الخميس، سبتمبر 11، 2008

أبطال فك الحصار


ليس متأخراً الحديث عن الرحلة الأسطورية التي قام بها بعض الرجال والنساء الشجعان إلى قطاع غزة مستخدمين مركبين خشبيين من قبرص إلى غزة مباشرة.

ليس متأخراً، لأن ما قام به هؤلاء أول مرة يستعدون، بعضهم، ومعهم آخرون، لتكراره مرة أخرى، في رحلة لها أهداف كثيرة، لعل أبرزها اثنين:

الأول: إفهام منظمات الإغاثة الدولية أنها تستطيع الوصول إلى غزة من دون إذن من أحد، وبهذا تنتفي حجتها التي تكررها حول وجوب الحصول على إذن صهيوني لإيصال المساعدات لمحتاجيها ولمستحقيها في قطاع غزة المحاصر والمنكوب.

والثاني: هو الدخول إلى غزة بختم واحد فقط، ختم السلطة الفلسطينية، من دون الوقوف عند حاجز الإرهاب الصهيوني الذي يفرض طوقاً رهيباً حول القطاع.

لقد أثبت هؤلاء الأبطال للجميع أن غزة ليست محاصرة صهيونياً فقط، وإنما حصارها متعدد الوجوه ومتنوع المصادر، ومتغير الأهداف.
وأثبتت النساء اللواتي قررن خوض هذه المغامرة الصعبة أنهن يملكن من الجرأة ومن الوعي ما يفوق ما لدى الكثيرين من العرب حكاماً ومحكومين، محاصِرين ومحاصَرين.

وبات الحديث عن الحصار يتجاوز الوقوف عند العجز على خرق الإجراءات الصهيونية، ليصل إلى حد الاقتناع بأن هذا الحصار هو نتيجة تخاذل بعض العرب وسلبيتهم وانهزامهم النفسي، كما هو نتيجة تآمر بعض العرب الآخرين وعمالتهم ووقوفهم إلى جانب الصهيوني في مواجهة أبناء أمتهم.

قبل الوصول إلى هذه الخلاصة كان يمكن التعجب من حقيقة أن المانع الوحيد أمام تكرار أبطال فك الحصار لتجربتهم الشجاعة هو التكاليف المادية الباهظة التي ينبغي تأمينها لتغطية نفقات الرحلة، أما الآن فيمكن القول إن هؤلاء الأبطال باتوا محاصَرين في مشروعهم، تماماً كما هو الشعب الفلسطيني في غزة محاصر بلقمة عيشه.

هل هناك من مهزلة أكبر من أن نكون، نحن العرب، من يمنع الآخرين من التضامن مع قضايانا؟

هل هناك من مأساة أكبر من كوننا نقتل أنفسنا بأيدينا.. خدمة لعدونا؟
محمود ريا