الأحد، سبتمبر 30، 2007

الصين وتايوان إلى الحرب؟


افتتاحية العدد السابع عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
العنوان مثير حتماً، وقد يكون بعيداً عن التحقق في القريب العاجل، ولكن هل هو مستحيل التحقق فعلاً؟
ما يحصل من تطورات متسارعة على صعيد العلاقة بين ”البر الصيني“ و ”الجزيرة المتمردة“ يرجح أن التدهور الذي تشهده هذه العلاقة قد لا يتوقف عند حد، ولاسيما مع وجود زعيم في تايوان يرغب في تحريك الوضع الراكد، والسير في غير اتجاه ”إبقاء الوضع على ما هو عليه“ الذي بقي معتمداً على مدى العقود الماضية.
فمن العمل على إجراء استقتاء حول الاستقلال، إلى تقديم طلبات متكررة لدخول تايوان إلى الأمم المتحدة كـ ”دولة مستقلة“، بدأت الأجواء بالتشنج، وعلت تصريحات القيادة الصينية في بكين إلى حد الحديث عن خيارات أخرى غير المحادثات لمعالجة هذه الأزمة، ولا سيما في ظل القانون الذي أقرّته بكين قبل مدة والذي يتحدث عن خيارات غير سلمية في حال قررت تايوان إعلان استقلالها.
وقد ترافقت هذه التصريحات مع مناورات عسكرية كبيرة أجرتها منطقة شانغهاي، المستهدفة الأولى من قبل تايوان في حال اندلعت الحرب، مع ما يعنيه ذلك من إدخال الخيار العسكري كعامل أساسي في التعامل مع هذا الوضع.
المنطقي أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد، ولا سيما في ظل السعي الصيني إلى الحفاظ على مسيرة التنمية المذهلة التي يشهدها البر الصيني، لأن أي حرب في المنطقة لن تقتصر على نزاع محدود في مضيق تايوان، وإنما قد تتحول إلى حرب عالمية مع التدخل الأميركي المباشر في الأزمة دعماً لتايوان، ومن ثم تدخل الدول الأخرى ذات المصالح المتعددة في المنطقة.
ولكن من قال إن المنطق هو الذي يحكم في هذا العالم، ومن يمكنه التكهن في نتيجة سلسلة من الهزات الصغيرة، وما يمكن أن تؤدي إليه من زلازل؟
هل تندلع شرارة الحرب من المكان الذي لم يتوقعه أحد، فيما العالم ينظر إلى مكان آخر تفوح منه رائحة البارود والنار؟
يبدو أن الصين واعية لمخاطر هذا الواقع، فهل هناك في الجانب الآخر من يعي؟
محمود ريا
* من يرغب بالحصول على النشرة في بريده الالكتروني كل أسبوع يمكنه إرسال رسالة إلى البريد التالي: rayamahmoud1@hotmail.com أو chinainarabic@gmail.com

