الخميس، أغسطس 30، 2007

الإعلام في خدمة "الحرب"

من يتابع القناة التاسعة في التلفزيون المركزي الصينيCCCTV9 ، وهي القناة الدولية الصينية التي تبث باللغة الانكليزية، يمكنه أن يكتشف حجم الأثر الذي تتركه الحملة الشرسة التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية على الصين، والتي تتصاعد يوماً بعد يوم، في سياق ما بات يعرف بأنه "حرب تجارية" حقيقية تتنوع مفرداتها وتختلف ظواهرها، دون أن تتغير "الروح" المحركة لها.
تخصص القناة الدولبة جزءاً كبيراً من بثها لتقديم تقارير تتناول حجم التضخيم الذي يتخفى في سياق الهجمة الشرسة على المنتجات الصينية والتي تتخذ عنواناً لها هذه الأيام ألعاب الأطفال التي سحبت شركة ماتيل الأميركية التي تتولى تسويقها في العالم تحت اسم ماركتها التجارية الملايين منها من الأسواق العالمية بحجة احتوائها على كمية كبيرة من الرصاص.
وتتنوع التقارير التي تبثها القناة الدولية بين الحديث عن جودة المنتجات الصينية وعن تفعيل أجهزة الرقابة في الصين لكشف أي تلاعب في النوعية، وبين الإشارة إلى الهدف من الهجمة التي تشن على الصين والخلفيات الحقيقية التي تقف وراءها، وبالتحديد الأهداف الأميركية التي تتخلص بمحاولة محاصرة التوسع الصيني في اكتساح الأسواق العالمية من خلال تحطيم صورة المنتجات الصينية في أعين المستهلكين في أنحاء العالم.
وتلخص هذه المحاولة الأميركية فكرة وردت في مقال نشره خبير أميركي قبل أيام تقول: إن مهمة المستهلك أسهل بكثير من مهمة الناشط السياسي والاجتماعي، فهو ليس بحاجة للكثير من الحركة ليحقق ما هو مطلوب منه، وإنما يكفي أن لا يذهب إلى السوق لشراء سلعة ما ليكون قد قام بالمهمة الملقاة عليه.
إنها دعوة واضحة لمقاطعة المنتجات الصينية، ترد عليها القناة الصينية الدولية بعرض مكثف لتحقيق مصور أجراه أحد مراسلي القناة يتضمن سيرة حياة كاتبة أميركية كبيرة تصر على أنها لا يمكن أن تتصور الحياة لو إنها توقفت عن استعمال كل ما يحمل شعار "صنع في الصين".
فهل تستطيع الصين بإعلامها النامي الصمود أمام الهجمة الإعلامية الكاسحة التي تشنها واشنطن، وتستخدم فيها وسائل الإعلام في أنحاء العالم لمحاربة الصين اقتصادياً؟
محمود ريا

لا يأتي من الغرب شيء يسرّ القلب

في هذا الزمن كل الناس يمكن أن يخطئوا، وكثيرون يمكن أن يتخذوا مواقف قد تكون مجانبة للحقيقة، أو مخالفة لها، أو ربما متناقضة معها. كثيرون هم الذين
يقولون ما قد لا يريد منهم مسؤولوهم قوله، أو قد يريدون لهم أن يقولوه، كي يقولوا هم من بعدهم غيره، فيكون لهم "سواد الوجه"، ولرؤسائهم الحزم والحسم.‏
هذه المعادلة تسري على الجميع، وحتى على موظفي الدولة الأعظم في هذا العصر.‏
القاعدة أن الدولة تتحدث بلسان واحد، وانطلاقاً من موقف موحد يعبر عنه جميع المعنيين وكل الموظفين.‏
ولكن ما نراه في هذه الأيام يجعلنا نشكك في هذه القاعدة، أو أن نشكك بما يفعله موظفو إدارة بوش في تعاطيهم مع ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية.‏
هل هناك اتجاهات مختلفة في تعاطي واشنطن مع هذا الملف؟‏
أم أن هناك مؤامرة تعدّ لها الإدارة الأميركية من خلال هذا التناقض في المواقف؟‏
على كل حال، "لا يأتي من الغرب شيء يسرّ القلب"، وسواء كان ما يحصل تناقضاً او انقضاضاً على لبنان فهو خطر لا بد من مواجهته.‏
ألم يلعب الأميركيون هذه اللعبة في أكثر من مكان في العالم ـ وخاصة في عالمنا العربي ـ تحقيقاً لمصالحهم؟‏
محمود ريا‏

