الاثنين، سبتمبر 05، 2011

فرار خمسة إرهابيين.. بين يوتوبيا وجمهورية الموز









محمود ريا



في دولة يوتوبيا صدف أن فرّ خمسة سجناء من السجن المركزي للدولة.

السجناء الخمسة هم إرهابيون خطرون، قاتلوا جيش دولة يوتوبيا وأسقطوا مع تنظيمهم الإرهابي مئة وواحد وسبعين شهيداً في صفوف جيش الدولة، إضافة إلى مئات الشهداء من المدنيين الذين سقطوا ضحايا القتال.

السجن الذي فروا منه هو السجن الرئيسي في البلاد، ويفترض أن يكون تحت حماية مشددة نظراً لأنه يضم أخطر المجرمين وأكثرهم أذيّة ووحشية.

ولكن.. بالصدفة.. فرّ هؤلاء السجناء الخمسة.

لم يكن فرارهم نتيجة تراخي الإجراءات الأمنية في السجن، والتي يتولاها جهاز الأمن الداخلي في الدولة.

ولا تسرّب أن الفرار كان بسبب تواطؤ أحد فروع الأمن، والذي تضخّم حتى بات يظن نفسه شعبة، فبدأ بالاستقواء على الناس، في حين هو يضعف أمام الإرهاب والإرهابيين.

ولا كان فرار الإرهابيين مثل الفرار "الجيمس البوندي"، المليء بالمستحيلات والقائم على مصادفات عجيبة لا يمكن إلا أن تكون نتيجة متعمّدة لخطة مرسومة.
ولا قيل إن أحد أبرز الفارين، وهو من جنسية دولة أخرى، قد ركب طائرة إلى بلاده، متمتعاً بخدمات الدرجة الأولى، مسافراً إلى حيث منبع الإرهاب وعائداً إلى حضن التطرف والجهالة.

ولا تداولت الأخبار أنه تم رصد فار آخر قرب المنطقة التي حارب فيها التنظيم الإرهابي جيش الدولة، ما يعني أنه عاد، ربما هو ورفاقه الفارين، إلى قواعده سالماً، وربما غانماً.

في يوتوبيا، كل هذا لم يحصل.

كل الذي حصل أن السجناء الخمسة تمكنوا من الفرار.

وبالرغم من ذلك فإن الدولة هناك لم تنم، حتى مع مرور خمسة عشر يوماً على عملية الفرار، ووسائل الإعلام ما تزال تضع هذا الموضوع على رأس أولوياتها، وذلك لعدة أسباب:

ـ لقد رصدت الدولة اليوتوبية مكافأة كبرى لمن يساهم في إعادة هؤلاء الإرهابيين إلى السجن.

ـ شنّت الدولة حملة إعلامية كبرى للتحذير من خطر هؤلاء الإرهابيين، ولتعريف الناس بحجم الجرائم التي ارتكبوها، ولتحذيرهم من أي محاول للتستر عليهم، مع ما يؤدي إليه ذلك من تحمل مسؤوليات جزائية كبرى.

ـ تمت إقالة مسؤول جهاز الأمن في البلاد، وأحيل إلى المحاكمة، نظراً لكون السجن وحمايته من اختصاصه، وبالرغم من أنه ليس هناك أي مؤشرات على التعمّد في عملية الإهمال التي أدت إلى فرار هؤلاء السجناء.

ـ أقيل مسؤول أحد الفروع الأمنية التابعة لجهاز الأمن من موقعه، لأنه نصّب نفسه في فترة من الفترات مسؤولاً عن الاستخبارات في البلاد. لقد ُوضع قيد الاحتجاز، وأُحيل إلى المحكمة، بالرغم من أنه ليس هناك قرائن تفيد بعلاقته بعملية تهريب السجناء الإرهابيين. (عدم وجود القرائن هو في يوتوبيا حصراً)
ـ تم الاتصال بكل الدول "الشقيقة" والصديقة لسؤالها عن أي معلومات قد ترشح حول فرار أي من الإرهابيين الفارين إليها، كما تم تشديد الإجراءات الأمنية في كل موانئ البلاد ومطاراتها، ليس حرصاً على الأمن في يوتوبيا فقط، ولكن أيضاً حرصاً على أمن وسلامة الدول الأخرى، التي قد يقوم الإرهابيون الفارون بارتكاب جرائم إرهابية فظيعة على أرضها.

