الجمعة، ديسمبر 29، 2006

الحيرة العمياء

أصعب ما يمكن أن يتعرض له الإنسان، هو أن يصل إلى مرحلة، يرى فيها غير ما يسمع، أو يسمع غير ما يرى، أو يرى ويسمع غير ما يحس به، ويكاد يلمسه بيديه.
عندها، يصل الإنسان إلى ما يشبه الحيرة، بل إلى ما هو أكثر منها، وربما حتى إلى الهذيان.
وهذا هو حال "أصحابنا" في الأكثرية (هل ما زالوا يصدقون أنفسهم بأنهم أكثرية؟).
تأتيهم الحقن المهدئة من صيدلية الـ "أونكل بوش" كل يوم، ويتعاطون الأقراص المخدرة من مصانع الأدوية في باري ولندن وغيرها من العواصم صباح مساء، ولكن كل ذلك لا يفيد في إزالة حيرتهم واضطرابهم، فما يلمسونه باليد يختلف بالكامل عما يراد لهم أن يصدقوه.
"الحَوَل"، هو "الحَوَل" الذي يضرب عيونهم وهم ينظرون ذات اليمين فيرون شفاه الأميركيين تتحرك بدعمهم، وينظرون ذات الشمال فيرَون الوفود تأتي وتذهب إلى هنا وهناك دون توقف.
ما أصعب أن يسلّم "الحمل" قياده إلى ذئب، ما أقسى أن يضع نفسه في قطيع راعيه ثعلب، فلا يعلم متى سيكون الوجبة التالية على مذبح "المصالح العليا".
محمود ريا