الثلاثاء، أغسطس 21، 2007

معراب.. خارج الإعراب


الاتفاق على رفض تولي شخص لمنصب لا يعني الاتفاق على الشخص الذي ينبغي عليه تولي هذا المنصب...
هذه هي خلاصة اللقاءات والاجتماعات التي يعقدها أقطاب السلطة، الذين باتوا يعانون من تخمة المرشحين المتنطحين لتولي الموقع الأول في الدولة اللبنانية، فإذا بهم يلجأون إلى نفي أي مرشح قوي ومحاولة إقفال الطريق عليه، عسى أن يؤدي ذلك إلى إفساح المجال أمام المرشحين الصغار، أو المرشحين الذين يملكون "تاريخاً" طويلاً، ولكنهم لا يعرفون كيف يصرفونه في سوق الرئاسة.
وبين متنسك يرغب بالرئاسة ولكنه يعفّ عنها مقابل فرض نفسه مرجعية للرئيس وللمسيحيين ولناس البلد أجمعين، وبين مسترئسين مستعدين لبذل كل ما يطلب منهم كي ينالوا كلمة رضا أو إشارة تطمين، تبدو الكلمة الأخيرة وكأنها ستصدر من مكان آخر، لا "معراب" فيه، ولا صوت للذين باعوا كلمتهم وموقفهم مقابل وعود واهية، يعلم مطلقوها أنهم أعجز عن تحقيقها ـ لو كانوا يريدون تحقيقها بالفعل ـ ويعلم قابضوها أنهم لا يمسكون إلا بالوهم، ولكنهم يقبلون به لأنه ليس لديهم غير الوهم يتمسكون به.
تبدو الإدارة الأميركية وصية على هؤلاء.. "أكثر من اللازم"، ولكن ربما ليس أكثر من المطلوب.
لقد عبّر منظر الغرف السوداء في هذه التيارات، المتشعبة الانتماء والموحدة الانحناء، عن هذه الحقيقة عندما دعا المندوب السامي الأميركي إلى اختيار رئيس من بين المسترئسين في تيار "السياديين" فيوفر عليهم عناء التطاحن، ويقيلهم من أزمة النفي والنفي المضاد، والإعدام المعنوي والسياسي وربما الجسدي والمادي أيضاً.
ولكن هذا المنظّر الذي يكاد يُشعر اللبنانيين بالغثيان وهو يتحدث عن السيادة والاستقلال، فيما هو يسلم اختيار رئيس بلاده إلى الأمريكان، ربما لا يعلم ـ وربما يعلم وينكر إنكار المصدوم نفسياً ـ أن قرار اختيار رئيس البلاد ليس مضغة في أفواه هؤلاء الأسياد، وإنما هناك من هو قادر على تعطيل أي مشروع أميركي مهما كانت قوته، وهذا ما يجعل هؤلاء "السياديين" وأسيادهم من اصحاب الوصاية، في مأزق واحد، أو في مركب واحد، يترنح، ويتمايل، وهو في طريقه إلى الغرق، دون أن يستطيع أحد أن ينقذ أحد.
إن لقاء معراب لا يمكن أن يكون له محل من الإعراب، طالما بقي هؤلاء بعيدين عن التعاون مع أبناء وطنهم، وطالما بقوا خداماً للأغراب.
محمود ريا

