الخميس، يناير 03، 2008

فعلوها.. ولكن

فعلوها
أعادوا كل شيء إلى المربع الأول... مربع الفوضى والتأزيم، وأحرقوا كل الخطوات التي حدثت والمبادرات التي قدّمت، وعادوا إلى موقعهم في حضن "الماما أمريكا" بعدما أصبح غطاء الأم الحنون غير قادر على تأمين الدفء اللازم لهم كي يكملوا عملية استئثارهم بالبلد وبمقدراته وبمستقبله.
قيل لهم صعّدوا فصعّدوا، هدّئوا فهدّأوا، الآن وقت المحادثات فطرحوا مناورتهم بترشيح العماد ميشال سليمان وساروا فيها كما كان لهم عادة أن يمشوا في كل مسيرة أن يسيروا فيها، فتكون أيديهم الأعلى وأصواتهم الأكثر صداحاً.
كانوا قبل ذلك قد تبلغوا رفض تعديل الدستور فتباروا بالتعبير عن تمسكهم بهذا "الحصن الحصين"، فهذا رفض العسكري وذاك أقسم على يده بالقطع وثالث خرج بضحكته الصفراوية ليقول لقد قاتلنا وقُتلنا لرفض تعديل لدستور، واليوم لن نقبل بالتخلي عن "هذا التاريخ المجيد" ولن نسمح بتعديل الدستور.
بين ليلة وضحاها جاءت التعليمة، فبلع المتكلمون كلامهم وتراجع المتقدمون إلى الخلف، وباتت مسيرة التعديل هي هدف هؤلاء وهي قمة أمنياتهم وخرج المدّاحون والقوّالون، وهم لم يلحسوا بعد شتائمهم التي أطلقوها من كل حدب وصوب ضد الجنرال الذي باتوا يعرفون الآن أنه الحل.
جاءت التعليمة من جديد: انتهت المناورة، فعادوا على أعقابهم، وبدأت العراقيل ورجعت لعبة التنصل من الاتفاقات والتفاهمات وسحق المبادرات وتصعيد الأوضاع وسوق الأمور إلى الانفجار.
بلا أي خجل، دون أن يرف لهم جفن فعلوها مرة أخرى.
ولا عجب في ذلك.
ماذا يمكن أن ينتظر اللبنانيون من الذين تآمروا عليهم مع عدوهم، وشاركوا في قصفهم بالنار الصهيونية، والذين باعوا قرار بلدهم للأجنبي مرة بعد مرة بعد مرة، وها هم اليوم يعودون ليكونوا شوكة في خاصرة المقاومة وغصة في حلق المواطن اللبناني المفجوع بدولته وبوطنه وبمستقبله؟
ماذا يمكن أن يتوقع الناس من أشخاص تربوا على العيش تحت وصاية الأجنبي والعمل بإرادته والتآمر معه على مصلحة المواطنين؟
أي مصير يكون للوطن إذا بقي هؤلاء متحكمين فيه، مسيطرين على قراره، سائرين به إلى حيث يريدون.
إنهم لا يريدون له إلا الهاوية، ولا يقودونه إلا إليها.
فعلوها مرة أخرى، ولكنهم لن ينجوا بفعلتهم، والتاريخ سيحاسبهم والشعب سيحاسبهم والحقيقة لهم بالمرصاد.
محمود ريا

