الخميس، سبتمبر 15، 2005

حركة علمائية لبنانية لمواجهة محاولات تفجير الفتنة الطائفية في العراق والمنطقة

تركت التصريحات الطائفية الخطيرة التي صدرت من المسلحين الذين يرتكبون الجرائم بحق الأبرياء في العراق انعكاسات على مجمل المنطقة، حيث تحركت فعاليات دينية وسياسية في أكثر من عاصمة من أجل تدارك الآثار الخطيرة لهذه التصريحات.‏

وفي بيروت رصد أكثر من تحرك هادف إلى منع هذه المواقف المتشنجة من فعل فعلها في الداخل العراقي، ومن ترك أي آثار في الداخل اللبناني نفسه من جهة ثانية.‏

وفي هذا الإطار سجل اتصال أجراه نائب رئيس المجلس لإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني وبشيخ الأزهر في مصر الشيخ محمد سيد طنطاوي جرى فيهما "تشاور في الأوضاع الخطيرة في العراق"، وطالب الشيخ قبلان الشيخين قباني وطنطاوي بـ "التدخل سريعا لوضع حد لما يجري في العراق باسم الإسلام وتدارك تداعيات هذه العمليات الإرهابية والبيانات التحريضية قبل فوات الأوان"‏

الشيخ قباني حذّر بدوره من "وقوع العراق في فخ الفتنة الطائفية ومن التصريحات الطائفية غير المسؤولة".‏

وقال خلال لقائه ممثل هيئة علماء المسلمين العراقيين في الخارج الدكتور محمد عياش كبيسي: "ان التصريحات الطائفية التي سمعناها بالامس في العراق لاقت استنكارا من هيئة علماء المسلمين ومن كل المراجع السنية والشيعية في العراق، كما استنكرت، في الوقت نفسه، عمليات الابادة التي قامت بها القوات الاميركية في تلعفر".‏

واضاف: "ان الولايات المتحدة الاميركية المحتلة للعراق هي المسؤولة عن كل ما يجري اليوم فيه من صراعات وقتل وتدمير وفتن طائفية, واننا ننبه الى ان مشروع الدستور العراقي الذي يخرج العراق من عروبته سيكون هو الباب الكبير للفتن التي ستغرق العراق في مزيد من الصراعات في المستقبل".‏

ودعا "أبناءنا واخواننا العراقيين ومرجعياتهم, سنة وشيعة, الى اظهار المزيد من الوحدة الاسلامية في وجه المحتل الاجنبي الذي يعمل لبقائه في العراق باغراق البلاد في دوامة الصراعات الطائفية".‏

الكبيسي‏

وقال الدكتور الكبيسي بعد اللقاء: "نقلنا الى سماحته صورة ما يجري في العراق وللاسترشاد بارأئه. وقد لمسنا من سماحته متابعته الدقيقة للاحداث التي تجري في العراق".‏

سئل: هناك تخوف من فتنة طائفية في العراق خصوصا بعد بيان ابو مصعب الزرقاوي فما رأيكم بذلك؟‏

اجاب: "على رغم ما حدث في تلعفر وكان من المتوقع ان تكون هناك ردات فعل غير مدروسة وغير متوازنة، لكن الذي يطمئن ان ردة فعل هذه لم تأت من اي طرف عراقي وانما جاءت على لسان شخص ليس عراقيا لا يعرف طبيعة المجتمع العراقي. المؤسسات السنية العراقية كلها رفضت ردة الفعل هذه على رغم انها ردة فعل على جريمة نكراء حصلت في تلعفر. لكن الجميع اجمع على ادانة استهداف المدنيين تحت اي مسمى ومبرر, والذي نحن نطمئن اليه انها لم تحصل ردة الفعل من اي ممثل للسنة او غير السنة في العراق".‏

نداء إلى علماء المسلمين في العالم‏

بالعودة إلى تحرك الشيخ قبلان باتجاه المرجعيتين السنيتين في بيروت والقاهرة فإن هذا التحرك استكمل ببيان أصدره الشيخ قبلان ووجهه إلى علماء المسلمين في العالم، جاء فيه:‏

"إلى أصحاب السماحة أئمة المسلمين وعلمائهم في العالم أصحاب العلم والحلم، نخاطبكم ونناشدكم ونستصرخكم للوقوف ضد المجازر التي ترتكب في العراق ممن يدعي الإسلام والإسلام بريء منه. إن موقفكم اليوم هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لأن الفتن التي تخرج من كلام هؤلاء وتصريحاتهم وبياناتهم هي اخطر من سهام العدو الإسرائيلي وقذائفه المسممة. فعليكم جميعا محاربتها والتنديد بمطلقيها والوقوف ضد معلني الحرب على طائفة إسلامية لا تزال، من حين وجودوها إلى يومنا هذا، تدافع عن الدين والتراث والمبادىء السمحاء".‏

واضاف: "نخاطبكم، أيها العلماء، أن تقولوا قولكم وتبذلوا جهدكم وكل ما في وسعكم لوضع حد لهذا التطرف ولهذه الأعمال الاجرامية البشعة ولهذه البيانات الفتنة بين المسلمين. نعم، إن أعمال القتل التي تجري في العراق أعمال وحشية وإجرامية لا تمت إلى الدين بصلة ولا إلى الأخلاق بمعرفة، بل هي أعمال همجية نابعة من نفوس حاقدة وقلوب خبيثة. أقول لكم قبل نفاد الصبر: أدركوا الأمور وكونوا في يقظة مستمرة لأن هؤلاء سيجرون البلاد العربية والإسلامية إلى الهاوية، وأطالبكم بالتحرك سريعا لوأد الفتن ووضع حد للمتطرفين الخارجين عن الإسلام الذين يعملون لمصلحة الاحتلال والعدو الإسرائيلي. أناشدكم أن تكونوا مع الوحدة الإسلامية، وإياكم والانجرار الى مهاوي الفتنة والمشاكل التي لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي".‏

وطالب الجامعة العربية ومنظمة مؤتمر العالم الإسلامي والملوك والرؤساء العرب والمسلمين في العالم ومجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وهي تجتمع اليوم في المؤتمر العالمي، بال"تحرك لوقف مسلسل الإجرام والإرهاب في العراق"، متسائلا: "أين هي حقوق الإنسان التي يعملون لحفظها؟ وهل أصبحت حياة الإنسان رخيصة إلى هذا الحد!".‏

محمود ريا

الصمت مشاركة في الجريمة

ليس مفاجئاً خروج مجموعة من الطفيليين الذين يعيشون على هامش الحياة السياسية في لبنان من أجل التبشير بمواقف سياسية أقل ما يقال فيها إنها عنصرية وإجرامية وبعيدة عن أي منطق.
وغياب المفاجأة لا ينجم عن "طبيعية" ما يفكر به هؤلاء، وما يعملون من أجل تحقيقه، وإنما من التردي الذي يعيشه لبنان في هذه المرحلة، بحيث لم يعد الدفاع عن العملاء عيباً، كما أن يخرج العملاء أنفسهم، ، ومن "قلب لبنان" للتنظير للعمالة، والمطالبة بإعطاء العملاء أوسمة الشرف والوطنية.
لا بد من التأكيد أن هؤلاء معزولون ومطرودون من "رحمة التوافق" اللبناني، وأن ما يحملونه من أفكار متطرف لدرجة أن أحداً لا يمكنه أن يدافع عنها.. وعنهم.
ولكن هل يكفي هذا؟
هل يعبّر الصمت عمّا يجب أن يكون عليه موقف اللبنانيين من هذه الطروحات الإجرامية؟
إن الصمت هنا هو موافقة على طروحات هؤلاء العملاء المتسترين بألقاب مهنية كبيرة، والسكوت عن مثل هذه الخزعبلات قد يمهّد الطريق لاختيار ضباط أو مسؤولين صهاينة كبار في المستقبل لـ"قلب لبنان" من أجل عقد مؤتمرات صحافية يشرحون من خلالها وجهات نظرهم من الأحداث في المنطقة.
ما قاله هؤلاء إجرام، والصمت عن جريمتهم خيانة.
ومن دون أن يكون المقصود توزيع شهادات في الوطنية، يمكن القول إن الحد الذي يميّز بين إيمان اللبناني بوطنه وكفره به، هو التصدي لهؤلاء المجرمين وإدانة معتقداتهم البائدة.
وإلا.. فالويل للبنان.
محمود ريا