توجيه الشتائم والاتهامات إلى شخصيات لبنانية مرموقة جعل المتظاهرين يبدون مثل مشاهدي حفلات المصارعة الحرّة، الذين يشجعون أحد المتباريين على الحلبة في مواجهة الملاكم الآخر.
كل شيء كان حاضراً، المتفرجون (الجمهور الذي لا يمكن تعداده لأنه لم تُحصَ "البطاقات" الموزعة)، والحلبة (المنصّة الزرقاء التي كادت تقع من ضغط الراغبين في الصعود إليها)، والملاكمون الذين كانوا كلهم من فريق واحد.
أما الملاكم المنافس أو الخصم أو العدو فكان.. الهواء..
نعم، كان ملاكمو 14 شباط يوجهون لكماتهم الى هواء فارغ فراغ تصريحات معظمهم، فتخرج لكماتهم عن حدودها للتحول إلى ضرب بلا نتيجة وبلا تأثير على الوقائع.
أما "الملاكم المنافس"، فلم يكن في وارد الخوض في هذه اللعبة المقيتة، بل كان يفتش عن كيفية لملمة الجراح التي ستتركها هذه المعركة الدونكيشوتية التي امتطى خائضوها صهوة تصريحاتهم وانطلقوا يخوضون "بحر الجماهير" الذي كان شحيحاً، إلى درجة أنه لن يوصلهم إلى مكان.
شتان بين الذي يرفع عقيرته ليقود الناس إلى الخراب، ومن "يعفو" عن الآخرين، مدركاً أي أمراض نفسية يعانون.
محمود ريّا