السبت، أكتوبر 28، 2006

بدر.. و"إيلات".. والوعد الصادق

كان لنا في كل يوم دليل على أن هذه الأمة بخير، وستبقى بخير. وفي شهر رمضان، تكثر الأدلة. نحيي ذكرى معركة بدر الكبرى، ومنها نتعلم أن "كم من فئة قليلة
غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، ونحيي ذكرى انتصارات بعدها، كان شهر رمضان فيها حافزاً لمزيد من الجهد، بدل أن يكون وقتاً للتواكل والتواني بحجة التعب والجوع ونقص الهمّة.‏
بالأمس كانت ذكرى تفجير مدمرة إيلات الصهيونية في مياه منطقتنا على أيدي مجاهدي الشعب المصري البطل، والتي هزّت أركان كيان العدو.‏
كان التفجير في شهر رمضان، وفي هذا الوقت من السنة أيضاً، لتعود الذكرى بكل تفاصيلها وكل معانيها، بعيداً عن مقولات الذين يقولون أن الذي مضى.. لا يعود.‏
واليوم نحيي ذكرى الوعد الصادق، حيث دمر مجاهدو الشعب اللبناني البارجة ساعر، وحققوا "الوعد"، ودمروا هيبة كيان العدو، وفتحوا "أوتوستراداً" واسعاً نحو القدس والمسجد الأقصى.‏
القدس؟‏
إنه يومها، يوم القدس العالمي، في شهر رمضان المبارك، في الجمعة الأخيرة من هذا الشهر.‏
كيف ترتبط المناسبات؟‏
كيف ترتبط الدماء؟‏
هكذا يتواصل الأمل بالتحرير وبالنصر.. وبالدخول إلى المسجد الأقصى.‏
وتبقى الأمة بخير.. كل عام وأنتم بخير وإلى اللقاء في موعد قريب .. مع "وعد الآخرة"..‏
محمود ريا‏

السبت، أكتوبر 21، 2006

اللعبة المجنونة

"مهمة القوات الدولية في لبنان تتجاوز تثبيت سيادة الدولة لتصل إلى تطبيق اتفاق الطائف". قراءة جديدة لمهمة القوات الدولية تثير كل المخاوف التي كانت عند المتخوفين من الدور الذي يريده البعض لهذه القوات الدولية.‏
هذه القراءة التي لم يجرؤ طارحها على الإعلان عنها من الداخل، جاءت خارجية الهوى، وتماماً من الدولة التي قالت مستشارتها إن مهمة القوات الدولية هي حماية وجود "إسرائيل".‏
دعونا نفهم: هل القوات الدولية هي "بنت" القرار 1701، أم أنها "بنت" اجتماعات البريستول المتلاحقة، أم أنها ـ بالأصل ـ "بنت" المؤتمر الصهيوني الأول في "بال"؟‏
نحن نعرف، ولدينا ما يؤكد لنا أن مهمة القوات الدولية هي "مساعدة الجيش اللبناني في المهمات التي يطلبها منها" من أجل ردع الاعتداءات الصهيونية على لبنان.‏
من لديه "فهم" آخر ـ أو لنقل في الحقيقة أنه مجرد توهم لا يرتبط بالواقع بأي صلة ـ فليبقَ يلعب في الخارج، كي لا يحطِّم ـ بلعبه المجنونة ـ لبنان.‏
انتهى‏
محمود ريا‏

الجمعة، أكتوبر 13، 2006

هل تجبن أميركا.. أم تجنّ؟‏



الانقلاب الدراماتيكي الذي فعله التفجير النووي الكوري الشمالي في مسار الأحداث في العالم كله له أبعاد راهنة، وتأثيرات بعيدة المدى، قد يتمكن المراقبون
من رصدها، وقد لا.. يلحقون.‏
نظريتان توزع عليهما المراقبون وهم يرصدون آثار هذا الحدث الدولي الفاقع على العالم، وعلى منطقتنا بشكل خاص.‏
بعضهم، وقد يكون محقاً، يقول إن هذا التفجير النووي قد أبعد شبح (حربٍ ما) كانت تحوم في سماء المنطقة، وتستهدف بشكل أساسي إيران، وربما سوريا، ومحور التصدي للشر الأميركي في المنطقة.‏
ويقول هؤلاء إن الولايات المتحدة باتت مشغولة، وربما مكبّلة بالحدث الكوري، ما يجعلها تحسب ألف حساب قبل القيام بحرب على إيران، ومن هذه الحسابات ضعف الذريعة، فلماذا تضرب إيران بسبب برنامج نووي تعلن دائماً أنه برنامج سلمي، ويخضع للرقابة الدقيقة من قبل المجتمع الدولي، فيما تترك كوريا الشمالية التي أعلنت جهاراً ونهاراً أنها تمتلك السلاح النووي، وقدمت الدليل المادي، لمن يريد أن ينكر هذا الامتلاك؟!.‏
البعض الآخر من المراقبين، يقول إن كل هذه الحسابات التي ينبغي على واشنطن القيام بها ستدفع إلى الإسراع بالحرب، لأنها إن لم تفعل الآن "فستصمت إلى الأبد".‏
هل تجبن أميركا.. أم تجنّ؟‏
لننتظر‏
محمود ريا‏

السبت، أكتوبر 07، 2006

الساحة البيروتية: حركة لتعديل "المزاج" والانحياز إلى الثوابت



تعيش الساحة البيروتية حراكاً سياسياً مثيراً للاهتمام في ظل حالة من الاستقطاب الحاد الذي عاشته على مدى الأشهر الماضية. وإذا كان التشنج السياسي ـ مستتبعاً بتشنج ذي وجه طائفي ـ قد فعل فعله في صفوف الجماهير البيروتية في الفترة الأخيرة، ولا سيما في ظل محاولات تصعيد هذا التشنج، فإن مبادرات عديدة شهدتها الساحة البيروتية في الفترة الأخيرة دفعت إلى الحديث عن إمكانيات تنفيس للاحتقان، المفتعل حيناً، والعفوي المتناغم مع تطورات الأحداث أحياناً أخرى.‏
ولعل في ما جرى من تطورات ميدانية خلال الأيام الماضية يشير إلى أن حالة الاحتقان وصلت في هذه المرحلة إلى إحدى ذراها، فالحوادث الصغيرة التي يشهدها هذا الشارع أو ذاك، والهتافات التي تتصاعد من مدرجات ملاعب كرة القدم، تعبر عن وجود نوع من النفَس التحزبي الذي قد يتطور إلى شعور انقسامي وعنصري طائفياً ومناطقياً بما يؤدي إلى عواقب وخيمة.‏
إلا أن هذا الاتجاه ليس هو الغالب، لأن هناك مبادرات عديدة شهدتها الأيام الماضية أيضاً هدفها إزالة هذه التشنجات، أو التخفيف منها على الأقل، بما يعيد الصراع إلى إطاره السياسي البحت، بعيداً عن انقسامات الشوارع واحتكاكاتها التي قد تؤدي إلى الانفجار.‏
فمن المبادرة التي أطلقتها الجماعة الإسلامية على المستوى الوطني من خلال الكلمة التي ألقاها الأمين العام للجماعة في إفطار الأربعاء الماضي، إلى المبادرة الأخرى التي أطلقها الاجتماع الدوري لرؤساء الوزراء السابقين، إلى ما تشهده منطقة الشمال من حركة لجبهة العمل الإسلامي، والتي تنعكس بشكل أو بآخر على الشارع البيروتي، يبدو أن هناك اتجاهاً لأخذ الأمور إلى طريق غير الذي يحاول البعض الإيحاء أنها سائرة فيه، يضاف إلى ذلك طبعاً ما يلاحظ من تردد في لهجة التصعيد السياسي لدى الفريق العامل بقوة في الشارع البيروتي، بحيث أن التصعيد الذي يشهده خطاب يوم، يوازيه تهدئة بحدود معينة في اليوم التالي، مترافقاً مع تحركات سياسية تهدف إلى لملمة الأجواء، بما يشير إلى حالة من التجاذب تفرض نفسها على قيادة هذا الفريق وتجعله حائراً بين اعتماد خيار التصعيد "المفروض" عليه، وبين الركون إلى الحقائق السياسية التي تفرض عليه التعاطي مع الطرف الاخر إذا كان يرغب بالحفاظ على الهدوء في البلاد.‏
وترى مصادر مطلعة في الشارع البيروتي أن هذا الشارع لا يمكن أن ينجرف في خيارات نارية، لأنه غير متعود أصلاً على هذه الخيارات، كما لا يمكنه أن يبقى محشوراً في خيارات معينة إذا كانت هذه الخيارات تعمل على قيادته في اتجاه مخالف لعقائده السياسية التاريخية سواء على المستوى الديني أو على المستوى القومي والوطني، وأن لديه القدرة على وقف الانحدار في الكيانية والانغلاق، حتى ولو كان هذا الانحدار هو الخيار السائد أو الأكثر نجاعة لتحقيق أهداف سياسية آنية بعيداً عن المصلحة العليا.‏
وتضيف هذه المصادر أن حالة الممانعة التي تشهدها الساحة البيروتية هي في العمق أكثر تأثيراً من التفاصيل التي ظهرت في الفترة الماضية ـ سواء في مبادرة الجماعة أو في مبادرة الرؤساء السابقين ـ وأن النقاشات الدائرة في أكثر من موقع تركز على كيفية الخروج من خيارات معينة تحاول قوى خارجية قيادة الفريق العامل بقوة على الساحة البيروتية إليها، بالرغم من تناقض هذه الخيارات مع مبادئ أهل بيروت ومع مصلحتهم العليا في الآن نفسه.‏
وترى هذه المصادر في مبادرة الجماعة الإسلامية حول المقاومة محاولة لإخراج هذه القضية من زواريب النقاش الضيقة، ووضعها في موقعها السامي الذي لا يستطيع أهل بيروت إلا أن يضعوها فيه، وهم الذين كانوا على مدى الأيام يحملون رايتها ـ بغض النظر عن لونها ـ وقدموا تضحيات كبرى من أجلها. وهذا الوضع نفسه يتمثل في مبادرة رؤساء الوزراء السابقين، ولا سيما فيما يتعلق بموضوع المقاومة وموضوع حكومة الوحدة الوطنية، بما يعني بروز تلاوين مهمة في الموقف البيروتي تختلف عن الموقف الجامد الذي يعبر عنه الفريق السائد من هذين الموضوعين.‏
وتقول هذه المصادر إنه بالإضافة إلى موقف الجماعة ورؤساء الحكومة السابقين المشترك في رفضه أي توتير على الساحة البروتية، وفي سعيه إلى قنوات تنفيس للضغوط النفسية المتبادلة، فإن التيار السائد على الساحة البيروتية ليس بعيداً عن العمل على عدم الوصول بالأمور إلى أي انفجار، لأن هذا الانفجار ليس في مصلحة أحد، ولا يمكن لأي قوة عاقلة في أي منطقة من لبنان أن تسعى إليه، وإذا كان هناك بعض الموتورين الذين لا يمكن أن يعيشوا إلا على الفتنة وعلى التفريق بين الناس، فإن أصحاب المشاريع الحقيقية هم المتضررون الحقيقيون من أي توتير ينزل إلى الشارع، وهم المعنيون بمنع أصحاب الأغراض من تحقيق أغراضهم.‏
وإزاء هذه الحقائق التي بدأت تعكس نفسها على الوضع البيروتي نوعاً من التهدئة والـ"ترييح"، يبدو أن الأيام القادمة ستشهد تحركات أخرى تعبر عن مزاج عام بدأ يعلو صوته في الشارع البيروتي، وفي شوارع أخرى ملحقة به وقريبة منه، يقوم على أساس البحث عن نقاط الالتقاء مع الآخرين، ولا سيما في الخيارات السياسية الكبرى، بغض النظر عن مدى قدرة التيار السائد على التفلّت من الضغوط والارتهانات التي تكبّله، وعن الطموحات التي تحكم بعض القائمين عليه، والتي قد لا تعبر عن الهدف النهائي لهذا التيار وللجمهور البيروتي بشكل عام.‏
محمود ريا‏

يئست.. انهزمت



خطّطَت، سمعَت فرحت، جاءت، قُبّلت، ائتمرت، ذهبت، ما عادت، غادرت، فشلت، فوجئت، صدمت، حزنت، انكفأت..
شُحذت، مُدحت، خططت، صرحت، عزمت.. عادت، اجتمعت،
تآمرت، تعشّت، (أفطرت)، التقت، جمعت، فرّقت، وزّعت، أمرت، عبست، ضحكت، رسمت وَعَدت ووُعِدت.‏
أيام مرّت، الخطط انهارت، الأحلام تبخرت، الشعوب أفشلت، المقاومات تصدّت، المشاريع تدحرجت، صاحبتها أحبطت، أيامها عدّت، وإلى بلدها رجعت.‏
ربما عادت، ربما من جديد حاولت، ربما.. ربما.‏
ولكنها يئست وأحبطت، وتهاوت، وبحقد أسود صرخت.‏
رايس جاءت، رايس راحت، رايس سافرت، رايس طارت، رايس غطّت، في العواصم حطّت، تلمّظت وتمطّت، ولكنها فشلت.‏
"الشرق الأوسط الجديد" أسقط، و"الفوضى الخلاّقة" خلقت عكس ما يريد مثيروها، و"الغموض البنّاء" لعب به الأعداء، وأكثر ما نجح في تطبيقه "العملاء"، والمشاريع سفّهت.‏
واأسفاه..‏
رايس بحملها ناءت، وبأحلامها غرقت، وبوساوسها انحشرت..‏
واأسفاه..‏
رايس فشلت..‏
رايس يئست..‏
رايس.. انهزمت.‏
محمود ريّا‏

الأربعاء، أكتوبر 04، 2006

الجرح الفلسطيني الغائر في أجساد ترفض اليأس


بمناسبة ذكرى انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الصابرة:
أطفال ونساء بين عشرات الآلاف من ضحايا الوحشية الصهيونية