كل هذا حصل هناك، في يوتوبيا، لأن هناك دولة، وهناك شعب يقف وراء الدولة، وهناك من يحاسب ومن يراقب، ومن يضرب على يد المسؤول الأمني إذا ارتكب.

أما في مكان آخر من العالم، في جمهورية موز لا يكاد يُذكر اسمها، فإن فرار خمسة إرهابيين خطيرين مرّ وكأن شيئاً لم يحصل، لأن لا أحد يحاسب ولا أحد يراقب ولا أحد يعاتب.

بئس جمهوريات الموز، ولتحيا يوتوبيا الدولة.

هؤلاء هم العدو؟!







محمود ريا

تثير الأخبار أحياناً الغصة، وفي أحيان أخرى تثير شعوراً بالسخرية، ولكن بعض الأخبار لها مفعول آخر، إنها بالفعل تثير الغثيان.

يخرج عمرو موسى لتهديد الرئيس السوري بشار الأسد بأن الوقت ينفد أمامه، ويتنطّح أمير قطر لعرض خطة لسوريا وُصفت بأنها أسوأ من المشاريع الأوروبية المقدمة إلى مجلس الأمن، ويقوم ملك السعودية (نعم هو نفسه طويل العمر الحاكم بأمره بلا حسيب ولا رقيب) بتوجيه خطاب يتحدث فيه عن حقوق الشعب وضرورة احترامها.

لولا أن المثل الذي يقول: "اللي استحوا ماتوا" بات مستهلكاً بشكل كبير لكان مكانه هنا، فهؤلاء الذين يعصرون القرائح ويبدون النصائح كان أفضل لهم أن يصمتوا صمت أهل القبور، وأن يبلعوا كلماتهم التي لا يمكن تحمّل آثارها، لأنهم ليسوا أهلاً للحديث عن الحرية وعن الديموقراطية وعن... حقوق الإنسان.

وليس الوقت وقت تعداد "مزايا" هذا وذاك، ولا وقت تكرار المثالب التي تعتري شخصية كل واحد منهم، وإلا لكان الكلام يطول، ولكان الحديث يجر بعضه بعضاً، من الانسحاق تحت قدمي حسني مبارك، إلى الانقلاب على الوالد وطرده من بلاده شر طردة من أجل استلام الحكم جَبراً وبلا أي مسوّغ شرعي وقانوني، إلى حكم دولة من خلال جعل كل أبنائها تبعاً لعائلة، سيطرت على كل شيء، حتى على اسم الأرض التي يقيم عليها ملايين الأشخاص.

إلا أن ما ينبغي السؤال عنه هو: هل يصدّق أحدٌ كلام هؤلاء؟

وكلا الإجابتين تثير في النفس الحزن والأسى.

فإن كان الجواب بـ"لا"، أي أن كلام هؤلاء يمر مرّ الريح، لا يترك أثراً ولا يغيّر شيئاً، فهذا يعني أن المسؤولين العرب وصلوا إلى الدرك الأسفل من الانحطاط، وأنهم ينفذون رغبات أسيادهم الغربيين بلا تفكير ولا تدبير ولا انتظار إلى أين المصير.

أما إذا كان الجواب بـ"نعم"، أي أن هناك من ينساق وراء كلام هؤلاء ويصدّقهم ويبني على مواقفهم، فساعتئذ يمكن القول: على هذه الأمة العفى، وهي تنساق وراء بضعة منفذين للأوامر الخارجية واللاعبين بدماء أبناء أمتنا تحقيقاً لرغبات خارجية وتنفيذاً لأوامر أميركية.

إن أشخاصاً مثل هؤلاء هم سبب البلاء، ومن يسمعهم ويطيعهم ويسير على نهجهم هم البلاء نفسه، لتصبح الأمة مبتلاة من جانبين.

إن تطاول هؤلاء على سوريا، وذر المزيد من الرماد في عيون العالم إزاء ما يحصل هناك، واستخدام الأبواق الإعلامية الناطقة باسمهم من أجل تأجيج التوتر

وتعميم الفتنة وتسعير نار الاحتراب الداخلي، كل هذا يضع هؤلاء في خانة العدو لشعوبنا، وفي خانة المؤتمِر بأوامر ظالمينا وناهبي حقوقنا والمتآمرين على مستقبلنا.

إن هؤلاء هم العدو، فلنحذرهم، ولنعمل على شطبهم من تاريخنا ومنع أمثالهم من العودة إلى الظهور.

إعلامكم.. ليس منا




محمود ريا
أي جريمة أكبر من الجلوس أمام مجرم كبير كشمعون بيريز، والاستماع إليه وهو يطلق مواقف سياسية من قضايا المنطقة، في حين أن يديه تقطران دماً من شرايين الأطفال والنساء الذين قتلهم كيانه على مدى السنوات الماضية.

قد لا يكون هناك أكبر من هذه الجريمة، إلا أن تستضيف قناة فضائية عربية تحمل اسماً عربياً رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين ناتانياهو في لقاء خاص كي يرغي ويزبد ويطلق تهديداته ووعيده بحق أبناء منطقتنا.

بين هذه الجريمة وتلك يبدو واضحاً مدى النجاح الذي حققه العدو في اختراق إعلامنا، وفي وضع يده على مفاصل أساسية فيه، مستنداً إلى دعم كامل من مسؤولين في هذا الإعلام، ومن مسؤوليهم، الذين يمدّونهم بالمال ويصدرون لهم الأوامر، ويطلبون منهم السير في مسار التطبيع إلى منتهاه.

إنه العصر العربي الأسود، الذي يسمح لبيريز وناتانياهو أن يخرجا على وسائل إعلام عربية كي يقلبا الحقائق ويهاجما القادة العرب وينفيا وجود خلاف بين العرب وإسرائيل، ويعملا على تحويل المشكلة في المنطقة إلى صراع بين العرب ـ ومعهم إسرائيل ـ وبين إيران.

بل إنه العصر الكالح الذي يجعل من الخبر الفلسطيني خبراً صغيراً محشوراً في ختام نشرة أو في صفحة داخلية في وسائل الإعلام العربية ـ العالمية، في حين تفرد صدارة النشرات لتأليف أخبار وتركيب فيديوهات، والعمل على إثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة.

إنها المنظومة الإعلامية العربية التي باعت نفسها لأنظمة الاعتلال العربي وعملت تحت لواء المصالح الشخصية لأمراء وملوك امتهنوا تطبيق أوامر السيد الأبيض، دون الوقوف عند ما يريده أبناء الأمة، أو البحث عما فيه مصالح الناس ومستقبل الشعوب.

هو يوم أغبر، ذلك اليوم الذي تتحول فيه قنوات إعلامية تدّعي المهنية، وتزعم أنها تتمتع بالمصداقية، إلى أبواق للقادة الصهاينة، يمررون من خلالها حقدهم ولؤمهم وسمومهم ومشاريعهم الإرهابية ومخططاتهم الفتنوية.

إنه إعلام مسخ، مهما تطاول، ورفع شعار العالمية والحداثة والتطور والسير في ركاب المستقبل، إنه إعلام ساقط في نظر كل من يحمل في نفسه حب الأمة والسهر على آمالها والإحساس بآلامها.

وإذا كان الإعلاميون الذين حضروا مجرمين بحق أمتهم، فهم مجرد وكلاء لمجرمين أكبر أعطوهم الإذن، ووفروا لهم الأجواء، وفتحوا لهم دهاليز الخيانة والارتهان للعدو، وهؤلاء وأولئك هم خدم عند خدم للعدو الصهيوني، ولراعيه الأميركي الذي يفرض عليهم خط سيرهم، وطريقة مشيهم، لا بل يفرض عليهم لون عيونهم وساعة نومهم.

ليس هذا الإعلام منا، مهما حاول أن يتلوّن بالألوان العربية، لا يمثلنا ولا يعبر عنا، حتى ولو لبس مئة "شماغ"، ووضع ألف "عقال" ونادى باسم العرب عند كل منقلب.

إنه ليس منا، إنه إعلام غير صالح، غير ناجح، لا نرتجي منه أن يحمل قضايانا، حتى لو غشّ البعض منا في يوم من الأيام.

يا أيها المطبّعون العرب.. لكم إعلامكم.. وللعرب إعلامهم.