بدون تعليق: فيلتمان لا يتدخل

مع أن هذه الزاوية تحمل عنوان "بدون تعليق"، إلا أن هناك أخباراً لا يمكن أن تمر دون أن يتوقف المتابع عندها، كالخبر الذي يقول إن السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان صرح بعد زيارته قائد القوات اللبنانية سمير جعجع قائلاً إن بلاده "لن تتدخل في لعبة أسماء المرشحين" في الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
لا بأس من الإشارة قبل "التعليق" عند بعض "التفاصيل الصغيرة" المتعلقة باللقاء، فهو "استمر لمدة تسعين دقيقة"، و"تخللته خلوة بين جعجع وفيلتمان".
كل هذه المعطيات تجعل من الخبر نموذجياً للتعليق عليه، ابتداءًا من أشخاصه، مروراً بـ "ظروفه" وما حصل فيه، وصولاً إلى التصريح بعده.
السفير الأميركي يزور قائد القوات لمدة تسعين دقيقة، هذا يدفع اللبنانيين إلى التعوّذ بالله من الشيطان الرجيم.
السفير الأميركي يعقد خلوة مع قائد القوات، وهذا يدفع الكثيرين إلى تحسس رؤوسهم، وخصوصاً في هذه الظروف الدقيقة، حيث تتصاعد النبوءات عن الاغتيالات، و"أكثرها مصداقية" تلك التي تصدر من معراب.
أما ما يجعل الموقف أكثر غرابة، فهو التصريح الذي صدر عن السفير الأميركي بعد اللقاء، ولا سيما تلك النقطة المتعلقة بـ "عدم تدخل" الولايات المتحدة في لعبة الأسماء المتعلقة بانتخابات رئاسة الجمهورية.
هذا التصريح يجعل من جملة مستهلكة ومستخدمة كثيراً كجملة "شر البليّة ما يضحك" تستعيد نضارتها، وتقفز إلى الذهن مباشرة، وذلك نظراً لما يحويه هذا التصريح من تناقضات.
فالولايات المتحدة الأميركية التي لم تترك كبيرة ولا صغيرة في لبنان إلا وتدخلت فيها، إلى حد أن "مندوبها السامي" بات يقدم رأيه في تعيين حُجّاب في بلدية نائية في أقصى شمال لبنان أو جنوبه، تتعفف عن التدخل في تحديد اسم رئيس الجمهورية المقبل.
ولا يحلو لهذا المندوب السامي أن يطلق تصريحه إلا من معراب، التي أعلن "نزيلها" أنه هو وحده يحق له أن يحدد من هم "المؤهلون" لمنصب رئاسة الجمهورية من بين الموارنة.
فإذا لم يكن جعجع وفيلتمان يقرران من يريدان رئيساً للجمهورية فماذا كانا يفعلان؟ هل كانا يتناقشان في الاضطرابات في بورما، أم يبحثان أزمة الاحترار العالمي؟
وإذا كان فيلتمان وبلاده بعيدين عن لعبة تحديد الأسماء فهل يتركان لـ "حلفائهما" في لبنان مهمة الدخول في اللعبة؟
وسؤال آخر على الهامش: لماذا تتلاقى تلميحات فيلتمان مع تصريحات أشد المخلصين له في نعي أي إمكانية للتوافق على الساحة اللبنانية، إلى حد وصف إمكانية حصول هذا التوافق بأنه أمر "شبه مستحيل"؟
بعد الضحك من كثرة المرارة، يحق للبناني أن يتوقف قليلاً ليسأل ماذا كان يفعل فيلتمان حقاً عند جعجع، وأي مصائب سنشهدها بعد هذا اللقاء؟

"الكتلة الوطنية".. والمواقف الصوتية

في مقابل الأجواء الإيجابية التي توحي بها الاتصالات الجارية بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري، تتعالى أصوات الفريق الأكثري مشككة بأجواء الانفراج وموجهة أقسى عبارات النقد لفرقاء المعارضة، حيث يتخصص كل طرف من السلطويين بمهاجمة فريق من المعارضة في حملة تبدو منسقة بشكل كامل بين مختلف الأطراف.
وإذا كان النائب وليد جنبلاط وفريقه متخصصين بالتهجم على حزب الله وإطلاق فقاعات صوتية ضده مستخدمين كل أساليب التجريح والتهويل، فإن فرقاء آخرين في فريق السلطة تخصصوا بمهاجمة التيار الوطني الحر ورئيسه العماد ميشال عون.
وفي حين يمارس قائد القوات اللبنانية هجومه على العماد عون مستخدماً أسلوب التخفي ومعتمداً آليات تشكيكية بعيدة عن التهجم المباشر، فقد أوكلت مهمة هذا النوع من الهجوم اللاذع إلى شخصيات وتنظيمات هامشية تستخدم أساليب الشتم وطرق تغييب الحقائق في الرد على مواقف التيار الوطني الحر.
وقد لوحظ في هذا المجال البيان الذي أصدرته "الكتلة الوطنية" يوم أمس الخميس بعد اجتماع "اللجنة التنفيذية" للكتلة، حيث لم يبق أي وصف سيئ إلا وألصق بالعماد عون وصولاً إلى طلب محاكمته بعيداً عن حصانته النيابية لأنه "هدد الرئيس الذي ستنتخبه قوى 14 آذار" بالاغتيال!!.
البيان الذي أصدرته الكتلة الوطنية يرفض "تمرير" جلسة الثلاثاء بالشكل الذي حصل، ويشكك بسبب تأخير موعد الجلسة القادمة إلى 23 تشرين الأول/ اكتوبر القادم، ويهاجم الرئيس نبيه بري متهماً إياه بتجاوز "كل القواعد والأعراف ومواد النظام الداخلي" لمجلس النواب.
لهجة البيان توحي كما هو ظاهر بأجواء سلبية جداً في حال كان يعبر عن حقيقة موقف قوى السلطة، إلا أنه يبقى مجرد "تسجيل موقف" إذا كان لا يعبر إلا عن رأي مصدريه فقط.

هبة باردة.. هبة سخنة..

من أهم النصائح التي كنا نتلقاها من الكبار ـ يوم كنا صغاراً ـ أن لا نتعرض للطقس البارد ثم للطقس الدافئ بشكل متتابع، ودون المرور بفترة "انتقالية" يكون الطقس فيها معتدلاً، كي لا نصاب بالزكام، وربما بأمراض أكثر فتكاً وإيذاء.
لقد أثبتت هذه النصيحة صحتها، بدليل أنه لم يحصل مرة أن خرجنا فجأة من غرفة دافئة إلى طقس بارد إلا وأصبنا بنزلة برد، وعلى أيّام المكيفات ما زال الوضع على حاله، فمن ينزل من سيارة مكيّفة إلى حرارة أجواء بيروت سيجد نفسه بعد قليل في الفراش نتيجة "صدمة هوائية" ستطاله.
أتذكر هذا وأنا أنظر لما يحصل في هذا البلد، من تتابع خطير للموجات الهوائية التي يتعرض لها، بين موجة تشاؤم حادة توصل الناس إلى توقع الحرب الأهلية في أي لحظة، وموجة تفاؤلية تُجلس المتنافرين مع بعضهم في وئام تام، وتعد بـ"الحل الشامل" في لحظة أيضاً.
ولو حصل هذا الأمر مرة أو اثنتين لهان تحمّل عواقبه، ولكننا منذ ما يعلم الله من وقت ونحن نخوض في موجات تشاؤمية وتفاؤلية، حتى مادت أعصابنا من كثرة ما انقبضت وارتخت.
يحق للبنانيين أن يصلوا أخيراً إلى ميناء يعرفون حرارته فيتعودون عليها، وكل الأمل ان يكون ميناء سلام.
محمود ريا

الأحد، سبتمبر 23، 2007

صدفة

يعاني اللبنانيون من مشكلة كبرى مع الصدفة، وهي التي باتت تلعب دوراً كبيراً في حياتهم. صدفة أن يقتل كل فترة نائب أو مسؤول، وصدفة أن تكون هذه الشخصية من فريق الموالاة.‏
صدفة أن يأتي قتله في ظروف توحي بالانفراج أحياناً، وصدفة أن يأتي مقتله أحياناً أخرى في ظروف التحضير لـ"مشروع" جديد.‏
صدفة أن تندلع بعد مقتله موجات التصريحات، فتؤدي إلى قتل الانفراج، أو إلى تمرير المشروع الذي لا يمر إلا.. بمهر الدم.‏
صدفة أن يكون المقتول من فريق الموالاة، وأن يكون فريق السلطة المستفيد الوحيد من مقتله.‏
صدفة أن تسبق كل عملية اغتيال تنبؤات من زعماء كبار في فريق السلطة حول حصول حدث أمني، وصدفة أن تتحقق نبوءات المتنبئين.‏
صدفة أن تأتي عمليات القتل بعد إعلان متوتري تيار السلطة رفض التوافق، وتهديدهم بإعدام المتوافقين معنوياً وسياسياً.. وتنفيذ الإعدام جسدياً.‏
صدفة أن يكون هؤلاء المتوترون هم من يعرفون بوصول "الغيّاب" من الخارج، وأن يكونوا آخر من يتحدث معهم، وأول من يعرف بأنهم هم المستهدفون.‏
أي صدف هذه التي تحصل في غياب الدولة والقانون والنظام؟‏
أي جرائم ترتكبها "الصدفة" بحق السيادة والحرية والاستقلال؟‏