يسيل الدم من الجرح، وتحمل القطرات العنوان، فتقول بلا خجل: هذا دمي، دم طفل، دم مجاهد، دم صامد، أريق على أرض قدّست وطهّرت، ليبقي الألمل بان الفرج قريب.ّ
ست سنوات مرت، وفي كل عام مزيد، عشرات لا بل قل مئات وآلاف، ولا تستحِ إن قلت عشرات الآلاف. لم يكل هذا الشعب ولم يملّ، أعطى، واستمر في العطاء شاهراً في وجه الدنيا إرادته التي لا تلين، وقدرته على إدهاش أولئك الذين فقدوا منذ زمن القدرة على التفاعل مع أي حدث.
شباب فلسطين، وفي فلسطين كلهم شباب، لا وجود عندهم ليائس ولا لخانع ولا لفاقد روح العطاء..
شباب فلسطين، من كل فئة ومن كل منطقة، من الضفة ومن القطاع، من أرض "الثمانية أربعين" ومن أرض "السبعة والستين"، يحملون الجرح إشارة استحقاق للانتماء إلى هذا الوطن، ويقدمون ما يحفظه الآخرون بمال الدنيا، لأن الوطن عندهم أغلى من مال الدنيا.
خمسون ألفاً يقولون، بل سبعون ألفاً، وربما يكون كل من الرقمين صحيح، فهذا يحسب كلّ جرح، وذلك يرى في ما يعتبره الآخرون جرحاً مجرد إعلان عن المشاركة في المعركة.
في عرف هذا الأخير لا جرح إلا قطع اليد أو فقء العين أو فقدان شيء من الجسد، أما ما يتعافى، فلا يستحق أن يوضع في سجل الوطن.
وإنما هو يستحق.
يستحق، لأن مئات الملايين في أنحاء العالم (العربي) لا يشعرون بالجرح الذي استطال في جسد أمتهم، فكيف سيشعرون بجرح استوطن في جسد واحد من أبناء هذه الأمة. لا يسمعون صرخة طفل وضع العدو على هيكله الغض آثار وحشيته، أو بكاء أم على طفلها الذي حمل بكل جدارة لقب "الشهيد الحي".
وتتوزع الجراح، كما يتوزع الجرحى.
سيرة الجرح الفلسطيني
فهذا عرفات يعقوب إبراهيم (31 عاما) استشهد في الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي عندما وجد نفسه بكرسيه المتحرك الذي يستخدمه للسير، عرضة ومجموعة من الصبية يرشقون قوات الاحتلال بالحجارة عند مدخل مخيم قلنديا للاجئين جنوب مدينة رام الله لإطلاق نار كثيف من قبل قوات الاحتلال حيث أصيب الشهيد برصاصة من النوع المتفجر حولت رأسه إلى أشلاء متناثرة، لم يكن عرفات يلقي الحجارة بل كان يشرب القهوة مع عائلته على شرفة منزله المطلة على مدخل المخيم.
عرفات ينجو ثلاث مرات من رصاص الاحتلال
نجا الشهيد عرفات في السابق من ثلاث محاولات سابقة تعرض فيها لإطلاق النار ولكنها حولته من إنسان سليم إلى آخر مقعدا مشلولا بحاجة إلى كرسي متحرك للسير والتنقل.
وقد جرح يعقوب للمرة الأولى عندما كان في الرابعة عشرة من عمره خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 عندما شارك مع عدد من الأولاد في قذف جنود الاحتلال بالحجارة وأصابته رصاصة في ساقه.
وقد سجنته سلطات الاحتلال الصهيوني بحجة انتمائه إلى حركة مقاومة لمدة 10 شهور عام 1991 بحسب ما ذكره شقيقه. وأصيب عام 1992 خلال مواجهة مع شبان فلسطينيين وجنود الاحتلال الصهاينة بثلاث رصاصات في ظهره مما أدى إلى شلل في جسمه من الخصر فأسفل.
وبعد شفائه من جروحه لازم كرسيه المتحرك وحصل على عمل في مخزن للأدوية الطبيعية برام الله وعندما وفر بعض المال اشترى سيارة أجرة خاصة بالمقعدين وبدأ يستخدمها في شوارع رام الله.
وأثناء وجود يعقوب عام 2002 داخل سيارته في قرية غربي رام الله امتلأت سيارته بالثقوب نتيجة الرصاص الذي أطلقته دبابة صهيونية وأصابته رصاصة في صدره وكانت جراحه خطرة.
الطفولة المستباحة
"لن يكون بوسعه المشي على قدميه بعد اليوم" أصيب بإعاقة دائمة... خبر أخف وطأة، ربما، من خبر الموت...
نبيل عمر حامد، من قرية سلواد غرب رام الله، وصل إلى المستشفى يوم السابع عشر من كانون الأول عام 2005 بإصابة بليغة: دخلت الرصاصة من الظهر، واخترقت الصدر، وضربت العمود الفقري، وأحدثت نزيفا داخليا في الرئة والبطن
