الخميس، نوفمبر 13، 2008

ظلمة غزة ـ تابع


محرجة الكتابة عن العتمة، عندما يرى الإنسان أن القلوب باتت أكثر ظلمة من الليالي الحالكات التي تعيشها غزة مرة بعد مرة.
يحس الواحد منا أن ما يكتبه هو مجرد ترداد لكلام كتب في السابق، وهو مجرد تكرار لعبارات تضامن لا يمكن أن تسمن ولا أن تغني من جوع.
ويصبح من "يحمل قلماً" بين خيارين: أن يكتب، وأن لا يكتب.
فإذا هو استنكف عن الكتابة انسجاماً مع عجزه عن الفعل، يصبح كالذي "يعطي الأذن الطرشاء" لآلام مئات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين العرب الذين ينامون بلا ضوء، وبلا كهرباء لغرف العناية الفائقة في المستشفيات، وبلا أبسط مقومات العيش التي هي حق لكل إنسان.
وإذا هو كتب، فيكون من "الذين يصفّون الحكي"، مجرد كلام، لا يردع عدوان المعتدين ولا يدفع زعيماً للتحرك والإنجاز، ولا يدخل ليتراً من الوقود إلى قلب الحصار الذي تعاني منه غزة وقطاعها وأهلها.
هل هي المرة الثانية التي نكتب فيها عن الحصار، أم الثالثة، هل هي آخر مرة أم سنكتب بعد، هل سنسأم من تدبيج المقالات ورسم الكلمات، فنترك المحاصرين لحصارهم، ونهتم نحن بالحوارات الحضارية الدائرة في أربع جهات الكون؟
هل سنرى في المرة القادمة الصورة التي اعتدنا على ربطها بالمواضيع التي تمررها الصحافة على استحياء، أطفال يحملون الشموع ويسيرون في ليل غزة احتجاجاً على حرمانهم من حق النور، أم أن وكالات الأنباء ستكتفي بأن تحيلنا إلى الأرشيف بعد أن يصبح الحدث "بلا قيمة إخبارية"، ويصبح مجرد تكرار لحدث سابق؟
هل نحن الذين كان في تاريخهم من يهب لصرخة مظلوم وينتفض لدعوة مكلوم ولا ينام على ضيم مُضام؟
هل نحن الذين ننتمي إلى خير أمة أخرجت للناس؟
محمود ريا

هناك تعليقان (2):

كريم عاطف يقول...

لا أجد كلااما اقوله اكثر مما قلته، وما يمزق قلوبنا أكثر أننا هنا في مصر لا يوجد بيننا وبين قطاع غزة جندي صهيوني واحد ولا أحد يتحكم في فتح المعبر سوى النظام المصري ولكنه للأسف نظام عميل يشارك في الحصار وينفذه بدقة تتفوق على العدو الصهيوني وكم من قوافل لكسر الحصار انطلقت من كل مكان وعادت خائبة بسبب تصدي الأمن المصري لها، أخشى مثلك تماما أن يتحول الأمر لشيء معتاد بالنسبة لنا مثل أي خبر في الجرائد

Mahmoud Raya يقول...

الأستاذ كريم
أحييك على هذا النبض الذي تحويه شرايينك، ويؤسفني أن ما تقوله صحيح.
كنا نقول: حاصر حصارك، واليوم بتنا نقول: حاصر نفسك، واقطع أهلك وأقفل أبواب حريتك.. بيدك.
هل نحن خير أمة أخرجت للناس؟؟
أنصحك بسماع حمدي قنديل حين قال: يا أمة تلفانة ياأمة عدمانة، ياأمة كانت أمة محمد وبقت أمة.. مهند
أطيب تحياتي