الصين 2007: الارتقاء

افتتاحية العدد 30 ـ 31 من نشرة "الصين بعيون عربية" الالكترونية الأسبوعية
انتهى عام ويبدأ آخر ومسيرة الارتقاء الصينية لم تتوقف.
في كل خبر تجد الصين، انتاجاً أو تصديراً أو ستيراداً او استهلاكاً أو استثماراً.
باختصار باتت الصين جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي العالمي، لا بل إنها صارت الأرضية التي يتحرك عليها هذا الاقتصاد في كل فروعه، فهي ترفع سعر النفط وسعر المواد الأولية وسعر كل شيء من وسائل الانتاج، وهي تخفض سعر الأدوات الكهربائية والسيارات وكل شيء من أدوات الاستهلاك، وهي تخلق بذلك مشكلة كبرى لكل المنتجين وعلى رأسهم الدولة الاقتصادية الأعظم في العالم ـ حتى الآن ـ (الولايات المتحدة)، وهي الدولة التي تعاني أكثر من غيرها في البحث عن كيفية التعامل مع هذا العملاق القادم.
ربما من اجل ذلك لم يكن غريباً أن تصدر مجلة نيوزويك الأميركية في عدد رأس السنة وعلى غلافها صورة عملاق صيني طويل وهو يضع العالم كرة صغيرة قرب رجله.
هذا ليس الغلاف الوحيد الذي خصصته المجلة الأميركية للصين هذا العام، ولا غيرها من المجلات والصحف الأميركية المختلفة، ما يشير إلى فهم حقيقي لمدى الخطر الذي تمثله الصين على مستقبل الولايات المتحدة.
ولكن التحدي الصيني لا يقتصر على الولايات المتحدة وحدها، وإنما يشمل كل الدول الكبرى في العالم، وليس غريباً أن ينتهي العام مع إطاحة الصين لألمانيا عن موقعها كثالث قوة اقتصادية في العالم، فيما ”يحج“ رئيس الوزراء الياباني إلى بكين وغيرها من المدن الصناعية الكبرى، باحثاً عن صيغة مشرفة لإعلان تسليم الصين موقع القوة الثانية في القريب من السنوات.
لقد انقضى العام 2007 والصين منطلقة بقوة صاروخية أوصلتها على مستوى الفضاء إلى القمر، وقريباً إلى المريخ، وعلى مستوى الأرض إلى قوة اقتصادية عظمى، دون أن تبعدها عن لعب دور مهم على المستوى السياسي، وإن كان دوراً لا يتناسب مع حجم هذا العملاق الذي يدق أبواب القضايا الدولية كلها دفعة واحدة، متحضراً للدخول إليها وإعلان موقفه منها دون ضعف أو تردد.
وإذا كانت قوة الصين تظهر في مقارعتها المواقف الأميركية في كل مكان، وفي سلبها الاعتراف الدولي من تايوان من خلال إقامة علاقات مع معظم الدول التي كانت تعترف بالجزيرة العاصية من قبل، فإن موقف الصين في الشرق الأوسط يبقى المثال الأبرز على الحذر الصيني من الدخول في مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة، وإن كانت الممانعة الصينية بدأت تبرز في الملف النووي الإيراني وفي تأكيد دعم الصين للقضية الفلسطينية.
فهل يلاقيها العرب في منتصف الطريق، ليكون الارتقاء الصيني قوة للعرب بدل ان يكون نقمة عليهم؟
محمود ريا

انتظروا البسمة

تزاحمت المناسبات على اللبناني حتى كادت تجعل كل أيامه في هذه الفترة عطلات وإجازات، ولكنها أبداً لم تنجح في أن تجعل أيامه أعياداً وساعاته ساعات فرح وانشراح.
فقد العيد عند اللبناني معناه وبات يعيش في الفراغ.
اللبناني.. والعيد باتا في فراغ، لا شيء يسده، لا أمل ولا مال ولا رئيس ولا سيادة ولا دستور ولا كيان ولا دولة. أضحى اللبناني يعيش في العدم، ومن العدم، يبحث عن شيء فلا يجد شيئاً، ينتظر حدثاً فلا يرى أي حدث.
والعيد لم يعد مقترناً بصفاته، لم يعد مباركاً ولا مجيداً ولا سعيداً، ونهاية سنة وبداية أخرى لم تعد تشكل محطة لانطلاقة جديدة نحو الأفضل.
إذا نجح هؤلاء المتربعون على سدّة الحكم بالتزوير وبالبهورة وبالدعم الخارجي في شيء، فهو في تمكنهم من خنق التطلع إلى الأفضل في نفس اللبناني، ودفعه إلى الانطواء على ما بين يديه خوفاً من أن يفقد كل شيء.
ولكن..
إن نجاحاً كهذا ليس له نهاية إلا السقوط، فلا التزوير يبقى ولا البهورة تحمي ولا الدعم الخارجي يبقي على الكرسي.
اقتربت نهايتهم، واقتربت أيام العيد الحقيقي برحيلهم عن مواقعهم التي تسلطوا عليها.. ولا بد أن تعود البسمة التي سرقوها إلى الوجوه.
انتظروا البسمة.
محمود ريا