مطالبة ولي العهد في إمارة أبو ظبي بإخراج تنظيم القاعدة وجماعة أبو مصعب الزرقاوي من الملّة تثير مشاعر متناقضة نظراً لـ"مكان" صدورها ولزمانه أيضاً.
فإذا كان مشايخ الخليج متضايقين من القاعدة بسبب ما يقال عن تهديدها لعروشهم، وبالتالي فإن المطالبة بإلقاء "الحرم" عليها مفهومة، فإن إدخال الزرقاوي في معمعة التكفير يشير إلى أن المحاولات التي بذلت لتدجين هذه المجموعة واستعمالها من أجل تحقيق أهداف سياسية "عربية" قد فشلت، وأن الزرقاويين انقلبوا ـ في بداية سعيهم للخروج من مأزقهم العراقي ـ على القوى التي كانت تمدّهم بالمدى الحيوي السياسي والمادي لتحركهم.
ليس هذا اتهاماً للمسؤول الظبياني بالذات، وإنما إشارة إلى أن "النظام السياسي العربي" يسير دائماً في "الاتجاه المعاكس" لمصالحه، فيعمل على البحث عن خلاصه في المكان الذي يمكن أن يجلب له المزيد من المتاعب، في حين أن الساحات العربية التي تشكل مجال الصراع الحقيقي مع الأعداء الحقيقيين للأمة تترك فارغة ليملأها من يزيد الطين بلّة.
لو كان العرب لم يفكروا في محاربة "الهلال الشيعي" وإنما بمحاربة الهجمة العسكرية الأميركية على المنطقة، ولو أنهم فكروا في التضامن مع الدول التي تتعرض للتهديد الخارجي بدل الانخراط في المؤامرات ضدها، لما حصلت انفجارات عمّان، ولما اضطر مسؤولون عرب إلى اللجوء إلى المنطق التكفيري نفسه الذي يحكم تفكير التكفيريين.. الزرقاويين.
محمود ريا