الأحد، أبريل 26، 2009

بلا مواربة: إنهم ليسوا منا


كُتب كثيراً عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وقيل الكثير بالإيجاب والسلب عن شخصيته وعن مواقفه وعن كل شيء حوله.
وكُتب الكثير أيضاً عن وقفته أمام العالم، سواء في الأمم المتحدة، أو في مؤتمر مناهضة العنصرية، أو في أي مؤتمر آخر يشارك فيه، إذ يقول كلمته بلا تزويق وبلا دبلوماسية.. وبلا نفاق.
وما وقفته في مؤتمر ديربان ـ2 في جنيف قبل أيام إلا واحدة من تلك الوقفات، لم يزد ما قاله فيها عمّا قاله في مكان آخر.. إنه ـ ببساطة ـ الحقيقة حول الجرائم الصهيونية التي يراها العالم كله ولا يجرؤ على انتقادها إلا النزر اليسير من الناس.
ما يجب التوقف عنده ليس خطاب أحمدي نجاد الذي رأى فيه الإعلام الدولي شيئاً عجباً، في الوقت الذي يعرف مفردات هذا الخطاب كل طفل وكبير وصغير في منطقتنا، إلى درجة أن الكثير منا كان يظن أن أحمدي نجاد يتحدث عن معاناته الشخصية مع الاحتلال الصهيوني العنصري في كل فقرة من الخطاب.
ما يجب التوقف عنده فعلاً هو المظاهر التي رافقت الخطاب في مؤتمر دولي عالمي له أصوله وبروتوكولاته الدقيقة والمحددة، حيث كانت حالة الهرج والمرج التي سادت القاعة بمثابة خطة مبرمجة من قبل منظمات وجهات محددة، سواء لجهة محاولات "التهويش" على الخطاب، أو لجهة انسحاب العديد من الوفود "الغربية" من القاعة "احتجاجاً" على الاتهامات التي وجهها أحمدي نجاد لـ"إسرائيل"، وإعادته التأكيد على كون الصهيونية وجهاً من وجوه العنصرية.
حتى هذه الحالة يمكن إمرارها، فالأمر الطبيعي هو أن تقوم القوى المتضررة من الخطاب بمحاولة التشويش عليه حفظاً لصورة "إسرائيل" التي باتت مشوّهة أمام العالم إلى درجة مثيرة للقلق لدى الحلفاء والأصدقاء.
ما أثار العجب لدى البعض من أبناء أمتنا هو انسحاب وفود تمثّل دولاً عربية مع الوفود الأوروبية احتجاجاً على اتهامات أحمدي نجاد، وهي دول تعرّض أبناؤها للكثير من الجرائم الصهيونية المنطلقة من مواقف عنصرية واضحة للعيان.
لهؤلاء المتعجبين يمكن القول: لا تتعجبوا فهؤلاء المنسحبون ليسوا منا، ولا يمثلون شعوباً عربية، وإنما يمثلون بقايا الغرب المتسلطين على رقاب هذه الشعوب.. وسيأتي اليوم الذي يرحلون فيه.. كما رحل أسيادهم.
محمود ريا
الانتقاد/ العدد1343 ـ 24 نيسان/أبريل 2009