الأصابع الأميركية في الحرب الفايسبوكية: روبرت دانين مثالاً(2)



كيف تستغل الخبريات المفبركة لبث الفتن وإمرار المشاريع الصهيونية؟



محمود ريا ـ خاص الانتقاد
في تعليق على خبر التصريح الذي أدلى به المعارض السوري مأمون الحمصي لقناة العربية بتاريخ 20 آذار/ مارس الماضي، والذي زعم فيه "نقلاً عن شهود عيان من الأطباء المعالجين لجرحى الاشتباكات التي دارت قبل ذلك بأيام في الجامع الأموي أنهم قالوا إن بعض الجرحى لهجتهم لبنانية وهم تابعون لحزب الله"، كتب روبرت دانين ـ روبرت داني هذه المرة ـ بلغة عربية عاميّة يبدو "اللحن" وعدم التمكن فيها ما يلي: "هالكلام صحيح أنا عندي معلومات انه من ثلاث اسابيع وصل 1500 مقاتل من حزب الله اللبناني على سوريا (مرتزقا) لدعم بشار الأسد".

لم يكتفِ روبرت داني (أو دانين) بهذه "الخبرية" التي أطلقها على "حائط" صفحة "الحرية لشعب سوريا ـ نستحق العيش بكرامة، وإنما "أكمل معروفه" متطوعاً بنقل ما كتبته صحيفة "السياسة" الكويتية حول الموضوع نفسه، وصحف عربية أخرى تشرب من النبع الأميركي الصهيوني، وذلك في محاولة لتأكيد "معلومته" التي رماها في بداية النقاش حول هذا الموضوع.

الطريف أن إدارة المجموعة (الحرية لشعب سوريا ـ نستحق العيش بكرامة) اهتمت بشدة بأخبار السيد روبرت داني، فعلّق مدير المجموعة قائلاً بتعجب واضح: "العمى. صار بشار بيلزمه حزب الله؟ ليش وين الجيش؟ ولا خايف ينقلب الجيش ضده هذا الـ....؟".

إذاً، لقد فعلت "خبرية" روبرت دانين فعلها في أصحاب المجموعة، وربما في أعضائها أيضاً، ما يشير إلى حجم الدور التحريضي الخطير الذي يلعبه هذا الشخص في المجموعات التي يشارك فيها والتي تتركز كلها على قضية الاضطرابات الدائرة في سوريا.

هذا "الحريص" على حرية الشعب السوري هو من المعادين صراحة للأمة العربية ولقضاياها، ومن العاملين على الترويج لوجهات النظر الصهيونية من قضايا المنطقة، وهذا ما يظهر من كتاباته الأكاديمية ومن الأدوار السياسية والاستخباراتية والأمنية التي لعبها خلال حياته المهنية.

فمن هو روبرت دانين؟

بعد رصد للمراكز التي شغلها هذا الشخص خلال حياته يمكن إيراد المعلومات التالية عنه:

دانين هو قنصل أميركي سابق في القدس، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون التخطيط الاستراتيجي للمفاوضات الإسرائيلية العربية، مسؤول القسم الإسرائيلي الفلسطيني في مجلس الأمن القومي الأميركي، مسؤول فعلي في مجال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ورئيس الهيئة السياسية لقضايا الشرق الأوسط في وزارة الخارجية.

اللافت أن دانين كان أيضاً باحثاً في شعبة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، وكان أيضاً باحثاً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

المهمة الدبلوماسية الأبرز التي تولاها دانين هي منصب رئيس طاقم مبعوث الرباعية الدولية طوني بلير، ويعمل حالياً كباحث كبير في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، وقد وصفته صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأنه إحدى الشخصيات المفتاحية في "طاقم السلام" في الشرق الأوسط.




ومن "مآثر" دانين ورود اسمه في إحدى وثائق ويكيليكس التي نشرتها صحيفة هآرتس أيضاً، حيث نقل عن أحد قياديي حزب العمل الصهيوني، إيتسحاق هرتسوغ، أقوالاً عنصرية ضد رئيس حزب العمل في حينه عمير بيريتس، كون الأخير يهودياً شرقياً. لكن دانين نفى لوسائل الإعلام العبرية ما ورد في الوثيقة، وقال إنه لم يسمع مطلقاً كلاماً من هرتسوغ ضد اليهود (المغاربة) أو انتقاداً ضد عمير بيريتس.

هذا في ما هو منشور عنه من معلومات، أما إذا أردنا متابعته على شبكة الإنترنت، ولا سيما على موقع فايسبوك، فيمكن اكتشاف أن روبرت دانين (أو داني) لا يملك الكثير من "الأصدقاء" في شبكته الاجتماعية، فهو لديه عشرة أصدقاء فقط، وجلّهم من الإسرائيليين، ما عدا اثنين من الولايات المتحدة الأميركية، يعمل أحدهما في الجيش الأميركي، وينتمي إلى "قناة الجيش الأميركي".

ويعتبر الدخول إلى هذه القناة محصوراً بأفراد الجيش الذين يمتلكون مهمات تتعلق بالإنترنت.

كم دوراً يلعب روبرت دانين على مسرح الأحداث، وأي "صفقة" دفعته إلى أحضان الصفحات السورية المعارضة للدولة والمشاغبة عليها على موقع فايسبوك، ولماذا اختصر اسمه من روبرت دانين، كما هو في حياته الرسمية، إلى روبرت داني على موقع فايسبوك. هل هو يتهرب من تحميل حياته الدبلوماسية (وهي ليست مشرّفة على أي حال) أوزار ما يقوم به من أدوار أمنية خبيثة في "حياته الفايسبوكية" المليئة بعمليات التحريض وبث الفتن والشائعات.

أسئلة تبقى عرضة للبحث والمتابعة، وأسئلة أكبر منها يمكن طرحها حول الأدوار التي تقوم بها الاستخبارات الأميركية في استهداف قوى المقاومة والممانعة والتحريض عليها ومحاولة الإيقاع بها.

أما السؤال الذي لا يمكن طرحه، فهو حول كيفية انسياق بعض أبناء أمتنا وراء شخصيات مثل روبرت دانين وغيره من دهاقنة المخابرات والأمن الأميركيين والصهاينة، من دون الالتفات إلى الأهداف المبيتة التي تحرك هؤلاء الغربيين، لأن سؤالاً كهذا سيفتح الجراح التي نرغب جميعاً أن تبقى ملتئمة، جراح انقياد بعض أبناء أمتنا وراء الغرب، والسير في ركابه، والعمل على تحقيق مصالحه، ولو أدى ذلك إلى تفتيت بلداننا ونزع عوامل القوة من أيدينا.


الأصابع الأميركية في الحرب الفايسبوكية: روبرت دانين مثالاً (1)

عندما يصبح الأميركي المتصهين مبشّراً بـ "الثورة السورية"



محمود ريا ( خاص ـ"الانتقاد")

بعض القضايا لا بد من التوقف عندها ملياً، قبل الخوض فيها، لأن الموضوع المطروح يحمل سهام الشك فيه بذاته، قبل أن تطلق عليه من الخارج.
بعض القضايا خطير لدرجة تجعل متناولها يراجع ما لديه من وثائق مرة بعد مرة، ويتأكد من المعلومات التي حصل عليها من أكثر من مصدر، نظراً لاقتراب ما هو موجود بين يديه من الخيال.
كيف يمكن مثلاً توقع أن يكون مستشار للشؤون الإسرائيلية، وعاملٌ "من أجل السلام" بين لبنان و"إسرائيل"، ومحرّك لـ " الثورة السورية" على شبكة الإنترنت، ولا سيما على موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي، ورئيس طاقم مبعوث اللجنة الرباعية (طوني بلير)، وعامل في شعبة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، وغير ذلك، وغير ذلك، أن يكون كل هؤلاء شخصاً واحداً، يتكلم العربية ويفكّر بالمصلحة الإسرائيلية ويعمل في المؤسسات الأميركية!؟

قد تجد قلائل يملكون صفات مماثلة بشكل عام، ولكن أن تجد من يقوم بكل هذه المهام، ويبرز في صفحات الفايسبوك كمدافع عن "الثورة السورية" وكمروّج للشائعات التي تستهدف خلق العداء بين الشعب السوري وحزب الله، فهذا يعني أنك تتعرف الى شخص يستحق التوقف عنده طويلاً ومراجعة ملفه، والبحث في خلفيات تحركاته التي لا تنطلق إلا من حقد أعمى على العرب، تحت غطاء مساعدتهم في ثوراتهم.

