون تلك من وجهات النظر التي تتفاعل إلى حد التصادم على الساحة. ولكن هل ينجح في ذلك؟
يقول مراقبون لما يجري أن التيار العوني لم يستطع بأي حال من الأحوال الخروج من عقدة العداء لتيار الموالاة في لبنان، هذا العداء الذي يقوم على ثابتتين أساسيتين يصعب تخطيهما أو التساهل إزاءهما:
الثابتة الأولى تتمثل في التنافس الشرس المفعم باللحظات التاريخية التي لا تنسى مع القوات اللبنانية التي تشكل اليوم أحد "أثافي" التحالف الحاكم، مع تيار المستقبل واللقاء الديموقراطي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط.
وما يحصل من إشكالات يومية بين الطرفين في أكثر من منطقة وجامعة ومدرسة وحيّ أكبر من يخفى على وسائل الإعلام التي تورد بعض ما يحصل في حين يتم العمل على "ضبضبة" الكثير إعلامياً منعاً لزيادة التوتر وصولاً إلى انفجار الأوضاع.
والمشكلة في التنافس بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أنه لا يقف عند حدود الواقع الحاضر فقط، وإنما يستمد قوته من ماضٍ مشبع بالدماء التي سالت كما لم تسل في أي معركة أخرى على الساحة اللبنانية، وهو ينطلق نحو مستقبل لا أحد يعرف صورته طالما بقي هذا التياران "يحتكران" إلى حد كبير التمثيل المسيحي في جبل لبنان.
أما الثابتة الثانية التي تثير العداء العوني تجاه الموالاة الحاكمة فهي رفض "الالتحاق" بهذه الموالاة على قاعدة بقاء القرار في يد الطرف المقابل، وهذا ما تشدد القيادة العونية دائماً أنها مدعوة إليه، بمعنى أن ما يقدم لها من أجل التفاهم مع "الأكثرية" هو أن تسلّم قرارها لهذه الأكثرية دون أي معالجة للمشاكل التي أسست حالة العداء في الماضي، من الانتخابات النيابية التي "سرق" فيها الانتصار الكامل في الجبل والجزئي في الشمال، إلى محادثات تشكيل الحكومة حيث كان المطروح إعطاء التيار العوني بعض الوزارات الهامشية دون قدرة على المشاركة في القرار، وصولاً إلى المعارضة الشرسة لطرح اسم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، دون أن ننسى "تسونامي" والتصريحات التي تستهدف التيار العوني والتي لم تخفّ حدّتها حتى في عز مرحلة التودد "الأكثري" للتيار العوني تنفيذاً لإرادة السفارة الأميركية في عوكر.
وهكذا يبدو أن ما سعت إليه هذه السفارة من تجميع لقوى الرابع عشر من آذار قد ذهب أدراج الرياح، وخصوصاً مع إعلان عون نفسه رفضه لما طرحه عليه البعض من تشكيل جبهة لتنفيذ ما تبقى من القرار 1559.
ولكن لماذا يرفض عون تشكيل جبهة لتنفيذ القرار الذي سعى جاهداً هو لصدوره كما أكد أكثر من مرة؟
أجاب جنرال الرابية على هذا السؤال بنفسه عندما قال إنه لن يقبل "إلا باقتراح دائرة حوار للوصول إلى حل مقبول ومشرّف لكل الأطراف".
أي حوار هذا الذي يدعو إليه العماد عون، في حين أن المبادرات الكبرى على المستوى الإقليمي لم تستطع حتى الآن اختراق حالة الرفض الأميركي لوصول الأطراف اللبنانية إلى توافق على القضايا الخلافية؟
تبدو هذه الدعوة بمثابة إعلان موقف مبدئي، أكثر منها خارطة طريق حقيقية إلى حل الأزمة، ما يجعل الجنرال أمام معضلة الاختيار بين الوقوف على الحياد المطلق في الصراع الدائر، أو "التنسيق الكامل" مع الطرف الآخر للمعادلة اللبنانية، أي حزب الله وحركة أمل، رغم استمرار الخلافات حول العديد من القضايا مع قطبي هذا الطرف.
تبدو المعادلة صعبة، ولكن لا بد من ملاحظة حضور نائبي تكتل الإصلاح والتغيير سليم عون وعباس هاشم حفل تخريج طلاب التعبئة التربوية لحزب الله، وحديث عون نفسه عن الرهائن الأجانب في لبنان واعتباره أنهم "لم يكونوا ملائكة وإنما جواسيس برتبة ديبلوماسي أو أكاديمي" وتأكيده على الحل الداخلي لمسألة سلاح المقاومة.
كل هذه المعطيات توحي أن التيار الوطني الحر يعرف تماماً ما يقوم به، ويتحرك بدقة، وخصوصاً مع قدوم استحقاقات كبرى، المعني الأول فيها هو التيار العوني نفسه، وعلى رأسها بلا شك الانتخابات الفرعية في بعبدا ـ عاليه.
فهل يعني هذا أن التيار العوني حسم خياراته على الصعيد العملي مع الحفاظ على صورة الحياد الإعلامي في التجاذبات التي تعيشها الساحة اللبنانية؟
الجواب على هذا السؤال يكمن في الخيارات التي يطرحها التيار العوني للخروج من الأزمة التي يعشها لبنان والتي تتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية أو في إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهما أمران لا يوافقه عليهما إلا تحالف أمل ـ حزب الله في حين يتعرضان إلى إطلاق نار كثيف "يهدف إلى القتل" من قبل تيارات الموالاة بكل تلاوينها.
محمود ريا

تدريب.. لماذا؟

لم يكن سعادة النائب يرد على سؤال في مؤتمر صحافي أو في مقابلة تلفزيونية.
ينتفي إزاء ذلك الشك بأنه لم يكن يعرف ما يقول، أو أنه أُخذ بالسؤال فقال كلاماً لم يكن متأكداً من صحته، أو مدى دقته.
كان البيان الصادر عن مكتبه مبادرة، أي أنه صدر عن إرادة حرة غير خاضعة لأي ضغط.
بهذا تصبح المعلومات الواردة فيها بمثابة حقائق يقينية لا تخضع لجدال.
وبالتالي فإن البيان الصادر بعد ذلك لتكذيب البيان الأول يفتقد للمصداقية، طالما تم الاعتراف النهائي بمصداقية البيان الأول.
ماذا جاء في البيان "الصادق"؟
"ما حصل في الأرز هوتدريب لمهمة محددة وهي لعناصر الحماية للدكتور سمير جعجع. كذلك في أدما حيث تم تدريب عناصر لحراسة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" بعد التهديدات التي تلقتها."
انطوان زهرا ـ نائب عن القوات اللبنانية.
التكذيب الذي تبع هذا البيان قال إن زهرا نفى من الأساس وجود مخيمات تدريب، وأن الـ "أل بي سي" تحرسها شركة أمنية خاصة.
ليس مهماً السبب الذي أنتج التكذيب، لا ما إذا كان الكلام الأول غير صحيح، أو أن أحداً يريد أن يسلب عنه الواقعية التي تثبتها الوقائع، المهم أن مخيمات التدريب في الأرز وأدما تأكدت بشهادة من "أهل البيت" وأن الحكومة أمام مسؤولية إعلان "الحقيقة" كاملة، كي يطمئن اللبناني إلى ما يحصل في "المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية اللبنانية".
فهل تتحمل الحكومة مسؤوليتها.. ولو لمرة واحدة؟
محمود ريا