الاثنين، يناير 30، 2006

زلزال حماس: ترتيب جديد للبيت الفلسطيني

زلزال سياسي، انقلاب، صدمة، مفاجأة.. كلها تعابير استخدمت خلال الساعات الماضية لوصف الحدث الكبير الذي تمثل بالفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية الأربعاء وأعلنت نتائجها شبه النهائية أمس الخميس.
وإذا كانت ردود الفعل الفلسطينية على حصول حماس على حوالي ثمانين مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي المئة واثنين وثلاثين توزعت بين تحرك رسمي لمواكبة تداعيات النتائج وتعبير شعبي عن الفرح بنجاح هذه التجربة الديموقراطية فإن ما صدر من مواقف عن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعكس حجم الصدمة التي تعرض لها القياديون في تل أبيب وواشنطن والعواصم الأوروبية المختلفة بعد الإعلان عن هذه النتائج.
ولعل أكثر ما يعبر عن هذا الشعور بالصدمة هو ظهور الفشل الذريع الذي لحق بتوقعات قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية في توقعاتهم لنتائج هذه الانتخابات، حيث كانت المصادر الأمنية المعادية لا تعطي حماس أكثر من ثلاثين بالمئة من الأصوات وهو الأمر الذي ثبت خطؤه الكبير.
وإزاء هذا الفشل تداعت القيادات الأمنية الصهيونية إلى اجتماعات عقدت ابتداء من ظهر الخميس من أجل تقييم ما حصل وتوقع نتائجه، وتزامنت مع اجتماعات طارئة مكثفة عقدتها الحكومة الصهيونية والقيادات السياسية المعادية للسبب نفسه، في حين توقعت مصادر مطلعة حصول خلافات واسعة في الداخل الصهيوني على خلفية الفشل الاستخباراتي في توقع النتائج.
الرد الأولي للمسؤولين الصهاينة صدر من رئيس الوزراء إيهود اولمرت وعدد من الوزراء وأعضاء حزب كاديما (شمعون بيريز) والأحزاب الأخرى، وقد أجمعت مواقف هؤلاء على التعبير عن الاستياء من النتيجة، وعلى رفض "التفاوض" مع حماس، وإن كانت المواقف الحقيقية والنهائية لن تصدر قبل انتهاء الاجتماعات التي عقدت مساء أمس واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل.
وكما كانت الصدمة في الأوساط الصهيونية فإنها عكست نفسها على الإدارة الأميركية التي سارعت للتعبير عن غضبها من النتائج وقال الرئيس الأميركي جورج بوش "ان الحزب السياسي الذي يريد البقاء هو الحزب الذي يسعى إلى الحفاظ على السلام".
أما على الجانب الفلسطيني فالسعي الآن هو لترتيب الأوضاع بعد النتائج، وكان ملفتاً "الاتصال الدافئ" الذي أجراه رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي عبر له فيه عن "حرص حماس وتمسكها بالشراكة مع كافة القوى الفلسطينية ولاسيما الإخوة في حركة فتح".
هذه الأجواء "التصالحية" عبر عنها القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية بشكل أكثر تفصيلاً حين قال إن إجراء محادثات مع حركة فتح حول احتمال قيام شراكة سياسية بينها وبين حماس سيتصدر سلم أولويات حماس في القريب العاجل. وأضاف هنيّة أن حركة حماس ستبدأ بإجراء مشاورات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة فتح وأحزاب فلسطينية أخرى حول تشكيل الحكومة.

عون: الطريق الثالث.. المستحيل

بين العداء المتأصل للموالاة والتناغم المستجد مع معارضيها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"لا حرب ما دام القادرون على إقامة الحرب لا يريدونها.."
هذه القاعدة التي يرددها العماد ميشال عون في الأيام الأخيرة من أكثر من منبر سياسي وإعلامي أتبعها مؤخراً بجملة اعتراضية لافتة عبّر عنها بقوله: "... ولكن الوضع خطير جداً، وهناك أطراف داخل الحكومة تدفش باتجاه الانفجار وتحرض على الحرب، ومن هم خارج الحكومة هم الذين يمنعون هذه الحرب".

