افتتاحية العدد التاسع عشر من نشرة "الصين بعيون عربية"
الفرح الظاهر في عيون الصينييـن وهـم يحتفلون بالذكرى الثامنة والخمسين لقيام جمهوريتهم الجديدة، لا يخفي حرصهم على التذكير بشكل دائم بالحقيقة التي يحرصون على الاحتماء خلفها، والتي يخافون منها في الوقت نفسه، وهي حقيقة أن الصين بالرغم من كل الانجازات الكبرى التي حققتها في ”مسيرتها الطويلة“ ولا سيما في السنوات العشرين الأخيرة، ما تزال دولة نامية.
هذا الواقع الذي لا يمكن الفرار منه يساعد الصين على تجاوز الكثير من العقبات التي تعترض مسيرتها الاقتصادية، إذ تسمح لها بالتهرب من مسؤوليات يفترض أن تضطلع بها الدول الاقتصادية الكبرى، وتساعدها على الاحتفاظ بالكثير من الامتيازات التفضيلية في التجارة الدولية، وتعطيها فرصة الدفاع عن تطورها الاقتصادي بالتأكيد على أن كل ما حصل حتى الآن هو مجرد خطوات صغيرة على طريق طويلة لا بد من الجدّ والاجتهاد قبل الوصول إلى نهاياتها.
هذا الواقع المريح على هذا الجانب، يعتبر حقيقة مقلقة من جانب آخر، حيث تقف الصين ـ الدولة العملاقة في كل شيء، من عدد السكان المهول إلى المساحة الكبرى إلى الاقتصاد الذي ينمو بنسبة لا مثيل لها عالمياً ـ عاجزة أمام وجود مئات الملايين من المواطنين الذين يعيشون بأقل من دولار يومياً، ووجود مناطق واسعة تحتاج إلى تنمية، ودخول عشرات الملايين من القوة العاملة سنوياً إلى سوق العمل بحيث ينبغي تأمين فرص العمل لها، إضافة إلى خطر التلوث الذي يهدد البلاد كلها.
أمام هذه المنغّصات لفرحة الاحتفال لا يجد الصينيون إلا الأمل بالمستقبـل الذي يتحدثون عنه وهم يرون بلادهم تتحضر لتجاوز ألمانيا ـ إن لم تكن تجاوزتها فعلاً ـ والتحول إلى القوة الاقتصادية الثالثة في العالم، وهم يسمعون باسم بلادهم تلهج به الألسنة بمختلف لغات العالم، وهم يملكون قوة عسكرية تتحول إلى قوة مهابة الجانب وقادرة على حماية البلاد من أي خطر خارجي.
هذا المستقبل بالضبط هو الذي يقلق الدول الكبرى التي باتت تخشى من التوجه الذي تسير فيه الصين والذي يجعل منها منافساً حقيقياً للدولة الكبرى على مستوى العالم من الناحيتين الاقتصادية وربما العسكرية.
من هنا تتكثف الدراسات والأبحاث التي تحاول الإجابة على سؤال خطير: الصين إلى أين؟
قبل مئتي سنة حذر نابليون من ”الخطر“ الكامن وراء استيقاظ ”العملاق النائم“، واليوم يتحقق ”الخطر“ بعد استيقاظ هذا العملاق، فهل تتحقق التوقعات التي ترى الصين القوة الأولى اقتصادياً ومن ثم سياسياً وعسكرياً بعد أقل من ثلاثين سنة؟
هذا ما يصبو إليه الصينيون، وهذا بالضبط كابوس غيرهم.
محمود ريا
الفرح الظاهر في عيون الصينييـن وهـم يحتفلون بالذكرى الثامنة والخمسين لقيام جمهوريتهم الجديدة، لا يخفي حرصهم على التذكير بشكل دائم بالحقيقة التي يحرصون على الاحتماء خلفها، والتي يخافون منها في الوقت نفسه، وهي حقيقة أن الصين بالرغم من كل الانجازات الكبرى التي حققتها في ”مسيرتها الطويلة“ ولا سيما في السنوات العشرين الأخيرة، ما تزال دولة نامية.
هذا الواقع الذي لا يمكن الفرار منه يساعد الصين على تجاوز الكثير من العقبات التي تعترض مسيرتها الاقتصادية، إذ تسمح لها بالتهرب من مسؤوليات يفترض أن تضطلع بها الدول الاقتصادية الكبرى، وتساعدها على الاحتفاظ بالكثير من الامتيازات التفضيلية في التجارة الدولية، وتعطيها فرصة الدفاع عن تطورها الاقتصادي بالتأكيد على أن كل ما حصل حتى الآن هو مجرد خطوات صغيرة على طريق طويلة لا بد من الجدّ والاجتهاد قبل الوصول إلى نهاياتها.
هذا الواقع المريح على هذا الجانب، يعتبر حقيقة مقلقة من جانب آخر، حيث تقف الصين ـ الدولة العملاقة في كل شيء، من عدد السكان المهول إلى المساحة الكبرى إلى الاقتصاد الذي ينمو بنسبة لا مثيل لها عالمياً ـ عاجزة أمام وجود مئات الملايين من المواطنين الذين يعيشون بأقل من دولار يومياً، ووجود مناطق واسعة تحتاج إلى تنمية، ودخول عشرات الملايين من القوة العاملة سنوياً إلى سوق العمل بحيث ينبغي تأمين فرص العمل لها، إضافة إلى خطر التلوث الذي يهدد البلاد كلها.
أمام هذه المنغّصات لفرحة الاحتفال لا يجد الصينيون إلا الأمل بالمستقبـل الذي يتحدثون عنه وهم يرون بلادهم تتحضر لتجاوز ألمانيا ـ إن لم تكن تجاوزتها فعلاً ـ والتحول إلى القوة الاقتصادية الثالثة في العالم، وهم يسمعون باسم بلادهم تلهج به الألسنة بمختلف لغات العالم، وهم يملكون قوة عسكرية تتحول إلى قوة مهابة الجانب وقادرة على حماية البلاد من أي خطر خارجي.
هذا المستقبل بالضبط هو الذي يقلق الدول الكبرى التي باتت تخشى من التوجه الذي تسير فيه الصين والذي يجعل منها منافساً حقيقياً للدولة الكبرى على مستوى العالم من الناحيتين الاقتصادية وربما العسكرية.
من هنا تتكثف الدراسات والأبحاث التي تحاول الإجابة على سؤال خطير: الصين إلى أين؟
قبل مئتي سنة حذر نابليون من ”الخطر“ الكامن وراء استيقاظ ”العملاق النائم“، واليوم يتحقق ”الخطر“ بعد استيقاظ هذا العملاق، فهل تتحقق التوقعات التي ترى الصين القوة الأولى اقتصادياً ومن ثم سياسياً وعسكرياً بعد أقل من ثلاثين سنة؟
هذا ما يصبو إليه الصينيون، وهذا بالضبط كابوس غيرهم.
محمود ريا