السبت، فبراير 21، 2009

قبل أن "يقع الفاس في الراس"


أجاب رئيس حكومة لبنان عن سؤال طرح عليه حول الخرق الصهيوني الجديد على الحدود مع لبنان، مبرراً "ما حصل" بأنه خرق للشريط التقني وليس للخط الأزرق، وكفى المؤمنين شر القتال.. ولكنه سكت عن أسئلة خطيرة أخرى طرحها عليه النائب علي عمار، وكلها أسئلة تستحق المتابعة للوصول إلى إجابات مقنعة لها (وليس على طريقة إجابة السؤال حول الخرق الصهيوني) بسبب المخاطر الكبيرة الناجمة عن القضايا المطروحة والتي لا يمكن المرور عليها كأنها أمور عادية يسهل تجاوزها.
فالوفود الأجنبية تتجاوز الأصول الدبلوماسية في التعامل مع لبنان، ولا سيما الوفود الأميركية التي تدخل لبنان وتخرج منه وكأنه ساحة سائبة بلا حدود وبلا ضوابط وبلا قوانين تحكم الدخول إليه والخروج منه، وهذا أمر دفع وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ إلى القول إن ما يحصل في هذا المجال يخالف ألفباء الأصول الدبلوماسية وكل بنود المعاهدات الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول.
على أن الأخطر من ذلك هو موضوع تحريض المدربين الأجانب لضباط القوى الأمنية اللبنانية على جزء أساسي مكوّن للشعب اللبناني خلال الدورات التدريبية التي يشارك فيها هؤلاء الضباط، بما يمثله ذلك من تحريض مباشر على الحرب الأهلية وزرع الحقد والتنافر بين اللبنانيين خدمة للمشاريع الأجنبية الغريبة عن شعبنا ووطننا.
لماذا لم يقل رئيس وزراء لبنان إن هذا لم يحصل ولا يحصل ولا يمكن أن نقبل به إذا حصل، فهل هو يعترف ـ بسكوته عن الرد ـ بصحة هذه المعلومات؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هو الإجراء الذي سيُتخذ للوقوف في وجه جريمة تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض؟
يختلف أبناء الشعب اللبناني، وهذا يحصل في كل الدول، ولكن أن يأتي غرباء من أجل تصعيد الخلافات بين اللبنانيين ولتحريض ضباط القوى الأمنية على حزب الله وغيره من القوى بحجة التدريب، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه، ويجب أن يبقى في رأس الأولويات حتى طرد هؤلاء الضباط الأجانب الذين جَرُؤوا على الفتنة بين اللبنانيين، أو اتخاذ موقف من الذين يضعون البرامج التدريبية في عواصم الغرب.
فهل نجد جواباً في المرة القادمة، وقبل أن "يقع الفاس في الراس"؟

محمود ريا

الانتقاد/ العدد 1334، 20 شباط/ فبراير 2009