يحاول التيار الوطني الحر شق "الطريق الثالث" على الساحة المحلية، ويعلن أنه بمواقفه التي يتخذها وتحركاته التي يقوم بها ولقاءاته التي يعقدها إنما يسعى جاهداً لمد خيوط الحوار مع الجميع بحيث لا يجنح أحد لتصنيفه أنه مع هذا التيار أو ذاك، أو يقف في صف وجهة النظر هذه دون تلك من وجهات النظر التي تتفاعل إلى حد التصادم على الساحة. ولكن هل ينجح في ذلك؟
يقول مراقبون لما يجري أن التيار العوني لم يستطع بأي حال من الأحوال الخروج من عقدة العداء لتيار الموالاة في لبنان، هذا العداء الذي يقوم على ثابتتين أساسيتين يصعب تخطيهما أو التساهل إزاءهما:
الثابتة الأولى تتمثل في التنافس الشرس المفعم باللحظات التاريخية التي لا تنسى مع القوات اللبنانية التي تشكل اليوم أحد "أثافي" التحالف الحاكم، مع تيار المستقبل واللقاء الديموقراطي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط.
وما يحصل من إشكالات يومية بين الطرفين في أكثر من منطقة وجامعة ومدرسة وحيّ أكبر من يخفى على وسائل الإعلام التي تورد بعض ما يحصل في حين يتم العمل على "ضبضبة" الكثير إعلامياً منعاً لزيادة التوتر وصولاً إلى انفجار الأوضاع.
والمشكلة في التنافس بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أنه لا يقف عند حدود الواقع الحاضر فقط، وإنما يستمد قوته من ماضٍ مشبع بالدماء التي سالت كما لم تسل في أي معركة أخرى على الساحة اللبنانية، وهو ينطلق نحو مستقبل لا أحد يعرف صورته طالما بقي هذا التياران "يحتكران" إلى حد كبير التمثيل المسيحي في جبل لبنان.
أما الثابتة الثانية التي تثير العداء العوني تجاه الموالاة الحاكمة فهي رفض "الالتحاق" بهذه الموالاة على قاعدة بقاء القرار في يد الطرف المقابل، وهذا ما تشدد القيادة العونية دائماً أنها مدعوة إليه، بمعنى أن ما يقدم لها من أجل التفاهم مع "الأكثرية" هو أن تسلّم قرارها لهذه الأكثرية دون أي معالجة للمشاكل التي أسست حالة العداء في الماضي، من الانتخابات النيابية التي "سرق" فيها الانتصار الكامل في الجبل والجزئي في الشمال، إلى محادثات تشكيل الحكومة حيث كان المطروح إعطاء التيار العوني بعض الوزارات الهامشية دون قدرة على المشاركة في القرار، وصولاً إلى المعارضة الشرسة لطرح اسم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، دون أن ننسى "تسونامي" والتصريحات التي تستهدف التيار العوني والتي لم تخفّ حدّتها حتى في عز مرحلة التودد "الأكثري" للتيار العوني تنفيذاً لإرادة السفارة الأميركية في عوكر.
وهكذا يبدو أن ما سعت إليه هذه السفارة من تجميع لقوى الرابع عشر من آذار قد ذهب أدراج الرياح، وخصوصاً مع إعلان عون نفسه رفضه لما طرحه عليه البعض من تشكيل جبهة لتنفيذ ما تبقى من القرار 1559.
ولكن لماذا يرفض عون تشكيل جبهة لتنفيذ القرار الذي سعى جاهداً هو لصدوره كما أكد أكثر من مرة؟
أجاب جنرال الرابية على هذا السؤال بنفسه عندما قال إنه لن يقبل "إلا باقتراح دائرة حوار للوصول إلى حل مقبول ومشرّف لكل الأطراف".
أي حوار هذا الذي يدعو إليه العماد عون، في حين أن المبادرات الكبرى على المستوى الإقليمي لم تستطع حتى الآن اختراق حالة الرفض الأميركي لوصول الأطراف اللبنانية إلى توافق على القضايا الخلافية؟
تبدو هذه الدعوة بمثابة إعلان موقف مبدئي، أكثر منها خارطة طريق حقيقية إلى حل الأزمة، ما يجعل الجنرال أمام معضلة الاختيار بين الوقوف على الحياد المطلق في الصراع الدائر، أو "التنسيق الكامل" مع الطرف الآخر للمعادلة اللبنانية، أي حزب الله وحركة أمل، رغم استمرار الخلافات حول العديد من القضايا مع قطبي هذا الطرف.
تبدو المعادلة صعبة، ولكن لا بد من ملاحظة حضور نائبي تكتل الإصلاح والتغيير سليم عون وعباس هاشم حفل تخريج طلاب التعبئة التربوية لحزب الله، وحديث عون نفسه عن الرهائن الأجانب في لبنان واعتباره أنهم "لم يكونوا ملائكة وإنما جواسيس برتبة ديبلوماسي أو أكاديمي" وتأكيده على الحل الداخلي لمسألة سلاح المقاومة.
كل هذه المعطيات توحي أن التيار الوطني الحر يعرف تماماً ما يقوم به، ويتحرك بدقة، وخصوصاً مع قدوم استحقاقات كبرى، المعني الأول فيها هو التيار العوني نفسه، وعلى رأسها بلا شك الانتخابات الفرعية في بعبدا ـ عاليه.
فهل يعني هذا أن التيار العوني حسم خياراته على الصعيد العملي مع الحفاظ على صورة الحياد الإعلامي في التجاذبات التي تعيشها الساحة اللبنانية؟
الجواب على هذا السؤال يكمن في الخيارات التي يطرحها التيار العوني للخروج من الأزمة التي يعشها لبنان والتي تتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية أو في إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهما أمران لا يوافقه عليهما إلا تحالف أمل ـ حزب الله في حين يتعرضان إلى إطلاق نار كثيف "يهدف إلى القتل" من قبل تيارات الموالاة بكل تلاوينها.
محمود ريا

تدريب.. لماذا؟

لم يكن سعادة النائب يرد على سؤال في مؤتمر صحافي أو في مقابلة تلفزيونية.
ينتفي إزاء ذلك الشك بأنه لم يكن يعرف ما يقول، أو أنه أُخذ بالسؤال فقال كلاماً لم يكن متأكداً من صحته، أو مدى دقته.
كان البيان الصادر عن مكتبه مبادرة، أي أنه صدر عن إرادة حرة غير خاضعة لأي ضغط.
بهذا تصبح المعلومات الواردة فيها بمثابة حقائق يقينية لا تخضع لجدال.
وبالتالي فإن البيان الصادر بعد ذلك لتكذيب البيان الأول يفتقد للمصداقية، طالما تم الاعتراف النهائي بمصداقية البيان الأول.
ماذا جاء في البيان "الصادق"؟
"ما حصل في الأرز هوتدريب لمهمة محددة وهي لعناصر الحماية للدكتور سمير جعجع. كذلك في أدما حيث تم تدريب عناصر لحراسة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" بعد التهديدات التي تلقتها."
انطوان زهرا ـ نائب عن القوات اللبنانية.
التكذيب الذي تبع هذا البيان قال إن زهرا نفى من الأساس وجود مخيمات تدريب، وأن الـ "أل بي سي" تحرسها شركة أمنية خاصة.
ليس مهماً السبب الذي أنتج التكذيب، لا ما إذا كان الكلام الأول غير صحيح، أو أن أحداً يريد أن يسلب عنه الواقعية التي تثبتها الوقائع، المهم أن مخيمات التدريب في الأرز وأدما تأكدت بشهادة من "أهل البيت" وأن الحكومة أمام مسؤولية إعلان "الحقيقة" كاملة، كي يطمئن اللبناني إلى ما يحصل في "المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية اللبنانية".
فهل تتحمل الحكومة مسؤوليتها.. ولو لمرة واحدة؟
محمود ريا

الثلاثاء، يناير 24، 2006

“The resistance is not militia.”

By Mahmoud Raya
------------------

“The resistance is not militia.”

These simple words require to be stated by the communiqué of the cabinet’, the “spokesman” of which can declare them after the cabinet’s meeting. After this, a major obstacle will have been removed to normalize the situation in the country.