والمثير في القصة أن "صاحبنا" لا يعمل وحيداً، ففي العديد من المحطات كان هناك لبنانيون وغير لبنانيين يتقاسمون معه الأفكار والنشاطات على الأرض على حد سواء، ما يكشف إلى أي حد استطاع هذا الأميركي المتصهين، ذو اللسان العربي، تحقيق اختراقات في عالمنا العربي.
في البداية، نحن نتحدث عن شخص باسمين، أو لنقل إنّ له كنيتين متشابهتين، ولكن ليستا متطابقتين.
إنه روبرت دانين، أو روبرت داني، لا فرق.
ولكن قبل التعرف الى هذه الشخصية المزدوجة، الغامضة والمثيرة للتساؤلات، لا بد من استعراض القصة من البداية، قصة اكتشاف عمل روبرت دانين على ترويج الأفكار المؤيدة للكيان الصهيوني والمحققة لأهدافه في الأوساط العربية.





في العام 2008 برزت على موقع فايسبوك مجموعة تدعى: "مجموعة الصداقة اللبنانية ـ الإسرائيلية Lebanese and Israeli friendship" وهي مجموعة تقول إنها تسعى إلى "تحقيق السلام بين لبنان وإسرائيل، البلدين اللذين كانا صديقين على مدى التاريخ، وصولاً إلى ما قبل ألفين وخمسمئة عام على الأقل، على زمن الملك سليمان والملك حيرام".
وكانت الصفحة بإدارة ثلاثة أشخاص، يمثّل أحدهم لبنان والآخر "إسرائيل" والثالث من الولايات المتحدة الأميركية.
تعرضت المجموعة للاختراق، وتم تخريبها من قبل بعض الناشطين على الإنترنت، بعد أن كانت تضم أكثر من أربعة عشر ألف عضو.

بعد الهجمات التي تعرضت لها المجموعة جرى تغيير إعداداتها أكثر من مرة، كما جرى تغيير حسابات مديريها، وأصبح حساب الفايسبوك الذي يديرها تابعاً لفتاة لبنانية ناشطة على فايسبوك، تدعى تيا سركيس Tia Sarkis، وهي معروفة على الموقع بأنها ناشطة عاملة في صفوف القوات اللبنانية!
ونظراً لضغط الهجوم المتواصل التي عانت منه الصفحة فقد جرى تغيير حساب الـ "فايسبوك" الذي يديرها، كما عدّل اسمه عدة مرات، كما عدّلت "إعدادات الخصوصية" فيه بحيث أصبح الحساب مخفيّا لا يمكن تعقب نشاطه.
بعد مرور سنوات على ظهور هذه المجموعة، رصد ناشطون على شبكة الإنترنت حركة لافتة لأحد الأشخاص الذين كانوا فاعلين فيها، ولكن نشاط هذا الشخص كان على الفايسبوك باللغة العربية.
ولن يكون مفاجئاً القول إن النشاط المكثّف لهذا الشخص هو في الصفحات المؤيدة لـ "الثورة السورية"، لا بل يمكن التأكيد إن هذا الشخص موجود ومشارك وفاعل وناشط في جميع الصفحات التي أقامها مؤيدو التحركات في الداخل السوري على موقع فايسبوك.
أما هذا الشخص فهو بلا شك... روبرت دانين.

شخص بهذه الخلفيات، والتي سنكشف المزيد عنها في ما يأتي، ماذا يفعل في صفحات تحمل العناوين التالية:
ـ الحرية لشعب سوريا ـ نستحق العيش بكرامة (تضم نحو 20 ألف عضو)
ـ تنسيقية الثورة السورية في حلب
ـ أنا سوري أرفض أن أكون جائعاً أو لصاً
ـ حملة أنا سوري
ـ ثورة الشعب السوري، ثورة الحرية والكرامة
ـ الثورة السورية ضد بشار الأسد في أميركا
ـ الثورة السورية ضد بشار الأسد
ـ سوريا نحو الحرية
ـ ثورة الساحل السوري والعلويين
ـ يوم الغضب السوري
ـ ثورة شباب شمال ريف دمشق ضد النظام الحاكم (مضايا... سرغايا... الزبداني وما جاورها).
إنه بكل بساطة يقوم من خلال هذه الصفحات بالتحريض على القيام بالتظاهرات وبث الشائعات، ووصل إلى درجة إدارة بعض التظاهرات إلكترونياً على الفايسبوك.
ليس هذا فقط، وإنما هو يقوم بدور أكثر خطورة، إنه دور تحريض الشعب السوري على حزب الله، فهو مثلاً الذي روّج لكذبة أن حزب الله "يشارك في قمع التظاهرات التي يقوم بها الشعب السوري"، وهو صاحب رقم "الألف وخمسمئة مقاتل" الذين زعم أن حزب الله أرسلهم إلى سوريا لهذه الغاية.
هذا ما يقوم به روبرت دانين باختصار على شبكة الإنترنت وعلى موقع فايسبوك تحديداً، فمن هو فعلاً هذا الشخص، وما هي خلفياته، وما هي نشاطاته بالتفصيل؟
الحلقة التالية تجيب عن كل هذه الأسئلة.

تحرك شعبي ضد "وكر الجاسوسية" في عوكر



محمود ريا
أحدث الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مساء الجمعة انعكاسات عديدة وفي أكثر من مكان، ولعلّ رد الفعل الفوري والانفعالي والمأزوم للسفارة الأميركية في بيروت من أول انعكاسات هذا الخطاب.

إلا أن هناك ترددات أخرى كان للخطاب الفضل في إطلاقها، في "الفضاء الافتراضي"، ولا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً "الفايسبوك".
لقد تابع المئات من أعضاء الموقع الخطاب ونقلوا محتواه إلى "أصدقائهم" ونشطت التعليقات والردود، أو ما يسميه أهل الفايسبوك بـ"البوستات" والكومنتات" بحيث أنه جرى تسجيل الآلاف منها خلال مسار الخطاب وبعد انتهائه.

وقامت المجموعات المتعددة على الموقع بتقديم تحليلات وأفكار حول ما قاله "السيد"، وفي مكان ما، كانت الإشادة كبيرة بالجرأة والقدرة على الوقوف في وجه "المحن" دون التهرب والانزواء.

وكل هذا يمكن اعتباره نشاطاً عادياً على موقع بات يشكل عالماً موازياً حقيقياً "يعيش فيه" الآلاف من الناس، ويقضون أيامهم في رحابه وعلى "مائدته".
إلا أن ما يمكن اعتباره نشاطاً مميزاً هو تلك الدعوة التي انطلقت عبر "الفايسبوك"، والتي باتت بسرعة تضم العشرات من "شباب الفايسبوك" والتي تحمل اسم "التحرك الشعبي ضد السفارة الأميركية ـ الهيئة التنظيمية".

هؤلاء الشباب انتظموا في مجموعة "غروب"، من أجل التباحث في كيفية الرد المتكامل على الاختراق الأميركي الفاضح للسيادة اللبنانية، من خلال تحول السفارة الأميركية في بيروت إلى وكر للتجسس، يضم ضباطاً مهمتهم العمل على تجنيد عملاء والحصول على معلومات تخدم عدو لبنان الأول والوحيد: العدو الصهيوني.

"الشباب" ما يزالون في بداية تحركهم، فالخطاب لم يمضِِ عليه ساعات، وكذلك هبّتهم من أجل عمل شيء ملموس، ليس على الانترنت فقط، لإظهار رفض الشعب اللبناني لبقاء هذا الوكر على حاله، يهدد أمن اللبنانيين ويخترق سيادتهم ويخدم عدوّهم دون حسيب أو رقيب.

"الغروب" مقفل حتى الآن، وكان لي شرف الانضمام إليه من خلال دعوة وُجّهت إليّ من مؤسسيه، ومن خلال متابعة الأفكار التي تُطلق على "حائط" الغروب يظهر أنها أفكار لامعة ومبدعة وفي حال بقيت الهمّة على ما هي عليه ـ وستبقى على ما يبدو ـ فهي "ستصنع فرقاً" فعلاً، وستحدث تأثيراً "على الأرض" سيساهم في كشف حقيقة "وكر التجسس"، وفي إظهار حجم جرائمه أمام اللبنانيين والعرب وكل العالم.

بالمناسبة، "الشباب"، من الجنسين، لا ينتمون إلى حزب واحد أو إلى توجه محدد، وإنما بينهم من ينتمي إلى أحزاب، وبينهم من هم غير منتمين، وإنما هم من اتجاهات وطوائف وتوجهات مختلفة، جمعهم حبّهم لمقاومة لبنان في وجه أعدائه، ورفضهم لأساليب الإدارة الأميركية وممثليها في لبنان، التي تقوم على "دس الدسائس والتآمر لمصلحة العدو".

