الأربعاء، سبتمبر 03، 2008

الشهر الكريم و"السياسة"


هل من المسموح الحديث عن شهر رمضان في زاوية "سياسية"؟

سؤال تبادر لذهني وأنا أحضّر لكتابة هذه الزاوية، فإذا الصور تتداعى إلى ذهني، عن أهم الإنجازات التي حققها المسلمون في هذا الشهر المبارك بالتحديد، ما يجعل الحديث عن "التوقيت" وحده يدخل في إطار الترابط بين الشهر الكريم و"السياسة"، فكيف إذا كان الحديث عن الدور الذي كان لهذا الشهر في تحقيق هذه الإنجازات، والمعنويات التي يزرعها في نفوس المبادرين لتحقيق نقاط مضيئة في تاريخ الأمة، والفرص الروحية التي تنطلق منها النفوس المؤمنة لجعل بعض المستحيل ممكناً، لا بل جعله أسهل من السهل الذي يمكن تحقيقه في الشهور الأخرى.

هذا الترابط بين الشهر الكريم وانتصارات كبرى عاشتها الأمة يدفع إلى السؤال: لماذا لم تتعدد الإنجازات التي شهدناها في هذا الشهر، وهل ما حصل فيه كان استثناءً للقاعدة التي تقول بأن شهر الصيام يفرض نفسه جوعاً وعطشاً وربما كسلاً على الناس.. فتخفت أصواتهم وتخفّ إنجازاتهم؟

أم أن المشكلة في الناس الذين يستفيدون من الفرصة المعنوية والروحية ـ وحتى الجسدية ـ التي يؤمّنها هذا الشهر للذين يعيشونه كما يجب، فينجحون أحياناً باستغلال هذا الدفق الخارج عن المعروف، ويفشلون أحياناً أخرى.

إن معركة كمعركة بدر، والإسلام كان ما يزال غريباً في تلك الصحراء الشاسعة، وفي شهر رمضان المبارك بالذات، تدفعنا إلى البحث بجدية عن انعكاسات كون حصولها في هذه الأيام الربّانية سبباً في النتائج التي وصلت إليها.

ومع اليقين الذي يجب أن يكون متوافراً بهذا الترابط، يصبح التقصير في دراسة كل الفرص المتاحة لربط هذا الشهر المبارك بمصير الأمة (بما يحويه هذا المصير من معانٍ عديدة منها المنحى السياسي) جريمة كبرى لا يمكن قبولها.

شهر رمضان فرصة إلهية للأمة الإسلامية، فليكن شهر البحث عن مصيرها المشرق، وشهر الانتصار لقدسها ولمقدساتها، حتى نكون من العقلاء الذين لا يضيّعون ما لديهم من قوة وهبها الله لهم.
محمود ريا