Of course this is not the entire issue. However, it is a major part of it, where advancing with this issue will open the way for further progression pertaining to other several fields.

It could have been said that this issue was difficult, complicated and required further discussion; if only these simple words could be said-- there were far more issues said, not only in the secret chambers, but also through the local and international TV screens as well as from the rostrums and during the battles on the fields at the frontline with the Zionist enemy.

What prevents the speaking of these words?

Who prevents the repetition of these words?

After taking place worldwide, from Washington to Riyadh, Beirut, and many other places in order to reproach those who agreed to the repetition of what they said earlier, these communications were declared.

The coup, which was practiced by some people against their own souls, their stances and their former statements, was declared.

Lebanon cannot tolerate the consequences of these communications or the consequences of these coups.

Lebanon can only tolerate its own decisions, which are pure are not tainted by the rounds of swearing, which are generated by the visits of the American delegations.

This pure soul says: “The resistance is not militia.”

Washington Allies: From Supervision to Receiving Direct Orders

By Mahmoud Raya
ــــــــــــــــ
The visit of the “2-headed” delegation to Lebanon took place early last week declaring Lebanon’s position at the heart of the troubled American control of the allied forces. The issue occurred after a process of empowering the decision of these forces had continued for the past several months.

One can simply say that the visit of this delegation – headed by the assistant of the US Secretary of State for the Middle East Affairs, David Walsh, knowing that his actual boss is the White House Deputy Consultant for National Security, Eliot Abrahams – is regarded as a decisive point in the course of the (relation) between the American administration and the allied forces, which still prefer to call themselves “the forces of the majority.” These forces emerged as an “official declaration” under the American hand—in the past, they hid beneath different Arab and international covers.



Perhaps it is now unfair to describe that which is happening between the allied forces and the American administration as “tutelage” over the allies, because the issues passed this categorization a long time ago reaching the level of the administration officials’ direct and supreme control – beginning with the US ambassador in Awkar, Jeffrey Feltman, reaching the master of the White House, George Bush – of the allies with their different trends and parties. It reached the point where these allies would no longer follow “in the steps” of the American guidance. Instead, they receive direct orders that may even touch on the articulations coupled with extreme reprehension for the past failure, and perhaps the future one.

This new environment in dealing with the allies left the circle of the closed rooms. Now it can be noticed through the dailies that began circulating the “wonders” of the occurrences during the meetings between the American officials and the leaders of the allies inside and outside Lebanon. It reached the level of mentioning an “international cooperation” with Lebanon, which was a repugnant joke, the resonance of which sickened the Lebanese.

The recent visit of Walsh-Abrahams was an example of this pattern of handling. The leaks from its corridors opened the way to draw a clear picture about the amount of freedom which is being enjoyed by the “independents” in their dealings with the developments of the Lebanese arena.

The American delegation has come to offer support to Lebanon in its march towards freedom, said the official head of the delegation (Walsh) repeatedly, as he visited the leaders of March-14 with all of their spectrums. The aim of this visit expanded to give “reassurances” to these leaderships that “no deal at the expense of the truth” will be sealed. The deal here refers to any American-Syrian agreement or American-Arab-Syrian agreement in exchange for “the backing off from reaching the complete truth” on the assassination of former Prime Minister, martyr Rafik Hariri.

The talk concerning this kind of deal began leaking from the statements of the allies’ leaders who saw the conversations that took place in two stages in Saudi Arabia as part of an agreement that seeks to “protect the Syrian regime” in exchange for its full cooperation with the investigation – on a regional level – in addition to the return of the ministers of Hizbullah and Amal movement to the cabinet after reaching an understanding on several points including the resistance and the mechanism of taking decisions inside the cabinet coupled with the issue of the primary appointments.

As the understanding on these items was making its way into the open, American communications were taking place with the active leaderships of the allies in a condensed form. The main issue behind these communications was to “damage” the deal pertaining to its internal element, and prevent the occurrence of reaching an understanding pertaining to its external element.

At the center of the direct communications with Saudi Arabia and the mediatory communications between Washington, Beirut and Riyadh, other communications were taking place, which complicated the environments of the consensus, which almost reached an outcome in more than one field.

In the middle of the statements of the US Secretary of State, Condoleezza Rice in Washington, and the movements of the American ambassador Jeffrey Feltman in Beirut, the “family visit” of Walsh-Abrahams delegation took place to complete the circle of the international-local siege of these harmonic environments by blowing the spirit of enthusiasm within the allied leaderships on one hand, and by reprimanding them for their slackness and tardiness in executing their promises to utterly and finally control the developments in Lebanon, on the other hand.

The beginning of the American attack began with Rice herself who over a week ago issued a statement which bore violent threats against Syria, and practically denied any talks about a deal which the U.S. may approve pertaining to the relationship with Syria.

This American escalation mirrored itself through the condensed movements of Feltman throughout the internal Lebanese lines. It began with the capital city of Beirut to reach the extremities of Mount Lebanon, north and south, carrying one message that stipulates the necessity of merging the lines of the allied opposition and the uniting of their efforts in order to lead the Lebanese situation on the way that suits these allies far from cooperation with the forces that represent the other part of the quadri-alliance, referring to Hizbullah and Amal movement.

Feltman worked on expressing this American vision in more than one meeting, the articulations of which appeared in all the papers of the Lebanese dailies.

In the framework of these environments, the provocative visit of the “senior” American delegation to Beirut took place. It lasted one day and included meetings and visits which the delegation conducted by visiting the “primary figures” of the allied team in Mokhtara, governmental house and the other figures of March-14 in Bkirki and Rabye. There were also meetings inside the US embassy in Awkar, which revealed an eye-catching assembly of three candidates for the presidency. They were Nayla Moawad, Naseeb Lahoud and Boutros Harb.

These meetings were concluded with another meeting that took place in Paris. It included the American delegation and Future Bloc leader, MP Saad Hariri – where the standpoints were “congruent” – and Hariri himself continued his meetings with the Americans including an important one which was held with the deputy US President Dick Cheney in Riyadh.

The leaks from these wide meetings clarify that American attempts at uniting the Lebanese allies have been blown to the wind. This is not because of the lack of the susceptibility of the majority of the allies to respond to the American demands, but it is because of the factual circumstances existing on the Lebanese arena, which obstruct these forces from their quest in executing the American demands.

