كتب محمود ريا
كل الدروب تؤدي إليك يا غزة
كل المعابر، من كل المدن والقرى والدساكر
لا باب يقفل دونك، ولا منفذ يُسدّ
لا أمنية لك ترفض، ولا طلب يرد
لك يُتلى نشيد النصر، من كل المنابر.
يا غزة
يا قدراً رسمته أنامل صغيرة
برزت من بين الركام
يا أملاً غذّته دماء أطفال
سرقوا منهم الأحلام
يا أفقاً رحباً لم تقدر
كل قنابل الكون
وكل خونة الكون
وكل جبابرة الكون
أن تقفله في وجه مقاوم.. "مغامر".
صمودك درس لمن يهوى
أن يتعلّم الدروس
هو تاج لمن يأبى
أن تُحنى منه الرؤوس
هو فخر
هو عز
لمن يبتغي العزة
ولمن يطلب المفاخر.
يا غزة
يا من كشفتِ
عن أمة مستفزّة
أمة تنتظر الفرج
لحظة بعد لحظة
تمشي وراءه
على خطى مقاوم
أبى الركوع
وكره الخضوع
لعدو ماكر
وسلطان جائر.
يا غزة
كتبتِ التاريخ الجديد
رسمت بأحرف من دماء
الغد المجيد
وأعلنتِ بكل قوة
بكل ثقة
بكل تضحية
أن النصر الذي كان
هو نقلة أخرى
على طريق المآثر.
والنصر الكبير
عرس التحرير
آت مع القدس
مع الأقصى
مع النهر
ومع البحر
رغماً عن كل غادر
يحارب الحق
يجانب الصدق
يعادي الله
ويغلق في وجهك
كل المعابر
الجمعة، يناير 23، 2009
الصين وروسيا في غزة: مواقف باهتة من منطلقات متشابهة
كتب محمود ريا
من بين كل المواقف الدولية التي صدرت على هامش العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كان من اللافت بقاء المواقف الصينية والروسية من هذه الأزمة تحت سقف المأمول من قبل أبناء الأمتين العربية والإسلامية، ولا سيما في ظل حديث المحللين في الفترة الأخيرة عن بوادر صدام صيني روسي من ناحية وأميركي من ناحية أخرى على خلفية تحقيق النفوذ في منطقتنا.
الصين: خطة.. وصواريخ
مر ذكر الصين خلال أزمة غزة مرتين، الأولى عندما تحرك المبعوث الصيني إلى الشرق الأوسط سونغ بي في جولة على عدد من دول المنطقة ناقلاً خطة من خمس نقاط لوقف إطلاق النار، لم يتسنّ لها أن تخضع للدرس في ظل كثرة المصرّحين وندرة الفاعلين في وقف العدوان، والثانية عندما تحدثت معلومات صحافية أجنبية عن إطلاق المقاتلين الفلسطينيين صواريخ متطورة على المستوطنات الإسرائيلية ذات منشأ صيني، بل قيل إن هذه الصواريخ لم تستخدم حتى في الصين نفسها حتى الآن.
غير ذلك لم يكن للصين أي ذكر في الأزمة الحالية إلا من خلال الموقف الصيني في مجلس الأمن الدولي، وهو الموقف الذي جاء مؤيداً للموقف الرسمي العربي، وساهم في إصدار القرار الدولي رقم 1860 الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلا أنه لم يطبق بشكل فوري ولا يعرف أحد مصيره بعد ذلك.
وربما يكمن جوهر الموقف الصيني الباهت من الأزمة في غزة في نقطتين أساسيتين:
الأولى: تشتت الموقف العربي الرسمي، ووقوف الدول العربية المؤثرة نفسها موقفاً أكثر من باهت في هذه الأزمة، ما جعل أي مقارنة لمواقف الدول الأخرى مع الموقف العربي تعطي أرجحية في غير مصلحة العرب بالتأكيد.
