السبت، أغسطس 23، 2008

يا أحمر الخدّين




"الصاروخ الإيراني إلى الفضاء فشل فشلاً ذريعاً"
كان هذا هو التقييم الذي قدمه عدد من المسؤولين الأميركيين للقفزة الإيرانية العملاقة إلى الفضاء الخارجي من خلال تقنية إيرانية خالصة وخبرات محلية لم يدخل عليها أي مكوّن أجنبي.
إنها الوسيلة الأميركية الجديدة للهرب من الواقع والعيش في أجواء من الوهم المصطنع، خوفاً من وقع الحقيقة على المسؤولين الذين لم يعودوا قادرين على تحمّل صدمات جديدة، إثر ما عانوه في أكثر من منطقة في العالم، لعل آخرها الضربة الروسية القاصمة في جورجيا، وما عنته من انهيار في الاستراتيجية الأميركية في القوقاز، وربما في العالم كله.

لقد قال الإيرانيون إن التجربة نجحت، وهم يستعدون لإطلاق قمر اصطناعي حقيقي خلال المرحلة المقبلة، وأكدوا أنهم مستعدون للتعاون مع الدول العربية والإسلامية لإطلاق أقمار اصطناعية لهذه الدول، وذلك في إطار استراتيجية فضائية إسلامية متكاملة.
.. قال الأميركيون إن التجربة كانت فاشلة تماماً، ولكنهم لم يتورعوا عن إطلاق صيحات الإنذار والاستنكار، وتهييج وسائل الإعلام وتحريك المحللين و"الباحثين" للحديث عن خطورة الخطوة الإيرانية وتداعياتها المستقبلية، والأخطار التي يمكن أن تشكلها على "السلام العالمي".
هي خطوة باتجاه الفضاء، وهي خطوة سلمية تماماً، وهي خطوة علمية لا تحمل أي تجربة عسكرية، فما دخل السلام العالمي في ذلك؟!
وإذا كانت "خطوة فاشلة" حسب التقييم الأميركي، فلماذا يعطيها الأميركيون هذا القدر من الأهمية، ويثيرون حولها هذا الكم من الغبار؟
إذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن العالم الذي بُهر بالافتتاح الأسطوري لأولمبياد بكين، "كاد يموت من الضحك" وهو يرى وسائل الإعلام الأميركية تتبارى في "الكشف" عن ثغرات الافتتاح، وأهمها أن طفلة غنّت مكان طفلة أخرى، وأن بعض الألعاب النارية كانت محضّرة سابقاً.

إنه التعبير عن العجز أمام تطورات تذهل الأميركيين وتدفعهم للبحث عن أي شيء، لتحصيل بعض المعنويات الوهمية.
المثل العامي يقول: لم يجدوا عيباً في الورد فقالوا له: يا أحمر الخدّين.
محمود ريا