الجمعة، أبريل 27، 2007

ابتكار

يقولون إن الأماكن الأكثر قذارة في منازل الناس في بلاد الغرب، ولا سيما في عصور "المدنية الحديثة"، هي تحت الأسرّة في غرف النوم.
فهناك يمكن أن تجد علب البيتزا الفارغة، والثياب المتسخة، والأوراق المهملة، وبقايا المواد المستعملة، وغير ذلك مما يرغب أصحاب "الحضارة" بإخفائه فيستسهلون رميه تحت أسرّتهم، ما دام أن الضيوف لن يأتوا ليفتشوا هناك، وإنما اهتمامهم سيكون منصباً على الصالونات وفي أحسن الأحوال على المطابخ، وربما فتشوا عن القذارات.. في الحمامات.‏
آسف، فعلاً آسف على هذه الكلمات، ولكن هذا هو الواقع، وهذا ما كشفته عدة تحقيقات صحافية نشرت مؤخراً في الغرب، وجاء فيها معلومات مهولة عما يمكن أن تجده تحت السرير في بلد غربي، في الكثير من المنازل، ولا نقول في جميع المنازل.‏
اليوم هناك من يحاول نقل التجربة إلى لبنان، فيزيل القذارات من "الواجهة" ليرميها في غرف النوم، حيث يفترض أن تكون البيئة صحية، ليكبر الأطفال وتتخلص الأجساد من الاعتلال.‏
أإلى هذا الحد وصل الاقتداء بالغرب؟‏
ألا يوجد ابتكار، ولو في كيفية التخلص من النفايات؟‏
محمود ريا

الاثنين، أبريل 23، 2007

وقاحة

وليد جنبلاط "يكتب" بيمينه مقالاً طناناً رناناً عن "الحزب الشمولي ومباراة كتّاب العدل" فيخرج إليه وزير العدل في الحكومة غير الشرعية ليكشف كذبه الوقح، وليؤكد أن حزب الله لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بما حصل في تلك المباراة.‏
حسن السبع يخرج علينا في تصريح متلفز "وعلى عينك يا تاجر" يربط فيه المجموعة المعتقلة التي قيل إنها من "فتح الإسلام" بالاستخبارات السورية، فتتصدى له المصادر الأمنية بالتأكيد أن هذه المجموعة سلفية، وكانت تنوي تنفيذ عمليات عسكرية ضد سوريا وفي قلب الأراضي السورية.‏
تحصل انتخابات نقابة الهندسة وتُمنى قوى السلطة بهزيمة لم تكن لتخطر لها حتى في الكوابيس، فتتصدى القوات اللبنانية عبر وسائل إعلامها لـ"التأكيد" أن ما حصل هو انتصار لـ"الأكثرية" من دون أن تقول كيف يمكن تخيّل هذا الانتصار.‏
إنها عيّنات من "مصداقية" السلطة ورموزها، والقائمين على مسيرة نهوض البلد وزرع الشفافية والحضارة فيه، انسجاماً مع "الشفافية" التي يمارسها "وولفويتز" في البنك الدولي، و"الحضارة" التي يمتّع بها الأميركيون العراقيين.‏
وإلى الأمام يا دعاة الحرية والسيادة والاستقلال!‏
محمود ريا‏

الجمعة، أبريل 13، 2007

وولفويتز: يعلم الشفافية.. ويمارس الفساد على أشكاله !!!

