الثلاثاء، يوليو 22، 2008

أكبر من كل السياسة والسياسيين


لو رسمنا خارطة للبنان، ووزعنا عليها أجساد الشهداء الذين استعادتهم المقاومة الإسلامية، لكان لكل منطقة نصيبها من هذه الخميرة التي تنضج روح الثورة والمقاومة في أذهان الناس.

توزيع الأجساد على كل نقطة في لبنان، يعني أن المقاومة كانت موجودة في كل نفس لبنانية، في كل حي وعند كل منعطف، ويعني أن هذه المقاومة لم تغادر روح وفكر وعقل أي لبناني ينظر إلى فلسطين كقضية كبرى بل كقضية أولى، لا بل بكونها القضية المركزية للعرب وللمسلمين، ومن بينهم اللبنانيون.

وبالرغم من كل محاولات التشويش على النصر الإلهي المحقق في تموز عام 2006 والمستكمل بالإنجاز الإلهي في تموز عام 2008، فإن أكثر الناس حماسة لإطلاق الأسئلة عن جدوى ما قامت به المقاومة الإسلامية في 12 تموز عام 2006، كانوا أعلى الناس أصواتاً في الاحتفاء بما قامت به المقاومة الإسلامية في تموز 2008، إلى حدّ "تبني شهداء" قضوا في عمليات قامت بها تنظيمات فلسطينية قبل سنوات، وقبل أن يولد المتبنون، أو التنظيمات التي يقودونها.

لا بأس بالتبني، لا بل هو أمر جيد جداً، فهو يدل على أن الاختلاف في الشأن الداخلي لا ينسحب اختلافاً في الخيارات الكبرى للبنان، وأن كل حديث عن توريط يقوم به حزب الله للساحة اللبنانية في ما لا يعنيها هو من قبيل المناكفة السياسية التي لا تلبث أن تنكفئ إذا ما جدّ الجدّ، إلا إذا كان هذا التبني لا ينبع من موقف حقيقي، وإنما هو مجرد استغلال للحظة وتعايش معها إلى أن تقضي الظروف باتجاه غير هذا الاتجاه.

الشهداء لا يتوقفون عند كل هذه المعمعة، هم من كل لبنان، ولكل فلسطين، وهم من كل فلسطين، ومن سوريا والأردن والعراق وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية، هم أكبر من كل السياسة والسياسيين، هم قضوا في الماضي ليكونوا المستقبل الذي رسموه بدمائهم التي ما تزال طرية كأنها الآن نزفت.. وستبقى إلى الأبد.

محمود ريا