السبت، يناير 12، 2008

هل هانت نفوس العرب على العرب؟

يحز في القلب أن يقف جورج بوش على أرض فلسطين، ويعلن عن هذا التراب أنه أرض دولة يهودية، ثم يستقبله الذين ينصّبون أنفسهم قادة للشعب الفلسطيني بالقول: أيها الصديق الكبير.‏
ينغرز خنجر في الظهر، عندما نرى جورج بوش يحط في جزيرة العرب، ويستقبل استقبال الرؤساء المكرّمين، وهو الذي لم يدع شعباً عربياً إلا وأذاقه مرّ الألم، وحاول أن يفرض عليه ذلّ الهزيمة؟‏
كيف يكرّم هؤلاء العرب قاتلهم، كيف يمجّدون عدوهم، كيف يضعون أيديهم في أيدي الذين يسرقون من أطفالهم كل لحظة فرح، وبسمة أمل وحبة تراب؟‏
إنها عجيبة العجائب في هذا العصر أن ينزل بوش ضيفاً على قادة الدول العربية، فيما هو يعلن بالفم الملآن عداءه لكل ما هو عربي ومسلم، من دون أي استتار.‏
فهل هانت نفوس العرب على العرب، وهل صغرت في أعينهم مقدساتهم، وهل باتوا على دين ملوكهم ورؤسائهم، لا يثورون لكرامة مهدورة ولا يسعون للثأر لحقوق مغصوبة؟‏
أيها العرب، لو أنكم منعتم بوش من زيارة بلادكم، لو أنكم تظاهرتم احتجاجاً على الزيارة، لو أنكم صرختم بـ"لا" مدويّة في وجهه وفي وجه مستقبليه.‏
لا يكفي في هذا العصر إبقاء الغصة في القلب.‏
محمود ريا‏

الصين والولايات المتحدة.. والنفط

افتتاحية العدد الثاني والثلاثين من نشرة "الصين بعيون عربية" الالكترونية الأسبوعية
ارتفعت أسعار النفط بشكل غير مسبوق في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، حتى وصلت مع مطلع العام الجديد إلى أكثر من مئة دولار للبرميل الواحد.
ومن بين العديد من الأسباب التي قُدّمت لارتفاع الأسعار بهذا الشكل، وجهت أصابع الاتهام إلى الصين، بصفتها الدولة الثانية في العالم في استهلاك النفط، مع نسبة نمو في الاستهلاك والاستيراد لم تسبقها إليها أي دولة أخرى، وذلك نتيجة النمو الاقتصادي الهائل الذي تشهده هذه الدولة.
وفي المقابل فإن الكثير من المراقبين يعتبر أن هذا الارتفاع الجنوني لأسعار النفط سيؤدي إلى عرقلة النمو الاقتصادي الصيني وإلى خلق الكثير من السدود التي تحول دون القدرة على الاستمرار في تقديم الأداء الاقتصادي المتميز الذي تشهـده الصين في السنوات الأخيرة.
وبين هذا الحد وذاك تبدو العلاقة بين الصين والنفط معقدة بشكل كبير، وتتداخل فيها الكثير من المعطيات الاستراتيجية والسياسية والاقتصـادية .
فالصين التي تعتبر من الدول المنتجة للنفط باتت مع النمو الكبير الذي يشهده اقتصادها من أكبر الدول المستوردة، الأمر الذي وضعها في موقع المنافسة مع دول أخرى تعتبر الثروات النفطية الموجودة في العالم جزءاً من أمنها القومي، وعلى رأس هذه الدول بالطبع الولايات المتحدة الأميركية.
وقد تحول التنافس على البحث عن مصادر النفط إلى تنافس لبسط النفوذ وجذب الدول للانخراط في تحالفات اقتصادية هي أقرب إلى التحالفات السياسية منها إلى أي شيء آخر، وبات النزال واضحاً تماماً بين بكين وواشنطن في أكثر من منطقة في العالم، ولا سيما في أفريقيا وأميركا اللاتينية. لا بل إن بعض المراقبين يضعون ما تشهده منطقتنا العربية الإسلامية من تطورات، بدءاً من الغزو الأميركي للعراق وصولاً إلى تهديد واشنطن بضرب إيران، (في جزء منه على الأقل) في إطار السعي الأميركي لوضع حواجز أمام التمدد الصيني إلى المنطقة.
وإزاء هذا الواقع تبدو الأمور مرشحة في المستقبل إلى المزيد من التفاقم، سواء فيما يتعلق بأسعار النفـط التي يرى محللون اقتصاديون أنها قد تصل إلى مئتي دولار للبرميل الواحد خلال السنوات القليلة المقبلة، أو بالنسبة لانعكاسات هذا الارتفاع الهائل لأسعار النفط على الوضع الاستراتيجي والاقتصادي العالمي.
فهل سيكون النفط هو وقود نزاعات المستقبل وهو شرارة انطلاق هذه النزاعات في الوقت نفسه، أم أن العـالم سيتأقلم مع سياسة نفطية دوليـة تحوّل التنافس إلى تعاون يحمي الأرض من حرب على ثرواتها؟