محمود ريا‏

الخميس، سبتمبر 20، 2007

الصين بين قمة آبيك والاجندات العربية

افتتاحية العدد السادس عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
يسجل الاقتصاد الصيني قفزات في النمو تخرق المألوف، مما يجعل التطور الصيني الشغل الشاغل لمعظم المراقبين في أنحاء العام.
إلا أن الرقابة الأساسية والأكثر دقة تتم في المراكز البحثية الأميركية، حيث تتحول الصين دائماً إلى العنوان الأول في الأوراق البحثية والمؤتمرات المنعقدة في معظم هذه المراكز، وبات عرض كل مشكلة يبدأ من دور الصين فيها، في حين أن الحلول تتمحور بغالبيتها حول كيفية مشاركة الصين في هذه الحلول.
وهذا الوضع لا يقتصر على ما يحصل من رقابة داخل الولايات المتحدة، ولكنه يمتد أيضاً إلى كل أنحاء العالم حيث تحل الصين ضيفة أولى في المؤتمرات العالمية، كما تحل موضوعاً أول في جدول الأعمال.
هذا الأمر حصل فعلاً خلال هذا الأسبوع في مؤتمر قمة دول الآبك "منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)" الذي انعقد يومي السبت والأحد الماضيين في مدينة سيدني الأوسترالية، حيث كانت الصين حاضرة في المؤتمر وحاضرة في المواضيع التي طرحت، حتى اضطر الرئيس الأميركي جورج بوش (الذي كان حاضراً في القمة) إلى نفي أن تكون الصين تهيمن على المؤتمر.
لقد كانت الصين في مؤتمر آبيك الحاضر الأكبر، وفي كل القضايا التي طرحت للنقاش كان الوجود الصيني هو الذي يطرح على بساط البحث، فيما يشبه الاعتراف الشامل بأن قضايا المنطقة ـ ومعها قضايا العالم ككل ـ باتت مرتبطة بشكل عضوي بما يحصل في الصين من تطورات.
ومن تلوث البيئة إلى صندوق النقد الدولي والتجارة الحرة ، وغيرها من القضايا العالمية الشائكة، كان للصين رأي، وكانت مطالبة بموقف في سيدني، وقد أطلق الرئيس الصيني هو جنتاو العديد من المواقف من هذه القضايا من خلال الخطاب الذي ألقاه أمام المؤتمر، فهل قرأ الخطاب أحد من العرب؟
إن الحضور الصيني بهذا الشكل في المؤتمرات يجب أن يدفعنا نحن العرب إلى التساؤل عن مدى حضور الصين في أجندتنا العربية، وأي دور تلعبه هذه الدولة العملاقة في استراتيجيات دولنا (المتنافرة المتناحرة)، وهل نحن نجاري العالم في الاهتمام بما يحصل حولنا من تطورات، وعلى رأسها التطور في الصين؟
محمود ريا

إعلان حرب

سؤال: كيف لاجتماع ليلي أن يلغي ليالي من الحديث المتفائل والاتصالات المتواترة والزيارات واللقاءات التي جرت في الداخل وفي الخارج؟ جواب: إذا كان المجتمعون مثل الذين اجتمعوا، لا يستطيعون تفادي تمزق صفهم إلا بتمزيق الوطن.‏
وهكذا يبقى الوطن ضحية مصالح أولئك الذي يتناتشون مقدراته، فيعصرونه حتى الاختناق إذا اتفقوا، ويمزقونه حتى الانقسام والتقسيم إذا افترقوا.‏
إنهم هناك، التقوا بعدما أتى غائبهم، صمت طويلاً، وعندما نطق، كان نطقه مماثلاً لما صدر عنه وعن رفاقه، في بيان يحمل كل كلمات الدعوة إلى الحوار، وكل معاني رفض إمكانية التوصل إلى حل في لبنان.‏
هذه هي الصورة التي بات عليها هذا البلد بعد الجواب الذي احتار المحللون في وصفه: هل هو "نعم ولكن.. لا" أم أنه "لا ولكن.. قد"، أم أنه "نعم ولا ولا ونعم" بانتظار ان تأتينا الـ"لا" أو الـ"نعم" من سيدنا في البيت الأبيض؟‏
مهما كان تفسير البيان الذي صدر عن قوى 14 شباط ليل الأربعاء الماضي، فهو لن يخرج عن كونه "إعلان حرب" على الوطن وعلى التوافق فيه، وكل من وقّع على هذا البيان وهو متمسك بما وقّّّع عليه هو مشترك في هذه الجريمة.‏
محمود ريا‏