بعد أن تم إنقاذ نبيل في اليوم الأول من النزيف الحاد... وبعد أن شاهد والداه الجسد الصغير تخترقه الأجهزة والأنابيب في فمه... في أنفه ... في بطنه... صار المشي أمرا غير ضروري وحاجة ليست ملحة... "المهم أن يظل على قيد الحياة"!
هنا وسط الرواية، أعاقت الدموع الراوي الأب وكرر كلمات ترشح تعبا بفلسطينية منهكة: "أصدقاؤه من يوم الحادثة توقفهم ذاكرة الحب على باب منزله".."أخوه وأخواته الثلاثة إلى الآن لم يتجاوزوا بشاعة الصدمة، وبحاجة لمن يشد من عزيمتهم".
لم يفقد الثقة بالله
ولم يفقد الشاب الفلسطيني عامر جبريل كوارع، 19 عاماً الثقة بالله والأمل بالمستقبل، رغم انه فقد ساقيه، وأصيب بشظايا في أنحاء جسمه، دون أن يخفي في الوقت نفسه مرارته من حرمانه من ممارسة العديد من هواياته.
فعامر الذي فقد ساقيه وأصيب بجروحه في 26/6/2005، مع اثنين من أشقائه وأحد أصدقائه إثر انفجار جسم متفجر، عبارة عن فانوس إضاءة أطلقته قوات الاحتلال التي كان تتمركز في ما كان يعرف بمستوطنة موراج، يعمل جاهداً على التغلب على شعور العجز والألم، فرفض التقوقع والانعزال، وقام بتركيب ساقين اصطناعيتين يحاول أن يستعيض بهما جزءاً ولو قليلاً من الحركة الكثيرة التي حرم منها.
ينتظر بصبر
التمعت عينا الشاب وهو يعود بذاكرته إلى تلك الساعات، وقال- بصوته الذي يخرج همساً بالكاد يسمع نتيجة عدة شظايا أصابت الرقبة واستدعت تركيب جهاز خاص للتنفس فيها-" كنت برفقة أحد جيراننا واثنين من أشقائه الأطفال في أرضهم الزراعية القريبة مما كان يعرف بمستوطنة موراج ، جنوب مدينة خان يونس عندما عثرت على "خبة" فانوس إضاءة تطلقه قوات الاحتلال، فاقتربنا منه لمشاهدته وإذا به ينفجر محدثاً دوياً هائلاً، وبعدها لم أدر عن نفسي إلا بعد عدة أسابيع".
حتى صباح السادس والعشرين من يونيو/حزيران عام 2005، كان ديب سمير تقفة المولود في 26/6/1986، شاباً موفور الصحة، ويضج بالحياة والطموح، ينتظر بصبر ليقدم ما فاته من اختبارات الثانوية العامة، ويتطلع لشق طريقه في الحياة ليساعد أسرته التي طحنها الفقر والوضع الاقتصادي البائس، حتى وقع ذلك الانفجار الكبير، الذي مزق كل شيء حتى الأحلام، وحول هذا الجسد النابض بالحياة والعطاء، إلى جسد أسير هذا السرير وهذه الغرفة التي تعكس عسر الحال وضيق ذات اليد.
إجرام المستوطنين
زهور العويضات (أم لسبعة أطفال) من بلدة الشيوخ إلى الشرق من الخليل أصيبت بكسر في الجمجمة بعد أن اسقط عليها مستوطنون حجرا كبيرا بالقرب من البؤرة الاستيطانية بيت هداسا في البلدة القديمة في الخليل
وتقول المواطنة العويضات انها توجهت إلى البلدة القديمة لأنها علمت أن بلدية الخليل نقلت موقف السيارات الخاص ببلدة الشيوخ وسعير إلى منطقة الزاهد وأضافت: شعرت بشيء من الأمان عندما علمت أن المواطنين بدءوا بالتوجه إلى البلدة القديمة من اجل التسوق فأخذت طريقي إلى منطقة الزاهد عبر شارع الشلالة القديم حيث لم أتوقع أن هناك من يرصد الوقت المناسب لإسقاط حقده فوق راسي
وتقول: بالرغم من أن شارع الشلاله محاط بالاشباك الحديدية من الأعلى لمنع وصول الحجارة والأتربة والقاذورات التي تسقط على رؤوس المارة من قبل سكان البؤرة إلا أن الشبك كان يحوي على فتحه سمحت بوصول الحجر إلى رأسي.
هذه عينة من جرائم ارتكبت بحق عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، باتوا اليوم في حالة من العجز نتيجة الوحشية الصهيونية بحقهم، فهل من يقف بجانبهم من أجل استرداد حقهم في معاقبة المجرمين بحقهم؟
محمود ريا
(المعلومات عن جرحى من موقع صامدون الفلسطيني على الإنترنت)