الاثنين، ديسمبر 24، 2007

حوار استراتيجي وكلمات جارحة


افتتاحية العدد التاسع والعشرين من نشرة "الصين بعيون عربية"
وزيران وعشرات المسؤولين من الجانب الأميركي، كبار الشخصيات من الجانب الصيني، وحوار استراتيجي يجمعهما على طاولة مفاوضات طرح عليها الكثير من المواضيع، وووقعت عليها اربع عشرة وثيقة ومذكرة تفاهم مشتركة، ولكنها لم تحل المشاكل الاستراتيجية القائمة بين البلدين.
”الحوار الاقتصادي الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية“ الذي انعقد في العاصمة الصينية بكين يومي 12 و13 كانون الأول/ ديسمبر الحالي هو اعتراف من الطرفين بضرورة إيجاد وسائل متعددة للنقاش حول الخلافات الكثيرة والعلاقات المتشابكة بينهما، وقد عبّر وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون الذي زار الصين خلال انعقاد الحوار عن هذه الآلية بالقول: ”لم يكن الهدف من هذه المبادرة أن تحل محل الحوارات الاقتصادية الكثيرة القائمة بالفعل، بل تأسيس منتدى عالي المستوى يتسم بالشمول والعمق الإستراتيجي. وهو المنتدى القادر على بناء الثقة بين الجانبين من خلال إظهار التقدم الحاصل في التعامل مع القضايا الملحة التي تواجهنا“.
إذاً هي الرغبة في بناء الثقة في علاقة تعاني من الكثير من الشكوك والعقبات، على المستوى الاقتصادي كما على مختلف المستويات الاستراتيجية الأخرى، وبالتحديد على المستويين السياسي والعسكري.
لقد اطلق الطرفان تصريحات جميلة خلال اللقاءات الثنائية التي عقدها الوفد الأميركي ”المتعدد الرؤوس“ مع الرئيس الصيني ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين الآخرين، ولكن رئيسة الوفد الصيني إلى الحوار الاستراتيجي، نائبة رئيس الوزراء وو بي لم تكن بهذا القدر من ”الدبلوماسية“ وعبّرت بكلمات واضحة عن موقف بلادها من الاتهامات الأميركية المتتالية للصين ومن محاولات عرقلة الاندفاعة الصينية نحو مستقبل اقتصادي تجد فيه الولايات المتحدة نفسها فيه وقد فقدت موقعها كاقتصاد أول في العالم.
ولا يجانب الطرفان الصواب وهما يتحدثان عن كون الحوار ”مثمراً“ (وهي الكلمة التي اتفق المسؤولون من الطرفين على استخدامها) ولكن ليس من الضرورة أن تكون كل الثمار حلوة المذاق لكلا الطرفين، حيث يجد كل منهما في التفاهمات التي وقعت والطلبات التي قدمت ما لا يستسيغه في ممارساته الاقتصادية، دون أن يجد القدرة على رفضه والتخلص منه.
وإذا كان لا بد من وصف آخر لهذا الحوار، فربما يمكن القول إنه كان ”حواراًً متكافئاً“ أبرز كل طرف فيه كل ما لديه من قدرة على التفاوض واستخدم كل ما يمكنه من أسلحة بعيداً عن وسائل الإعلام التي لم يسمح لها بحضور سوى جزء بسيط من جلسة الحوار.
إنه حوار استارتيجي بكلمات جارحة، تماماً كما هي العلاقة بين واشنطن وبكين.