الثانية: هوية القوة الرئيسية التي تواجه العدوان الإسرائيلي، وهي منظمة إسلامية، الأمر الذي يثير كثيراً من الحذر لدى الصين التي تعلن بشكل دائم أنها تعاني من مشكلة كبيرة مع منظمة إسلامية (تراها مشابهة لحركة حماس) في منطقة سينكيانغ (تركستان الشرقية)، وهي منظمة تدعو إلى استقلال تلك المنطقة ما يثير الحساسية الكبيرة لدى الصين حول وحدة ترابها، في الوقت الذي تعاني منه من مطالب انفصالية أخرى في التيبت التي تجاور ـ للمصادفة ـ منطقة سينكيانغ.
وتبقى نقطة ثالثة لا بد من الالتفات إليها، وهي التطور الكبير في العلاقات بين الصين وإسرائيل في الفترة الأخيرة، في ظل حاجة الصين للتكنولوجيا الإسرائيلية في كثير من النواحي، وهي علاقة لن تضحي الصين بها من أجل طرف آخر لا يجلب الكثير من المنافع لها، بل هو يدخلها في مشكلة مع أنظمة عربية فاعلة تعوّل عليها في علاقاتها الاقتصادية.
من خلال هذه المعطيات يمكن تكوين صورة أولية للخلفية التي حكمت الموقف الصيني الرسمي من الأزمة والذي لم يكن ليرضي الكثير من الأطراف العربية التي كانت قد بدأت ترى في الصين عنصراً موازناً في المعادلات الدولية، مقابل السيطرة الأميركية شبه المطلقة على التطورات في المنطقة.
إزاء كل ذلك اقتصر الموقف الصيني على الحديث عن الوضع الإنساني في غزة، وعلى الدعوة المتكررة، وعلى لسان أكثر من مسؤول في الخارجية الصينية، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهي دعوة لم تلقَ أي صدى إلا من خلال المعطيات الملموسة على الأرض والتي تمثلت في العجز الإسرائيلي عن الوصول إلى الأهداف المتوقعة من الهجمة العنيفة على غزة.
روسيا: مبعوث.. وسفينة
كما الصين روسيا، لم يكن موقف موسكو من الأزمة أكثر حيوية، بل إن الموقف الروسي تمثل في تفهم أكبر للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وقد عبرت موسكو عن هذا التفهم من خلال قمعها لتظاهرة منددة بالعدوان الإسرائيلي على القطاع في شوارع العاصمة الروسية.
وكما وصل المبعوث الصيني سونغ بي إلى المنطقة في جولة مكوكية، كذلك جال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف في عدد من العواصم متحدثاً عن ضرورة حصول وقف فوري لإطلاق النار، مع إطلاق بعض مواقف الإدانة اللفظية للوحشية الإسرائيلية التي ظهرت جليّة في قطاع غزة.
وفي مجلس الأمن كذلك، كان الدور الروسي مطابقاً للدور الصيني في تأييد الموقف العربي الرسمي الذي توصل إلى القرار الدولي رقم 1860، دون أن يكون لموسكو أية تدخلات تفوق الحد المتوقع في التعاطي مع هذا الملف الحساس.
وفوق ذلك، فإن ما أثير في وجه بكين من أحاديث عن صواريخ صينية وصلت إلى المقاومة الفلسطينية، أثير مثله في وجه روسيا عند حديث مسؤولين إسرائيليين عن وجود سفينة حربية روسية قبالة الشواطئ السورية في البحر الأبيض المتوسط تقوم بمراقبة وتسجيل كل ما يحدث في قطاع غزة، محاولين الإيحاء بأن وجود هذه السفينة يشكل عامل قلق للجيش الإسرائيلي.