فضيحة جديدة يسجلها المحافظون الأميركيون الجدد على أنفسهم، ولكن هذه المرة ليس في مركز القرار السياسي الأميركي، ولكن في مركز القرار المالي الدولي،وبالتحديد في البنك الدولي الذي يترأسه الآن أحد المحافظين الجدد وواحد من أكبر مهندسي حرب العراق، بول ولفويتز.‏
هذا الأميركي الصلف، الذي لم يترك صفة سلبية إلا وافتخر بنسبتها لنفسه، وضع نفسه تحت مقصلة معادلة "محاربة الفساد" التي يدعي تسويقها في العالم من خلال المؤسسة المالية الدولية، عندما نقل هذا الفساد إلى داخل المؤسسة نفسها، معتمداً أبشع صور هذا الفساد، أي ذلك المقترن بالممارسات اللا أخلاقية، عندما تبين أن "حارس الفضيلة المالية" في العالم قدم لعشيقته وظيفة ومرتباً عالياً لا تستحقه، من قلب البنك الدولي!!‏
ولا يبدو فساد ولفويتز غريباً وهو المعروف بأنه المدافع الأول عن الكيان الصهيوني خلال وجوده داخل الإدارة الأميركية، والمروج الأول لهذا الكيان في العالم بعد تسلمه منصب قيادة أهم مؤسسة مالية دولية،إذ يبدو أن عدوى الفساد التي تضرب هذا الكيان الغاصب انتقلت إليه، أو انه نقل العدوى إلى الكيان، دون أن يعني ذلك إمكانية التمييز بين الطرفين على قاعدة أيهما اكثر فساداً من الآخر.‏
واللافت في الموضوع أن ولفويتز هذا موجود في كل مكان يواجه فيه العرب مصاعب ومشاكل، فاسمه البارز كداعم للكيان الصهيوني لا يطغى على كونه المهندس الرئيسي للحرب الاميركية على العراق، وأبرز الدعاة لها منذ ما قبل عام1998، كما انه موجود بقوة في التخطيط لما جرى في لبنان خلال السنوات الماضية ولا سيما السنتين الأخيرتين، كما أنه من ابرز دعاة محاصرة السودان والضغط على الدول العربية، عدا عن كونه أبرز مشجعي الرئيس الأميركي جورج بوش على الانخراط في مشروع الدرع الصاروخية التي تهدد بعودة الحرب الباردة على مستوى العالم.‏
بهذه السيرة "الناصعة"، غادر بول ولفويتز موقعه كنائب لوزير الحرب الأميركي ليتسلم رئاسة البنك الدولي عام 2005 معلّماً العالم الديموقراطية والشفافية وملقياً الدروس عن كيفية محاربة الفساد، فإذا به يقع في الفخ ويكشف عن الوجه القبيح لأولئك الذين يريدون بناء عالم يضعون هم "قيمه الأخلاقية".‏
ماذا الآن في تفاصيل هذه الفضيحة الأميركية الجديدة؟‏

قرر مجلس مديري البنك الدولي إرجاء اجتماع اليوم الجمعة لمراجعة قرار رئيسه بول ولفويتز بترقية صديقته شاها رضا وقال انه سيتحرك بسرعة للبت في هذه المسألة.‏
وقال مجلس البنك في بيان انه اكتشف أن ترقية رضا وزيادة مرتبها لم تخضع للمراجعة في لجنة اخلاقيات العمل ولم تعرض على رئيس المجلس قبل أن يعتمدها ولفويتز عقب انضمامه للبنك في عام 2005.‏
وقال المجلس في البيان "سيتحرك المديرون التنفيذيون بسرعة للتوصل الى قرار بشأن الاجراءات الممكن اتخاذها."‏
وأضاف أن المديرين التنفيذيين سيركزون في نظر المسألة على كل تداعياتها على البنك فيما يتعلق بسلامة العملية الادارية.‏
وتتركز مراجعة المجلس المكون من 24 عضوا يمثلون الدول الاعضاء على ما اذا كان ولفويتز خالف لوائح العاملين عندما وقع قرار ترقية رضا وزيادة مرتبها قبل أن تكلف بالعمل في وزارة الخارجية الامريكية.‏
وكان ولفوفيتز قد اعترف بأنه أساء استخدام منصبه عندما أصدر قرارات ترقية وزيادات في أجر موظفة بالبنك كان على علاقة عاطفية معها.‏
وقال ولفوفيتز خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس في واشنطن قبل يومين من افتتاح الجمعية النصف السنوية للبنك الدولي، إنه مستعد لتقبل أية عقوبات قد يفرضها عليه مجلس إدارة البنك بسبب هذه الفضيحة‏
وقد طالبت جمعية موظفي البنك الدولي الخميس باستقالة ولفوفيتز، وحثت في رسالة إلى إدارة المصرف على مباشرة البحث عالميا عن رئيس جديد قادر على إعادة النزاهة إلى المصرف واستعادة ثقة الجهات المانحة لدورة "أيدا 15".‏
وتشير الرسالة بذلك إلى الدورة الخامسة عشرة لجمع الأموال التي ستنظمها الجمعية الدولية للتنمية (أيدا)، وهي معهد تابع للبنك الدولي يقوم بمساعدة الدول الأكثر فقرا في العالم.‏
وكان ولفوفيتز الذي يقود حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد قد أصدر قرارا بندب صديقته شاها رضا للعمل في وزارة الخارجية، ومنحها سلسلة مكافآت رفعت راتبها السنوي إلى حوالي مائتي ألف دولار وهو ما يفوق راتب وزيرة الخارجية الأميركية.‏
واستمرت شاها رضا في تلقي أجرها من البنك الدولي بعد انتقالها منه إلى وزارة الخارجية الأميركية في سبتمبر/أيلول 2005.‏
لا بد من ان يستقيل‏
وتحت عنوان "لا بد أن يأمر ولفويتز بالاستقالة" قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية اليوم في افتتاحيتها إن مصدر قوة رئيس البنك الدولي هو مصداقيته.‏
وأضافت أن قدرة البنك على إثبات اختلافه عن غيره من المؤسسات المالية لا تكمن في المال والأفكار, بل في قدرته على أن يكون صوت التنمية في العالم.‏
وهذا يشمل كما قال المدير الحالي للبنك بول ولفويتز أن يكون البنك صوت الحكم الرشيد.‏
لكنها أشارت إلى أن اعترافات ولفويتز الأخيرة بأنه منح صديقته وظيفة ذات مردود مالي كبير تظهر أن النفوذ الأخلاقي لهذا البنك يتعرض للخطر.‏
وشددت على أن بقاء رئيس البنك الحالي في منصبه قد يجعل هذه المؤسسة محل ازدراء بدل احترام، ويجعل حملة رئيسها لصالح الحكم الرشيد مجرد نفاق صارخ.‏
وشددت على أن المسألة هنا ليست الشعبية المتدنية لولفويتز لكونه مهندس الحرب على العراق ولا إخفاقاته التسييرية، وإنما المخاوف من أن تؤدي فضيحة ولفويتز إلى خسارة البنك سلطته الأخلاقية.‏
وختمت بدعوة ولفويتز إلى الاستقالة ودعوة مجلس إدارة البنك إلى إقالته إن هو رفض فعل ذلك طواعية.‏