In spite of the attempt of these forces to make Mr. American understand that his demands are unachievable on the ground (as this is actually impossible, but cannot be admitted directly), still, the Walsh-Abrahams delegation refused to hear any excuses. It also directed a series of harsh words to its hosts and guests equally, stressing on the implementation of resolution 1559 as well as preventing the return of Hizbullah and Amal Movement to the government. The declaration, mirroring the recent wish, synchronized with the emergence of a senior American official of the US foreign office, through one of a Lebanese visual screens, to decide that “Hizbullah and Amal movement do not represent the Shia in Lebanon, and that other Shiite figures can be brought in to replace the present ministers of the cabinet!”

The week did not end without the beaming of a new signal of the American attack on Lebanon. Rice declared the cancellation of more than one hundred jobs in the US embassies in Europe in order to move them to developing countries like “Lebanon, China and India.”

Apparently, the Lebanese people have to await the arrival of other indigestible guests who disembark from that isolated Villa in Awkar, in order to deliver the dictations and terms of Mr. American to the “Lebanese officials” and leaders who can master listening to these dictations, while others see in these dictations a great delight, although they represented direct threats to the media (the recent impudent words of ambassador Feltman to Assafir newspaper). Others see them as a kind of sedition that seeks to create tumult among the Lebanese people with all of their sects and groups, (the words quoted by Assafir from Feltman) in favor of the American scheme that does not take the Lebanese interests into consideration.

واشنطن ـ الموالاة: من "الإشراف" إلى إصدار الأوامر المباشرة‏

الوفد الأميركي زار بيروت ليدشّن الأسلوب الجديد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أتت زيارة الوفد الأميركي "الثنائي الرأس" إلى لبنان أول الأسبوع الفائت لتعلن وضع لبنان في قلب معمعة السيطرة الأميركية على قوى الموالاة، بعد أن كانت عملية الهيمنة على قرار هذه القوى تتواصل على مدى الأشهر الماضية.‏

ويمكن القول دون كثير وجل إن زيارة هذا الوفد ـ الذي ترأسه رسمياً مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش، فيما كان رئيسه الفعلي نائب مستشار البيت الأبيض للأمن القومي إيليوت إبرامز ـ تعتبر محطة فاصلة في مسيرة (العلاقة) بين الإدارة الأميركية وقوى الموالاة التي لا تزال تفضل وصف نفسها بـ"قوى الأغلبية"، حيث انها جاءت كـ"إعلان رسمي" عن وضع اليد الأميركية على هذه القوى، بعد أن كانت في الماضي تختفي وراء أغطية عربية ودولية مختلفة.‏

ربما أصبح من غير المنصف وصف ما يحصل بين قوى الموالاة والإدارة الأميركية بأنه "وصاية" على الموالاة، لأن الأمور تخطت منذ زمن طويل هذا الوصف، لتصل إلى حد السيطرة المطلقة والمباشرة من مسؤولي الإدارة ـ بدءاً من سفير عوكر جيفري فيلتمان ووصولاً إلى سيد البيت الأبيض جورج بوش ـ على الموالاة بتلاوينها وأحزابها وتياراتها، بحيث لم تعد هذه الموالاة تسير "على هدي" الإرشادات الأميركية، وإنما بناءً لأوامر مباشرة تصل إلى حد الدخول في التفاصيل، مترافقة مع تأنيب شديد على الفشل السابق، وربما اللاحق.‏

هذا المناخ الجديد في التعاطي مع الموالاة خرج من دائرة الغرف المغلقة، وبات على صفحات الجرائد التي أخذت تنقل "عجائب" ما يحصل خلال اللقاءات بين المسؤولين الأميركيين وقياديي الموالاة في لبنان وخارجه، بحيث بات الحديث عن "تعاون دولي" مع لبنان نكتة سمجة يكاد اللبنانيون يسأمون من تردادها.‏

زيارة ولش ـ إبرامز الأخيرة كانت مثالاً على هذا النمط من التعاطي، وما تسرّب من كواليسها فتح المجال لرسم صورة واضحة عن حجم الحرية التي يتمتع بها "الاستقلاليون" في تعاطيهم مع التطورات على الساحة اللبنانية.‏

فقد جاء الوفد الأميركي إلى لبنان من أجل تقديم الدعم للبنان في مسيرته على طريق الحرية كما عبر الرئيس الرسمي للوفد (ولش) في أكثر من محطة خلال جولته التي اقتصرت على قياديي 14 آذار بكل تلاوينهم، وتوسع الهدف من الزيارة باتجاه إعطاء "تطمينات" لهذه القيادات بأن "أي صفقة على حساب الحقيقة" لن تتم. والمقصود بـ"الصفقة" هنا، هو أي اتفاق أميركي سوري، أو أميركي عربي سوري من أجل "التراجع عن الوصول إلى الحقيقة الكاملة" في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.‏

وكان الحديث عن صفقة من هذا النوع بدأ يتسرب من تصريحات قياديي الموالاة الذين رأوا في المحادثات التي جرت على مرحلتين في السعودية جزءاً من الاتفاق على "حماية النظام السوري" مقابل تعاونه الكامل مع التحقيق ـ على الصعيد الإقليمي ـ إضافة إلى عودة وزراء حزب الله وحركة أمل إلى الحكومة بعد التوصل إلى تفاهم من نقاط عدة تشمل المقاومة وآلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء ومسألة التعيينات الأساسية.‏

وفي حين كان التفاهم على الكثير من هذه البنود يأخذ طريقه إلى العلن، كانت الاتصالات الأميركية مع القيادات الفاعلة في الموالاة تتكثف، والهدف الأساسي منها كان "خربطة" الاتفاق في شقه الداخلي ومنع حصول الاتفاق في شقه الخارجي.‏

وبين الاتصالات المباشرة مع السعودية والاتصالات بالواسطة على خط واشنطن ـ بيروت ـ الرياض كانت اتصالات أخرى تجري على خطوط متقاطعة من جهة أخرى عقّدت أجواء التوافق التي كادت تصل إلى نتيجة في أكثر من مجال.‏