وربما لا تختلف منطلقات الموقف الروسي البارد من الأزمة في غزة عن منطلقات الموقف الصيني، حيث الرغبة في الاصطفاف إلى جانب الموقف الرسمي العربي، و"النقزة" من "الخلفية الأصولية" للمنظمة التي تخوض الصراع مع إسرائيل، إضافة إلى الحرص على العلاقات مع تل أبيب والسعي إلى عدم الخروج عن الموقف الدولي الذي بدا أكثر حماسة من إسرائيل نفسها لإنزال الهزيمة بحركة حماس.
المتابعون لموقفي روسيا والصين من الأحداث وصلوا إلى قناعة قوية بأنه ما زال من المبكر التعويل على موقف "شرقي" مختلف عن موقف الغرب في المنطقة، بالرغم من كون ما يحصل في منطقتنا هو محاولة أميركية لمنع أي تسرب لنفوذ منافس لنفوذ واشنطن على منابع النفط والمحور الذي يدور حوله العالم منذ فترة طويلة، وسيبقى كذلك إلى وقت غير معلوم.
من بين كل المواقف الدولية التي صدرت على هامش العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كان من اللافت بقاء المواقف الصينية والروسية من هذه الأزمة تحت سقف المأمول من قبل أبناء الأمتين العربية والإسلامية، ولا سيما في ظل حديث المحللين في الفترة الأخيرة عن بوادر صدام صيني روسي من ناحية وأميركي من ناحية أخرى على خلفية تحقيق النفوذ في منطقتنا.
الصين: خطة.. وصواريخ
مر ذكر الصين خلال أزمة غزة مرتين، الأولى عندما تحرك المبعوث الصيني إلى الشرق الأوسط سونغ بي في جولة على عدد من دول المنطقة ناقلاً خطة من خمس نقاط لوقف إطلاق النار، لم يتسنّ لها أن تخضع للدرس في ظل كثرة المصرّحين وندرة الفاعلين في وقف العدوان، والثانية عندما تحدثت معلومات صحافية أجنبية عن إطلاق المقاتلين الفلسطينيين صواريخ متطورة على المستوطنات الإسرائيلية ذات منشأ صيني، بل قيل إن هذه الصواريخ لم تستخدم حتى في الصين نفسها حتى الآن.
غير ذلك لم يكن للصين أي ذكر في الأزمة الحالية إلا من خلال الموقف الصيني في مجلس الأمن الدولي، وهو الموقف الذي جاء مؤيداً للموقف الرسمي العربي، وساهم في إصدار القرار الدولي رقم 1860 الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلا أنه لم يطبق بشكل فوري ولا يعرف أحد مصيره بعد ذلك.
وربما يكمن جوهر الموقف الصيني الباهت من الأزمة في غزة في نقطتين أساسيتين:
الأولى: تشتت الموقف العربي الرسمي، ووقوف الدول العربية المؤثرة نفسها موقفاً أكثر من باهت في هذه الأزمة، ما جعل أي مقارنة لمواقف الدول الأخرى مع الموقف العربي تعطي أرجحية في غير مصلحة العرب بالتأكيد.
الثانية: هوية القوة الرئيسية التي تواجه العدوان الإسرائيلي، وهي منظمة إسلامية، الأمر الذي يثير كثيراً من الحذر لدى الصين التي تعلن بشكل دائم أنها تعاني من مشكلة كبيرة مع منظمة إسلامية (تراها مشابهة لحركة حماس) في منطقة سينكيانغ (تركستان الشرقية)، وهي منظمة تدعو إلى استقلال تلك المنطقة ما يثير الحساسية الكبيرة لدى الصين حول وحدة ترابها، في الوقت الذي تعاني منه من مطالب انفصالية أخرى في التيبت التي تجاور ـ للمصادفة ـ منطقة سينكيانغ.
وتبقى نقطة ثالثة لا بد من الالتفات إليها، وهي التطور الكبير في العلاقات بين الصين وإسرائيل في الفترة الأخيرة، في ظل حاجة الصين للتكنولوجيا الإسرائيلية في كثير من النواحي، وهي علاقة لن تضحي الصين بها من أجل طرف آخر لا يجلب الكثير من المنافع لها، بل هو يدخلها في مشكلة مع أنظمة عربية فاعلة تعوّل عليها في علاقاتها الاقتصادية.