غلطة الشاطر

في كل ما يحصل من متغيرات على الساحة المحلية، هناك ثابتة واحدة تؤكد وجودها كل يوم رغماً عن كل محاولات محوها أو تعديلها.
إنها ثابتة الانقلاب على الاتفاقات التي يعقدها فريق السلطة مع المعارضة من أجل الخروج بالبلد من الأزمة التي يعيشها.
في كل مرة تصل الأمور إلى شبه حل، وتكاد الوجوه ترتاح والقلوب تنشرح بأن البلد بات على السكّة الصحيحة، وأن حلا ما بات يلوح في الأفق، يلعب فريق السلطة لعبته، و"يخرج" من وحدته التي يحاول أن يظهر للعالم بها، فيشدّ "واحد" ويرخي "آخر"، ويعصّب زعيم ويتفهم زعيم، فتنقض الاتفاقات، ويتطاير كلام الليل في ضوء النهار، أو تمحو تصريحات العتم ما يلتزم بها هؤلاء الزعماء في الضوء، فتصبح الاتفاقات هباء، والكلام الصادر من أفواه "المسؤولين" مجرد "ترغلة" من فم ولد لا يعوّل عليها ولا يؤخذ بها.
هل هذه هي القيادات التي سيبنى مستقبل البلد على أساس مواقفها، هل هذه هي الشخصيات "المدّخرة" لصنع المستقبل، هل بهذه الخفّة يتعامل هؤلاء مع كلامهم ومع مواقفهم ومع اتفاقاتهم؟
أم أنهم يعتبرون ذلك "شطارة"؟
هل يعلمون غلطة "الشاطر" بكم؟
محمود ريا

السبت، ديسمبر 15، 2007

هل عرفتم من قتل العمـ(ا)د فرنسوا الحاج؟


قطع الصهاينة في حرب تموز الماضية الكثير من الجسور بطائراتهم الهمجية، ومنها الجسر الذي يصل بعبدا بمحيطها على الطريق العام.
بقي الجسر مقطوعاً منذ أكثر من سنة ونصف، وفي حين تم إعادة بناء الكثير من الجسور الأخرى، كان العمل في هذا الجسر يدور "بين حانا ومانا".. وبقي الطريق مقطوعاً.
بعد سنة وأربعة أشهر قطعت طريق أخرى في بعبدا، قريبة جداً من الجسر المدمر، ملاصقة تماماً للمستديرة في قلب المدينة ـ الرمز، وموصلة إلى المكان الأكثر حساسية.. وزارة الدفاع في اليرزة.
إذا كانت اليد الصهيونية واضحة في تدمير الجسر الأول، فإن اليد التي "منعت" إعادة إعمار الجسر هي من الطينة نفسها لليد التي قطعت الطريق الثاني، بحيث تجعل من بعبدا "معزولة" عن لبنان، بعد أن عزل الرئيس المقيم فيها عن وطنه على مدى السنتين الماضيتين.
إنها الأيدي نفسها، الأصوات نفسها، القوة المحركة نفسها.
من الجو أو من خلال السيارات المفخخة، بالكلام أو بالتأخير في إعادة الإعمار، الهدف واحد، منع التواصل بين اللبنانيين، ومنع بعبدا من البقاء في قلب الجبل وفي قلب الحدث اللبناني.
وكان التنفيذ من خلال استهداف أكثر الأشخاص إحباطاً لمكر هذه اليد.
.. هل عرفتم من قتل العمـ(ا)د فرنسوا الحاج؟
محمود ريا

الندوة العربية الصينية الثانية في الرياض


افتتاحية العدد 28 من نشرة "الصين بعيون عربية"
انعقدت الندوة العربية الصينية الثانية في العاصمة السعودية الرياض، وحضرها عشرات من النخب العربية من رجال الفكر والثقافة والاقتصاد، إضافة إلى شخصيات سياسية بارزة من الدول العربية ومن الصين.
خرجت الندوة بتوصيات هامة، وكان لها دور كبير في خلق نوع من التفاعل والتواصل بين المهتمين بالشأن الصيني من العرب، وبين الصينيين الذين حضروا بعدد كبير يعبر عن مدى الاهتمام بالعلاقات مع الدول العربية في مختلف المجالات.
تعددت الكلمات التي ألقيت والدراسات التي وزعت والمعلومات التي جرى تبادلها.
كل هذا حصل، والإعلام العربي غائب عن الندوة، وعن المشاركة فيها والتفاعل مع المواضيع المطروحة وعن نقل صورة دقيقة عما جرى، وكأنها ندوة عادية تعقد في دولة عربية وتتناول قضية محلية ضيقة لا تثير اهتمام العرب ولا تفرض نفسها على حاضرهم ومستقبلهم.
من المتابعة الحثيثة لهذا الموضوع على شبكة الانترنت يتضح مدى التقاعس العربي عن الاهتمام بهذه القضية، فلا خبر خاص، ولا مقابلات مميزة ولا تغطية لافتة، بل مجرد تكرار لما أوردته وكالة الأنباء السعودية على موقعها من تغطية رسمية شاملة، ولكن قاصرة عن التعبير عن حجم التفاعل الذي كان موجوداً بين المشاركين.
لا بد أن يطرح هذا الموضوع عدة أسئلة: لماذا يتجاهل الإعلام العربي الموضوع الصيني؟
لماذا تقتصر تغطية النمو الكبير الذي تعيشه الصين على ترداد ما تقوله وسائل الإعلام الأجنبية دون سعي من الإعلاميين العرب إلى الذهاب إلى مصدر الخبر وتقصي تطوراته، واكتشاف ما يحصل في تلك القارة من تطورات؟
تبدو الصين غريبة فعلاً وبعيدة جداً عن اهتمام العرب، فيما هي باتت في عمق اقتصادياتهم وفي أساس الكثير من مواقفهم السياسية، فيما الإعلام العرب يتعامل معها وكأنها دولة في أميركا الجنوبية أو قطعة من قارة أنتركاتيكا، لا خبر فيها ولا حدث ولا تأثير لها على الأوضاع في العام.
إن لقاءات مثل تلك التي انعقدت في الرياض تشكل فرصة هامة لكي يتعرف العرب أكثر على المارد الصيني، فهل يتمكن الإعلام العربي من إيصال هذه المعرفة إلى متابعيه، أم ننتظر ما يرد من وسائل الإعلام الأجنبية كي ينقل لنا الصورة كما يريدها هو، لا كما هي في الواقع.
والسؤال مطروح أيضاً بالمناسبة على الإعلام الصيني الذي غاب بدوره عن الندوة فلم يعطها حقها من التغطية. فإلى متى تبقى الأمور على هذه الحال، ومتى يحصل التفاعل الحقيقي؟
محمود ريا

الصين تحيي ذكرى فلسطين


افتتاحية العدد السابع والعشرين من نشرة "الصين بعيون عربية"
زيارات متبادلة بين المدن الصينية ومدن فلسطين، مشاركة صينية حماسية في مؤتمر أنابوليس حول الشرق الأوسط، وبالتحديد حول القضية الفلسطينية، وفوق ذلك إحياء صيني لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو اليوم الذي نسي كثير من العرب على ما يبدو الاحتفال به.
إنه اهتمام مميز، يثير أسئلة حول ما الذي تريده الصين من هذا التفاعل الحميم مع القضية الفلسطينية بالتحديد، ومع القضايا العربية بشكل عام.
إن الإجابة ينبغي لها ـ قبل أن تصبح جاهزة ـ أن تمر على تاريخ العلاقة الصينية مع القضية الفلسطينية، والذي لا يمكن وصفه إلا بأنه كان تاريخاً ناصعاً على مدى سنوات طويلة.
لقد وقفت الصين دائماً إلى جانب الحقوق العربية، ولا سيما إلى جانب حق الفلسطينيين في دولة لهم، وقدمت دعماً كبيراً لفصائل الثورة الفلسطينية، سواء على مستوى الدعم المالي، أو على مستوى التسليح والتدريب.
وفي الأمم المتحدة كان الصوت الصيني ـ الذي يحمل حق الفيتو ـ ”مضموناً ” إلى جانب الدول العربية، ولا سيما إلى جانب القرارات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية.
ورفضت بكين بشكل دائم إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وإن كان هناك بين الحين والآخر بعض المعلومات التي تتحدث عن اتصالات ولقاءات تجري بعيداً عن الإعلام بين مسؤولين من مستويات غير رفيعة مـن الطرفين.
وعندما قرر العرب ”الانفتاح“ على إسرائيل عاملتهم الصين مثل ما عاملوا هم به الفلسطينيين، وكان لسان حال القيادات الصينية: ”لن نكون عرباً أكثر من العرب“ وأقامت بكين علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، وعززت علاقاتها الاقتصادية معها، وتركز الاهتمام على التبادل العسكري والتكنولوجي، نظراً للتقدم الإسرائيلي في هذا المجال، وللحاجة الصينية الشديدة إلى التكنولوجيا المتقدمة، في سعيها نحو البناء.
ولا يمكن إغفال حقيقة أن العلاقة مع إسرائيل باتت في العصر الحاضر الجسر الذي يوصل إلى علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وهي العلاقات التي تحتاجها بكين بشدة نظراً لمساعيها الهادفة لتحسين اقتصادها.
بهذا الحضور الصيني على ”أرض“ القضية الفلسطينية تقول بكين إنها ما زالت مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأنها تدعم موقف القيادة الفلسطينية من أجل تأمين هذه الحقوق.
إنه موقف يحاول استذكار ماضي الوقوف الصيني بقوة إلى جانب الثورة الفلسطينية، فهل يستطيع العرب تنمية هذا الشعور كي لا يخسروا وقوف عاصمة كبرى مثل بكين إلى جانبهم، أم إنهم تعودوا تضيع الأصدقاء في سعيهم لتملّق الأعداء؟