الأحد، ديسمبر 24، 2006

التقسيم لعبة أميركية.. بأدوات لبنانية

الفتنة السنية الشيعية آخر الحاضنات بعد فشل العدوان الصهيوني
"إن هذا الشعار (تقسيم لبنان) أسطورة، لأن فصل لبنان المسيحي عن لبنان المسلم كان ولم يزل يبدو مستحيلا، ذلك لأن التمازج السكاني في بيروت وجبل لبنان وانتقال عشرات الألوف من أبناء المناطق الحدودية إلى جبل لبنان، ثم كثرة الدروز في هذه المنطقة، بالاضافة إلى العوامل الاجتماعية وطرق المواصلات ومختلف المشاريع العمرانية والحياتية، هذه الأمور تجعل من المستحيل تنفيذ هذه الخطوة. ثم إن المخاض العسير الذي يرافق فصم لبنان لا ينفصل عن عوامل سياسية دولية تجعل الأمر بحكم تحطيم لبنان وليس تقسيم لبنان، وفي رأيي أن هذا الشعار هو من قبيل التهويل يكفر به رافعوه قبل رافضيه، ولذلك فلا أظن أن فئة تعمل على هذا الأساس إلا أولئك الذين يريدون تحطيم لبنان".‏
إنه تقويم دقيق لشعار كان ولا يزال يطرح لدى حصول أي أزمة في لبنان، إذ يخرج البعض من جعبته هذه "الفزاعة" ويبدأ بالتلويح بها.‏
هذا التقويم للموضوع ليس صادراً عن قيادي من القياديين الجدد في لبنان، وإنما عن قيادي كبير، عاش همّ لبنان على مدى السنين ودفع غالياً ثمن ذلك، إنه الإمام السيد موسى الصدر، الذي كان يتحدث عن موضوع تقسيم لبنان في مقابلة مع مجلة "الأسبوع العربي" نشرت في العام 1975.‏
ولكن، هل تغيّر شيء في المعادلة، بما يجعل من طرح التقسيم أكثر قرباً من الواقع؟‏
الجواب يمكن استنباطه من الكلمات نفسها التي قالها الإمام الصدر، حين تحدث عن "عوامل سياسية دولية تجعل الأمر بحكم تحطيم لبنان وليس تقسيم لبنان".‏
ربما هذا ما يريده أولئك الذين يعملون سراً ـ وفي بعض الأحيان جهراً ـ من أجل جعل خيار التقسيم ضمن لائحة خيارات "حل الأزمة اللبنانية"، وربما على رأس هذه الخيارات.‏
ليس هذا الخيار جديداً في "الأجندة الدولية" وإنما هو قائم منذ زمن طويل، وهو جزء من عملية تقسيم متواصلة تستهدف المنطقة، بدأت منذ ما قبل انهيار الامبراطورية العثمانية، ولا سيما مع سايكس ـ بيكو ووعد بلفور وما تلا ذلك من تقسيمات مختلفة الألوان، ومن خرائط متعددة الخطوط.‏
وعند كل مرحلة تاريخية يمر بها لبنان، ومعه المنطقة، تعود هذه الخيارات الدولية إلى البروز، بغض النظر عن حجم النجاح أو الفشل الذي يصيب هذه المشاريع.‏
وليس غريباً ـ في استعادة للتاريخ ـ اكتشاف العديد من المشاريع التقسيمية التي عرضت من قبل الكثير من "المهتمين" بـ"مستقبل المنطقة"، كذلك المشروع الذي نشرته في عام 1982 مجلة "كيفونيم" التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، ضمن وثيقة بعنوان "استراتيجية إسرائيلية للثمانينات". وقد نُشرت هذه الوثيقة باللغة العبرية، وتم ترجمتها إلى اللغة العربية، وقدمها الدكتور عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988.‏
