الاثنين، ديسمبر 01، 2008

الهرب من لحظة الحقيقة


ملأت الصرخات والخطابات والتصريحات الهواء عن "تعطيل" التشريع ومنع رئيس المجلس النيابي البرلمان من الانعقاد، ما يعطّل مصالح المواطنين ويمنع البلد من التقدم ويعقّد عملية حل المشاكل وتذليل العقبات من أمام التطور.


وبالرغم من أن الأسباب التي كانت تؤدي إلى تعطيل مجلس النواب في تلك الفترة العصيبة من تاريخ البلاد واضحة، وتعطي رئيس المجلس كل المشروعية في تجميد العمل التشريعي كي لا يسري فيه الانقسام الذي ضرب السلطة التنفيذية، فإن الأصوات المرتفعة لم تخفت، هاتفة بضرورة إعادة العمل البرلماني وإطلاق المجلس من عقاله.

ولما انعقد المجلس، وبدأ بمعالجة المشاكل، فرّ الصارخون وتخاذلوا عن القيام بواجباتهم، وطيّروا النصاب، معطلين التشريع وموجهين إهانة إلى المجلس النيابي الذي انتخبه الناس كي يرعى مصالحهم، وليس كي يفر من التزاماته تجاههم.

هذا التصرف من قبل "الجوقة" إياها ليس فريداً، ولا يمكن اعتباره سحابة صيف عابرة، وإنما هو ديدن هؤلاء الذين ما تركوا قضية إلا واستغلوها لإطلاق الاتهامات فيما هم ليسوا فوق الشبهات، بل إنهم تحت سيف الإدانة.

فقد سبق لهؤلاء أن لعبوا اللعبة نفسها مع موقع رئاسة الجمهورية، محطمين هيبته، ومن ثم مانعين وصول مرشح معين إلى الرئاسة، ولما "وقع القضاء" كانوا أول السائرين في عرس التطبيل والتزمير لما حصل.

ومع الجيش لعبوا اللعبة نفسها أيضاً، فمن ناحية هم يطلقون التصريحات المشيدة بالجيش، ومن ناحية أخرى هم يغطون كل الممارسات المسيئة بحقه وبحق سمعته، مستهدفين قيادته وضباطه وعناصره بالكلام، فيما الخارجون من أكمام سادتهم يستهدفونه بالتفجيرات والرصاص.

إنهم معتادون على هذا النوع من التلون، ومعتادون على "الميوعة" بين الموقف والتصرف، ومعتادون أن يمشوا بالريموت كونترول، ولا أمل منهم وفيهم، والمنتظِر خيراً من ورائهم، كمن ينتظر إقراراً لقانون سلسلة الرتب والرواتب من قبل جماعة تهرب في لحظة الحقيقة من الاعتراف بحق مكتسب.

محمود ريا

ليست هناك تعليقات: