تتحدث الأرقام عن ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين أقدموا على إنهاء حياتهم بأيديهم في لبنان خلال الشهرين الماضيين من عام 2009.
23 عملية انتحار حسب الأرقام الرسمية سجلت خلال هذين الشهرين، وإذا بقي المعدل على هذا الحال (نحو عشرة بالشهر) فيكون لدينا ألف ومئتا منتحر على أراضي الجمهورية اللبنانية.
وإذا كان عدد المنتحرين ارتفع من 54 حالة طوال عام 2007 إلى 114 حالة في العام 2008، وهو ارتفاع كبير يقترب من الضعفين تقريباً، فإن ارتفاع العدد إلى الرقم الذين افترضناه (أي حوالى الألف) في عام 2009 يعني ارتفاعاً عن عدد العام الماضي بنسبة عشرة أضعاف.
هل يمكن أن يحصل هذا؟
لنترك الأيام تكشف ما يمكن أن يحصل، ولكن ما تم تسجيله حتى الآن يكفي لكي نلتفت إلى هذه الظاهرة التي تحمل في طياتها العديد من المؤشرات التي ينبغي على المسؤولين والمختصين التوقف عندها.
لا بد من الاعتراف بأن المنحنى التصاعدي لارتفاع عمليات الانتحار في لبنان يتناسق مع المستوى العالمي، حيث تسجل الأجهزة الأمنية في معظم دول العالم حالات انتحار متزايدة، ولا سيما مع تفجر الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي أخذت في طريقها ثروات وأعمال وأرواح ملايين البشر.
ولكن هل الأزمة الاقتصادية هي سبب ارتفاع أرقام المنتحرين في لبنان؟ أو بالأصح: هل هي وحدها السبب؟
لن تتمكن زاوية محدودة في عدد الكلمات من تفصيل أسباب الانتحار، ولكن إذا تجاوزنا مسألة بُعد الناس عن خالقهم، بما يدفعهم إلى طرح مسألة الانتحار على بساط البحث، فإن هناك العديد من الأسباب التي تتراكم والتي تدفع شخصاً ما إلى التفريط بحياته، والتي يفترض أن تكون أغلى شيء عنده.
فهل هناك من ينظر إلى الناس ويرى ما يمكن أن يبعدهم عن شرب هذه الكأس المرّة؟
أم أن المسؤولين مهتمون الآن بقضايا "أكثر أهمية" يعملون عليها؟
يبدو من المفيد التذكير بأن المنتحرين هم "أصوات فائتة" في الانتخابات النيابية القادمة، عسى أن يدفع هذا المسؤولين للتفكير في كيفية "استقطاب" هذه الأصوات، حتى حزيران المقبل على الأقل.
محمود ريا
الانتقاد/ العدد 1336 ـ 6 آذار/ مارس 2009