وبين التصريحات الصادرة عن وزيرة الخارجية الأميركية غونداليزا رايس في واشنطن، وتحركات السفير الأميركي جيفري فيلتمان في بيروت، جاءت "الزيارة العائلية" لوفد ولش ـ إبرامز كي تكمل حلقة الحصار المحلي الدولي لهذه الأجواء التوافقية عبر بث روح الحماسة في القيادات الموالية من جانب، وتوجيه التأنيب لها على تراخيها وتخلفها عن تنفيذ وعودها بالسيطرة المطلقة والنهائية على التطورات في لبنان من جهة أخرى.‏

بداية الهجمة الأميركية الجديدة بدأت إذاً من عند رايس نفسها التي أصدرت منذ ما قبل نهاية الأسبوع الماضي بياناً مكتوباً يحمل تهديدات عنيفة لسوريا، وينفي عملياً أي حديث عن صفقة ما توافق عليها الولايات المتحدة حول موضوع العلاقات مع سوريا.‏

هذا الجو التصعيدي الأميركي عكس نفسه في التحركات المكثفة التي قام بها فيلتمان على كل الخطوط اللبنانية الداخلية، ابتداءً من العاصمة بيروت وصولاً إلى أقاصي جبل لبنان شمالاً وجنوباً حاملاً رسالة واحدة تنص على وجوب رصّ صفوف المعارضة ـ الموالاة وتوحيد جهودها من أجل السير بالوضع اللبناني في الخط الذي ترغب به هذه الموالاة، بعيداً عن التعاون مع القوى التي كانت تمثل الشق الآخر من التحالف الرباعي، والمقصود بها بالطبع حزب الله وحركة أمل.‏

وقد عمل فيلتمان على التعبير عن هذه الرؤية الأميركية في أكثر من لقاء، وبالشكل الذي ظهرت تفاصيله على صفحات الجرائد اللبنانية.‏

في إطار هذه الأجواء جاءت الزيارة المستفزة للوفد الأميركي "الرفيع المستوى" إلى بيروت، والتي استمرت يوماً واحداً، وتوزعت اللقاءات على زيارات قام بها الوفد إلى "الحواضر الرئيسية" لفريق الموالاة في المختارة والسراي الحكومي وحواضر 14 آذار الأخرى في بكركي والرابية، وعلى لقاءات جرت في السفارة الأميركية في عوكر كشف منها لقاء لافت جمع ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية دفعة واحدة هم نايلة معوض ونسيب لحود وبطرس حرب.‏

واستكملت هذه اللقاءات بلقاء آخر عقد في باريس ضم الوفد الأميركي إلى رئيس تكتل المستقبل النيابي سعد الحريري ـ حيث كانت وجهات النظر "متطابقة" ـ الذي تابع بدوره لقاءاته الأميركية باجتماع هام عقده مع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في العاصمة السعودية الرياض.‏

ما تسرب عن هذه الجولة الواسعة من اللقاءات يوضح إن محاولات "النفخ" الأميركية في قِربة الموالاة اللبنانية ذهبت بمعظمها أدراج الرياح، ليس لغياب القابلية عند الكثير من أطراف الموالاة للاستجابة للمطالب الأميركية، وإنما بسبب الظروف الواقعية الموجودة على الساحة اللبنانية والتي تقطع الطريق على هذه القوى في سعيها لتنفيذ الأوامر الأميركية.‏

وبالرغم من محاولة هذه القوى إفهام السيد الأميركي أن ما يطلبه صعب التحقيق على الأرض (هو مستحيل فعلياً، ولكن لا يمكن قول ذلك مباشرة) فإن وفد ولش ـ إبرامز رفض سماع أية أعذار، ووجه جملاً قاسية إلى مستضيفيه وضيوفه على حد سواء، مشدداً على تنفيذ القرار 1559، ومنع عودة حزب الله وحركة أمل إلى الحكومة. وقد تزامن الإعلان عن الرغبة الأخيرة مع إطلالة مسؤولة أميركية بارزة في وزارة الخارجية الأميركية على شاشة مؤسسة مرئية لبنانية لتقرّر أن "حزب الله وحركة أمل لا يمثلان الشيعة في لبنان، وأنه يمكن الإتيان بشخصيات شيعية أخرى للحلول محل الوزراء الحاليين في الحكومة"!‏

ولم ينتهِ الأسبوع دون أن تظهر إشارة جديدة إلى الهجمة الأميركية على لبنان، حيث أعلنت رايس عن إلغاء أكثر من مئة وظيفة في السفارات الأميركية في أوروبا وغيرها لنقلها إلى دول ناشئة كـ"لبنان والصين والهند".‏

ويبدو أن على اللبنانيين انتظار وصول ضيوف آخرين ثقلاء الظل، ينطلقون من تلك الفيلا المعزولة في عوكر لنقل الإملاءات والشروط من السيد الأميركي إلى "المسؤولين اللبنانيين" والقياديين الذين يتقنون السمع جيداً إلى هذه الإملاءات، فيما بعضهم يرى نفسه مسروراً جداً بها، حتى لو كانت من نوع توجيه التهديد إلى الإعلام (الكلام الوقح الموجه من السفير فيلتمان إلى صحيفة السفير) أو من نوع خلق فتنة بين اللبنانيين بمختلف فئاتهم وطوائفهم (الكلام الذي نقلته صحيفة السفير عن السفير فيلتمان) كرمى لعيون المشروع الأميركي الذي لا يأخذ المصلحة اللبنانية بعين الاعتبار.‏

محمود ريا‏

الجمعة، يناير 20، 2006

"المقاومة ليست ميليشيا"



