الثلاثاء، أكتوبر 14، 2008

حرية من نوع آخر


الإنسان حرّ في أن يبدّل البذلة التي يلبسها مرتين في اليوم، مختاراً في كل مرة لوناً مختلفاً عن الآخر، وحر في أن يأكل الطعام مالحاً صباحاً وحامضاً في المساء، وحر أن يذهب شمالاً قبل الظهر، ثم يذهب جنوباً بعد الظهر، وربما يكون حراً في تبديل ولاءاته وتغيير مواقفه بالنسبة نفسها التي يغيّر فيها ثيابه وذوقه في الطعام ووجهة السير التي يسلكها في الوقت الذي يراه مناسباً.
ولكن أن يقول له أحد حقيقة أنه غيّر وبدّل، وتلوّن وتحوّل، فهذا يمكن اعتباره مساً بالحرية وتضييقاً لها، وخروجاً على القانون وتجاوزاً لقواعده.
الإنسان حر في أن يفعل ما يشاء، وليس لأحد حرية ان يقول أي شيء عن حريته هذه، فحرية الآخرين غير موجودة، ولا يمكن السماح بها ويجري التعرض لها ونقضها وحتى سحقها، ما دام أنها تمس حرية الشخص القادر على أن يمارس الحرية من دون حساب، نتيجة ظرف طارئ أو ركوب ناجح للموجات المرتفعة مع ترك الموجات التي تكاد تهمد من دون أي شعور بالذنب، أو بحث عن فضل الموجة التي أوصلته إلى هذا المكان أو ذاك.
حرية المرء لا تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، لأن لا حرية للآخرين ما دام أن هذا المرء قادر على استخدام القوانين وصرف النفوذ والتلاعب بالأنظمة خدمة لحريته في أن يفعل ما يشاء بحق من يشاء ساعة يشاء.
إنها حرية من نوع آخر، حرية لبنانية، "ماركة مسجّلة"، قادرة على أن تضرب الإعلام وحرية التعبير عن الرأي، وجاهزة لإتلاف كل الوثائق والمستندات، خدمة لنافذ، وتنفيذاً لرأي زعيم يرى مصلحة في تحريك قوى تنفّذ القانون هنا، وجعلها تنام "نومة أهل الكهف" هناك وهنالك.
إنها حرية من نوع آخر، بل هي ليست حرية إلا بالاسم، ولا يعرفها أحد في العالم كما يعاني منها اللبنانيون الذين ليس لهم من يقف وراءهم و"يعطيهم حريتهم".
هي الحرية التي ترتكب الجرائم باسمها وتحت لوائها.
محمود ريا

ليست هناك تعليقات: