افتتاحية العدد الثالث والثلاثين من نشرة "الصين بعيون عربية" الالكترونية الأسبوعية
إذا سألت أي صيني، من رأس الدولة إلى أبسط مواطن في شوارع أي مدينة نائية: ما هو الغول الذي يخيف التنين، فإن الجواب سيكون فوراً: التضخم. يعيش الصينيون
هذه الأيام كابوس استمرار ارتفاع مستوى التضخم الذي وصل إلى نسبة 6.9 بالمئة، وهي نسبة توصف بأنها قاتلة لاقتصاد ما يزال في طور النهوض ويعاني فيه المواطنون أصلاً من ضغط الأسعار نتيجة انخفاض الأجور.
وإذا كانت أرقام من هذا النوع تحمـل أخباراً غير سارة للمستهلكين الصينيين، فإن أصداء هذه الأرقام تتردد في أنحاء العالم، بدءاً من أسواق الولايات المتحدة وأوروبا وصولاً إلى أسواق الدول النامية التي باتت تعتمد على الصناعة الصينية لتوفير السلع المنخفضة الكلفة التي يقتنيها المواطنون من اصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، ما يعني اقتراب أفول عصر السلع الرخيصة التي توفرها الصين، وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم في هذه الدول بمجملها في الأعوام القادمة.
هذه الحقائق دفعت الحكومة الصينيـة إلى التحرك سريعاً من أجل محاولة احتواء ارتفاع الأسعار في الداخل، والذي يتوازى بدوره مع ارتفاع في أجور العاملين الصينيين من جهة وارتفاع في أسعار المواد الأولية اللازمة للصناعة على مستوى العالم ( ولا سيما النفط)، ولكن هذه الإجراءات لم تنتج حتى الآن أي انخفاض فعلي في أرقام التضخم المتوقعة خلال العام القادم، وإن كانت أوحت بإمكان تجمد نسبة التضخم عند الرقم الذي وصلت إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي والذي قارب السبعة بالمئة.
هي معضلة حقيقية تواجه القيادة الصينية التي أصدرت قرارات مشددة تمنع التلاعب بالأسعار وبث الشائعـات، ولكن الظروف التي تمر بها الصين هذا العام لن تكون مساعدة على ما يبدو، ولا سيما في ظل احتضان العاصمة الصينية بكين للألعاب الأولمبية، وهي استضافة لها تأثيرها الواضح على الوضع الاقتصادي ولا سيما على صعيد مستوى الأسعار، حيث يتذمر الكثير من المواطنين الصينيين من أن بكين لن تبقى مفتوحة أمام الفقراء بعد الأولمبياد نتيجة الارتفاع الكبير لأسعار المواد الضرورية للحياة فيها.
كيف تتمكن الصين من الاحتفاظ بنسبة نمو كالتي عرفتها خلال السنوات الماضية دون أن يؤدي ذلك إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في الداخل وفي أسعار المواد الأولية من الخارج، بما يؤثر بالتالي على التطور الاقتصادي ونسبة النمو؟
إنها ليست دائرة مفرغة على ما هي في ظاهرها، فالحكومة الصينية تعمل على التوصل إلى حلول تحقق كل هذه الأهداف في وقت واحد، والعبرة في التطبيق وفي نجاح هذه الإجراءات في وقت واحد، وهذا ما ينتظره العالم من بكين.
محمود ريا
إذا سألت أي صيني، من رأس الدولة إلى أبسط مواطن في شوارع أي مدينة نائية: ما هو الغول الذي يخيف التنين، فإن الجواب سيكون فوراً: التضخم. يعيش الصينيون
هذه الأيام كابوس استمرار ارتفاع مستوى التضخم الذي وصل إلى نسبة 6.9 بالمئة، وهي نسبة توصف بأنها قاتلة لاقتصاد ما يزال في طور النهوض ويعاني فيه المواطنون أصلاً من ضغط الأسعار نتيجة انخفاض الأجور.
وإذا كانت أرقام من هذا النوع تحمـل أخباراً غير سارة للمستهلكين الصينيين، فإن أصداء هذه الأرقام تتردد في أنحاء العالم، بدءاً من أسواق الولايات المتحدة وأوروبا وصولاً إلى أسواق الدول النامية التي باتت تعتمد على الصناعة الصينية لتوفير السلع المنخفضة الكلفة التي يقتنيها المواطنون من اصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، ما يعني اقتراب أفول عصر السلع الرخيصة التي توفرها الصين، وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم في هذه الدول بمجملها في الأعوام القادمة.
هذه الحقائق دفعت الحكومة الصينيـة إلى التحرك سريعاً من أجل محاولة احتواء ارتفاع الأسعار في الداخل، والذي يتوازى بدوره مع ارتفاع في أجور العاملين الصينيين من جهة وارتفاع في أسعار المواد الأولية اللازمة للصناعة على مستوى العالم ( ولا سيما النفط)، ولكن هذه الإجراءات لم تنتج حتى الآن أي انخفاض فعلي في أرقام التضخم المتوقعة خلال العام القادم، وإن كانت أوحت بإمكان تجمد نسبة التضخم عند الرقم الذي وصلت إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي والذي قارب السبعة بالمئة.
هي معضلة حقيقية تواجه القيادة الصينية التي أصدرت قرارات مشددة تمنع التلاعب بالأسعار وبث الشائعـات، ولكن الظروف التي تمر بها الصين هذا العام لن تكون مساعدة على ما يبدو، ولا سيما في ظل احتضان العاصمة الصينية بكين للألعاب الأولمبية، وهي استضافة لها تأثيرها الواضح على الوضع الاقتصادي ولا سيما على صعيد مستوى الأسعار، حيث يتذمر الكثير من المواطنين الصينيين من أن بكين لن تبقى مفتوحة أمام الفقراء بعد الأولمبياد نتيجة الارتفاع الكبير لأسعار المواد الضرورية للحياة فيها.
كيف تتمكن الصين من الاحتفاظ بنسبة نمو كالتي عرفتها خلال السنوات الماضية دون أن يؤدي ذلك إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في الداخل وفي أسعار المواد الأولية من الخارج، بما يؤثر بالتالي على التطور الاقتصادي ونسبة النمو؟
إنها ليست دائرة مفرغة على ما هي في ظاهرها، فالحكومة الصينية تعمل على التوصل إلى حلول تحقق كل هذه الأهداف في وقت واحد، والعبرة في التطبيق وفي نجاح هذه الإجراءات في وقت واحد، وهذا ما ينتظره العالم من بكين.
محمود ريا