ثلاث كلمات مطلوبة في بيان للحكومة اللبنانية يذيعها "الناطق باسمها" بعد جلسة لمجلس الوزراء، وتزاح عقبة كبرى من أمام تطبيع الأوضاع في البلد.
طبعاً ليست هذه هي كل القضية، ولكنها جزء كبير، وكبير جداً منها، بحيث أن التقدم في هذا الموضوع يفسح في المجال أمام التقدم في مجالات أخرى كثيرة.
كان يمكن القول إن المسألة صعبة ومعقدة وتتطلب الكثير من البحث لولا أن هذه الكلمات الثلاث كانت تقال وكان يقال أكثر منها بكثير، وليس في الغرف السرية فقط وإنما على شاشات التلفزة المحلية والدولية وعلى المنابر وفي الجولات الميدانية على خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني.
ماذا يمنع أن تكرّر هذه الكلمات؟
من يمنع أن تكرّر هذه الكلمات؟
لقد كانت معلنة الاتصالات التي جرت على مدى العالم من واشنطن إلى الرياض، ومنها إلى بيروت، ومنها إلى أكثر من مكان لتأنيب الذين وافقوا على تكرار ما كانوا قالوه في السابق.
لقد كان معلناً الانقلاب الذي مارسه البعض على ذواتهم وعلى مواقفهم وعلى تصريحاتهم السابقة.
ولبنان لا يتحمل آثار هذه الاتصالات ولا آثار هذه الانقلابات.
لبنان لا يتحمل إلا قرارات صادرة من ذاته، الذات الصافية التي لم تلوّثها حفلات الردح والشتائم التي تحفّزها زيارات المبعوثين الأميركيين.
هذه الذات الصافية تقول: "المقاومة ليست ميليشيا".
محمود ريا

الجمعة، يناير 13، 2006

الحور والتفاح

حكت لي جدتي في واحدة من سهرات الشتاء العتيقة، التي أفتقدها هذه الأيام ومعها الموقد والنار والثلج والليالي الملاح، قصة الفرق بين شجر الحور وشجر التفاح.
قالت لي: هل تعرف لماذا يبقى صوت حرج الحور عالياً، فلا تكاد تمر نسمة هواء إلا وسمعت للحرج صوتاً قد يكون مخيفاً، فتظن أن مئات الفرسان يهدرون تحت الشجرات استعداداً لمعركة لا تبقي ولا تذر، فإذا ما اقتربت من الحرج وجدت أن لا شيء هناك، لا فرسان ولا مقاتلين ولا ما يخيف؟
وقبل أن أجيب كانت تقول لي: لأن شجر الحور طويل، فارغ، أغصانه متباعدة، غير متراصة، لا تحوي ثمراً ولا فائدة ترجى منها إلا في أضيق الحدود.
ثم قالت: وبستان التفاح، هل تسمع له صوتاً إذا مررت بالقرب منه، مهما كانت الريح عاتية والعواصف قوية؟
أجابت من نفسها: كلا، لأن شجر التفاح مثقل بالثمار، أوراقه قريبة من ثماره وأغصانه متكاتفة متراصة، لا يجد الهواء بينها منفذاً كي يعصف بها ويتركها تعول في الأسماع.
وختمت جدتي قائلة: يا بني هكذا هم البشر، أعلاهم صوتاً ليس أكثرهم فعلاً، ومن يظن أنه يخيف الآخرين بالصراخ، هو الخائف، والصامتون لا يخافون.. بل هم من قوتهم واثقون.
محمود ريا

الحور والتفاح

حكت لي جدتي في واحدة من سهرات الشتاء العتيقة، التي أفتقدها هذه الأيام ومعها الموقد والنار والثلج والليالي الملاح، قصة الفرق بين شجر الحور وشجر التفاح.
قالت لي: هل تعرف لماذا يبقى صوت حرج الحور عالياً، فلا تكاد تمر نسمة هواء إلا وسمعت للحرج صوتاً قد يكون مخيفاً، فتظن أن مئات الفرسان يهدرون تحت الشجرات استعداداً لمعركة لا تبقي ولا تذر، فإذا ما اقتربت من الحرج وجدت أن لا شيء هناك، لا فرسان ولا مقاتلين ولا ما يخيف؟
وقبل أن أجيب كانت تقول لي: لأن شجر الحور طويل، فارغ، أغصانه متباعدة، غير متراصة، لا تحوي ثمراً ولا فائدة ترجى منها إلا في أضيق الحدود.
ثم قالت: وبستان التفاح، هل تسمع له صوتاً إذا مررت بالقرب منه، مهما كانت الريح عاتية والعواصف قوية؟
أجابت من نفسها: كلا، لأن شجر التفاح مثقل بالثمار، أوراقه قريبة من ثماره وأغصانه متكاتفة متراصة، لا يجد الهواء بينها منفذاً كي يعصف بها ويتركها تعول في الأسماع.
وختمت جدتي قائلة: يا بني هكذا هم البشر، أعلاهم صوتاً ليس أكثرهم فعلاً، ومن يظن أنه يخيف الآخرين بالصراخ، هو الخائف، والصامتون لا يخافون.. بل هم من قوتهم واثقون.
محمود ريا

السبت، يناير 07، 2006

نهاية مرحلة

انتهت مرحلة آرييل شارون.‏
كان لا بد من أن تنتهي، بكل ما حملته من تجبّر ومن ظلم ومن قتل وإجرام وإرهاب.‏
لقد قاتل وقتل، شارك في معارك 1948 وفي غزو 1956 وفي عدوان 1967 وفي حرب 1973 وفي اجتياح 1978، وصمم ونفذ الاجتياح الأكبر للبنان عام 1982.‏
شارك في قمع الانتفاضة الأولى، وفجّر باستهانته بالمقدسات الإسلامية الانتفاضة الثانية، وارتكب ما لا يتصوره بشر من جرائم..‏
وانتهى.‏
إنه تاريخ من الفظاعة يذوي، لتنطلق مِن فيه دماء امتصّها في مجازر قطاع غزة وفي سيناء وفي صبرا وشاتيلا وغيرها من المناطق التي مرت عليها الهمجية الشارونية لتتركها خراباً يباباً.‏
وبالرغم من كل هذا الجبروت انتهى.‏
متجبّر آخر يصل بعنفوانه إلى أقصى السماء ليعود وينحدر في نهايته إلى أدنى الأرض.‏
كم هي عادلة لعبة الحياة والموت، كم هو عادل ربّ السماوات والأرض، كم هي حقيقية هذه اللحظة التي ظن كثيرون أنها لن تأتي، ولا حتى في الأوهام.‏
انتهى شارون.. ذهب كما ذهب غيره إلى المكان الذي يستحقه في الحياة الأخرى، وفي تاريخ الحياة الدنيا.‏
هل يشك أحد في أن لكل جبار نهاية؟‏
قليل من الفرح، ولو كانت الأمنية أن تكون النهاية بطريقة أخرى.‏
قليل من الفرح قبل أن ننطلق في مواجهة جبار جديد.‏
محمود ريا‏

