(الصورة لتحضيرات الاحتفال باستقبال الأسرى الأبطال العائدين في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية لبيروت، مأخوذة من جريدة الانتقاد الالكترونية، وهي بعدسة الزميل الصديق موسى الحسيني)
نحن في أيام تموزية، نعيش على وقع اللهب الذي يفرض سطوته على كل مكان، ولا سيما في شوارع العاصمة اللبنانية، حيث الرطوبة والحرارة يتكاتفان معاً من أجل إثبات وجودهما على جباه الناس.
ولكن هناك نسمة عطرة، أو لنقل إنها تيار منعش يأتي من الجنوب، حاملاً معه ما يجعل الناس ينسون كل ما يعانونه من حرارة، ويدفعهم إلى التطلع إلى مصدر هذا التيار الذي بات محل ترحاب.
تيّار ملوّن، بين الأصفر الذي يظهر فوق كل الألوان، والأحمر الذي سال على الأرض غزيراً ليسّير هذا التيار الإنعاشي الذي نحتاجه فعلاً في هذه الأيام الصعبة، والألوان الأخرى التي انضمت كباقة ورد إلى "الألوان الأصلية" مكوّنة لوحة جميلة تسرّ الناظرين.
تيّار ملوّن، ومتنوع، يقدّم الراحة والسكينة، ويوحي بالاطمئنان والثقة، ويعد بالمستقبل الآمن، المستقبل الذي لا تهديد فيه ولا وعيد.
وإذا كان الانتظار هو السائد اليوم، فإن صباح الحرية سيكون له طعم آخر بالتأكيد، وسيكون رذاذ الفرح الذي يتطاير من عيون الأمهات ومن رشاشات "الما زهر" في أيدي الصبايا، كالندى على زهور ألوان لبنان، البلد الذي قرر أن يتناسى كل شيء ليكون واحداً موحداً في يوم النصر المجيد، يوم استعادة الأسرى الأبطال.
جميلة هذه الأيام التموزية، تماماً كما كانت جميلة قبل سنتين، عندما كنا نتلقى قذائف الحقد الصهيونية الأميركية، وكانت دماؤنا تنسكب غزيرة على أرضنا، وكنا نحس بلهيب الموت يلفح وجوهنا، ولكننا كنا نرنو بعيوننا إلى هذه اللحظات التي نعيشها الآن، ونراها رؤية يقينية، تنساب صورها إلينا من كلمات صاحب الوعد الصادق، ومن رسالة المجاهدين إلى سيّدهم، ومن الأطفال في الشوارع الذين كانوا يموتون وهم يهتفون للنصر وللحرية.
ليس الحر بمانعنا من الإحساس بجمال التضحية حتى النصر، ولا القرّ بحاجز أمام تقدمنا نحو الأرض، ولا يقف أمامنا مانع، كي نعيش بحقّ.. عملية الرضوان.
محمود ريا