الخميس، مارس 20، 2008

تسلّح الصين وتنطّح أميركا

افتتاحية العدد السادس والثلاثين من نشرة "الصين بعيون عربية" الأسبوعية الإلكترونية
مرة أخرى يعود ملف رفع الميزانية العسكرية للصين إلى السطح، وهو مرشح لأن يبقى في مقدمة جدول أعمال العلاقات الأميركية الصينية طوال السنوات القادمة.
لم تكد بكين تعلن عن زيادة الميزانية الدفاعية للعام 2008 بنسبـة 17 بالمئة حتى انتفضت الولايات المتحدة موجهة الانتقادات إلى هذا ”الاندفاع الصيني“ إلى تصعيد الأجواء العسكرية، وإلى انعدام الشفافية لدى رجل الدولة الصيني تجاه الموضوع العسكري.
هذا الكلام الأميركي لاقى رداً مناسباً من القيادة الصينية التي رفضت الانتقادات الأميركية ووجهت بالمقابل انتقادات إلى الولايات المتحدة التي يبلغ إنفاقها على التسلح (480 مليار دولار) أكثر من خمسة أضعاف الميزانية التي تقدرها واشنطن للإنفاق العسكري الصيني (حوالي 100 مليار دولار) وما يقارب عشرة أضعاف الرقم الصيني الرسمي لهذا الإنفاق ( 57 مليار دولار).
والصين تزيد على هذه المقارنة بين الميزانيتين الأميركية والصينية للإنفاق العسكري بالقول إن الصين تزيد إنفاقها لخدمة الجنود ورفع مستواهم المعيشي وليس من أجل شراء الطائرات وتكديس المعدات العسكرية.
وتذكّر الصين البنتاغون أيضاً بأن ما تضعه الولايات المتحدة في ميزانيتها العسكرية لا يشمل إنفاق واشنطن على حروبها المختلفة، والذي بلغ أكثر من ثلاثة آلاف مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية.
إذا بين الأرقام الرسمية الصينية المعتدلة جداً وبين الأرقام الأميركية التي تضخّم هذا الإنفاق، تبقى العقدة الأميركية من الصين على تضخمها، وهي التي تظهر في كل حركة أميركية، وفي كل تقرير عسكري صادر عن أي ذراع من أذرع القوة العسكرية الأميركية، حيث تحتل الصين دون غيرها من دول العالم صدارة لائحة الظهور في هذه التقارير.
وإذا كانت الصين تصر على أن جيشها ليس له أي أهداف توسعية، وإنما هدفه فقط هو حماية الحدود الصينية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، فإن التحديات الكبرى التي تواجهها الصين سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى العلاقة مع الضفة الأخرى لمضيق تايوان، تدفع إلى التساؤل عن مغزى إصرار واشنطن على إظهار الصين بمظهر الوحش الذي يستعد لافتراس العالم، والذي يهدد المصالح الأميركية في الكرة الأرضية.
لا شك أن واشنطن تعلم ان المدّ الصيني بات خارج القدرة على إيقافــه، على المستوى السياسي والاقتصادي ، ولذلك هي تلجأ إلى جعـل العالم ينشغل بالأرقام العسكرية الصينية عن مراقبة أرقام النجاح الاقتصادي الصيني، دون ان تستطيع بذلك أن تحوّل الأنظار عن حقيقة الوهن الذي يصيب الامبراطورية الأميركية على مختلف المستويات.
محمود ريا

الزائر... ولحظة الصفر

لا خبر في ما تناقلته وسائل الإعلام، إنه مجرد تقرير لواقع.. مجرم ذهب لعند سادته المجرمين وعاد ليواصل إجرامه.
لا جديد في هذه الحركة التي حاول بعض الإعلام إصباغ هالة عليها، ووصل البعض إلى السؤال: كيف تستقبل الإدارة الأميركية مجرماً محكوماً عليه بالإعدام وما زال سجله العدلي بلا تنظيف بعد، بالرغم من المحاولات المبذولة أمام القضاء لتنظيفه؟
مجرد طرح هذا السؤال مسيء.
إذا لم تستقبل الإدارة الأميركية ـ كل الإدارات الأميركية والحالية منها على وجه التحديد ـ المجرمين فمن تستقبل؟
إذا لم يكن كل واحد يقع على من هم من جنسه، فعلى من يقع؟
تحتضن إدارة بوش من هم على شاكلتها، وتزيد في احتضانها لهم إذا كانوا من المنفذين المطيعين لمخططاتها، ويصبح الاحتضان يشابه الاندماج إذا كان الزائر من نوعية هذا الزائر الذي راح أخيراً إلى حيث كان يحلم.
قد يكون هناك جديد في ما سيأتي به من هناك.. مجرد جديد في التفاصيل، لأن الخطوط العريضة معروفة: عرقلة، سد الأفق، منع التلاقي، حَجر الحوار.. وتخريب البلد.
هذا معتمد من قبل الزائر، وهو ينفذه مع أقرانه بكل حماسة، ومفردات التنفيذ تتكرر في كل يوم، وتتجدد مع كل مبادرة.
قيل إنه أتى مرتاحاً جداً من زيارته، ولا يمكن الشك بهذه الراحة، فهو قد ذهب إلى أسياده وعاد من عندهم بما يطمئنه على استمرار دوره في معادلة المماطلة والتعطيل والتخريب.
وربما جلب معه خبراً يقيناً حول مستقبل قريب ينتظره هو ومن معه هنا في هذا البلد.
ربما قالوا له إنهم ما زالوا ينوون أن يقوموا بما ترددوا طويلاً في القيام به خوفاً من نتائجه، ووعدوه بأن ما سيحصل سيريحه هو وجماعته وسيجعلهم يحكمون وهم نائمون ملء الجفون.
ربما صار على علم بالسيناريو وبالخرائط، وعلى علم بالدور المطلوب منه ومن اضرابه على الأرض كي يكتمل المخطط.
ربما سامحوه هو وشلّته على تقصيرهم في حق القوة العظمى ووكيلتها في المنطقة في ذلك الصيف الذي أرادوا فيه خلق شرق أوسط جديد، فإذا بهم يرتدّون على أعقابهم أمام مارون الراس وبنت جبيل.
ولكن هذا السماح مرتبط، تماماً ككل سماح من سيد لخادم، بأن يحسن العمل في المرة القادمة.. وهو أعطى وعده هذه المرة.
وكيف يمكن أن يفلت هذه الفرصة من يده، وهو يعلم إنها ـ فعلاً ـ الفرصة الأخيرة؟
لقد رجع حاملاً أحلاماً عريضة، وهو ينتظر لحظة الصفر.
ألا يعلم هذا الخائب ومن معه أن لحظة الصفر ستجعل منهم أصفاراً مهملة.. لو جاءت؟
ألا يعرف أن ما فشل به أسياده قبل الآن لن ينجحوا به الآن، وأنهم ما زالوا يتهيّبون وقد يتراجعون، وعندها لن يكون هناك لا ناصر ولا معين؟
ألا يحسب حساب الأرض التي يعيش عليها، كرامتها وعزتها ورفضها لكل الغزاة ولفظها لكل الأساطيل والمدمرات وحاملات الطائرات؟
لا خبر في ذهابه، ولا خبر في إيابه... وربما لا خبر فيه، فهو في المعادلة الكبرى لا يرقى إلى مستوى الكلمة.. بل خارج المبتدأ والخبر.
محمود ريا