الجمعة، سبتمبر 14، 2007

المعلومة في لبنان مجرد وجهة نظر

من يضع الأرقام حول عدد قتلى حركة "فتح الإسلام"؟ ومن يحدد جنسياتهم وانتماءاتهم ويكشف المعلومات حولهم؟
وعلى من يشتكي الذي يقول إن تضخيم عدد أبناء جنسية دولة معينة من هؤلاء القتلى ـ ومعهم المعتقلون ـ هو لأسباب سياسية، ومن هي الجهات التي يتّهمها بأنها تتلاعب بالمعلومات لتحقيق أهداف سياسية؟
إنها أسئلة كبيرة جداً يطلقها هذا التصريح المنقول عن شخص ما، وتصبح الأسئلة أكبر عندما يكون مطلق الأسئلة مسؤولاً أمنياً كبيراً يفترض أن لا يطلق كلامه ومواقفه إلا عن تبصّر تام بالخلفيات وبالنتائج.
من المتّهم بالتضخيم، وهل يمكن أن يسميه هذا المسؤول الكبير؟
هل يجرؤ على القول من أين تصدر التقديرات والمعلومات؟
إن الاتهام موجه من مسؤول أمني إلى مصادر أمنية في موضوع أمني يعدّ الأخطر الذي واجهه لبنان في الفترة الأخيرة، فمن يصدق المواطن اللبناني: المصادر الأمنية التي سكتت طويلاً قبل أن "تبقّ البحصة"، أم المسؤول الأمني الذي يريد التغطية على جريمة هؤلاء وعلى جنسياتهم على قاعدة "عنزة ولو طارت"؟
متى تصبح المعلومة في لبنان معلومة، وليست مجرد وجهة نظر؟
محمود ريا

راقبوا الصين

افتتاحية العدد الخامس عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
لا يمر خبر إلا والصين فيه، وفي خلفياته وفي نتائجه.
الغش في الصناعات يتمحور البحث عنه حول الصين، والاختراق الكبير لأجهزة الحاسوب في وزارة الدفاع الأميريكة (البنتاغون) الصين مسببة به، مباشرة أو من خلال أشخاص صينيين. تتعرض قوات الحلف الأطلسي لهجمات في أفغانستان، فتتهم بريطانيا الصين بتزويد مقاتلي طالبان بالأسلحة والمعدات.
بالمقابل، ينعقد مؤتمر دول الآبيك في أوستراليا، فتكون الصين نجم المؤتمر، بالرغم من حضور دول كبرى أخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة ـ بشخص رئيسها جورج بوش ـ للقمة، ويتحول الرئيس الصيني هو جينتاو إلى محط الأنظار، وتتابعه كاميرات المصورين وأعين القادة والمسؤولين.
وتستقبل الصين اجتماعات منتدى دافوس الصيفية في مدينة داليان، فيصبح الجميع ، بما فيهم كبار القادة في العالم مستمعين في محضر رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو الذي تحدث عن الكيفية التي تطورت بها الصين والطريقة التي تعمل عليها للحفاظ على هذا التطور. وتحصل الدول على "تطمينات" منه ومن الرئيس هو جنتاو أيضاً بأن التطور الصيني لا يشكل تهديداً لأحد في العالم.
أرقام نمو فلكية، وصعود صاروخي على ساحة الأحداث الدولية، والعبارة التي تعتمدها الصين هي واحدة لم تتغير: ما زلنا دولة نامية، وما زال أمامنا الكثير لنعمله.
ماذا ستفعل الصين إذاً عندما لا تعود دولة نامية، وأي صورة ستقدمها للعالم عندما تصبح "دولة كبرى" كما تريد هي أن تكون، لا كما يراها العالم الآن؟
الجواب يبقى في علم الغيب، وربما يكون معظم الصينيين لا يعرفون الجواب عليه، فهم يتركون لهذه القاطرة أن تسير بأقصى سرعتها، جارّة معها الاقتصاد العالمي إلى الأمام، تاركين للأيام أن تظهر المحطة التي يمكن أن تتوقف هذه القاطرة عندها.
الصين اليوم هي قاعدة رئسية من قواعد العولمة، وما اتخاذ منتدى دافوس لقرار عقد جلساته الصيفي سنوياً في الصين إلا إشارة إلى أنه يجب في كل عام الاطلاع على رأي الصين ومعرفة جديدها في عملية ربط الاقتصاد العالمي ببعضه البعض، بما يعتبر المعنى الحقيقي للعولمة.
الصين إلى الأمام، والعرب ما زالوا يضعون بيضهم في سلة واحدة لا غير هي السلة الأميركية، وهم يعرفون حجم الخيبة التي ينتظرونها من وراء هذه السياسة.
راقبوا الصين أيها العرب، قبل أن يفوت الأوان.
محمود ريا

الخميس، سبتمبر 06، 2007

ضد الفساد

افتتاحية العدد الرابع عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
يعتبر الفساد ظاهرة عالمية، تنتشر في مختلف الدول وتطال المسؤولين في جميع الأنظمة، ولا تخلو دولة من قصص الفاسدين والمنتفعين والمستفيدين من الدولة لحساباتهم الشخصية. والمشهور أن الفساد يصبح أكثر انتشاراً مع غياب المحاسبة، ومع ضعف الرقابة التي تمارسها السلطات المختصة، وهو الأمر الذي يصبح أكثر بروزاً في الدول التي تتبع أنظمة "غير ديموقراطية"، بالمفهوم الغربي للكلمة.
وبغض النظر عن مدى صحة هذا الافتراض، فإن الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها وتسعى إلى مستوى أكثر تطوراً، تعمل جاهدة على مكافحة الفساد ومحاربة المفسدين، لأن هؤلاء يشكلون الخطر الأكبر على الدولة ومؤسساتها، وعلى مستقبل الأمة ككل.
ومن يبن الدول التي تشن حرباً منظمة على الفساد والمفسدين تقف الصين في الطليعة، وهي التي يحكمها حزب واحد، دون أن يمنع ذلك من أن تطاول حملات التطهير كبار المسؤولين بغض النظر عن مكانتهم الماضية والحاضرة، وذلك انطلاقاً من قرار حاسم لدى القيادة الصينية بخوض هذه الحرب نظراً لما يتركه الفسـاد من أثر سلبي على مستقبل الدولة الصينية.
إلا أن حرباً كهذه ليست سهلة، في ظل دولة عملاقة يكاد عدد سكانها يبلغ ملياراً ونصف المليار من البشر، وتتمركز كل سلطاته في يد جهاز بيروقراطي ضخم، على المستوى المركزي وعلى مستوى المقاطعات، يبلغ تعداده الملايين من الموظفين والإداريين، وفي ظل وجود قوي ومهيمن للدولة في الاقتصاد وفي التجارة وفي كل مناحي الحياة. إن محاربة الفساد في ظل ظروف كهذه يتحول إلى تحدٍّ كبير ودائم، ويحتاج إلى قيادة مصممة وواعية، ويتطلب إجراءات فعّألة وحازمة.
تبدو القيادة الصينية، وهي على أبواب المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي سنعقد في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم، مصممة على خوض هذا التحدي، وهي أعلنت ذلك من خلال إجراءات حاسمة اتخذت بحق عدد من كبار المسؤولين في الدولة والحزب، بما يؤشر إلى أن أي غطاء عقائدي أو سلطوي لن يشكل عائقاً أمام اتخاذ التدابير اللازمة لقمع أي ظاهرة فساد مهما علا مرتكبها.
ويبقى النجاح في هذه المواجهة مرهوناً بالصمود في وجه العقبات الكبرى التي تعترض هذه القيادة، وبالثبات على قرار الانتقال بالصين إلى مرتبة عليا في صفوف الدول التي قضت على الفساد في جهازها، وهذا ما تبشر به الاشارات الصادرة من القيادة الصينية.
محمود ريا

عصر الانتصار قد بدأ

يعيش الناس في المنطقة قلق اللحظة، ويضربون أخماساً بأسداس، لا تخلو جلساتهم من سؤال عن الآتي، ولا يكون اثنان إلا وثالثهم الحديث عن الاحتمالات والتوقعات.
قد لا تكون نتيجة هذا القلق خوفاً، وإنما مجرد ترقب، ولكن هذا لا ينفي أن السؤال عن القادم ـ القريب ـ من الأيام بات الشغل الشاغل للجميع، بما يفتح الطريق للكثير من التنبؤات والتخيلات، ويفسح المجال أمام العديد من الشائعات.
ماذا سيحصل في ما سيأتي من ساعات: هل توافق أم اختلاف، حرب أم سلام، موت ودمار أم بناء وإعمار؟
والأخطر في الموضوع أن هذا الغموض لا يقف عند حدود بلد، ولا على عتبة منطقة، وإنما يشمل كل منطقتنا من أقصاها إلى أقصاها، وربما يمتد على مستوى العالم.
ما الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد من التعقيد؟
إنها "الفوضى الأميركية" والرغبة في خلق وقائع جديدة بعدما تبين أن الوقائع الموجودة لم تعد تنفع المشروع الأميركي في المنطقة.
بغضّ النظر عما سيحصل، وهو الأمر الذي لا يستطيع أن يجزم به أحد، وربما حتى اللاعبون الكبار، فإن ما هو محسوم هو أن المشروع الأميركي في المنطقة سائر نحو النهاية، وأن "عصر الانتصار قد بدأ"، الأمر الذي ينفي عن أبناء المنطقة الحقيقيين أي قلق.
محمود ريا