الثلاثاء، نوفمبر 25، 2008

ظلمة غزة ـ تابع مرة أخرى


كنا ظننا أننا لن نكتب عن حصار غزة مرة أخرى، ليس لأننا أمَلْنا بانتهاء هذا الحصار، فالعرب والغرب مصرون على معاقبة الغزّيين والفلسطينيين جميعاً على ديموقراطيتهم ومقاومتهم وقرارهم الحر، ولكن بسبب إحساسنا بالملل من تناول الموضوع نفسه مرة بعد مرة، بالكلام نفسه والمشاعر نفسها.
ولكن ظنّنا لم يكن في محله، فقد اكتشفنا أن فينا بعدُ عِرقاً ينبض لمعاناة أهلنا في غزة، وأننا لم نجفف كلماتنا ـ كما دموعنا ـ لتصبح بلا معنى، وأننا ما زلنا ننفعل أمام ما يحصل، ونحسّ بطفل يموت بسبب انقطاع الغذاء، ومريض يقضي نتيجة انقطاع الكهرباء عن أجهزة العلاج في المستشفيات.
إنها مفاجأة فعلاً، أن نقدر على تعميق الجروح في نفوسنا أكثر، وأن نلعق المزيد من دمنا صباح مساء، وأن نقدر على احتمال المزيد من الخزي الناجم عن العجز عن الفعل إزاء ما تشهده غزة المحاصرة من مآسٍ.
إنها مفاجأة أن نجد في أنحاء وطننا العربي الكبير من لا يزال يتابع أخبار المحاصرين، مصراً على التعرف الى أحوالهم. منهم من يفعل ذلك من باب الفضول، ومنهم من يفعله من باب المواساة والمشاركة في الألم.
جيد أن هذه المشاعر لم تمت بالكامل حتى الآن.. ربما هي تنتظر أن يموت أهل غزة كي تذوي معها، فلا يعود أصحابها يشعرون بعقدة الذنب، أو أنها تنتظر معجزة ما ـ تأتي من مكان ما ـ لإنقاذ أهل غزة مما هم فيه، وتريح ما تبقى من عرب يشعرون، من مشاعرهم.
وإذا كان هناك معجزة فعلاً، فهي لن تكون أبداً.. معجزة عربية.
محمود ريا

ليست هناك تعليقات: