الخميس، أغسطس 25، 2005

الصلف

ربما لا يكون سيلفان شالوم يهودياً متزمتاً (أرثوذكسياً) ولكن شعبيته بين الأرثوذكس كبيرة، لأن مواقفه تلائمهم كثيراً، وتاريخه قريب منهم، وربما يكون مستقبله معهم.
سيلفان شالوم، الشرقي المولود في تونس عام 1958، والذي هاجرت عائلته إلى فلسطين المحتلة عام 1959، "موظف ممتاز" فهو تقلب في الكثير من المناصب الحكومية على مدى تاريخه، ثم انتقل إلى العمل السياسي عام 1992 من خلال انتخابه نائباً في الكنسيت ذلك العام، وما يزال هناك حتى الآن.
وعلى الصعيد الحكومي بدأ شالوم مسيرته الوزارية عام 1997 حيث عين نائباً لوزير الحرب حتى عام 1998 فعيّن وزيراً للعلوم حتى عام 1999.
بين عامي 2001 و2003 كان شالوم نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للمالية، وفي شباط/ فبراير 2003 تسلم منصب وزير الخارجية في حكومة آرييل شارون.
شالوم المتزوج والأب لخمسة أولاد ما يزال يحمل أوزار شرقيته في مواقفه، وكان آخرها ما قاله تعقيباً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 والذي اعتبر قراراً إسرائيلياً بثوب دولي، وهذا ما ظهر صريحاً في قول شالوم أن لبنان سيكون الدولة العربية الثالثة التي ستوقع اتفاقاً لـ "السلام" مع "إسرائيل" بعد هذا القرار.
ولم يكتف شالوم بهذا الموقف فانفلت بحملة مواقف ضد سوريا، مهدداً إياها، وضد إيران، مستهدفاً برنامجها النووي، وضد الفلسطينيين، مؤكداً على ضرورة طرد الرئيس ياسر عرفات.
هذه المواقف المتشنجة التي ينطق بها وزير خارجية ( وليس وزير حرب مثلاً) تنبع من عقدة السفارديم التي تحكم كل اليهود القادمين من الدول العربية، والتي تجعلهم أكثر مبالغة في التهجم على الدول العربية، ربما للهرب من شبهة "تطفلهم" على الكيان الصهيوني.
وليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها شالوم تصريحات استفزازية بهذا المستوى، ولكنها ربما المرة الأولى التي ينطلق خلالها بحملة ضد الجميع في وقت واحد، إلى حد أنه وصل في هجومه إلى الاتحاد الأوروبي متوعداً ومحذراً!
هذا المستوى العالي من التحدي الذي "يتمتع" به شالوم نابع من كونه قريباً جداً من آرييل شارون، لا بل إنه بقف إلى يمينه في المواقف من المستوطنات والفلسطينيين، وربما يمكن من خلال ذلك معرفة إلى أي مدى هو صلف في التعبير عن مواقفه.
محمود ريا

ديموقراطية بوش

تبدو وصفة الرئيس الأميركي جورج بوش لنشر الديموقراطية في "الشرق الأوسط الكبير" عسيرة على الهضم لدى سكان المنطقة، بالرغم من أن تركيباتها ليست غريبة عنهم، وهم ملّوا من طعمها المرّ خلال العقود الماضية.
فما يقدمه بوش كمركّبات للوصفة المثالية التي ستلعب دور "حجر الخيمياء" محوّلة القصدير إلى ذهب ليس إلا الدبابات والطائرات والقذائف الثقيلة التي تلقى على المساجد والبيوت الآمنة وعمليات كم الأفواه ومنع التعبير عن الآراء إذا لم تكن توافق الحاكم الأعظم الذي انتقل مقره من العواصم الأقليمية إلى "العاصمة المركزية" في مزرعة بوش في ولاية تكساس الأميركية.
ليس في هذا بضاعة جديدة يمكن أن يقبل عليها أبناء الشعوب العربية بتلهف، فهذه نفسها البضاعة التي يقدمها لهم حكامهم الآن.
من غير الممكن أن يحس هؤلاء الموعودون بـ "الحرية" بالفرح لمجرد أن الورقة التي لفّت بها جثث القتلى من بينهم قد تغيرت وأصبحت مبهرجة وتلمع في الشمس، ولا تكفي "الحرة" ولا من يتطوع للعب دورها من الإعلاميين العرب لإقناعهم بأن ما يحترق هو ليس أجسادهم.
الوصفة غير معقولة، و"الطبيب" ليس أهلاً لكتابة الوصفات، والدواء مرّ مرّ، ولا يمكن أن تكون النتيجة شفاء للمريض، إلا إذا كان الشفاء ـ حسب رأي الطبيب نفسه ـ هو في اختفاء هذا المريض.. عن وجه الدنيا.
محمود ريا