ولا بد من الإشارة إلى أن مخطط تقسيم لبنان إلى عدد من الدويلات الطائفية، الذي حاول الكيان الصهيوني تنفيذه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وفشل في تحقيقه، هو تطبيق عملي لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان التي تعتبر "إن تفتيت لبنان إلى خمس مقاطعات إقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربي بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية".‏
واليوم، نحن أمام مشروع أميركي ـ دولي هادف إلى إعادة تركيب خريطة المنطقة، سواء من خلال "الشرق الأوسط الجديد" أو من خلال الفوضى المنظمة التي يريد عتاة النظام الأميركي تطبيقها على دولها، الأمر الذي شكل بيئة صالحة لطرح العديد من المشاريع التقسيمية التي تستهدف لبنان، ومنها ما حمل طابع العلنية، فيما البعض الآخر لا يزال يتلطى خلف شعارات وحدة لبنان، ولكن في إطار الحديث عن فدرالية أو لا مركزية سياسية تحكم البلاد.‏
ومن هذه المشاريع مشروع قدّمته مجموعة من اللبنانيين البارزين في الولايات المتحدة إلى تجمّع المحافظين الجدد، وهو مشروع متكامل وموثّق يقع في 280 صفحة، حول ما أطلقوا عليه "الطريقة المثلى" لتقسيم لبنان دولتين، مسيحية ومسلمة، "على غرار تجارب قبرص وكوسوفو والبوسنة".‏
ويعترف المشروع بأنّ مشروع التقسيم يواجه صعوبات جمّة، غير أنّه ضروري ولو اقتضى الأمر "فرز بعض السكان وإجراء عمليات تبادل واسعة".‏
هذا الاعتراف بصعوبة التقسيم لم يمنع الأميركيين من التفكير جدياً بالموضوع، وهذا ما كشفه النائب السابق نجاح واكيم في لقائه التفزيوني مع قناة المنار يوم الجمعة الماضي حين تحدث عن "مشروع أميركي يهدف إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية تمتد من لبنان حتى جنوب العراق"، مشيراً إلى "أن لبنان جزء من هذا المشروع، الذي كان يهدف إلى ترحيل الشيعة إلى جنوب العراق".‏
يقول واكيم إن المشروع يحضّر له منذ ما قبل غزو العراق، وإن تنفيذ إحدى نسخه العملية كان ينتظر النجاح الصهيوني في حرب تموز الماضية ضد لبنان، ويوضح أن ثلاثة عوامل أحبطت المشروع الأميركي في حينه، هي صمود المقاومة واحتضان اللبنانيين للنازحين وعودة هؤلاء النازحين فوراً إلى قراهم فوق الدمار، ما أحبط مشروع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس الذي يحمل اسم "الشرق الأوسط الجديد".‏
ولكن هل انتهى المشروع عند هذا الحد؟‏
كل المؤشرات تدل على أن الولايات المتحدة تحاول خلق حاضنة جديدة لمخطط التقسيم اللبناني، بعد "مقتل الحاضنة السابقة مع فشل العدوان الصهيوني".‏
الحاضنة الجديدة هي الفتنة السنية الشيعية التي بدأ المشروع الأميركي بإشعال فتيلها واختلاقها وتغذية بعض بؤرها في أكثر من بقعة عربية ولا سيما في لبنان.‏
من هنا، وفي نظر أكثر من مراقب، يمكن اعتبار أن كل من يدخل في لعبة تغذية الفتنة السنية الشيعية هو مشارك في المخطط الأميركي لتقسيم لبنان والمنطقة وتفتيتها، مهما كانت نياته "سليمة"، لأن المشروع الأميركي لم يعد لديه إلا هذه الورقة ليلعبها، وإذا فشلت هذه الورقة انهار المشروع الأميركي ـ فعلاً وللأبد ـ وهو سينهار.‏
محمود ريا‏

الجمعة، ديسمبر 22، 2006

هذا هو لبنان

عيد وزينة وليل وسهرات وشباب
فرح وشجرة وضحكة وأولاد
مستقبل وبيروت وساحة
وحدة وطنية
وحرية
لبنان
هذا هو لبنان
لقاء بلا موعد، يهزم موعد منع اللقاء
ناس تجلس مع بعضها، بلا اذن من هنا و"حُرم" من هناك.
تلقائية، كانت حاضرة، دون أن تتمكن من التعبير عن نفسها.
اليوم، تأخذ التلقائية حظها الأقصى من التعبير.
بعيداً عن القولبة، وعن الأتيكيت، وعن التحذيرات الصادرة "من فوق".
شعب يقول ما في قلبه، يعبر عن حبه لوطنه، وعن أخيه الجالس بجنبه، دون رهبة، ودون رهاب.
تعالوا، يا من لا تصدقون، إلى ساحة القداس وصلاة الجمعة وشجرة الميلاد، تعالوا إلى حيث الأخ يحمي أخته برموش عيونه، والأخت.. اخت الرجال، في ميدان النزال.
انزلوا من بروجكم العاجية.
تواضعوا.
هذا هو لبنان.
فرح وشجرة وضحكة وأولاد
.. ووحدة وطنية
محمود ريا

الجمعة، ديسمبر 15، 2006

سترجمك حجارة الرفض

من أين يمكن تأبط هذا الكم من الأكاذيب، لمواجهة الحقائق والوثائق؟‏
كيف يمكن الوصول إلى هذه الدرجة من الوقاحة للرد على الاثبات باستهزاء، وعلى الدليل بعذر.. هو أقبح من ذنب؟‏
لا يمكن فعل ذلك إلا إذا كان الفاعل لا يخشى من العقاب، ولا يهاب من الحساب، ولا يفكر بأن ما يقوم به سيكون محل مساءلة ومراقبة.‏
لا يمكن فعل ذلك إلا إذا كان الفاعل "يستند" إلى دعم دولي وعربي يجعله خارج إطار أي إحراج شعبي.‏
ولذلك هو يلفق، ويكذب، ويواجه الدليل برواية من روايات ألف ليلة وليلة، والإدانة برفع لواء المصداقية والشرف، والحقيقة.. بذريعة البحث عن الحقيقة.‏
إنه يظن أنه يحتمي وراء متراس من الطائفية والمذهبية مدعّم برصيد عربي رسمي، وفي حصن من الأسلاك الشائكة التي تحمل ألواناً حمراء دولية، ولذلك هو لا يهتم بالشعب وبصرخاته الحاملة غضبه المقدس والتي تكاد تثقب أذنيه، دون أن تصل إلى قلبه.. الذي بات أقسى من الحجر.‏
أيها القابع في سراياك الكبيرة، سترجمك حجارة الرفض لكل ممارساتك، فلا تفرح بثوب ليس من صنع أهلك.‏
محمود ريا‏