بكين تخفي ما تجهر به موسكو

افتتاحية العدد الثاني عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
إذا كانت المناورات التي شهدتها الأراضي الروسية والصينية خلال الأيام الماضية قد شارك فيها جنود من دول منظمة شنغهاي الست، فإن الكثير من المراقبين لم يتورعوا عن القول إن هذه المناورات هي مناورات روسية صينية، بما يعنيه ذلك من التقاء لهاتين القوتين العظميين على المستوى العسكري، بشكل يجعل من طرح الأسئلة حول مستقبل العلاقة بين هذين البلدين أمراً مشروعاً.
لقد أظهرت قمة منظمة شنغهاي مدى التناغم الروسي ـ الصيني حول فكرة رئيسية هي الرغبة في إثارة غضب الولايات المتحدة الأميركية، دون أن يعني ذلك رغبة في وضع المواجهة مع "الدولة الأعظم" موضع التنفيذ، في القريب العاجل على الأقل.
وتتعدد الأسباب التي قد تدفع روسيا إلى إغضاب الولايات المتحدة، وربما السعي إلى الدخول في مواجهة مباشرة معها، والظواهر على هذه المواجهة تبرز كل يوم، من الدرع الصاروخي إلى القاذفات الاستراتيجية إلى صفقات الأسلحة التي تنهال على الدول المعادية لواشنطن، إلى غير ذلك من الظواهر المختلفة. ولكن ما الذي يدفع الصين إلى الدخول في مواجهة من هذا النوع؟
تصر القيادة الصينية على أن ما حصل من مناورات ليس موجهاً ضد أحـد، وبالتحديد ضـد الولايات المتحدة، وتؤكـد أن الهدف من هذا التجمـع السياسي الاقتصادي العسكـري
هو التصدي لـ "لإرهاب" في المنطقة، بما يتكامل مع الحرب الأميركية العالمية ضد "الإرهاب". إلا أن الظواهر التي رافقت القمة، والاستقبال الذي لقيه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فيها لا يشير إلى أن الأمور هي بهذه البساطة، ويؤكد أن الصين تحاول أن تمارس في الخفاء أكثر مما تعلن روسيا أنها تمارسه في العلن من تصدّ للمحاولات الأميركية الهادفة إلى منع بروز أي قوى منافسة لواشنطن على المسرح الدولي.
ولعلّ في ما ينشر في وسائل الإعلام الغربية من تقارير ومعلومات حول قوة الصين العسكرية، والنمو المتسارع الذي تشهده هذه القوة، ما يدل على أن ما تقوم به الصين يخضع لمراقبة دقيقة من الغرب، وبالتحديد من البنتاغون الذي يعيش قلق "اللحظة الآتية" في تعامله مع النهوض الصيني.
إن ما تقوم به الصين من تحركات وما تنسجه من تحالفات بات عصياً على الإخفاء، وصار المطلوب فعلاً أن تجهر الصين بما تريده، بدل أن تبقى مستترة تحت لافتة الضعف في مواجهة القدرة الأميركية.
محمود ريا

التأهب الدائم

لا يكون النصر مفرداً أو ربح معركة أو حتى في هزيمة عدو.
لا يكون النصر إلا روحاً تسود المقاومين، وعملاً مستمراً لتحصين المنتصرين.
من هنا فإن الانتصار لم يبدأ في الرابع عشر من آب/ أغسطس عام 2006، وإنما من اللحظة التي نهض فيها هذا الشعب لمقاومة المحتلين.
منذ لحظة الاحتلال انطلقت مسيرة النصر، واستمرت، مع كل بسمة على شفاه مجاهد، مع كل دمعة في عين أم، مع كل حجر افتقده منزل بسبب قذيفة معادية، في عام 1982، وعام 1990، وعام 1993، وعام 1996.
في عام 2000 أيضاً، كان التحرير، وكان جزءاً من النصر، وكانت الكلمة: لم ينتهِ جهادنا الآن، وإنما بدأ، وهذا ما كان فعلاً.
لذلك، يأتي الاحتفال بانتصار الرابع عشر من آب/ أغسطس لا ليكون إعلان استراحة، وإنما تأكيداً على السير في هذا الدرب، حتى اكتمال مسيرة الانتصار.
بالأمس سمعنا الكلمة، وشحذنا الهمم، ووضعنا أنفسنا حيث يجب أن تكون: تأهب دائم حتى إسقاط العدو الدائم.
.. وعندها يكون "الاحتفال".
محمود ريا

الأربعاء، أغسطس 15، 2007

"تحالف شنغهاي": بمواجهة من؟


افتتاحية العدد الحادي عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
تابعت القوى العسكرية التابعة لمنظمة حلف شنغهاي مناوراتها العسكرية التي تجريها في روسيا وفي الصين.
هذه المناورات هي جزء من نشاط شامل تقوم به المنظمة، سيتوج بقمة للدول المنضمة إليها وبمشاركة رؤساء بعض الدول التي تتمتع بوضع مراقب فيها، والتي ستعقد في قرغيزيا ابتداء من الثامن عشر من هذا الشهر.
ويبدو هذا اللقاء العسكري بمثابة إعلان لولادة نواة حلف في المنطقة الآسيوية سيترك آثاره الكبرى على المسرح السياسي العالمي، ولا سيما في حال انضمت إليه بشكل كامل كل من الهند وإيران، لأن الحلف حينها سيمثل ثلاث قوى نووية (الآن يمثل اثنتين هما روسيا والصين) إضافة إلى أكثر بكثير من نصف سكان العالم.
هل يمكن أن يقوم حلف من هذا النوع، وبوجه من سيكون؟
الوصول إلى مرحلة التحالف الوثيق والكامل يبدو بعيداً جداً، فهناك الكثير مما يجمع بين الدول المنضوية في المنظمة، ولكن هناك الكثير مما يفرق أيضاً، مع وجود عدم انسجام بين العديد من النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الدول التي يمكن أن يضمها هذا الحلف المفترض.
أما بوجه من سيقوم هذا الحلف، فالجواب يعرفه الجميع ولا يريد أن يقر به أحد.
يمكن استقراء الواقع الدولي لمعرفة "الخصم" الذي يواجهه هذا الحلف، ويمكن السؤال عن الطرف الذي تكاد روسيا تدخل معه في حرب باردة جديدة، والجهة التي تخوض معها الصين حرباً تجارية شرسة تتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم، للتأكد من الاتجاه الذي يسير فيه هذا الحلف.
وإذا لم تتضح الصورة بعد، فإن نظرة إلى خبر أوردته وكالات الأنباء في هذين اليومين قد تفي بالغرض: لقد رفضت دول منظمة شنغهاي السماح للولايات المتحدة بحضور المناورات العسكرية التي تجريها بصفة مراقب.
إنه إجراء غير معتاد في العلاقات الطبيعية بين الدول، ولا يحصل إلا بين "أعداء"، فهل وصلت الأمور إلى هذا الحد بين الشرق والغرب، وهل نحن على أبواب اندلاع سياسة محاور دولية جديدة؟
الصين تنفي وروسيا تقول لا.. ولكن الأفعال لا تبدو منطبقة على الأقوال.
محمود ريا

المهم أن لبنان انتصر

قدر اللبنانيين أن يكون شهر آب/ أغسطس هو شهر الحروب الكونية ضدهم وعلى أرضهم.
في السنة الماضية، شهد لبنان حرباً عالمية شاملة ضده، كانت أداتها الآلة العسكرية الصهيونية، ولكن المخطط والمموّل والداعم والمغطّي كانوا موزعين على كل مكان في الدنيا.
في آب من هذا العام شهد لبنان حرباً كونية أخرى ضده، وإن تركزت في منطقة المتن، ولو اختلف الأسلوب.
الحرب كانت كونية فعلاً، وشارك فيها المخطط والمموّل والداعم والمغطّي أنفسهم الذين خاضوا الحرب التي شنّت العام الماضي.
وكما انكسرت تلك انكسرت هذه.
وكما انهزموا في العام الماضي.. انهزموا في هذا العام.
قد يكون المستهدَف اختلف، ولكن المستهدِف هو نفسه، قد يكون حجم الحرب تغيّر، ولكن المعتدي لم يتغيّر، قد يكون الهدف تبدّل، لكن الأدوات لم تتبدل.
كيف استطاع هذا البلد الصغير ان ينتصر مرتين على المعتدي، كيف تمكن من أن يذل الادارة الأميركية، بهذا الشكل، خلال سنة واحدة. أي سلاح يمتلكه حتى يتمكن من التغلب على التحريض والفتن والمال السياسي (البترودولار، بكل ما في الكلمة من معنى)؟
المهم أن لبنان انتصر.
محمود ريا