إنه إنجاز يُفترض متابعته ودعمه، كما يُفترض المشاركة في النشاطات التي سيقرّها، والتي ستظهر قريباً جداً على "الفايسبوك"، وعلى الإنترنت وعلى مساحة لبنان كلّه أيضاً.

إنترنت.. "متل العالم"؟






محمود ريا
لم أتوجه إلى حديقة السيوفي كي أتمتع بخدمة الإنترنت المجانية التي أمّنتها وزارة الاتصالات في الحديقة، ولكن قد أتوجه إلى أي حديقة عامة قريبة للاستفادة من هذا الإنجاز التقني، لأن الوزارة وعدت ـ ويبدو أنها تفي بوعودها ـ بأن هذه الخدمة ستعمّم قريباً على كل الحدائق العامة، في بيروت ومحيطها على الأقل.
وإن كنت لم أستفد من هذه الخدمة، فأنا موعود بإنترنت أسرع ثلاثماية وخمسين مرة عمّا هو موجود اليوم، عند بدء تشغيل الخدمة الجديدة للإنترنت، ابتداء من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل.

طبعاً هذه خدمة تبقى متواضعة مقارنة بما هو موجود في العالم، ولكنها مذهلة وفعّالة جداً قياساً إلى المعاناة التي نعانيها مع خدمة الإنترنت السلحفاتية والمتقطعة التي نحصل عليها اليوم.

ومن يطّلع على "قصة" تحقيق هذا التقدم يمكنه أن يشعر بحجم الحرب التي تعرض لها "الوزير الأحمر"، قبل أن يتمكن من تنفيذ إرادته التحديثية، من قبل المتضررين والمنتفعين وأصحاب العمى السياسي الذين يبدون استعداداً لتدمير كل جميل، طالما إنه صدر من يد أخصامهم (مع العلم أنه لم يصدر من أيديهم هُم أي جميل).

إنه إنجاز آخر لوزارة الاتصالات، بعد أن "وقعت" في أيدي وزراء تطويريين متطلعين إلى المستقبل، راغبين في خدمة الناس، وفي رفع مستوى الخدمات في بلدهم، وبعد أن خرجت من أيدي وزراء (وزير) احتكاريين نفعيين يبحثون عن مصالحهم ومصالح أبنائهم ومصالح الشركات الخاصة المحتكرة والهرمة، على حساب مصلحة المواطن.




طبعاً ليس هذا هو الإنجاز الوحيد، فهناك الكثير من التطورات الأخرى التي شهدناها في قطاع الاتصالات خلال السنتين الماضيتين، من توفير خطوط الهاتف الخلوية بأسعار أقل بكثير، إلى تأمين الإنترنت عبر الـ DSL، إلى غيرها من التطورات.

ومع تشكيل الحكومة الجديدة، ونيلها الثقة قريباً كما هو مفترض، فإن الوزير الجديد سيكمل ما أنجزه الوزير السابق، تأسيساً على ما بناه الوزير الذي سبقه، أي أن مسيرة "التغيير والإصلاح" التي تشهدها وزارة الاتصال ستظل مستمرة حتى تؤمن للبنانيين، الراغبين والكارهين على حد سواء، خدمة اتصالات تليق بهم وببلدهم الذي تركه وزراء اتصالات العهد البائد عاجزاً متخلفاً متأخراً سنوات عن دول العالم، حتى تلك الدول البدائية منها.

لقد بتنا نحلم أن نستفيد من الإنترنت، بدل أن يستفيد أطباء الضغط والأعصاب منا، كلما قررنا أن "نتورط" في استعمال شبكة الإنترنت للحصول على المعلومات أو لتحقيق التواصل مع الآخرين في لبنان والعالم.

كان هذا الحلم ممنوعاً، بحجة الحفاظ على مالية الدولة، وكان هذا الحلم مقموعاً بهدف تكديس الأرباح لدى الشركات الخاصة، وشركات الأولاد والأحفاد.
نقلة نوعية نشهدها في قطاع الاتصالات، نأمل أن تطال القطاعات الأخرى كلها، بعد الانطلاق في إبعاد يد التعطيل والتخريب والنهب والزبائنية عن مفاصل الدولة، ولاسيما تلك المفاصل الأكثر حساسية والأدق من الناحية التقنية.