السبت، ديسمبر 09، 2006

الدكتور جورج حجار في تقويم لما جرى ويجري: المشروع الأميركي في المنطقة انهار


أنصح قادة الأكثرية بالإسراع إلى شقق باريس
"المشروع الأميركي في المنطقة ـ وتالياً في لبنان ـ انهار تماماً".
هذا التقويم "المتفائل" هو نتاج مسيرة طويلة من الاستقراء للكثير من المعطيات السياسية التي شهدتها الساحة الدولية والإقليمية ـ ومن ثم المحلية ـ على مدى المرحلة الماضية.‏
يمكن الانطلاق من نقطة زمنية أكثر بعداً من كل ما هو متصوّر للحكم على الفشل الأميركي، وربما يمكن البدء من اللحظة التي اعتبر فيها البعض أن المشروع الأميركي وصل إلى ذروته، لحظة دخول القوات الأميركية إلى بغداد.‏
قد تحمل هذه القراءة للأحداث شيئاً من التطرف، ولكنها تبدو واقعية تماماً لدى واحدة من أهم الشخصيات التي تقرأ الواقع الأميركي في هذه المرحلة، انطلاقاً من تجربة طويلة في فهم "العملية السياسية" الأميركية من الداخل، ومن تماس مع الواقع العراقي والعربي فيه الكثير من المعايشة الحيّة والمتابعة البحثية الدقيقة.‏
أستاذ الكرسي في أكبر الجامعات الأميركية، ومؤسس "اليسار الجديد" في الولايات المتحدة، والمدرس في جامعة بغداد على مدى ثلاث سنوات، المفكر والباحث، عضو المجلس الوطني للإعلام في لبنان الدكتور جورج حجار لا يتردد في القول إن لحظة دخول القوات الأميركية إلى العاصمة العراقية كانت لحظة بداية نهاية المشروع الأميركي في المنطقة، بالرغم من الصورة التي تبدّت خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي تحمل في مكوّناتها الكثير من التقدم للمشروع الأميركي، وبشكل خاص على الساحة اللبنانية.‏
طبعاً هو لا يقول ذلك الآن، وإنما هو يكرره في هذه اللحظة بعد انكشاف الحقيقة للجميع، فيما هو كان يردد هذه المقولة على مدى السنوات الماضية، من دون أن ينتظر من أحد أن يسمعه.‏
يضع د. حجار رؤيته في إطار سيناريو متكامل يبدو من المفيد استعراضه كما يضعه صاحبه، بدون التدخل فيه.‏
إن "النصر ـ المزيف ـ السهل" الذي حققه الرئيس الأميركي جورج بوش في العراق أغراه في استكمال مشروع القضاء على "الدول المارقة" في المنطقة والعالم، فأطلق مسار "الثورات الملوّنة" في كل بقاع الأرض، واستطاع ان يحقق نجاحاً كبيراً في جورجيا، ونجاحاً أكثر بريقاً في أوكرانيا، من خلال انقلاب شيوعيين سابقين على أنظمة شيوعية، وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية.‏
هذا النجاح الباهر شكل "إلهاماً" لبعض اللبنانيين الذين رغبوا في اقتباس التجربة على المستوى المحلي فبدأوا بإنتاج "الشالات البيضاء والحمراء" تمهيداً لإطلاق ثورة ملوّنة جديدة تكون ساحتها لبنانية، ولكن هدفها يتسع لأكثر من "تغيير الواقع" في لبنان من خلال إخراج القوات السورية منه، ليصل إلى حد تغيير النظام في سوريا ليتحول إلى نظام تابع للمشروع الأميركي، ومنسجم مع الأنظمة العربية التي دعمت هذا "المشروع التغييري" على الساحة اللبنانية.‏
ما لم تدركه واشنطن ـ وأنصارها اللبنانيون ـ أن لبنان يحتوي في داخله على مكوّنات معقدة لا يمكن أن يتم التغلب على مكوّناتها بالدولارات (تكلّفت "ثورة" أوكرانيا ما لا يزيد عن خمسين مليون دولار، وغيّرت الوجه السياسي لبلد يضم ستين مليون نسمة)، فظهرت صعوبات أمام المشروع الأميركي الهادف لإعادة بناء الشرق الأوسط في إطار القالب الأميركي، وترافقت هذه الصعوبات مع بدء انكشاف الانكسار الأميركي في العراق، الذي ظهر إلى العلن أواخر عام 2004.‏
وجاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لإعطاء دفعة للمشروع من خلال تحقيق الأهداف عبر اعتماد تكتيك "الصدمة والترويع" الذي استخدم في العراق، إلا أن القوة المقابلة لهذا المشروع تمكنت من إحباط هذه المحاولة، لتأتي فرصة العمل السياسي التي أعطيت لـ"الأكثرية اللبنانية" كي تقوم بتحويل لبنان إلى "المعسكر الآخر" وتفعيل دوره كنقطة انطلاق للمخططات الأميركية في المنطقة.‏
وبعد فشل السياسيين، جاء دور العسكريتاريا الإسرائيلية في الثاني عشر من تموز/ يوليو، وكان ـ باختصار شديد ـ الفشل مصيرها أيضاً.‏
ماذا الآن؟‏
"المشروع الأميركي انهار تماماً"، هذا ما يقوله الدكتور حجار، ولم يعد لديه ما يقاتل به في المنطقة كما في لبنان، والأنظمة العربية التي التحقت بهذا المشروع تعاني من مأزق شديد، فيما "الأكثرية اللبنانية" تخطت المنطقة الحرجة.. إلى الهاوية.‏
أما النصيحة التي يقدمها الدكتور حجار إلى قادة هذه الأكثرية محدداً منها شخصيتين هما "الأكثر بروزاً" فهي بسيطة: لقد اشتُريت لكما شقق في باريس، فعجّلا إليها، لأن الوقت ما يزال يسمح بذلك".‏
في "محاضرته" التي يقدم خلالها هذه النصيحة التي تبدو أقرب إلى "النبوءة" يصر الدكتور حجار على توجيه رسالتين لا بد من نقلهما بدقة، بناءً على إصراره: الأولى إلى بكركي والبطريرك الماروني، مفادها أن السياسة التي يعتمدها هذا الموقع المهم ستؤدي إلى القضاء على عشرين مليون مسيحي مقيمين في الشرق، لأنها تقف في "الجانب الخطأ" من الصراع.‏
أما الرسالة الثانية فهي منه ـ معرّفاً نفسه بأنه المسيحي المشرقي العروبي ـ إلى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق، وإلى البطريرك هزيم بالذات، وهي تدعوه لأن يقول للمسيحيين الآخرين، كما قال لهم عام 1984: يا أخواني نحن الأصل وأنتم الفرع، فاتقوا الله في المسيحيين في الشرق.‏
محمود ريا‏