الأحد، يناير 01، 2006

اغتيال الحريري يرسم خريطة العام:تحقيق قضائي بآليات سياسية


إذا كان لكل عام سمة، فإن العام 2005 حمل لافتة عريضة اسمها الاغتيال، ومنها تفرعت عناوين أخرى، تلبّست بكلمات كبرى: الحقيقة، التحقيق، الأدلة، تقصي الحقائق، فيتزجيرالد، اللجنة الدولية، المحقق الدولي، ميليس، التقرير الأول، التقرير الثاني، محمد زهير الصديق، هسام هسام، الضباط الأربعة...‏
كلها تعابير تنقل صورة حقيقية عن واقع فرض نفسه على الساحة اللبنانية ابتداءً من الرابع عشر من شباط/ فبراير، ووصولاً إلى منتصف ليل آخر يوم من هذه السنة.. دون أن ينتهي هناك.‏
اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الحدث الذي شغل اللبنانيين على مدى العام، وخلق وقائع وفرض تطورات وقاد إلى اتجاهات مختلفة عما كان سابقاً هو الحدث الذي سيترك نفسه علامة فارقة في المسار السياسي اللبناني على مدى عقود.


الرابع عشر من شباط/ فبراير..‏
دوى الانفجار، إنها الساعة الواحدة إلا أربع دقائق من بعد الظهر تقريباً، انقلبت منطقة الفنادق في العاصمة بيروت رأساً على عقب، ومعها انقلبت كل الساحة السياسية والأمنية اللبنانية، لتبدأ مرحلة جديدة من التاريخ السياسي اللبناني.‏
كان الانفجار ضخماً ورهيباً، استهدف موكب الرئيس الحريري المؤلف من عدة سيارات، فدمرها جميعاً، ودمر معها كل المنطقة والفنادق التي تصطف على جانبي الطريق، تاركاً حفرة ضخمة في منتصفه، ستتحول هي ذاتها ـ الحفرة ـ إلى قضية ضمن قضية التحقيق بما حصل.‏
استشهد الرئيس رفيق الحريري فوراً في الانفجار، ومعه استشهد اثنان وعشرون شخصاً، فيما التحق به النائب باسل فليحان بعد أسابيع قضاها في معاناة قاسية نتيجة الحروق التي لحقت به، والتي لم تنفع علاجات فرنسا في التخفيف من أثرها.‏
بعد الانفجار انطلقت تحقيقات مكثفة قامت بها الأجهزة اللبنانية المختلفة، وذلك في ظل جو أمني وسياسي وشعبي ضاغط، وقد توصلت هذه التحقيقات إلى معطيات أساسية أكدت صحتها فيما بعد التحقيقات الدولية: انفجار فوق الأرض، شاحنة ميتسوبيتشي مفخخة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات، رصد دقيق للموكب المستهدف، تشويش على أجهزة التشويش الموجودة في موكب الرئيس الحريري...‏
الجو النفسي والسياسي الضاغط، والتهديدات والاتهامات عكست نفسها نوعاً من الإحباط والتخبط لدى الأجهزة القضائية، ولا سيما في ظل تصاعد الحديث عن المطالبة بتحقيق دولي في الجريمة، نظراً لعدم ثقة المعنيين في منزل الرئيس الحريري بالتحقيق الذي تجريه الأجهزة اللبنانية، وبعد طروحات تتحدث عن إمكانية إنشاء لجنة تحقيق عربية جرى رفضها، انطلقت عملية قضائية معقدة بدأت منذ يوم الخامس والعشرين من شباط/ فبراير بوصول بعثة تقصي حقائق دولية إلى بيروت يرأسها بيتر فيتزجيرالد.‏
أصدرت لجنة فيتزجيرالد تقريرها في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس وفيه أنه "طالما أن مصداقية السلطات اللبنانية التي أجرت التحقيقات كانت موضع تساؤل، فيجب إجراء تحقيق دولي مستقل لإقامة الحقيقة. ولهذا الغرض، هناك حاجة لإنشاء فريق له سلطات تنفيذية، يغطي كل حقول الخبرات الضرورية لتحقيق من هذا النوع".‏
أخذ مجلس الأمن الدولي المبادرة وأصدر في السابع من نيسان/ أبريل القرار 1595 الذي قضى بتشكيل "لجنة التحقيق الدولية المستقلة" بجريمة اغتيال الرئيس الحريري.‏
لقد جاء تشكيل هذه اللجنة في ظل حصول عدة تفجيرات في مناطق عديدة من جبل لبنان أدت إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص، وفي ظل اتهامات موجهة إلى قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية بالمشاركة في جريمة الاغتيال، أو في تسهيل حصولها أو في الاستهتار الذي أدى إلى تسهيل حصولها، وهذا ما وضع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الأربعة: الأمن العام اللواء جميل السيد ولواء الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان وقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج ومخابرات الجيش اللبناني العميد ريمون عازار، في خانة الاتهام، ودفع بقادة هذه الأجهزة إلى الاستقالة قبل أن يتم اعتقالهم في الثلاثين من آب/ أغسطس.‏
انطلاق العمل‏
كان انطلاق عمل لجنة التحقيق سريعاً، ففي 26 أيار/ مايو، وصل فريق متقدم صغير من اللجنة يرأسه ديتليف ميليس الى بيروت، وفي 13 حزيران/ يونيو، وبعد مناقشات مكثفة مع السلطات القضائية اللبنانية، وقعت مذكرة تفاهم بين حكومة لبنان واللجنة. وفصلت المذكرة أشكال التعاون بين الفريقين تضمنت تأكيداً على "ان حكومة لبنان سوف تضمن أن اللجنة ستكون حرة من أي تدخل في ممارسة تحقيقها، وأن تزود بكل المساعدة الضرورية لإنجاز مهمتها".‏