الخميس، أغسطس 09، 2007

الجيش الصيني: للدفاع.. كما هو دائماً


افتتاحية العدد العاشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
الجيش الأحمر، جيش التحرير الشعبي، ركيزة التغيير وضمانة الاستقرار احتفل الأسبوع الماضي بالعيد الثمانين لإنشائه.
بكل ما يحمله الصينيون في صدورهم من فخر، ومن شعور بالاستقلال، وبالقوة التاريخية والراهنة، جاء الاحتفال بالمناسبة ليؤكد أن القيادة الصينية ما زالت تراهن على هذه المؤسسة العملاقة لضمان استمرار الاستقرار في البلاد، مع ما يعنيه ذلك من حماية لمسيرة التطور المنطلقة بقوة صاروخية تعجز كل "المشاريع الدفاعية" عن إيقافها.
من هنا يتجاوز دور الجيش الصيني مسألة حماية الحدود أو منع التحركات المشاغبة، ليتحول إلى رافعة أساسية لعملية النهوض الاقتصادي التي تشهدها الصين، فهذا الجيش الذي يلعب دوراً مهماً على الصعيد الدفاعي، له دوره الأساسي أيضاً على الصعيد السياسي، كما أنه يقوم بمشاريع كبرى تدفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام.
ولا يقتصر دور هذا الجيش على ما هو عليه في الحاضر، وإنما هو يحتل حيزاً أساسياً من عملية رسم صورة المستقبل في الصين وفي الإقليم الآسيوي وفي العالم ككل.
فالجيش الصيني هو جزء من عملية تأكيد "الحضور الصيني" القوي في منطقة جنوب شرق آسيا، وهو "الخطر" الذي يحذّر منه الأميركيون الذي يرون فيه المنافس الحقيقي لجيوشهم المنتشرة في أنحاء العالم.
ولكن هل يرى الصينيون أنفسهم منافسين فعلاً للأميركيين، أم أنهم يواصلون التأكيد أن هذه الصورة المعطاة لجيشهم هي من نسج خيال مخططي الحروب الباردة الذين يستعملونها كوسيلة لتأجيج الصراعات على مستوى العالم؟
الصينيون مصرون على أن جيشهم هو لحماية أمنهم ولضمان استقرار ووحدة بلادهم، كما أنهم يؤكدون على عدم وجود أي فكرة لديهم عن إمكانية استعمال هذا الجيش للصدام مع أحد في العالم، سواء في الإقليم الشرق آسيوي أو في أي مكان آخر، ويستثنون من ذلك إشارة غامضة إلى موضوع تايوان، حيث يبقى استعمال الجيش كـ "آخر الدواء" في وجه أي محاولة انفصال تايوانية، ودون أن يكون هذا الاستعمال مسألة محتمة، فهم يتحدثون عن "وسائل غير سلمية" ولا يتحدثون أبداً عن وسائل عسكرية.
الجيش الصيني اليوم فخور بنفسه، وفخورة به بلاده، وهو يتقدم بشكل حثيث، وإن بشكل متدرج كما أعلن الرئيس الصيني، والهدف هو الدفاع، كما كان دأبه دائماً على مدى سنواته الثمانين.
محمود ريا

ماذا ستختار الشعوب؟

جميل هذا الذي يحصل في عالمنا العربي.
وأجمل ما فيه أنه واضح، ظاهر، حادّ الافتراق بين الأبيض والأسود. ومن يملك الحد الأدنى من الحصانة يمكنه أن يتجاوز كل "القنابل الدخانية" التي تلقى كي تشوّه رؤيته وتمنعه من التمييز بين الألوان.. والحقائق.
لقد بدأ المعسكران يُفرزان، ومن كان يحمل راية العروبة والإسلام والدفاع عن حقوق الأمة، ها هو يلتحق، صاغراً أو راغباً، بـ"المعسكر الآخر"، ويترك بجلاء ووضوح الحديث عن حقوق الأمة لمصلحة الالتحاق بمشاريع التسوية، وإبداء الاستعداد للّقاء وجهاً لوجه مع الكيان الصهيوني.
هذه هو "المعسكر الآخر"، معسكر "المعتدلين"، "المسالمين"، المتحفزين للانتماء لحلف أميركا في المنطقة، دون تردد ودون حياء، حتى ولو كان هذا الحلف ضد حقوق المنطقة، وضد قواها الشريفة، وضد الشعوب وكل ما تؤمن به.
هذا هو "المعسكر الآخر"، فلم يعد صعباً أو إشكالياً تحديد من هو المعسكر الأول، المعسكر الذي لا يزال يحمل راية الرفض لكل المشاريع الأميركية القاتلة.
جميل جداً أن يكون المرء بعيداً عن أي ارتباك في تحديد موقعه، بين أن يكون مع أمته وشعبه ودينه ومستقبله، أو أن يكون مع "الاخر"، مشروعاً ونهجاً ومصلحة ومستقبلاً.
فماذا ستختار الشعوب؟
محمود ريا