الجمعة، يوليو 20، 2007

التاريخ يعيد تشكيل نفسه


تقف الساعة عند حدث، وتقفز منه مباشرة إلى حدث آخر، متجاوزة ما بين هذا وذاك من دقائق وساعات تمر بلا تطورات.
هذه طبيعة الحياة لدى العاملين في المجال الإعلامي، فهم لا ينظرون إلى الوقت بصيغته التي ينظر إليه فيها الناس العاديون، وإنما بصيغة الحدث الذي يحصل والحدث الذي يأتي بعده، والحدث الذي سيأتي بعد ذلك.
في أيام تموز الماضي تساوى الوقت مع الوقت، وتساوت الثواني مع الأحداث، حتى حملت الثانية في أكثر من مرة أكثر من حدث، فضاع العاملون في الإعلام، ماذا يتابعون، وماذا يتركون إلى لحظة راحة.. لم تأتِ.
قليلة هي المراحل التي تمر على الانسان في حياته، ويكون فيها واقفاً بين اللحظات، يتلقى مع مرورها الخبر تلو الخبر، ويعيش الحدث بعد الحدث.
كانت أياماً كالسنوات بتطوراتها، كانت أياماً كالسنوات بمفاعيلها، عشناها ونحن لا نقدر أن نقدّر ما الذي ستتركه من بصمات على مسار التاريخ.
اليوم نحن نعرف، نحن نرى.. التاريخ يعيد تشكيل نفسه بناءً على ما جرى في تلك اللحظات.
محمود ريا

الصين وروسيا: شراكة.. ولا حلف


قام وزير الخارجية الصيني يانغ جي تشي بزيارة إلى موسكو التقى خلالها كبار المسؤولين الروس وفي مقدمهم نظيره سيرغي لافروف والرئيس فقلاديمير بوتين.
هذه الزيارة ليست الأولى لمسؤول صيني إلى موسكو هذا العام فقد سبقه رأس الدولة هو جينتاو بزيارة مهمة في آذار/ مارس الماضي اعتبرت كنقطة بداية لانطلاقة جديدة بين البلدين العملاقين، كما جرى إحياء عام روسيا في الصين وعام الصين في روسيا خلال العامين الماضيين، ما شكل فرصة مهمة لرفع مستوى التواصل على المستوى الشعبي فضلا عن المستوى الرسمي بين البلدين.
كل هذه اللقاءات والاتصالات تترافق مع تصاعد مثير للاهتمام في العلاقات الاقتصادية بين البلدين العملاقين، حيث وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 35 مليار دولار أميركي، وهو رقم يرتفع بسرعة صاروخية في ظل اعتناء قيادتي البلدين بالعمل بكل قوة من اجل تطوير التبادل وتنويعه وتعميقه في مختلف المجالات.
إلا أن هذا ليس كل شيء في العلاقة التي تجمع البلدين، فهناك التناغم في النظرة إلى الكثير من القضايا الدولية، وهناك الامداد المتلاحق والمتدفق للصين بالاسلحة وبتكنولوجيا الأسلحة الروسية، وهناك الدعوة التي تقدمها روسيا إلى الصين بكل خفر، ولكن بشكل متكرر، لتحويل كل هذا التوافق إلى نوع من الحلف السياسي والعسكري بما يضمن تحقيق مصالح البلدين ويحاصر
الهيمنة الأميركية للعالم والتي تستفز البلدين على السواء.
إلا أن هذه الدعوة لا تلقى أذاناً صاغية من المسؤولين الصينيين على ما يبدو، فهم ما يزالون يحسبون ألف حساب لكل ما يمكن ان يعكر علاقاتهم مع الولايات المتحدة، وذلك من أجل الحفاظ على المصالح الاقتصادية الهائلة التي تربط بين واشنطن وبكين، بالرغم من كل ما يظهر من ملامح للتوتر بين اليانكي الأميركي والتنين الصيني.
وهكذا تبدو العلاقات بين مثلث القوة الاقتصادية والعسكرية في العالم (واشنطن ـ موسكو ـ بكين) محكومة بقاعدة "الغرام والانتقام"، بحيث تسعى كل عاصمة من العواصم الثلاث إلى التقرب من عاصمة أخرى في هذا المثلث لإغاظة العاصمة الثالثة ودفعها إلى تغيير سياستهاواتباع سياسة أكثر مرونة وحميمية في التعاطي مع العاصمة المعنية، وذلك في ظل لعبة بعرف الجميع قوانينها ومآلاتها ونتائجها في النهاية.
موسكو وبكين مرة أخرى على خط التحالف؟.. لم لا، ولكن متى؟
محمود ريا

الصين والارهاب في العراق وأفغانستان!


الاتهام الأميركي الخطير لم يأتِ من مصدر رسمي ولا في مؤتمر صحافي لرئيس أو مسؤول كبير، خرج به على الملأ ليفاجئ العالم ويضعه أما خياري الحرب والسلم.
كان مجرد "تسريبة" في صحيفة معروفة بغلوّها اليميني وعدم اهتمامها كثيراً بالمصداقية.
إلا أن هذا لا ينفي أن الخبر يثير الكثير من التساؤلات، ولا سيما أنه جاء يمس أكثر الأعصاب حساسية عند المواطن الأميركي الذي بات منهكاً من حجم الخسائر التي يتكبدها جيشه في أفغانستان والعراق.
فأي خبر أسوأ لدى الأميركي من القول له إن هذه الدولة أو تلك تساهم في قتل أبنائنا في أفغانستان والعراق.
وكيف سيكون وقع الخبر إذا اقترن مع دفق من المعلومات التي تتحدث عن سعي تلك الدولة إلى امتلاك قوة عسكرية هائلة تتعدى الأسلحة المعتادة لتصل إلى حاملات الطائرات الضخمة والغواصات النووية الواسعة الحركة والصواريخ الباليستية القادرة على توجيه ضربات صاعقة للأراضي الأميركية نفسها؟
وكيف يمكن للمواطن الأميركي أن "يسكت" وهو يعلم أن الدولة نفسها التي تفعل كل ذلك هي التي تفرض نفسها بقوة على اقتصاده، وتتحكم بمعظم سندات الخزينة التي تصدرها بلاده لتمويل ديونها الضخمة التي تتزايد يوماً بعد يوم.
إنه خبر من النوع الذي يهدف إلى رش الفلفل على الجرح، لدفع المجروح إلى التحرك بلا وعي، أو للصراخ بلا انقطاع.
إنه خبر يسعى إلى تمهيد الأجواء لخطوات أخرى لاحقة، لأن الأميركي الذي يعاني من كل ذلك في علاقته مع الصين، ما زال صامتاً أمام ما قد يأتي، وأمام "الغول الاقتصادي" الذي يلتهم مكانة بلاده وينافسها على الموارد في العالم، ولكنه لا يستطيع الاحتفاظ بصمته أمام ما يحصل الآن وبشكل مؤلم.. أقصى درجات الإيلام.
أسلحة صينية لـ "الارهابيين" في أفغانستان والعراق" وبالتعاون مع إيران؟
إنها "الخلطة السحرية" لتسعير سخط الشارع والمجتمع والمؤسسة الأميركية ضد الصين، فما الهدف الذي يكمن وراء هذه الخطوة، وهل نحن أمام مشروع افتعال حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين، أم أمام محاولة تهويل ضد الصين لمنعها من تقديم الدعم لإيران في حال حاولت الولايات المتحدة ضربها؟ أم أن إدارة بوش قد جنّت حقاً، وبدأت تسوق الجميع بعصا الاتهامات غير الموزونة؟
محمود ريا