بعد ثلاثة أيام أعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بدء لجنة التحقيق عملها بشكل رسمي، وفي اليوم التالي، السابع عشر من حزيران/ يونيو عقد رئيس اللجنة ميليس مؤتمره الصحافي الأول الذي ضمّنه استنتاجاته الأولية، قبل الانطلاق بالعمل بشكل رسمي.‏
لقد كانت الأجواء توحي بأن هناك هدفاً قد وضع، وهو تحميل سوريا مسؤولية عملية الاغتيال، وأن كل ما يحصل على صعيد لجنة التحقيق هو إيجاد الطريق الذي يوصل إلى هذا الهدف، ولذلك فقد انصبّت كل التسريبات التي صدرت عن رئيس اللجنة وعن الأوساط المقرّبة منها، عند "الحقيقة" التي قيل إنها اكتُشفت منذ الدقائق العشر الأولى التي تلت عملية الاغتيال، وعلى هذا الأساس بدأ الحديث عن القادة الأمنيين الأربعة وعن قادة أجهزة الاستخبارات السورية في لبنان وعن شقق في الضاحية وخلدة ومن ثم عن شهود أساسيين من بين الشهود الخمسمئة الذين أخذت إفاداتهم، وسمي من بينهم شاهد ملك وشاهد مقنّع وغيرهما من الأسماء التي أطلقت، إلا أن الوقائع التي وردت في تقريري لجنة التحقيق اللذين صدرا يومي 19 تشرين الأول/ أكتوبر و12 كانون الأول/ ديسمبر والتي بنيت على أقوال هؤلاء الشهود تعرضت لامتحان شديد نتج عن سقوط مصداقية شاهد أساسي (محمد زهير الصديق) بسبب ثبوت كونه مجرد محتال لا يملك أي صدقية على المستويين الشخصي والقانوني، وتراجع شاهد أساسي آخر (بني القسم الأكبر من تقرير ميليس على أقواله) عن إفادته في شهادة مدوية أدلى بها للتلفزيون السوري يوم السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر ليتحول "الشاهد المقنع" إلى "الفضيحة المكشوفة" هسام طاهر هسام.‏
وبين "بناء" قضية اتهام سوريا بالعملية إثر تقرير ميليس الأول، وتهافت أركان هذه القضية في الأيام الأخيرة صدر قراران عن مجلس الأمن الدولي كان الأول منهما حاد اللهجة والمضمون ويحمل الرقم 1636 وصدر في الواحد والثلاثين من تشرين الأول/ أكتوبر داعياً سوريا إلى التعاون مع لجنة ميليس ومهدداً إياها بعقوبات دولية وبما هو أكثر إن لم تفعل، أما القرار الثاني ويحمل الرقم 1644 فقد صدر في الخامس عشر من كانون الأول/ ديسمبر وجاء بمثابة خطوة تراجعية عن اللهجة التهديدية التي حواها التقرير الأول، وذلك بعد انهيار الشهادات التي قام عليها التقرير الأول لميليس، وإبداء سوريا التعاون الكامل مع اللجنة والذي نجم عنه انتقال خمسة من المسؤولين الأمنيين السوريين إلى فيينا للتحقيق معهم من قبل لجنة ميليس (5 و7 كانون الأول/ ديسمبر) ومن ثم عودتهم إلى سوريا، بالرغم من أن ميليس وضعهم في تقريره الثاني في خانة المشتبه بهم بعد أن كانوا في خانة الشهود.‏
بعد أن مدد مجلس الأمن الدولي (بناءً على طلب الحكومة اللبنانية) مهمة اللجنة الدولية مرتين (الأولى في 19 تشرين الأول/ أكتوبر حتى 15 كانون الأول/ ديسمبر والثانية في الرابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر ولمدة ستة أشهر) أعلن رئيس اللجنة ديتليف ميليس قراره التنحي عن رئاسة لجنة التحقيق الدولية بحجة أنه أنهى الفترة التي انتدب نفسه فيها لقيادة التحقيق الدولي، فيما تحدثت مصادر مقربة منه عن مناصب عرضت عليه في بلده، وعن وضع عائلي فرض عليه العودة إلى ألمانيا، في حين رأت مصادر متابعة لعملية التحقيق أن الثغرات الخطيرة التي وقع فيها ميليس خلال إجرائه التحقيق والتي كشف عنها سقوط الشاهدين الصديق وهسام، وما قيل عن محاولات لاستدراج أشخاص آخرين للإدلاء بأقوال تخدم الخط الذي أريد للتحقيق أن يسير به (كما حصل مع لؤي السقا في أحد السجون التركية)، كل هذا دفع ميليس إلى التنحي من أجل الحفاظ على بعض المصداقية التي بقيت له، في حين يستمر التحقيق برئاسة شخص آخر من المرجح أن يكون البلجيكي بريميريتز الذي يتوقع أن يتسلم من ميليس ملفات التحقيق ومن ثم ـ ربما ـ البدء من جديد.‏
وقد ترافق هذا التغيير في رئاسة اللجنة مع محاولات محلية لبنانية من أجل توسيع مهمة لجنة التحقيق الدولية لتشمل جرائم أخرى وقعت على الأراضي اللبنانية، أو تشكيل لجنة تحقيق دولية أخرى لتولي مهمة التحقيق فيها، إضافة إلى إيكال مهمة البت بقضية اغتيال الرئيس الحريري إلى محكمة دولية أو محكمة ذات طابع دولي، وقد جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1644 ليخفض من سقف طموحات هذه الأطراف عندما اكتفى بإبداء الاستعداد لتقديم مساعدة تقنية للبنان في تحقيقاته بالجرائم الحاصلة على أرضه، وعندما رد طلب تشكيل المحكمة الدولية إلى السلطات اللبنانية لتوضيح ماذا تقصده بهذه المحكمة.‏
وإذا كان ميليس قد أنهى رئاسته للجنة التحقيق بـ"تنفيس" الهالة التي نسجت حوله، والتي حوّلته إلى ما يشبه الأسطورة، فإنه أبى أن يترك موقعه دون أن يعيد التأكيد على "قناعاته" بأن سوريا ـ ومعها قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية ـ هي التي تقف وراء عملية الاغتيال، دون أن يكون قدم خلال ستة أشهر من ترؤسه للجنة التحقيق أي دليل على هذا الكلام.‏
محمود ريا‏