هل دخلنا في المحنة الحقيقية؟
قد لا يصدق أحدنا أننا وصلنا فعلاً إلى مرحلة الحضيض على المستوى الأخلاقي، وقد يقول أحد آخر ـ ومعه حق ولا شك ـ إن ما حصل حالة فردية لا يمكن أن تعمم.
ولكن مجرد حصول مثل هذا الأمر يدفع إلى دق ناقوس الخطر والتفكير ألف مرة بالوضع الأخلاقي الذي وصلنا إليه.
شاب حباه الله بنعمة البصيرة وحرمه نعمة البصر، يذهب يومياً إلى جامعته بسيارة الأجرة، فيجد من يساعده بالوصول إلى مدخل كليته، وهكذا يحصل كل يوم، إلا منذ أيام عندما "رماه" سائق سيارة أجرة على الجانب الآخر من الطريق، فارضاً عليه أن يقطع الطريق مع كل المخاطر، بعد أن خدعه، فأخذ منه ورقة من فئة الخمسة آلاف ليرة، وورقة من فئة الألف، بدل أن يأخذ ورقتين من فئة الألف، لتصبح الجريمة مزدوجة، تحصل في وقت واحد، وبحق شخص واحد.
هذه القضية الشخصية قد لا تكون أكثر من حادثة فردية، ولكنها أيضاً حادثة أرجو أن تكون فريدة، وهي تناقض كل ما تعلمناه وكل ما ينص عليه ديننا وأخلاقنا وإنسانيتنا في التعامل مع الناس ذوي الأوضاع الخاصة الذين ابتلاهم الله تعالى بفقدان أحد الأعضاء، أو إحدى الحواس.
لا يمكن السكوت أمام حالة من هذا النوع، بل ويجب التشهير بالفاعل لولا أنه لم يتم التعرف اليه، وقد لا يمكن أن يحصل ذلك عما قريب.
إلا أن عدم التعرف الى الشخص لا ينفي وجوب إنكار هذا الفعل، وكل فعل آخر ينافي الأخلاق التي كانت وما تزال، ويجب أن تبقى أساس التعامل بين البشر.
لقد بُعث رسول الله (ص) ليتمم مكارم الأخلاق، والشاعر قال: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فهل سنذهب بعد أن تذهب أخلاقنا أم سنقف وقفة تعيد الأمور إلى نصابها وتعيد إيقاظ الفطرة السليمة فينا؟
هي صرخة.. حمّلني إياها صديقي الطالب الجامعي، وأحببت نقلها.. بلا مواربة، فأرجو أن لا تكون صرخة في واد.
محمود ريا