من خلال هذه المعطيات يمكن تكوين صورة أولية للخلفية التي حكمت الموقف الصيني الرسمي من الأزمة والذي لم يكن ليرضي الكثير من الأطراف العربية التي كانت قد بدأت ترى في الصين عنصراً موازناً في المعادلات الدولية، مقابل السيطرة الأميركية شبه المطلقة على التطورات في المنطقة.
إزاء كل ذلك اقتصر الموقف الصيني على الحديث عن الوضع الإنساني في غزة، وعلى الدعوة المتكررة، وعلى لسان أكثر من مسؤول في الخارجية الصينية، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهي دعوة لم تلقَ أي صدى إلا من خلال المعطيات الملموسة على الأرض والتي تمثلت في العجز الإسرائيلي عن الوصول إلى الأهداف المتوقعة من الهجمة العنيفة على غزة.
روسيا: مبعوث.. وسفينة
كما الصين روسيا، لم يكن موقف موسكو من الأزمة أكثر حيوية، بل إن الموقف الروسي تمثل في تفهم أكبر للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وقد عبرت موسكو عن هذا التفهم من خلال قمعها لتظاهرة منددة بالعدوان الإسرائيلي على القطاع في شوارع العاصمة الروسية.
وكما وصل المبعوث الصيني سونغ بي إلى المنطقة في جولة مكوكية، كذلك جال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف في عدد من العواصم متحدثاً عن ضرورة حصول وقف فوري لإطلاق النار، مع إطلاق بعض مواقف الإدانة اللفظية للوحشية الإسرائيلية التي ظهرت جليّة في قطاع غزة.
وفي مجلس الأمن كذلك، كان الدور الروسي مطابقاً للدور الصيني في تأييد الموقف العربي الرسمي الذي توصل إلى القرار الدولي رقم 1860، دون أن يكون لموسكو أية تدخلات تفوق الحد المتوقع في التعاطي مع هذا الملف الحساس.
وفوق ذلك، فإن ما أثير في وجه بكين من أحاديث عن صواريخ صينية وصلت إلى المقاومة الفلسطينية، أثير مثله في وجه روسيا عند حديث مسؤولين إسرائيليين عن وجود سفينة حربية روسية قبالة الشواطئ السورية في البحر الأبيض المتوسط تقوم بمراقبة وتسجيل كل ما يحدث في قطاع غزة، محاولين الإيحاء بأن وجود هذه السفينة يشكل عامل قلق للجيش الإسرائيلي.
وربما لا تختلف منطلقات الموقف الروسي البارد من الأزمة في غزة عن منطلقات الموقف الصيني، حيث الرغبة في الاصطفاف إلى جانب الموقف الرسمي العربي، و"النقزة" من "الخلفية الأصولية" للمنظمة التي تخوض الصراع مع إسرائيل، إضافة إلى الحرص على العلاقات مع تل أبيب والسعي إلى عدم الخروج عن الموقف الدولي الذي بدا أكثر حماسة من إسرائيل نفسها لإنزال الهزيمة بحركة حماس.
المتابعون لموقفي روسيا والصين من الأحداث وصلوا إلى قناعة قوية بأنه ما زال من المبكر التعويل على موقف "شرقي" مختلف عن موقف الغرب في المنطقة، بالرغم من كون ما يحصل في منطقتنا هو محاولة أميركية لمنع أي تسرب لنفوذ منافس لنفوذ واشنطن على منابع النفط والمحور الذي يدور حوله العالم منذ فترة طويلة، وسيبقى كذلك إلى وقت غير معلوم.
التسميات:
"إسرائيل",
الصين,
القدس والأقصى,
فلسطين
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)