الجمعة، ديسمبر 08، 2006

نداء السيد


كان الحضور حاشداً، لبى النداء، حضر للاستماع إلى ما يريد أن يسمعه، فلم يكن الخطاب مخيباً.
على مدى ساعة ونصف، وأكثر، قال السيد ما لم يقله في أي خطاب آخر، وبالرغم من كل ذلك، لم يقل كل شيء.‏
تحدث عن الوطن وعن الشعب وعن الصبر والصمود، وعن الثبات عند المطالب، وأكد أن الفتنة لن تنجح، لأنه إذا كان هناك من يشعل نارها، فإن الطرف المقابل لا يقبلها وهو حساس جداً تجاهها، ويرفض الدخول فيها.‏
رحّب بطرح المطارنة الموارنة مؤكداً ان ما فيه ما يمكن التوافق عليه، وفيه ما يناقش ويمكن تأجيله.‏
تحدث عن ضرورة قيام حكومة وحدة وطنية قرارها لبناني وإرادتها لبنانية، لأنها هي التي تشكل الضمانة لأمن واستقرار لبنان ووحدته، مضيفاً: "نحن نؤيد إعطاء أي معارضة في لبنان ثلثاً ضامناً لأننا نؤمن بالشراكة والتعاون، ولا نؤمن بالتفرد".‏
ولكن.. لم يكن هذا كل شيء.‏
هناك بعد، وبعد، وبعد..‏
هناك دعوة أخيرة إلى قيام حكومة الوحدة الوطنية، قبل أن تتغير المطالب، لتصبح قيام حكومة انتقالية تحضّر لانتخابات نيابية مبكرة تقوم بعدها حكومة، سيبقى فيها للمعارضة ـ السلطة اليوم ـ الثلث الضامن.‏
وهناك دعوة إلى أوسع مشاركة في صلاة الجمعة ظهر هذا اليوم بإمامة الداعية الشيخ فتحي يكن.‏
.. وهناك الملف الأهم، الملف المتعلق بحرب تموز الصهيونية على لبنان، والتي كشف السيد أنها لم تكن حرباً غربية صرفة، وإنما هي حرب دعا إليها بعض قادة السلطة في لبنان من خلال دعوة الإدارة الأميركية للطلب من "إسرائيل" شن هذه الحرب.‏
وكشف السيد أن رئيس الحكومة الساقطة والمتهالكة أمر الجيش اللبناني خلال الحرب بمصادرة الإمدادات التي ظلت تصل للمقاومة بالرغم من كل محاولات العدو لقطعها من خلال قصف الجسور والطرقات.‏
وكشف السيد أيضاً وأيضاً أن جهازاً امنياً تابعاً لسلطة ترك مهمة ملاحقة العملاء للعمل على تقصي أماكن تواجد قياديي حزب الله، وحتى مكان السيد نصر الله شخصياً.‏
كان كلام السيد فوق المتوقع، وأكبر من أن تستوعبه العقول، ولذلك طالب بلجنة تحقيق محايدة ـ عربية أو إسلامية ـ لكي تتابع هذه الاتهامات الخطيرة وتكشف الدور الذي لعبته هذه الطغمة الحاكمة في الحرب التي كانت تشنها "إسرائيل" على لبنان طوال ثلاثة وثلاثين يوماً.‏
إنه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، متحدثاً إلى جماهير المعارضة الوطنية اللبنانية التي نزلت بالآلاف إلى ساحتي ورياض الصلح والشهداء في وسط بيروت لتستمع إليه يقول: "كما وعدتكم بالنصر دائماً.. أعدكم بالنصر مجددا، يا أشرف الناس".‏

الجمعة، ديسمبر 01، 2006

هبـّــــــــــوا

ربما تُقرأ هذه الكلمات والشعب اللبناني في الشارع.
الشعب كل الشعب، من كل مكان، وفي كل شارع، وإن كانت بيروت هي القلب وهي المركز وهي.. هي التي منها البداية، وإليها النهاية.
أنا وأنت وهو وهي، الأب والأم والأخ والأخت، الابن والابنة والصغير والكبير.
كلنا في الشارع، تلبية للدعوة المباركة، وللدعوات الصادقة من أجل تحقيق التغيير المطلوب، نحو لبنان الحقيقي الذي يرغب به الجميع.
في هذا اليوم، يخطو اللبنانيون نحو وطنهم ليستعيدوه من الأيدي التي حاولت اختطافه والسير به في طريق مختلف عن كل ما يقرّه أبناء الشعب للوطن الذي ضحوا من أجله، وما زالوا يضحّون.
هذا يومنا، يومكم، يوم الذين يرغبون بأن يعبروا عن أنفسهم، ويقولوا كلمتهم ويعلنوا موقفهم، بعد طول كبت، وبعد كبير صبر، وبعد إعطاء الفرصة بعد الفرصة.
قوموا، لا تترددوا، ولتكن الكلمة واحدة، بلا تمييز، بلا تقسيم، بلا تطييف، كلمة واحدة لشعب واحد، يرفض إلا أن يكون لبنان هو لبنان الجميع، ويأبى أن يتحول إلى مزرعة وشركة وكانتون.
لبنان للجميع.. لبنان نحن.. وسيبقى.
محمود ريا