الاثنين، يناير 11، 2010

الغزنوي وخان التتار الأعظم

محمود ريا
خلال مشاهدة نابعة من الصدفة لمسلسل "الفرسان" المصري على شاشة إحدى الفضائيات العربية وقعت على مشهد يحمل الكثير من الإسقاطات على واقعنا الحالي.
كان جنكيز خان، خان التتار الأعظم، يخوض حرباً ضد أحد سلاطنة المسلمين محمود الغزنوي، ولم يستطع هزيمته في معركة بينهما، فحمل ثأراً كبيراً عليه، وبدل أن يعدّ العدة لحربه الجديدة على الغزنوي، انقلب إلى الجانب الآخر من المنطقة التي يسيطر عليها، وأعطى أبناءه، قادة جيشه، مئات الآلاف من الجنود كي يهاجموا إمبراطور الصين ـ الذي لم يعاونه في حربه على الغزنوي ـ وأعطاهم مهلة سنة فقط ليحتلوا الصين، كي يعودوا بعد ذلك إلى المعركة الأساسية، معركة الثأر من السلطان المسلم.
لم نرَ، فيما شاهدناه، كيف كان الاستعداد في بلاط السلطان محمود لمواجهة خاقان التتار في الحرب المقبلة حتماً، ولكننا شاهدنا حجم الثأر الذي يعتمل في نفس الخاقان، والحقد الذي ينبع من عيونه، وهو يستعجل أبناءه العودة من أجل خوض المعركة الفاصلة.
اليوم،هناك عدو فشل في معركته تجاه بلدنا، ولم يحقق أهدافه بالرغم من كل الدمار الذي سبّبه إجرامه، وهو بعد كل هذه السنوات يفصح عمّا يدور في "بلاطه" من تحضيرات لـ "معركة الثأر"، فهل يعقل أن نسمع أصواتاً تدعو إلى التخلي عن الاستعداد لمواجهته، لا بل أن نتخلى عن كل ما نملكه من قوى يمكننا من خلالها أن نصد عدوانه.
قد لا يجرؤ العدو على ارتكاب فعل حماقة تجاه بلدنا، ولكن هل هناك من يجرؤ لأن يدعونا للركون إلى هذا الاحتمال، دون أن يسأل نفسه: لماذا يفكر العدو كثيراً قبل أن يقوم بأي خطوة عدوانية؟

الـ بي بي سي.. وكشف المستور

محمود ريا
من محاسن الإذاعات الأجنبية الناطقة باللغة العربية، والموجهة إلى منطقتنا (إذا كان لها محاسن) أنها تعطي صورة ولو أولية عن القضايا التي تهم الغرب والمسائل التي يركّز عليها القادة الغربيون في توجههم إلى الرأي العام لبلدانهم، بما يشكل مادة أولية تُزرع في أذهان الناس، لتترجم بعد ذلك في تحركات للرأي العام، تُستثمر في رسم سياسات يعمل هؤلاء القادة على إمرارها خدمة لأهدافهم.
والمتتبع لهذه الإذاعات يمكنه أن يعرف أين توضع العين الغربية في هذه الأيام، ويمكنه أن يتوقع أين سيكون التدخل الغربي التالي، أو أين سيكون العدوان المقبل، أو ربما أين يكون الغزو والحرب و...
في هذه الأيام، من المفيد ـ على ما يبدو ـ الاستماع إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي تبث برامجها على إحدى موجات (الأف أم) في لبنان (لا أدري مدى قانونية هذا البث بالرغم من أنني أستمع إليه منذ فترة طويلة من دون أن يتدخل أحد لتحديد الطابع القانوني له).
والفائدة المحققة ليست أكثر من "كشف المستور" كما يقال، ومعرفة ما يدور في ذهن الغربيين من مخططات تجاه منطقتنا، والهدف المقبل للثنائية الأميركية ـ البريطانية الاستعمارية.
كان يوم السبت الماضي (2/1/2010) مثالياً لاختبار هذه التجربة "الاكتشافية": لقد كانت تقارير فترة الظهيرة الإذاعية الإخبارية في المحطة مكرّسة بشكل كامل ولأكثر من ساعتين للحديث عن.. اليمن.
بترايوس (قائد الجيوش الأميركية في المنطقة) في اليمن، إغلاق السفارة الأميركية في اليمن، بيان لرئاسة الوزارة البريطانية يطلب عقد مؤتمر دولي حول اليمن، إجراءات أمنية جديدة بعد القبض على نيجيري حاول تفجير طائرة أميركية، وهو قضى فترة من حياته في اليمن.. وهلم جرّا..
حمى الله اليمن من العين الأميركية والتقارير الإذاعية البريطانية.. والجيوش القادمة والمتحضرة للقدوم إلى اليمن السعيد الذي أحاله البعض إلى أتعس البلدان.. تحت وطأة الخوف من قدوم الأميركان.