السبت، أكتوبر 06، 2007

ميانمار: خاصرة الصين الرخوة


افتتاحية العدد الثامن عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
ألفان ومئة وخمسة وثمانين كيلومتراً من الحدود المشتركة، 21 مليار دولار أميركي من التبادل التجاري سنوياً، علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية، مشاريع نفطية ضخمة في كلا البلدين، إمكانية بناء مفاعلات نووية.
هذه هي باختصار شديد عناصر علاقة لا يمكن أن تنفصم بين الصين وميانمار، أو بورما كما هي معروفة في ”العالم الآخر“، وهي علاقة مقدّر لها أن تبقى على هذا القدر من القوة أياً كان الوضع الذي ستنتهي إليه الاضطرابات التي شهدتها العاصمة البورمية رانغون (أو يانغون) والعديد من المدن البورمية الأخرى.
هذا ”القدر“ هو المهدد من خلال ما يجري في بورما حالياً، ليس بسسب ما سينتج عن الاضطرابات، وإنما بسبب الظروف الاقليمية والدولية التي تجري فيها.
كل ما يقال عن القسوة التي يتعامل بها النظام العسكري البورمي مع أبناء شعبه صحيح، وربما ما يحصل على أرض الواقع أفظع مما يتسرب إلى لاخارج عبر وسائل الإعلام، وهذه الحقيقة لا يمكن لأحد تجاوزها، وخصوصاً مع المعلومات التي ترد عن الأوضاع الصعبة جداً التي يعاني منها أبناء الأقليات العرقية والدينية في بورما.
إلا أن هذه الحقيقة لا يمكن أن تحجب بالمقابل حقائق أخرى أساسية، أهمها ما يتعلق بالظروف التي اندلعت فيها موجة التظاهرات الجديدة، والخلفيات التي تقف وراءها وما مدى تدخل الدول الأجنبية في إثارتها.
يتفق الكثير من المراقبين على ان العوامل الداخلية والمحلية ليست العامل الرئيسي في تفجّر الأزمة البورمية وإنما هناك الكثير من العوامل المتعلقة بالواقع الجغرافي والاقتصادي لبورما فرضت نفسها على الأحداث ودفعت إلى انطلاق هذه التظاهرات التي راح ضحيتها العشرات من أبناء بورما بين قتيل وجريح.
إلا ان العامل الأبرز في هذه الأزمة حسب المراقبين هو ”العين الأميركية“ الني امتدت إلى النفط المخزون في الأرض البورمية، وإلى السعي الأميركي لجعل بورما ”خاصرة رخوة“ تتكئ عليها لمد يدها إلى ”الإقليم“، ولا سيما أن بورما تقع في موقع استراتيجي في بين الصين والمحيط الهندي وتطل على عمق البر الصيني في أكثر من موقع حيوي.
ومن هنا يبدو هذا التجييش الأميركي للعالم لدفعه إلى الاهتمام بما يحصل في بورما، بمثابة قرار أميركي بإحراج الصين في هذا الملف الحساس لدفعها لأن تتزحزح عن موقعها المميز في علاقتها مع بورما، أو أن تتحمل أوزار ما يحصل هناك أمام العالم، ما يفقدها موقع ”الدولة المسؤولة“ والقادرة على لعب دور في رسم مستقبل العالم.
فأي سبيل ستختاره الصين للرد على هذا ”الهجوم القوي“ الذي يستهدفها، وهل تملك الوسائل التي تساعدها على تحويل هذا الفخ الأميركي إلى عملية تغيير هادئ في بورما يضمن لها موقعها المميز في تلك الدولة؟
الجواب عند الأيام القادمة.
محمود ريا

الباب العالي

عدنا إلى حيث كنا، دارت الدائرة فينا ورجعنا إلى حيث انطلقنا.. والأمل الذي زرعته لقاءات الداخل فينا تكاد تبدده مرة أخرى لقاءات الخارج، ولا سيما تلك التي شهدها القصر (البيت) المسمى أبيض، كما كان يسمى باب السلطان المنخفض جداً في الآستانة بـ"الباب العالي".
هكذا هي الحال دائماً، لقد تعوّدنا على الهبّات الباردة والهبّات الساخنة حتى كدنا لا نفرح لنسمة ولا نعبس أمام لفحة هواء.
يأتون إلى لبنان بعد طول سفر، يعطوننا من طرف اللسان حلاوة، فيعتقد اللبنانيون أن الأمور تسير في سكّة الحل، فيفرحون ويهيّصون ويبنون قصوراً من الآمال، ثم لا يلبث الآتون أن يغادروا إلى "منابعهم" ليتحفونا على رؤوس الأشهاد بما ينفي أي إمكانية لحصول تلاقٍ أو تحقيق توافق.
هذه ليست المرة الأولى التي ندور فيها في هذه الدائرة، إنها "اللعبة" نفسها منذ فترة طويلة: تعقيد فـ"زيارة" إلى البلد تعطي تفاؤلاً، ثم "عودة" إلى الخارج لإطلاق النار من هناك على المبادرات والمبادرين.
لم يعد الوضع يحتمل.
لا بد أن تنتهي هذه "اللعبة".
محمود ريا