محمود ريا‏

قبل أن يعيد فينا تاريخ ميلوسوفيتش

"الله يرحمه"
كان كل ما قاله وقحاً، ولكن هذه العبارة يمكن أن تدخل السباق إلى قمة.. الوقاحة.
سمير جعجع "يترحم" على سلوبودان ميلوسوفيتش.
ولمن لا يعرف من هو ميلوسوفيتش يكفي القول إنه مجرم الحرب الصربي الذي قتل آلاف البوسنيين تنفيذاً لمشروعه الشوفيني العنصري، والذي مات.. في سجون المحكمة الدولية حول يوغوسلافيا السابقة.
قد يكون سبب "الترحم" هو وجود مشتركات في تاريخ الرجلين، أو أنه ناتج عن إعجاب من "المترحم" على "المرحوم"، او قد تكون العلاقة السابقة بين الطرفين التي تعززها مدافع عشرات الدبابات وملايين الدولارات.
.. وقد يكون السبب استحضار الماضي، تحضيراً للمستقبل.‏
كل هذه "الممكنات" لا يمكن أن تلغي السؤال عن صمت إخوان ضحايا البوسنة، عن هذا المجرم الذي يترحم على قاتلهم.‏
ولا تُعفي الذين يسيرون مع جعجع في مسيرته الهدامة من سؤال أنفسهم كيف يسيرون مع الذي قتلهم هنا، ويترحم على الذي قتل إخوانهم هنا.‏
ولا يُعفي الذين يفتحون أبوابهم ومنابرهم لاستقبال هذا القاتل المجرم كيف يسكتون عن قتله رئيس وزراء لبناني، في سعيهم لتجريم قاتل رئيس وزراء آخر.‏
ولا يُعفي أحداً من العمل على إعادة هذا المجرم مرة أخرى إلى السجن، قبل أن يعيد فينا تاريخ ميلوسوفيتش، الذي لا يفترق عن تاريخه في شيء.‏
فإذا نجح في أن يفعل ذلك، فلربما لن يرحم الله الكثيرين من الذين لم يمنعوه.. من أن يفعل.‏
محمود ريا‏

