الاثنين، أكتوبر 20، 2008

خير على خير

انعقدت النية مراسيم واتفاقات، وصارت الرغبات تواقيع وتحضيرات، وبات لبنان وسوريا على أهبة الاستعداد لقص الشريط الافتتاحي في دمشق وبيروت، معلنا هنا وهناك عن فتح السفارات وانطلاق العلاقات.

جميل جداً، لا بل هو فوق الجمال بمراحل، أن تصبح العلاقات بين الدولتين منظمة عبر بروتوكولات ومراسيم تجعل هذه العلاقات رسمية ومقوننة.

هذا الشعور بالراحة إزاء ما حصل، قد لا يكون نتيجة اطمئنان الى أن العلاقات بين لبنان وسوريا سوف تتطور، لأن تبادل السفارات واعتماد السفراء لا ينشئ علاقة بين دولتين، وإنما هو يعبر عن متانة هذه العلاقة وعن الرغبة في تطويرها وجعلها أكثر قوة وعمقاً.

بين دولتين مثل لبنان وسوريا هناك من العلاقات والوشائج ما لا تقويه إقامة علاقات دبلوماسية، ولا يضعفه عدم وجود هذه العلاقات. ما بينهما وصل منذ القدم إلى الحد الأقصى، فلا ينخفض نتيجة إجراء قانوني ولا ينهار بسبب موقف سياسي.

هذان البلدان هما معا، بغض النظر عن الظروف هنا والظروف هناك، ومن يرد أن يخضع العلاقة بين الدولتين إلى ميزان العلاقة بين الدول الأخرى، لا يعلم ماذا يعني كل بلد بالنسبة الى الآخر، ولا كل شعب بالنسبة الى الآخر.

العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا هي أمر جيد، جيد فحسب، قد يكون من التطرف وصفها بأنها "لزوم ما لا يلزم"، ولكن قد يكون من التطرف بالمقابل إعطاؤها وصف أكبر من أنها "خير على خير" تزيد الألفة وترفع نسبة المحبة.. وحسب.

عندما يكون التاريخ واحداً، والجغرافيا واحدة، والآمال واحدة، والمخاطر واحدة، والمستقبل هو نفسه، والشعب هو الشعب، والفرح لا يقسّم والحزن لا يُجزّأ، يصبح الحديث عن العلاقات الدبلوماسية من نافلة الحديث، ويصبح المطلوب الانطلاق إلى الأمام بسرعة للبحث في كيفية مواجهة التحديات، والاستفادة من الفرص التي تكون بيد واحدة أو لا تكون.
محمود ريّا