لماذا الآن، ولماذا هي، وأي قوة جهنمية تنتقي أهدافها بشكل يجعل أنظار القوم تتجه في اتجاه، فيما المؤامرة التي تحاك ضدهم تسير في اتجاه آخر.
لا أحد يشك في أن اختيار الصحافية مي الشدياق كي تكون الهدف الجديد لمسلسل تخريب الأمن في لبنان هو اختيار ذكي جداً، لأن الشدياق معروفة بتعبيرها بصراحة عن مواقف سياسية فاقعة، بالرغم مما هو مفترض منها من حيادية ناتجة عن دورها الإعلامي، وهي من الطاقم الأكثر تجذراً في محطة الـ "أل بي سي" اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من تمتعها بعراقة في الانتماء إلى القوات اللبنانية في الفكر وفي التوجه السياسي، وهذا يعني أن الذي استهدفها يعلم بالضبط من يستهدف وإلى أين يوجه الرسالة.
إن اختيار الشدياق لكي تكون الضحية الجديدة يأتي في سياق استهداف المناطق المسيحية في لبنان بهدف خلق رأي عام مسيحي يطالب بالأمن الذاتي، ويفك العلاقة مع الدولة اللبنانية التي لم تستطع حماية المناطق المسيحية التي تعرضت لحوالي اثني عشر تفجيراً في الأشهر الماضية كما لم تستطع الكشف عن الجناة بالرغم من تغير "النظام الأمني" وتحول مسار الدولة في الفترة الأخيرة.
باختصار.. كنت في المستشفى اليوم أعود مريضاً عزيزاً، وإلى جانب مريضي كان هناك رجل راقد في فراشه، يضع نظارتيه على عينيه وذقنه الطويلة حوّلها الشيب إلى شعلة بيضاء، وعلمت في ما بعد ان عمره تجاوز المئة وخمس سنوات.
في تلك اللحظة بدأت المحطات التلفزيونية تتناقل خبر محاولة اغتيال الشدياق، وكان التعليق الأول لذلك الرجل الطاعن في السن: الذين كانت تغني لهم.. روّحوها.
كلمة خرجت من فم شيخ كبير لا أحد يدعي أنه من محللي السياسة اللبنانية، ولكن أغلب الظن أن هذه الكلمة هي رمية صائبة.. من غير رامٍ