الأحد، ديسمبر 02، 2007

لبنان والصين


افتتاحية العدد السادس والعشرين من نشرة "الصين بعيون عربية" الالكترونية الأسبوعية
من يستمع إلى الأرقام التي ”تطايرت“ في فضاء القاعة التي انعقد فيها مؤتمر الاستثمارات المتبادلة بين لبنان والصين قد يصاب بنوع من الصدمة على عدة مستويات.
المؤتمر الذي عقدته الرابطة اللبنانية ـ الصينية للصداقة والتعاون في جامعـــة سيدة اللويزة شمال بيروت يوم 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي حفل بدراسات ومعلومات و“تمنيات“ كثيرة، ولكن كل واحدة من هذه ”المعطيات“ قد تشكل صدمة في حد ذاتها.
تبدأ الصدمة من المقارنة بين البلدين، وهي بحد ذاتها مفارقة كبيرة، سواء على مستوى المساحة أو على مستوى عدد السكان، او حجم الاقتصاد، إلى الحديث عن الميزان التجاري بين الدولتين والذي يعتبر مائلاً بشدة لمصلحة الصين، إلى عدد الزوار بين البلدين، والذي يشهد ”انقلاباً“ في الأرقام (عشرة آلاف لبناني يزورون الصين سنوياً مقابل عدد لا يذكر من الصينيين الذين يزورون لبنان).
كل هذه المعطيات تشهد على الخلل الذي يحكم العلاقة بين بيروت وبكين، وقد جاء هذاا المؤتمر المتخصص (وهو الثالث للرابطة بعد مؤتمر أول في بيروت وثانٍ في بكين) ليظهّر هذا الخلل من ناحية، وليقترح حلولاً عملية من أجل تصحيحه، ولو على صعيد تحقيق تبادل منافع بين الشعبيـن والاقتصادين.
وقد يتساءل البعض: ماذا يقدّم لبنان، هذا البلد الصغير الذي قد لا يظهر على الخريطة إلى الصين الدولة العملاقة التي ينظر إليها العالم اليوم برهبة وانبهار؟
المؤتمر كان واضحاً في الإجابة على هذا السؤال، وأبرزت الدراسات والأبحاث التي ألقيت فيه الكثير من الصور التي يمكن ان يظهر من خلالها التعاون بين الدولتين، لا بل إن بعض الدراسات ذهبت إلى حد اعتبار أن الصين بحاجة إلى لبنان، اكثر من حاجة لبنان إلى الصين، وذلك نظراً إلى ما يتمتع به العنصر البشري اللبناني من قدرة على ”تسويق“ الصين في العالم العربي بشكل خاص وفي العالم كله بشكل عام.
وقد طرحت خلال هذا المؤتمر الكثير من الأفكار التي تعزز التعاون والتي تحتاج إلى المتابعة على الصعيد الرسمي بين البلدين كي تتحول إلى مشاريع عملية تخدم الاقتصادين وتشكل منطلقاً لتعاون أوسع على مستوى المنطقة، وربما تحوّل لبنان إلى بوابة للصين على المنطقة العربية.
ما ننشره في هذا العدد هو بعض ما قيل في المؤتمر، أما كل ما ورد من دراسات وأبحاث، ولا سيما الدراسات الهامة لاثنين من أكبر علماء الاقتصاد الصينيين فيبقى ملكاً للرابطة التي تنوي إصدار هذه الدراسات في كتاب ينشر قريباً، ليكون مرجعاً حقيقياً لمن يرغب في الاطلاع على إمكانيات التعاون بين لبنان والصين، وحتى بيـن الدول العربية كلها وبكين.