الجمعة، أبريل 06، 2007

الصين ـ أميركا:الحرب أحد الخيارات

أول درس يتلقاه من يتعلم اللغة الصينية أنه ليس في قواعد هذه اللغة ماض أو حاضر أو مستقبل، وإنما هناك امتداد للزمان، وكلمة واحدة تعبر عن الأزمان الثلاثة.. وعلى "الشاطر" أن يفهم.‏
بهذه الصيغة تتعامل القيادة الصينية مع الأحداث، إنها استمرار منذ البدايات ـ فجر التاريخ ـ حتى النهايات التي لا يعلم أحد أين وكيف ستكون.‏
وبين البداية والنهاية مرت ـ وتمر على الصين ـ دول وامبراطوريات منافسة ومعادية، ولكنها تواجهها بنفس واحد، دون قطع مع تاريخها ولا شك في مستقبلها.‏

ربما من أجل ذلك ينظر الصينيون بقليل من الارتباك إلى ما يقال عن كونهم يتوجهون ليصبحوا قوة عظمى من جديد، فهذا القول لا يشكل فتحاً جديداً لبلادهم، وهي التي كانت على مدى العصور قوة عظمى تنبعث وتنكسر تبعاً للظروف والمتغيرات، متخذة من كل انكسار حافزاً للانطلاق من جديد.‏
بالمقابل هناك من يعيش همّ المواجهة مع الصين، إنها قوة عظمى جديدة نسبياً على المسرح الدولي وعلى التاريخ، ولذلك فهي تنظر إلى أي تهديد على أنه تهديد وجودي نهائي لا بد من التعامل معه بسياسة البتر والحذف والإلغاء، بدل اعتماد سياسة الاستيعاب والالتفاف والتفاهم.. هي الولايات المتحدة التي تعيش هاجس الصين ليل نهار، هاجسا عبر عنه مسؤول رسمي رفيع في وزارة الحرب الأميركية في أحد أعداد مجلة "الدفاع" الفصلية الذي صدر العام الماضي حين قال: تنظر في التقارير الموجزة للقوة الجوية الأميركية (حول الأهداف والمخاطر)، فتجد أنها كلها مليئة بكلمات: الصين، الصين، الصين.‏
الهاجس نفسه عبّر عنه تقرير من خمس وتسعين صفحة صدر الشهر الماضي عن إحدى اللجان المتخصصة في الكونغرس الأميركي تحت عنوان: التحديث البحري الصيني وتداعياته بالنسبة الى البحرية الأميركية. يقول التقرير إن حجم سلاح الغواصات الصيني سيبلغ بحلول عام 2010 ضعفي حجم سلاح الغواصات الأميركي، وإن الحكومة الصينية تستهدف أن يتفوق أسطولها بشكل عام ـ وليس الغواصات فقط ـ على الأسطول الأميركي عام 2015. ويعلّق المؤرخ الأميركي الشهير بول كينيدي على هذه "المعلومات" بالقول: لا يمكن للإدارة الأميركية أن تتغاضى عن هذا الواقع، ولا بد من أن تتصرف بشأنه.‏
ولكن كيف يكون التصرف؟‏
تحكم آلية تعامل الولايات المتحدة مع "الصعود الصيني" ثلاث نظريات:‏
الأولى تتحدث عن "التعاون" مع الصين من أجل الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي يتيحها هذا الصعود. فالمزيد من التعاون يؤدي إلى مزيد من انخراط الاقتصاد الصيني في المنظومة الاقتصادية الدولية، وهذا يؤدي بدوره إلى "تعديل طوعي" في النظام السياسي الصيني بما يحوّله إلى نظام ديمقراطي على النمط الغربي، الأمر الذي يجعل منه حليفاً طبيعياً للولايات المتحدة بدل أن يكون عدواً لها.‏
النظرية الثانية تتحدث عن "احتواء" الصين عبر التعاون المدروس معها، وفي الوقت نفسه ممارسة الضغوط عليها لدفعها إلى تغيير سلوكياتها، بما يجعلها تحس بمنافع عدم الاعتراض على "القيادة الأميركية للعالم" من جهة، وبمخاطر مواجهة هذه "القيادة" من جهة أخرى. والتعبير الأكثر سطحية عن هذه النظرية هو تعبير استخدام العصا (المعنوية) والجزرة (الاقتصادية).‏
أما النظرية الثالثة التي تبدو معشّشة في أفكار الكثيرين من صنّاع القرار السياسي والعسكري في الولايات المتحدة، فهي ما يطلق عليها في بعض المحافل الضيّقة بـ"الخيار الأخير". وواضح أن المقصود هو خيار "الحرب الاستباقية"، إذ لا يمكن الانتظار حتى تنتهي الصين من استكمال استعداداتها العسكرية والاقتصادية الشاملة، ومن ثم الإمساك بزمام الأمور والبدء بالتحكم بالعلاقة بين البلدين.‏
كلمة الحرب ليست مستترة في التعامل بين العملاقين الأميركي والصيني، ولا تداريها كل صور التعاون والتعامل الاقتصادي بين البلدين، إنها خيار واقع عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في محاضرة ألقاها هذا الأسبوع في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، حيث قال إن صعود الصين كقوة عالمية هو أمر حتمي، ويمكن "أن يزيد من مخاطر اشتعال الحرب. داعياً الولايات المتحدة إلى التعاون مع بكين في إقامة نظام عالمي جديد.‏
هي دعوة مهمة من فاتح باب العلاقات الأميركية الصينية من خلال دبلوماسية الـ"بينغ بونغ" في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وأول وزير خارجية أميركي يزور الصين الشيوعية بعد عقود من القطيعة، ولكنها دعوة تبدو بعيدة جداً عن التحقق، نظراً لوجود عقبات كثيرة أمام حصولها، أكثرها من الجانب الأميركي.. ولكن البعض منها موجود أيضاً في الجانب الصيني. فالروح "الماوية" التي حكمت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين خلال النصف الثاني من القرن العشرين لا تزال محترمة جداً في أوساط جيش الشعب الصيني الذي تقلص عدد أفراده من ثلاثة ملايين فرد إلى مليون ونصف مليون، في مقابل ازدياد مستوى الحرفية وتطور نوعية الأسلحة والتخلص من الكثير من الملفات الاقتصادية الجانبية التي كانت ترهق هذا الجيش وتحول دون تحوله إلى جيش فعّال قادر على الحركة والمناورة في كل منطقة الشرق الآسيوي، إن لم يكن في كل العالم.‏
وما زال التاريخ الصيني السحيق يفرض نفسه شعوراً بضرورة العودة ـ يوماً ما ومن دون استعجال ـ إلى موقع الدولة الكبرى، وربما الدولة الأولى في العالم.‏
ولكن كيف ستتحقق هذه العودة؟‏
هو سؤال يرهق تفكير عشرات المفكرين والباحثين في أنحاء العالم، لا سيما في واشنطن وبكين. ولكن ليس بالضرورة أن يكون التفكير في اتجاه واحد، وإنما هناك من يفكر بكيفية تمكن الصين من تحقيق ذلك، فيما يفكر آخرون بكيفية منعها من تحقيقه.. ولو بالقوة العسكرية المجردة.‏
محمود ريّا‏

انكسرت الجرة

جاء بان كي مون وغادر، وجاءت بيلوسي وذهبت، وحضرت ميركل فغابت، وبقي لبنان.
يأتي من يأتي ويغادر من يغادر، ويبقى لبنان.
ليس البلد مرتبطاً بمن يأتي ويذهب، وإنما هو مرتبط بمن يبقى ويصمد.‏
الذين يستقوون بمن يأتي، سيأتي يوم ويضعفون مع من يذهب، فقوتهم ليست من صنعهم، والقوة الذاتية التي يملكونها (وهم يملكون دون أن ينكر أحد ذلك) يضيّعونها باستعارة قوة الآخرين، فلا قوة القادمين نفعتهم، ولا قوتهم بقيت لينتفعوا.‏
لا الفصل السابع يفصل في قضيتهم، ولا المذكرات والعرائض تعفيهم من مسؤولياتهم، ولا مدّ اليد للمصافحة، والشفاه للتقبيل، سيجلب لهم ما يرغبون فيه.‏
وحده النظر إلى الداخل، إلى من هم في الداخل، إلى الذين لم يغادروا عندما عمل العالم كله لدفعهم إلى المغادرة، ولم يستسلموا يوم تجمعت كل قوى الشر لدفعهم إلى الاستسلام، هو الذي يحميهم ويؤمّن لهم مطالبهم، ويعطيهم ما لهم حق فيه، وربما حتى ما لا يحق لهم.‏
لقد فات الأوان على هذا الكلام؟‏
ربما، فقد انكسرت الجرة، وطيّرت العرائض، وهم من يتحملون المسؤولية.‏
محمود ريا‏